الحريري يغادر الرياض بعد تفاهم مع ولي العهد
السعودية تُعلِن دعم رئيس الحكومة.. والأليزيه يستقبله رئيساً وإلغاء العرض العسكري
ان الحدث، كما بات معلوماً، اليوم، هو استقبال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للرئيس سعد الحريري، بوصفه رئيساً لمجلس الوزراء اللبناني حسب بيان قصر الأليزيه.
يبلغ الترقب ذروته اليوم، نظراً لموقع هذه الخطوة، حيث سيقيم الرئيس ماكرون مأدبة غداء على شرف الرئيس الحريري بحضور عائلته، ومن أوجه هذا الترقب، وفقا لمصادر سياسية رفيعة المستوى في بيروت ان ما سيعلنه الرئيس الحريري، على أي نحو سيحمل مؤشرات لمسار الوضع اللبناني، بصرف النظر عن مآل الاستقالة التي قدمها، وسيقدمها رسمياً إلى الرئيس ميشال عون فور عودته، إلى بيروت، والتي لا يبدو انها ستكون سريعة.
ورسم الحريري عشية مغادرته ليل أمس المملكة العربية السعودية اطارا لمحادثاته مع الرئيس ماكرون، وتصوره لمرحلة ما بعد مغادرته، وعناوين الحركة السياسية التي يزمع القيام بها، عندما غرّد قائلاً: «اقامتي في المملكة هي من أجل اجراء مشاورات حول مستقبل الوضع في لبنان وعلاقاته بمحيطه العربي، وكل ما يشاع خلاف ذلك من قصص حول اقامتي ومغادرتي أو يتناول وضع عائلتي لا يعدو كونه مجرّد شائعات.
وهو في طريقه الى المطار، قال الحريري: القول بأنني محتجز وغير مسموح أن أغادر البلد هو كذبة.
وتحدثت معلومات عن اجتماع عقده الرئيس الحريري مع ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، وصف بالممتاز، والبالغ الأهمية تناول الوضع في لبنان والمنطقة.
وفي موقف هو الأوّل من نوعه قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير ان «المملكة دعمت وتدعم رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري ولكننا ضد استيلاء حزب الله على لبنان».
واعتبر الجبير، ان حزب الله اختطف النظام المصرفي، ويقوم بتهريب الأموال والمخدرات وهذا غير مقبول،وأكّد ان السعودية كانت دائما داعما للبنان ولاتفاق الطائف وكل القرارات الدولية التي شجعت لبنان على العودة إلى الساحة الدولية مشيرا خلال مؤتمر صحفي عقده مع نظيره الاسباني الى ان السعودية من أكبر المانحين للبنان، ولدينا جالية كبيرة فيه، وعدد كبير من رجال الأعمال اللبنانيين الذين يعيشون في السعودية، متهما حزب الله بوضع العراقيل في طريق الرئيس الحريري مؤكدا انه «لا يمكن السماح لحزب الله بالعمل خارج إطار القانون، ويجب ان يتخلّى عن سلاحه. (الخبر في مكان آخر).
باسيل
في هذا الوقت، عاد وزير الخارجية جبران باسيل من جولته الأوروبية التي قادته إلى 7 عواصم أوروبية، اختتمها بلقاء نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو.
وكشف باسيل، خلال عشاء هيئة قضاء بعبدا، لأول مرّة عن اتجاه لإلغاء العرض العسكري لمناسبة عيد الاستقلال الذي كان يفترض اقامته يوم الأربعاء المقبل في جادة شفيق الوزان في وسط بيروت، بسبب شغور كرسي رئيس الحكومة في الاحتفال، بما يعني احتمال ان لا يكون الرئيس الحريري في بيروت بالعيد.
وقال باسيل: لا عيد استقلال في لبنان وكرسي رئيس الحكومة شاغر، فكل لبنان الرسمي تصبح كراسيه شاغرة في حال شغور كرسي، رئيس الحكومة، وأشار إلى اننا امام أزمة كبيرة، لكننا يمكننا تحويلها إلى فرصة، مشددا على ان هناك مفهوما واحدا للسيادة ورئيس حكومتنا هو عنوان سيادتنا.
وكان باسيل طلب من موسكو بعودة رئيس الحكومة إلى لبنان من دون أي قيد ليتخذ القرار الذي يناسبه في بيروت، معتبرا ان ما حدث امرا غير طبيعي ويشكل سابقة على مستوى العلاقات الدولية وغير مقبول للبنان لأنه يمس بكرامة اللبنانيين.
الحريري في الاليزيه اليوم
وكان قصر الاليزيه، أعلن أمس في بيان، ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون سيستقبل عند الثانية عشرة من ظهر اليوم السبت، الرئيس الحريري، ويجري معه محادثات عند الساعة الثانية عشرة والدقيقة 20، على ان تصل عائلة الرئيس الحريري عند الثانية عشرة والنصف إلى القصر، ثم يتناول الرئيس الفرنسي الغداء مع الرئيس الحريري وعائلته.
وأعلن الرئيس ماكرون، في حديث للصحافيين في ختام قمّة أوروبية في مدينة غوتنبرغ السويدية انه سيستقبل الرئيس الحريري اليوم بصفته رئيساً لحكومة لبنان، لأن استقالته لم تقبل في بلاده، بما انه لم يعد إليها.
وأوضح ان الحريري الذي يصل إلى باريس مساء الجمعة من الرياض، ينوي. على ما اعتقد، العودة إلى بلاده في الأيام أو الأسابيع المقبلة، لافتا إلى انه «سيستقبل الحريري اليوم بالتشريفات المخصصة لرئيس حكومة مستقيل بالتأكيد، لكن استقالته لم تقبل في بلاده لأنه لم يعد اليها»، وقال: «انها دعوة صداقة للتباحث واستقبال رئيس حكومة بلد صديق».
وأشار إلى انه لن يكون هناك استقبال رسمي للحريري عندما يصل إلى فرنسا، لأنه يقوم بزيارة عائلية.
وذكرت معلومات ان إجراءات أمنية معززة اتخذت حول منزل الرئيس الحريري في العاصمة الفرنسية.
وفي السياق ذاته، اعرب الرئيس الفرنسي عن استعداده للحوار مع إيران التي اتهمت باريس بأنها منحازة، بعد الانتقادات التي تحدثت فيها فرنسا عن «محاولات الهيمنة الإيرانية في الشرق الاوسط؛.
وقال ماكرون ان «رد الفعل الإيراني اساء تقدير الموقف الفرنسي، وأن الجميع لديهم مصلحة في السعي إلى الهدوء».
واضاف: ان فرنسا تتمسك بخط يتمثل لبناء السلام وعدم التدخل في أية نزاعات محلية أو إقليمية، وعدم الوقوف مع فريق ضد آخر، في وقت يريد كثر استدراج القوى الغربية إلى مواجهة تزداد حدة بين السنّة والشيعة».
وتابع: «ان دور فرنسا هو التحدث مع الجميع لأن لديهم مصلحة في السعي إلى الهدوء».
وأضاف ماكرون الذي أعلن انه ينوي زيارة طهران في العام 2018: «نتمنى ان تتبع إيران استراتيجية في المنطقة أقل هجومية (عدائية) وأن تتمكن من توضيح استراتيجيتها الخاصة ببرنامج الصواريخ الباليستية التي يبدو انها لا تخضع لضوابط.
وكانت الخارجية الإيرانية ردّت على تصريحات وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان من الرياض والتي انتقد فيها طهران على «نزعة الهيمنة الإيرانية في المنطقة، فاتهمت باريس «بالانحياز»، معتبرة ان سياستها تؤدي إلى تفاقم الأزمات في الشرق الأوسط.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي في تصريحات نقلتها وكالة أبناء (ايرنا) الرسمية: «للاسف يبدو ان لفرنسا رؤية احادية الجانب ومنحازة تجاه الأزمات والكوارث الإنسانية في الشرق الأوسط، وهذا النهج يُساعد عمداً أم عن غير قصد في تفعيل الأزمات الكاملة».
وقال موجها حديثه إلى لودريان: «مخاوفكم غير مطابقة للوقائع الإقليمية وتقودكم في الاتجاه الخاضع».
الاستقالة قائمة
وتوقعت مصادر سياسية متابعة لـ «اللواء» ان يكون اللقاء اليوم بين الحريري وماكرون فرصة لتوضيح الكثير من الالتباسات والظروف التي أحاطت بإعلان استقالته من الخارج، وكذلك سيكون مناسبة لكشف الكثير من معالم المرحلة المقبلة، سواء على صعيد عمل المؤسسات الدستورية، أو الأزمة الداخلية، بعد ان تمت محاولات عدّة لتدويلها.
وبحسب المصادر نفسها، فإنه من المتوقع ان يضع هذا الاجتماع الكثير من النقاط على الحروف فيما خص موضوع الاستقالة، وبالتالي الأزمة السياسية التي نتجت عنها، ولا سيما وأن موعد الاليزيه يتزامن عشية اجتماع وزراء الخارجية العرب، مع العلم ان كل الأجواء تُشير إلى ان زيارة الحريري إلى فرنسا ستليها عودة إلى بيروت من أجل تقديم الاستقالة بشكل رسمي إلى رئيس الجمهورية، وحينها سيتم إزالة كل اللغط حولها، وخاصة نظرية «الاقامة الجبرية» التي سينفيها الرئيس الحريري جملة وتفصيلاً، ويؤكد تمسكه بمضمون بيان الاستقالة، إلا أن المصادر اشارت الى ان لا لقاء للحريري مع الإعلاميين بعيد استقباله في الاليزيه ، لافتة إلى احتمال إرسال موفد رئاسي فرنسي إلى بيروت للقاء الرئيس ميشال عون، عارضاً مبادرة تسوية لإنهاء الأزمة ووضع حدّ لارتداداتها السلبية على علاقة لبنان بالمملكة وسائر الدول العربية.
وأبرز بنود هذه التسوية، بحسب محطة mtv الحفاظ على الاستقرار في لبنان، ضرورة اجراء الانتخابات النيابية التي ستفرز حجم القوى الجديدة التي ستتشكل منها الحكومة، دعم الرئيس الحريري بأي خطوة يقوم بها سواء بالعودة عن الاستقالة أو التشديد عليها، والحصول على تفويض خطي من «حزب الله» بألا يقوم بأي عمل عسكري خارج الحدود اللبنانية، وإطلاق طاولة للحوار الوطني حول سلاح الحزب.
عون – المشنوق
وللمرة الأولى منذ انفجار أزمة الاستقالة في 4 تشرين الثاني، خلا النشاط الرسمي المعلن للرئيس عون، من أية إشارة إلى موضوع هذه الأزمة، أو وضع الرئيس الحريري، وكأنه اطمأن إلى ان هذا الوضع سلك طريقه نحو الحل، مؤكداً انه «مهما كانت طبيعة الأزمة السياسية التي يعيشها لبنان، فإن الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، وهو الموقف الذي نقله عنه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق الذي زار الرئيس عون أمس في بعبدا، وبحث معه التطورات السياسية ومرحلة ما بعد إعلان الاستقالة.
وأوضح المشنوق الذي غادر ليلاً إلى باريس مع مدير مكتب الحريري نادر الحريري، انه جاء بشكل شخصي لشكر الرئيس عون على شجاعته وحكمته وعلى قدرته على إدارة أزمة غياب رئيس الحكومة، وجموح كل اللبنانيين على هذا العناوين وتجاوز كل الناوين الخلافية، مشيراً إلى ان لاستقالة الحريري مضموناً سياسياً قد يكون من المناسب أن يناقشه المسؤولون الكبار ويطلعوا على مضمونه وبما يُمكن إصلاحه، وما يمكن أن يُساعد لبنان على استمرار استقراره السياسي والأمني.
واعتبر انه مع لقاء الرئيس الحريري مع الرئيس ماكرون يكون لبنان قد تجاوز هذا القطوع الكبير وفتح الباب أمام مزيد من الاستقرار، والقدرة على مواجهة كل الصعاب، وقد أثبت اللبنانيون في هذه الأزمة ان قدرتهم على التماسك والتضامن والمواجهة عند الضرورة أكبر بكثير من خلافاتهم ومن قدرة أية جهة خارجية على التأثير عليهم.
وفي السياق ذاته، سجل أمس اتصال بين مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والرئيس عون جرى خلاله بحث ما آلت إليه الأمور بعد استقالة الحريري، وقال المكتب الإعلامي لدار الفتوى ان المفتي دريان نوّه بالرئيس عون على حكمته الكبيرة في معالجة الأمور للخروج من الأزمة الراهنة، فيما طمأن عون المفتي أن الأمور سائرة نحو النهاية السعيدة.