IMLebanon

بيروت تطوي الأحد عام الأزمات وقلبها على الطائف!

بيروت تطوي الأحد عام الأزمات وقلبها على الطائف!
برّي يجنح إلى التهدئة.. وخليل يردّ مرسوم الترقيات.. وبعبدا على موقفها

بعد يوم عاصف بالكلام من العيار الثقيل، بنقاطه الأربع، التي أدت به إلى الترحُّم على الدستور، وتحديد التعازي بساحة المادة «54» رضخ الرئيس نبيه برّي إلى التهدئة مع الرئيس ميشال عون، ونقل عن نواب «لقاء الأربعاء» والذي غاب عنه نواب كتلة «الاصلاح والتغيير» انه «من شأن موضوع مرسوم الضباط يكتفي بما قاله أمس الأوّل»، مشيراً إلى ان «هناك اموراً كثيرة تتعلق بالموضوع، لا يرغب بالحديث عنها اليوم، داعياً إلى إعطاء الأولوية لدعم الانتفاضة الفلسطينية، في وجه الاحتلال الاسرائيلي».
ومع ذلك لم توفّر قناة الـOTV عين التينة، فردت على النقاط الأربع، بما وصفته وقائع مغايرة سواء في ما يتعلق باقتراح القانون الذي قدمه العماد عون، عندما كان نائباً ورئيساً لتكتل الإصلاح والتغيير، ومضمونه وسقوطه في الهيئة العامة أو احالته إلى اللجان، وهو لم يمر في اللجان بسبب تطيير النصاب وليس بالتصويت على الاقتراح الذي وصف بأنه ينصف الضباط، لا في اللجان ولا في الهيئة العامة التي لم يصلها الا في العام 2014.
وغمزت المحطة من قناة وزير المال علي حسن خليل، الذي غمز بدوره من قناة الفريق العوني، بأنه لو وصل إليه المرسوم، ووقع عليه لسارت الأمور بطريقة أخرى، أي كان قد مرّ وأخذ طريقه إلى التنفيذ.
وعلى وقع هذه الأزمة التي سممت «الاجواء الوفاقية» التي سادت في الأشهر الماضية، تودّع بيروت الأحد في احتفال ينظمة المجلس البلدي العام في 31 الجاري، وهو اليوم الأخير من السنة، على غرار ما تفعل عواصم العالم كباريس وروما واثينا ونيويورك وواشنطن وبكين ولندن بناءً على طلب من الرئيس سعد الحريري، الذي ما يزال يصرّ على ان بيروت هي «ست الدنيا».
الترقيات أولى الضحايا
وبحسب أوساط سياسية مطلعة، فإن معالجات أزمة مرسوم الضباط من «دورة عون» والتي تحوّلت إلى مواجهة مفتوحة ومباشرة بين الرئاستين الأولى والثانية، باتت بحاجة إلى من يفك احجية تصلب كل طرف بوجهة نظره، وعدم استعداده للتراجع عن موقفه خطوة واحدة، خصوصاً بعدما تأكد ما ذهبت إليه «اللواء» أمس من خشية من ان تطاول أزمة المرسوم الملتبس أزمة مراسيم ترقية ضباط الجيش التي تستحق ابتداءً من مطلع العام الجديد، ولا سيما الضباط من رتبة عقيد إلى عميد، وبينهم على وجه التحديد ضباط «دورة عون» الذين منحوا سنة اقديمة.
إذ كشفت معلومات ان وزير المال علي حسن خليل ردّ أمس إلى وزارة الدفاع مراسيم ترقيات ضباط الجيش من رتبة عقيد إلى عميد، ومن رتبة مقدم إلى عقيد، لتضمنها أسماء ضباط وردت اسماؤهم في مرسوم الاقدمية، طالباً توضيحات بهذا الخصوص، معتبراً بأن ضباط دورة عام 1994 لا يمكنهم الاستفادة من الترقية، لأن استفادتهم على الاقدمية تمت خلافاً للأصول، طالباً من الوزارة شطب اسمائهم عن الجداول.
وفيما لم يعرف ردّ فعل وزارة الدفاع حيال خطوة وزير المال، باستثناء معلومات رجحت ان تعمد قيادة الجيش إلى وضع مشروع مرسومين، الأوّل باسماء كل الضباط المرشحين للترقية، والثاني من دون أسماء ضباط «دورة عون»، أوضحت مصادر وزارية مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون ليس في وارد العودة عن قراره في ما خص مرسوم منح الاقدمية، وليس في وارد التحايل في موضوع المرسوم، على اعتبار انه لا يُشكّل خرقاً للعرف ولا للطائف ولا للقانون، كما انه لا يحتم أعباء مالية ويحفظ الاقدمية فقط، ولفتت إلى ان الاجراء الذي اتخذه الرئيس عون ليس موجهاً ضد أحد أو نكاية بأحد، وإنما يراد منه إحقاق الحق.
ورأت هذه المصادر ان الرئيس عون اوجد الحل من خلال دعوة المتضرر من المرسوم إلى اللجوء إلى القضاء وتنظيم شكوى إلى مجلس شورى الدولة الذي يمكنه ان يحكم في هذه المسألة، وأكدت في الوقت نفسه ان المرسوم المتعلق بقوى الأمن الداخلي مستقل ويدرسه وزير الداخلية والبلديات.
وفي اعتقاد هذه المصادر ان معالم الملف أصبحت واضحة، وهو ان من حصل على منح اقدمية بموجب المرسوم قد لا يستفيد بمردود مالي، ولكن عندما تتحوّل هذه الاقدمية إلى ترقية فيجب ان تمر المسألة عند ذلك عبر وزارة المال.
ومع ان المصادر الوزارية أكدت ان اتصالات الوساطات متوقفة حالياً، الا انها لا تستبعد ان تنطلق مجدداً، وفي لحظة سياسية يجدها المعنيون مناسبة لاحداث خرق في الجدار.
لقاء الأربعاء
اما الرئيس نبيه برّي فقد استكمل أمس هجومه في الاتجاه نفسه، ولكن بطريقة غير مباشرة، وأبلغ نواب الأربعاء الذين التقاهم في عين التينة، بأنه «يكتفي بما قاله في لقائه مع الإعلاميين أمس الأوّل، بما خص مرسوم اقدمية الضباط والخلاف مع رئيس الجمهورية بشأنه»، مشيراً إلى ان هناك اموراً كثيرة تتعلق بالموضوع ولا يرغب في الحديث عنها اليوم (امس)، مشدداً على انه لا يمكن معالجة أي موضوع بقواعد خاطئة.
ودعا برّي النواب للعودة إلى محضر الجلسة النيابية التي عقدت في 1 و2 و3 نيسان من العام 2014، عندما اعترض خمسون نائباً على اقتراح قانون ترقية ضباط دورة 1994 موقعاً من قبل رئيس تكتل التغيير والاصلاح آنذاك النائب ميشال عون، وان الرئيس فؤاد السنيورة تقدّم يومذاك بمداخلة من 20 صفحة فند فيها أسباب اعتراضه على الاقتراح، مقترحا احالته إلى اللجان المشتركة، وما زال هناك.
وأعلن بعض النواب بعد اللقاء انه «يفهم من جو الرئيس بري ان لا حل قريباً لأزمة المرسوم».
وقال الوزير خليل للصحافيين: لا نقاش بأنّ توقيع وزير المال اساسي على هذا النوع من المراسيم بغض النظر عمّن هو وزير المال.
وأعلن ان «الضعيف يذهب للقضاء يعني ان من لديه حجة دستورية ضعيفة هو من يذهب للقضاء»، مشددا على ان الالتزام بالاصول هو الحل.
وقال:»ان واجباتنا تقدير الاثر المالي لاي اجراء تقوم به الدولة على المالية العامة، لم يرسل اليّ مرسوم الاقدمية ولو احيل لكان النقاش اتخذ منحى آخر فلماذا اقدميات قوى الامن عُرضت عليّ ووقّعتها في نفس اليوم الذي وُقّع فيه مرسوم ضباط دورة 1994؟ ان كلّ مراسيم الاقدميات التي صدرت في العهود السابقة من دون توقيع وزير المال باطلة وما بني على خطأ هو خطأ».
بدوره، قال النائب علي بزي «إن رئيس مجلس النواب ما يزال عند رأيه لجهة الجانب الدستوري والقانوني بالنسبة الى مرسوم الضباط، ومن يحاول تصوير الأمر كأنه ضد المسيحيين فهو مخطئ في العنوان، لأن الرئيس بري لا يتعامل بهذه الطريقة، وربما لو أخذ برأيه لكان هناك أكثر من حل».
أضاف: «ما من اشتباك سياسي، ولكن ربما هناك من يقدم نصائح خلافا للدستور والقانون».
وفي السياق نفسه، أكّد المرجع الدستوري الوزير السابق ادمون رزق، ان المراسيم العادية، خلافاً لمراسيم نشر القوانين التي يقترص توقيعها على رئيس الجمهورية والحكومة يجب ان تقترن بتوقيع الوزير أو الوزراء المختصين ورئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وفقاً للمادة 54 من الدستور.
وقال: اذا كانت الاقدمية ترتب أعباء مالية وجب توقيع وزير المالية»، مشدداً على ان المرسوم إذا كان يشمل ضباطاً من القوى الأمنية، فإن وزير الداخلية مختص أيضاً ويجب تالياً ان يوقع المرسوم.
الحريري في ذكرى شطح
وإذا كانت إشارة الرئيس برّي امام نواب الأربعاء إلى اعتراض الرئيس السنيورة على اقتراح اقدمية الضباط، لافتة، بقصد احراج الرئيس سعد الحريري مع انه كان أوعز إلى الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء فؤاد فليفل تجميد نشر المرسوم المتنازع عليه، فإن الرئيس الحريري بقي ملتزماً الصمت حيال هذه الأزمة، لكنه شدّد في خلال مشاركته في احياء الذكرى الرابعة لاستشهاد الوزير محمّد شطح في فندق «الموفنبيك» على ان البلد لا يمكن ان يعيش من دون حوار.
وقال: «نستطيع جميعاً ان نتكبر على بعضنا البعض ونتحدى بعضنا البعض، ونصرخ على بعضنا البعض، ونحارب بعضنا البعض، ولكن في النهاية الوطن هو من سيدفع الثمن».
اضاف: «يبقى الحوار الذي رمزه محمّد شطح هو السبيل الوحيد، ومهما كانت خلافاتنا السياسية، فإننا لن نتفق في الكثير من الأمور مع بعض الأطراف السياسية في البلد، خصوصاً في الأمور الإقليمية، وحتى في الأمور الداخلية، ولكن من دون حوار أسألكم أين سيكون البلد؟ ألم نعش أيام انعدام الحوار قبل اتفاق الطائف؟ فإلى أين وصلنا؟
تحاربنا.. ثم جلسنا إلى طاولة الحوار في الطائف وليس في لبنان، لكي نوجد الحل السياسي».
وأكد ان الطائف بألف خير لأننا سنكون دائماً المدافعين الأوائل عن هذا الدستور».
وكان الرئيس الحريري أشار للمرة الأولى منذ عودته عن استقالته، إلى الأزمة التي مرّ فيها، حين قال: «في كل سنة من السنوات الأربع كنت أشعر بحجم الفراغ الكبير الذي تركه محمّد شطح، لكني هذه السنة شعرت بغيابه أكثر من أي سنة أخرى، شعرت كم أنا بحاجة لأن يكون إلى جانبي، كم كنت احتاج إلى حكمته وعقله وصلابته لكي يكون إلى جانبي خلال أزمة من أمر الأزمات في حياتي السياسية».
انفراج ديبلوماسي
لبناني – سعودي
في غضون ذلك، طرأ تطوّر إيجابي على صعيد العلاقات الدبلوماسية بين لبنان والمملكة العربية السعودية، تمثل بتسلم وزارة الخارجية اللبنانية كتاباً من الخارجية السعودية تبلغها فيه موافقتها على تعيين فوزي كبارة سفيراً معتمداً للبنان في الرياض.
وبموجب هذا الكتاب فإنه يفترض بالسفير كبارة المغادرة في غضون شهر إلى المملكة لتسلم مهامه خلفاً للسفير عبدالستار عيسى الذي عين سفيراً في لاهاي.
وتوقعت مصادر دبلوماسية ان يُصار في المقابل، في مطلع العام الجديد، تحديد موعد لتقديم سفير المملكة في بيروت وليد اليعقوب أوراق اعتماده إلى الرئيس عون بعد لقاء يجمعه بوزير الخارجية جبران باسيل لتسليم نسخة عنها، وبالتالي تعود العلاقات إلى سابق عهدها من الود والصفاء.