السراي تستعد للتدخُّل الأسبوع المقبل.. وسليمان لإعلان الجنوب منطقة عسكرية
هل عولج 95٪ من أزمة مرسوم الترقيات لضباط دورة 1994؟ ولم يبق سوى 5٪ فقط، ذات صلة بالحاجة إلى توقيع وزير المال علي حسن خليل؟
المؤكد ان «الازمة» في طريقها إلى العبور من «تلاطم المواقف» إلى برّ أمان المعالجة، وفقاً لما يصرّ طرفا الأزمة، عبر الدستور واحترامه لا سيما المادة 54.
في خضم ذهاب كل فريق (بعبدا وعين التينة) للدفاع عن موقفيهما بما هو متاح من مساحة هواء أو على ورق الصحف التي ما تزال تصدر، علي الرغم من الانتكاسات المتتالية لأم الصحافة والإعلام (الجريدة المطبوعة)، طرأ تطوّر على الموقف، تعدى انتقاد موقف الرئيس سعد الحريري، إلى حدّ ان وزير المال علي حسن خليل، أعلن امس ان «لا تراجع في عين التينة بملف ضباط «دورة عون» والمواجهة مفتوحة، ولم تحدد (كحركة امل) موقفاً من المشاركة في الحكومة»، مشيراً إلى ان «رئيس الحكومة سعد الحريري عليه مسؤولية بحكم توقيعه على مرسوم ضباط الدورة».
ووفقاً لمصادر مطلعة فإن اتصالاً سيتم بين الرئيسين عون وبري في الأعياد للتهنئة، مشيرة إلى ان قضية مراسيم ترقيات «دورة عون» هدأت، وان المعالجة ممكنة في السنة المقبلة، مستبعدة اقدام الرئيس برّي على سحب وزرائه من الحكومة.
مراسيم حفظ حقوق العسكريين
وفي تقدير مصادر سياسية، ان توقيع الرئيس عون على مراسيم ادراج أسماء ضباط في قوى الأمن الداخلي والأمن العام والضابطة الجمركية والمديرية العامة لأمن الدولة على جداول الترقية إلى رتبة أعلى للعام 2018، خطوة ليست منفصلة عن أزمة مرسوم الاقدمية لضباط «دورة عون»، وان كانت شبيهة بـ«ربط نزاع» إلى حين إيجاد حل لمشكلة المرسوم الخلافي، لا سيما وأن مراسيم جداول الترقية والتي اقترنت بتوقيع رئيس مجلس الوزراء ووزيري الداخلية والمالية، وحملت الأرقام الآتية: 2124 و2125 و2126 و2127 و2128 و2019 بتاريخ أمس، لم تشمل مراسيم ترقيات ضباط الجيش التي ما تزال عالقة تحت تأثير الخلاف الناشب بين الرئاستين الأولى والثانية، وان كانت مضمونة بحسب تأكيدات أكثر من مرجع رسمي وعسكري.
وأوضح مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية في بيان ان «توقيع الرئيس عون مراسيم القيد على جداول الترقية لضباط الاسلاك الامنية والعسكرية حفاظاً على حقوق هؤلاء في الترقية، بعد ان صدر قرار عن وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف بقيد ضباط في الجيش للترقية الى رتبة اعلى لعام 2018، وذلك عملاً باحكام الفقرتين 4 و 5 من المادة 48 من قانون الدفاع الوطني الرقم 102/1983 وتعديلاته. علماً ان هذه المراسيم، كما قرار وزير الدفاع الوطني تنشىء حقاً لهؤلاء الضباط في الترقية، والتي يتم اعلانها بموجب مراسيم تصدر لاحقاً».
وذكرت مصادر القصر الجمهوري ان الرئيس عون درس مع عدد من القانونيين الاجراءات الممكن اتخاذها ضمن صلاحياته من اجل ضمان حفظ حقوق الضباط المعنيين بمرسوم الترقيات من دورة العام 1994 بالتعويضات المستحقة لرتبة اعلى اعتبارا من اول كانون الثاني 2018، خوفا من ان تسقط حقوقهم مع نهاية المهلة القانونية للترقية غدا الاحد في 31 كانون اول من العام الحالي فيصبح لزاما اصدار الترقيات بموجب قانون عن مجلس النواب، على ان تصدر الترقيات كالعادة في اول السنة الجديدة. بانتظار حل مشكلة توقيع وزير المال على مرسوم الاقدمية لضباط الدورة.
واوضحت ان الرئيس عون عمل على مساواة ضباط الاسلاك الامنية التي تصدر ترقياتها بموجب مراسيم بعد وضع الاسماء على جدول قيد الترقية، بضباط الجيش الذين توضع اسماؤهم على جداول قيد الترقية بموجب قرار من وزير الدفاع، خاصة ان العديد من ضباط الجيش والقوى الامنية هم ابناء دورة واحدة ولا يجوز التمييز بينهم بالترقيات المستحقة. وهو بتوقيعه على مراسيم الامنيين وجداول قيد ترفيع العسكريين حفظ حقوق الجميع من دون تمييز، ولو تأخر صدور مراسيم الترقيات لضباط الجيش.
وذكرت المعلومات ان وزارة الدفاع رفضت تسلم المرسوم الذي رده وزير المال علي حسن خليل المتضمن اسماء ضباط «دورة عون» للترقية من عقيد الى عميد بعدما وقع مرسوم الترقيات من ملازم اول الى مقدم، لأنه لم يُحَل وفق الاصول المعتمدة اي بموجب احالة رسمية برقم وتاريخ. وبالتالي عاد المرسوم الى وزارة المالية. فيما نُسِبَ الى الوزير حسن خليل قوله «انه لن يتراجع عن موقفه وان الامور ذاهبة الى مواجهة».
ولفت خليل الذي لم يتوان، حسب مصادر عين التينة، عن توقيع المرسوم الخاص بترقية الضباط المستحقين للترقية بدءاً من أوّل العام الجديد إلى ان «مفتاح الحل هو العودة عن المخالفة الدستورية واصدار مرسوم حسب الأصول ممهوراً بتوقيع وزير المال الى جانب التواقيع الاخرى»، لافتاً الى اننا «بذلك نكون قد عالجنا 95 بالمئة من الأزمة، اما الـ 5% الباقية، فيمكن نقاشها».
وشدد خليل على أنه «من جهة اخرى لا يوافق رئيس الحكومة سعد الحريري في قوله ان المشكلة صغيرة فالأزمة تتعلق بتطبيق الدستور وفي الدستور لا حلول وسطاً، ولا وجهات نظر»، مؤكداً ان «لا تراجع في ملف مرسوم ضباط دورة عون والمواجهة مفتوحة».
وأفادت مصادر خاصة لمحطة «NBN» المقربة من عين التينة، ان «الاسم الأوّل الوارد في المرسوم الخاص بترقية الضباط والذي اعاده خليل إلى وزارة الدفاع هو العقيد علي نور الدين صهر الرئيس نبيه بري».
اتصالات الحريري
في هذا الوقت، اشاع خروج الرئيس الحريري عن صمته إزاء الخلاف حول أزمة المرسوم أجواء تفاؤلية، بإمكان قيام حركة اتصالات جديدة على خط بعبدا – عين التينة ستنشط بوتيرة متصاعدة ومتسارعة مع انتهاء عطلة عيد رأس السنة لإيجاد مخارج مقبولة للطرفين، حددها الرئيس الحريري بأن تكون ضمن الأصول، أي وفق الدستور، وهو ما يريح الرئيس برّي الذي يرى ان مسار النقاش حول المرسوم بات يتركز حول صلاحية وزير المال في التوقيع على مرسوم الاقدمية واحترام مبدأ الشراكة والميثاقية، انسجاماً مع ما نص عليه الدستور.
وأشارت أوساط نيابية في تيّار «المستقبل» لـ«اللواء» إلى ان الرئيس الحريري حريص على التهدئة بين الرئاستين الأولى والثانية، وهو سيقوم بكل ما يستطيع من أجل وضع الامور على السكة الصحيحة، افساحاً امام تسوية على الطريقة اللبنانية للخلاف حول المرسوم، بما يحفظ حقوق الجميع ولا يُشكّل انتصاراً لفريق على آخر، مشددة على ان مطلع العام الجديد سيشهد لحركة الاتصالات التي تحدث عنها الرئيس الحريري مع قيادات سياسية من أجل تقريب وجهات النظر وتجاوز الأزمة القائمة لن تكون في مصلحة أحد، وبالتالي إن لا مفر امام الجميع الا سلوك طريق التهدئة والحوار لتحصين التسوية التي يعيش لبنان في ظلها منذ أكثر من عام.
وقالت هذه الأوساط، ان هذا الأمر يتطلب من المسؤولين والقيادات السياسية الحفاظ على الأجواء الوفاقية القائمة، بما يمهد الطريق لاجراء الانتخابات النيابية في موعدها، والتي يفترض ان تنطلق الحركة باتجاهها مع مطلع العام الجديد، تأكيداً على الممارسة الديمقراطية، ودحضاً لكل الشائعات التي تروجها بعض الجهات باحتمال تأجيل هذا الاستحقاق من خلال العزف على ان استمرار الخلاف بين عون وبري سيكون أحد الأسباب التي ستدفع إلى تأجيل الانتخابات لاعتبارات سياسية تتعلق بالاوزان والاحجام والخوف من طبيعة التوازنات السياسية التي ستخلفها الانتخابات وفق القانون الجديد، ونتيجة للتطورات الإقليمية.
وبحسب الأوساط النيابية في «المستقبل» فإن الخطوات التي سيلجأ إليها الرئيس الحريري لمعالجة الخلاف الرئاسي، أو مخارجه ستكون على مستويين:
الاول: فصل أزمة المرسوم عن الوضع الحكومي، خشية من ان يؤثر استمرار الخلاف على انتظام العمل الحكومي، وجلسات مجلس الوزراء، بعدما كثر الحديث عن إمكانية اعتكاف وزراء حركة «أمل»، إذا أصرّ الرئيس عون على موقفه، الأمر الذي سيخلق مشكلات لن يكون من السهل تجاوزها.
والثاني فصل الشق الإداري عن السياسي بما يؤدي إلى حصر تداعيات الخلاف وتجنب المؤسسة العسكرية تأثيرات السياسة، ويجنب الحكومة بالتالي اشتباكاً هي بغنى عنه، وقد يعطل جلساتها، ويهدد الجهود المبذولة لإنجاح المؤتمرات الدولية التي تنتظر لبنان في العام المقبل، وأبرزها مؤتمر باريس-4 في منتصف آذار 2018.
اليعقوب في الخارجية
في مجال آخر، علمت «اللواء» ان السفير السعودي المعين في بيروت وليد اليعقوب سيزور يوم الثلاثاء المقبل، أي في الثاني من كانون الثاني، أي في اليوم الأول من استئناف العمل الرسمي، وزارة الخارجية لتقديم نسخة من أوراق اعتماده للوزير جبران باسيل، والذي سيكون استقباله له بمثابة إعلان انتهاء أزمة التبادل الديبلوماسي بين البلدين، بعد إبلاغ الرياض موافقتها على تعيين السفير فوزي كبارة سفيراً معتمداً للبنان في المملكة.
سليمان: الجنوب منطقة عسكرية
وفيما لا تزال الساحة السياسية ومواقع التواصل الاجتماعي، تضج بصور جديدة لقائد «لواء الإسلام الباقر» حمزة أبو العباس، خلال وجوده في الجنوب، بعد أقل من أسبوعين على زيارة زعيم «عصائب أهل الحق» العراقية قيس الخزعلي، وتثير الكثير من الغبار حول ما إذا كانت هذه الزيارات بمثابة انتهاك لسياسة النأي بالنفس الذي أقرته الحكومة مؤخراً، أو أن هذا المبدأ لا يسري على النزاع العربي – الاسرائيلي – بحسب وجهة نظر «حزب الله»، لفت الانتباه أمس، دعوة الرئيس السابق ميشال سليمان إلى وضع كافة القوى المسلحة في الجنوب بأمرة الجيش اللبناني.
وقال في تغريدة على حسابه الرسمي الجمعة: «بعد زيارتي الخزعلي وأبو العباس الميدانيتين للحدود الجنوبية يجدر التفكير بتطبيق المادة الرابعة من قانون الدفاع وإعلان الجنوب منطقة عسكرية ووضع القوى المسلحة بإمرة الجيش»، مع العلم ان مصادر ديبلوماسية غربية تعتقد أن هذه الجولات إذا كانت لا تتعارض مع النأي بالنفس، فإنها بلا أدنى شك انتهاك واضح للقرار 1701 الذي لا تنفك الدولة اللبنانية تؤكد التزامها به.