أزمة المرسوم تتحوّل إلى كباش رئاسي حول الطائف
عون يتمسَّك بالمرسوم العادي وبرّي لن يتراجع عن توقيع وزير المال
تدخل أزمة «مرسوم الاقدمية» أو ما يعرف بمرسوم ترقية ضباط دورة 1994 اسبوعها الثاني من دون تلمس الطريق لإيجاد مخرج في ضوء تصلّب بعبدا وعين التينة في موقفهما، مع الاتفاق على ان الأزمة قابلة للمعالجة، ولكن حسب الدستور والقوانين والقضاء، كما نقل عن الرئيس ميشال عون، فيما نقل عن الرئيس نبيه برّي ان الأزمة يمكن ان تحل بـ5 دقائق أو تطول، مطالباً بالتقيّد بنص الطائف.
أزمة المرسوم
ولاحظت مصادر سياسية ان الخلاف بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي، تجاوز على ما يبدو مرسوم الضباط بحد ذاته واحقية هؤلاء في الاقدمية، إلى ما يشبه «الكباش» حول نظام الحكم في البلاد وكيفية اتخاذ القرارات فيها، لا سيما بعدما رفع الرئيس نبيه برّي السقف عالياً امام زواره وصوب مباشرة على رئيس الجمهورية متهماً اياه بمحاولة الاطاحة بالطائف الذي نص بين سطوره على اشراك المكونات السياسية كافة في الحكم، وبالتالي العودة إلى النظام الرئاسي الذي كان سائداً قبل الطائف لوضع قرار الدولة في يد شخص واحد، بحسب ما قال، فيما ردّ الرئيس ميشال عون في شكل غير مباشر على هذا الاتهام مؤكداً بأن هناك مرجعين للمؤسسات هما الدستور والقانون عند حصول أي خلاف، وهو ما رفضته أوساط عين التينة، مشددة على ان تفسير الدستور لا مكان له سوى تحت قبة المؤسسة التشريعية الأم، ومن يريد ان يحتكم إلى الدستور عليه العودة إلى مجلس النواب.
وفي رأي مصادر وزارية، ان كلام الرئيس عون الذي سيزور الكويت منتصف الشهر الجاري، تلبية للدعوة المؤجلة من شهر تشرين الثاني الماضي من أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح بسبب أزمة استقالة الرئيس سعد الحريري في حينه، بشأن الاحتكام إلى الدستور والقانون، يعني بشكل واضح انه يجب إبقاء النقاش حول المرسوم في إطاره الدستوري والقانوني ومراجعة الجهات التي تحسم ما إذا كان هذا المرسوم قانونيا أم لا مع العلم أن هناك مراسيم مشابهة سلكت المسار نفسه بالنسبة للمرسوم ذاته.
ورأت المصادر أن الكلام عن الطائف يعني أن ما من رغبة في بحث الأمر بالقانون أو العودة إلى مراجع قانونية ودستورية للحسم إنما حصره في السياسة.
وقالت كذلك أن الحديث عن الطائف يعني أن هناك رغبة في تسييس الأزمة وليس إيجاد حل قانوني، وهذا الحديث يفتح المجال أمام أمور كثيرة في الطائف وغيره تحتاج إلى درس وتقييم، وهذا ليس بتوجه الرئيس عون.
وذكرت بأن رئيس الجمهورية يعتبر المرسوم إجراءً إداريا وقانونيا ولا علاقة له بالطائف أو الميثاق، ويقول بالعودة إلى القوانين والنصوص التي ترعى العمل به. اما اذا كان هناك من خلاف فلتحسمه جهة قانونية.
وفي السياق ذاته، نقلت محطة OTV الناطقة بلسان «التيار الوطني الحر» عن مصادر مطلعة قولها ان «الطائف اناط السلطة الاجرائية بمجلس الوزراء مجتمعاً بالتوافق أو بالاكثرية المطلقة، لكنه لم يقضّ على المرسوم العادي الذي يوقعه الوزير المختص إلى جانب توقيعي رئيس الحكومة والجمهورية».
ولفتت المصادر إلى ان «خطورة ما صدر عن رئيس مجلس النواب تكمن في محاولة ضرب معقل رئيسي من معاقل رئاسة الجمهورية، وهو المرسوم العادي، وكأنه لا يكفيهم اناطة السلطة الاجرائية في الطائف بيد مجلس الوزراء بعدما كانت بيد رئيس الجمهورية»، بحسب ما قالت المحطة المذكورة والتي ختمت متسائلة: هل يضرب الطائف من بيت ابيه في حين يحافظ عليه رئيس الجمهورية؟
وفي جديد مواقف الرئيس برّي تأكيده أمس، ان «ازمة مرسوم الضباط يمكن ان تحل بخمس دقائق، الا إذا تمسكوا بمواقفهم»، مشدداً في المقابل على انه لن يتراجع عن موقفه في هذا الملف.
وراى في حديث له مع محطة MTV ان «في لبنان كل شيء يحصل ومن الممكن ان تطول الأزمة حتى الانتخابات النيابية»، مضيفا: «لقد نبهنا مما كلفنا للوصول الى الطائف اي الـ 150 الف شهيد ويجب علينا التقيد بنصه»، مكررا ان «لا خلاف مع الجيش وقيادته وشرحت ذلك لقيادة الجيش وكان هناك تفهم لموقفي».
وردا على سؤال حول مبادرة رئيس الحكومة سعد الحريري لحل الأزمة اكتفى بري بالقول: «عندما يصبح لدى الحريري مبادرة حل يقوم بطرحها».
ونقل رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن عن الرئيس برّي تأكيده ان الإشكالية قابلة للمعالجة ما دام الأمر يخضع لمواد الدستور والميثاق الوطني الذي ارتضيناه جميعاً بعد اتفاق الطائف، وهو ليس لديه أي نية للتصعيد، لكنه لا يزال عند معارضته بالنسبة إلى ملف الاقدمية للضباط».
وعلمت «اللواء» ان الخازن ينوي الدخول على خط المساعي حيث سيزور اليوم الرئيس عون في بعبدا ناقلاً ما اعتبره «انفتاح الرئيس برّي بقلبه وعقله على الحل، ولكن على أساس انتظام عمل المؤسسات الدستورية والمشاركة والميثاقية التي نص عليها الدستور».
ونقل الخازن عن بري انه يحترم صلاحيات رئيس الجمهورية ويرى ان هذه الصلاحيات لا يمكن أن تُمس، وأن يكون توقيعه التوقيع الاخير على المراسيم، لكن بعد توقيع رئيس الحكومة والوزراء المعنيين ومن بينهم وزير المال. وان البلد لم يعديحتمل تشنجات ولا بد من حل الموضوع، لكن لا بد من المشاركة في القرار لأن البلد يقوم على المشاركة والميثاقية ويجب ان نحافظ على هذين العنصرين.
وقال لـ«اللواء»: انه سيعرض الموضوع اليوم مع الرئيس عون ويستمع الى وجهة نظره، وسيحاول ان يتوصل مع الرئيسين الى حل للازمة، وانه ماضٍ في مسعاه للتوصل الى حل لأن البلد والناس والاقتصاد لم تعد تحتمل ازمات سياسية يمكن حلها بالتفاهم والحوار.
مساعي الحريري
في هذا الوقت، نقلت مصادر وزارية عن الرئيس الحريري قوله انه لا زال يسعى لحل الازمة الناتجة عن مرسوم منح الضباط اقدمية سنة،من دون ان تُعرف تفاصيل عن المقترحات او الافكار التي يحملها،لكن لا نتائج بعد عما اسفرت عنه هذه المساعي، مشيرة الى ان الرئيس الحريري استمع من رئيس الجمهورية امس الاول الى وجهة نظره من موضوع المرسوم وابلغه وجهة نظره، ولم يُعرف شيء عن مضمون ما جرى بين الرئيسين.
واوضحت المصادر ان لا وقت محددا للوصول الى الحل المرتبط بنوايا الاطراف ورغبتها الفعلية بالتوصل الى حل، فإن ارادت يمكن ايجاد الحل بسهولة، وإن ارادت تعقيد الامر فهذا ايضا سهل. لكن لم تنضج ظروف الحل حتى الان.
وابلغت مصادر نيابية قريبة من الحريري «اللواء» ان الأزمة سترى طريقها إلى الحل في وقت قريب، لأنه لا يُمكن تُصوّر ان يبقى الخلاف موجوداً بين الرئيسين عون وبري بالنظر إلى انعكاساته على الأوضاع الداخلية وعلى عمل الحكومة، مشيرة الى ان الحريري لا يريد ان يتعطل عمل حكومته، ولذلك فهو مُصر على إخراج الأزمة من عنق الزجاجة، كي لا يتأثر وضع البلد من تعثر الأداء الحكومي وما يُمكن ان يتأتى عن ذلك.
وأكدت المصادر ان الرئيس الحريري مهتم بالوصول إلى حل، وهو على قناعة في ان يصل إلى حل من خلال القنوات السياسية اولا، ومن ثم المخارج القانونية الكفيلة بوضع الأمور في نصابها، سيما وان هناك عدّة صيغ يجري التداول بها ويتكتم عليها الرئيس الحريري ريثما يتم التوافق على احداها وتحظى بموافقة الأطراف المعنية، وتحديداً الرئيسين عون وبري اللذين ما زالا متمسكين بموقفيهما، وهذا ما يجعل الأمور أكثر تعقيدا.
ولفتت المصادر الى ان طلب الرئيس الحريري من الأمانة العامة لمجلس الوزراء عدم نشر المرسوم في الجريدة الرسمية جاء في إطار مساعيه لامتصاص تداعيات الأزمة وفتح الباب امام حلول مقبولة تنزع فتيل التوتر وتطوي صفحة السجال القائم.
وكشفت معلومات ان الرئيس الحريري الذي اتصل أمس بالرئيس برّي طالباً لقاءه، فرحب برّي بالاتصال ولكن لم يتحدد موعد بعد لهذا اللقاء، سيعمل قبل أي شيء آخر على اعادة الازمة إلى حجمها الأساسي وحصرها في الإطار القانوني المؤسساتي البحث، عبر طمأنة الرئيس برّي إلى ان اتفاق الطائف ثابت ومتين، وان أياً من المكونات السياسية في البلد لا يطمح إلى تعديله ولا يعمل للانقضاض عليه، وهي تتوقع ان تأتي نهاية الأزمة على قاعدة «لا غالب ولا مغلوب»، بحسب ما اشارت إليه «اللواء» في حينه، وذلك عبر إضافة توقيع وزير المال إلى مرسوم الاقدمية، ولكن من ضمن صيغة حل شاملة سيتحرك «حزب الله» ايضا لتسويقها لدى حليفيه.
وعلمت «اللواء» ان المخرج قد يكون مراجعة عدد من الضباط مجلس الشورى في موضوع المرسوم، بهدف تجميده أو الغائه أو طلب توقيع وزير المال عليه.
عودة النشاط البرلماني
الى ذلك يعود النشاط البرلماني الى زخمه الاسبوع المقبل بعد انقضاء عطلة رأس السنة وعودة النواب المسافرين، وعلمت «اللواء» ان رئيس المجلس نبيه بري وجه دعوة الى اللجان النيابية المشتركة لعقد جلسة في العاشرة والنصف من قبل ظهر الثلاثاء المقبل برئاسة نائب رئيس المجلس فريد مكاري، للبحث في مشروع قانون قديم جدا، اعاد رئيس لجنة البيئة اكرم شهيب احياءه، يتعلق بوضع برنامج عام لكيفية التعاطي مع النفايات وكيفية التخلص منها وفق معايير واساليب علمية دولية.
واوضح شهيب لـ«اللواء» ان المشروع سابق لأزمة النفايات التي استجدت خلال السنوات القليلة الماضية ولا يتعلق بها مباشرة ولا بالمشاريع والاقتراحات والخطط التي وضعت مؤخرا ولم يتم تنفيذها حتى الان، بل هو مشروع قانون عام يتعلق بطرق التعاطي مع النفايات بشكل عام وكيفية التخلص منها.
وسيحضر الجلسة تسعون نائبا من تسع لجان من بينها لجنة البيئة ووزير البيئة طارق الخطيب.
التعازي في دار الفتوى
في هذه الاثناء، غصت دار الفتوى بالمعزين بوفاة مفتي راشيا القاضي أحمد اللدن، وتقدمهم الرئيس الحريري، والرئيس فؤاد السنيورة، ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، يرافقه نجله تيمور، والنائبين مروان حمادة ووائل أبو فاعور، بالإضافة إلى وزراء ونواب وشيخ عقل الطائفة الدرزية الشيخ نعيم حسن، ووفد من حزب الله.