إنتهاك «توازن الرعب» يُقلق إسرائيل وإيران تنتقم «بتسليح الضفة وتيار المقاومة»
نصر الله يحدّد سقف المواجهة الأحد ولبنان يتمسّك بالقرار 1701
خارج استكمال «حزب الله» تشييع شهدائه وتقبل التعازي مركزياً بهؤلاء الشهداء، أسفرت الاتصالات الجارية بين كبار المسؤولين وقيادة الحزب والمكونات الوطنية على اختلاف مشاربها، عن إنضاج تفاهم سياسي حول السياق الرسمي للتعامل مع الضربة الإسرائيلية العدوانية ضد مجموعة من كوادر «حزب الله» في القنيطرة السورية.
ويقضي هذا التفاهم بـ:
1- عقد جلسة مجلس الوزراء في موعدها، واعتبار كلام الرئيس تمام سلام في مستهل الجلسة الموقف المعبر عن التعاطي الرسمي من العدوان الذي لا يخرج عن سياق عدوانية إسرائيل، على ان يتنبه لبنان إلى النيّات المبيتة وعدم الانجرار إلى أجندة العدو بتعريض الاستقرار اللبناني للخطر، خدمة لمآرب التنافس الانتخابي في إسرائيل.
2- وعليه، يُؤكّد مصدر وزاري لـ«اللواء» ان الرئيس سلام سيشدد على التمسك بالقرار 1701 الذي يرعى وقف العمليات العسكرية بين لبنان وإسرائيل، والذي تمّ التوصّل إليه بعد حرب تموز عام 2006.
وفي هذا الإطار، قال وزير الإعلام رمزي جريج لـ«اللواء» ان اعتداء القنيطرة مطروح على جلسة مجلس الوزراء من خارج جدول الاعمال، وأن وزراء من 14 آذار سيتعرضون للموقف الذي يتعين اتخاذه، بما في ذلك التزام لبنان بالقرار 1701.
واستبعد وزير في 8 آذار ان تكون الجلسة ساخنة، مخالفاً بذلك ترجيحات وزير في 14 آذار، معتبراً ان مجرّد انعقاد الجلسة هذا يعني ان لا نية للتعطيل ولا للاشتباك، أو تطيير النصاب.
3- تتفق مقاربات معظم الوزراء على ان الوضع الحالي لا يسمح لتكوين مناخ يتعب الحكومة أو يعرضها لاهتزاز.
إلى ذلك، قالت مصادر مطلعة على المناقشات الجارية داخل «محور المقاومة» حول ما سيكون عليه ردّ «حزب الله» وسائر مكونات هذا المحور، ان النقاشات تنطلق من ان الرد لن يكون سريعاً، وانه يخضع لتقييم متحرك، في ضوء متغيرات الوضع، وانه سيتجاوز الرد على اعتداء القنيطرة في حدّ ذاته ليوجه رسالة استراتيجية تتعلق بمعادلة ما بعد عدوان الأحد الماضي، وقواعد الاشتباك الدائر في سوريا، ومواقف اللاعبين الاقليميين منه، على أساس ان استقرار الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع لبنان محكومة بترتيبات ما يجري في سوريا، وعدم تجاوز إسرائيل حدود الحماقات، على غرار استهداف المجموعة القتالية للحزب والحرس الثوري الإيراني في مزرعة الأمل عند الخط الفاصل بين الجزء المحرر من الجولان والجزء المحتل.
ويتأثر ردّ الحزب، اقليمياً ولبنانياً، بعوامل ثلاثة:
1- التحفظ اللبناني الرسمي على تعريض الاستقرار سواء في الجنوب أو في كل لبنان للانهيار.
وتعتقد المصادر ان هدوء قيادة الحزب والابتعاد عن إطلاق المواقف والتهديدات يصب في مجرى الدعوة إلى تجنيب لبنان الانجرار إلى أي حرب واسعة، مستفيداً (أي الحزب) من الإجماع الوطني على إدانة الاعتداء والتعاطف مع الشهداء وذويهم، وأن الحزب ليس في وارد التفرد في أي قرار يؤثر سلباً على هذا الإجماع.
2- الحسابات الإيرانية التي تنطلق من ان الغارة «لن تمر من دون رد»، وفقاً لتصريحات وزير الدفاع الإيراني العميد حسين دهقان، مع انتخاب زمان ومكان مناسبين لهذا الرد الذي يتعين ان يصل إلى مستوى الهجوم، والحسابات الدبلوماسية الدولية لإيران بعد التراجع الإسرائيلي الذي عبرت عنه التوضيحات الإسرائيلية من انها لم تكن تستهدف الجنرال محمّد علي الله دادي، والتي اعتبرت بمثابة «اعتذار ضمني» على الرغم من حالة العداء بين إسرائيل وإيران.
وعلى هامش تشييع الجنرال دادي ارتفعت الأصوات في إيران محذرة إسرائيل من الرد، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية «ايرنا» عن دهقان قوله في مكتب حزب الله في طهران، ان بلاده ترى «ضرورة تسليح الضفة الغربية وحزب الله وتعزيز تيّار المقاومة من أجل مواجهة اسرائيل».
اما أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام محسن رضائي والذي كان قائداً للحرس الثوري، فقد أكّد «سنرد لحزب الله اعتباره»، مضيفاً: «ان لدى الحزب خطة طويلة الأجل، ولن يرد في فورة غضب».
بدوره استبعد الجنرال مصطفى يزادي وهو المكلف بالقضايا الاستراتيجية في صفوف القوات المسلحة أي تحرك مباشر لإيران، ونقلت وكالة «تسنيم» عنه ان «بلاده ستقدم الدعم من خلال اسداء النصح للمقاتلين المسلمين».
3- معارضة النظام السوري لتحويل الجولان، سواء القنيطرة أو المنطقة المحتلة إلى أرض مواجهة مع إسرائيل، لأن النظام ما زال يعتبر ان الأولوية هي لمواجهة ما يصفه «بالمجموعات المسلحة الارهابية»، على الرغم من أن الغارة الإسرائيلية على الجولان تشكّل انتهاكاً لقواعد فض الاشتباك وفصل القوات الذي ارسي عام 1973، ورعته اتفاقية وقعت بين إسرائيل وسوريا عام 1974، وفقاً لمتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق، مع العلم ان الجانب السوري يتفق مع «حزب الله» وإيران على ان الغارة على الجولان تعني انخراطاً اسرائيلياً مباشراً في الصراع السوري.
ضربة بضربة
وعليه، وانطلاقاً من هذه العوامل التي تتحكم بالقرار في سياقيه الميداني والسياسي، فان المصادر المطلعة نفسها تعتبر أن ردّ الحزب يتجاوز الخيارات التقليدية، وإن كانت الوجهة التي تناقش تنطلق من معادلة «العين بالعين والسن بالسن» التي ترجمتها في هذه المرحلة «ضربة بضربة»، لا سيما وأن قيادة «حزب الله» بالتنسيق مع القيادتين العسكريتين في سوريا وإيران، ما زالت تستبعد حدوث خرق استخباراتي في «حزب الله»، وترجح فرضية الرد الميداني الاستطلاعي للعدو، وربما بعض الجماعات التي ينسق معها في منطقة الجولان والمحسوبة على المسلحين المنتشرين هناك.
ووفقاً لهذه المصادر، فان الرد سيكون من عيار الغارة الإسرائيلية وزائداً عنها بمحاولة اكيدة لاستعادة توازن الرعب، بعدما حاولت إسرائيل من خلال ضربة القنيطرة أن تعبث بها.
ومعالم ردّ الحزب ستتضح وجهته من كلمة للأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله الأحد المقبل، في مناسبة احياء أسبوع الشهداء الستة.
الوضع ميدانياً
ووسط حالة القلق والذعر في الجانب الإسرائيلي عند الحدود اللبناني، سيّر الجيش الإسرائيلي دوريات على طول المنطقة، وربط حرس الحدود التابع للمستوطنات بغرفة عمليات الجيش.
وما رفع من وتيرة القلق ما تردد مساء عن عملية تسلل خمسة عناصر مقاتلة من لبنان إلى شمال إسرائيل وهو الأمر الذي أكدته صحيفة «جيروزاليم بوست» ووصفته بأنه «اشتباه بتهديد امني».
ونقلت «يديعوت احرونوت» عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن الأمر للمستوطنين لملازمة المنازل ما زال ساري المفعول.
وفي إشارة إلى أن إسرائيل تأخذ بالحسبان أجواء الحرب المخيمة على المنطقة، ألغى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بيني غانس مشاركته في مؤتمر رؤساء اركان جيوش الدول الأعضاء في حلف «الناتو».
تشييع وتعاز
ولليوم الثالث على التوالي، شيع أمس «حزب الله» اثنين من شهدائه، وهما: الشهيد عباس حجازي الذي شيع إلى جانب والده إبراهيم في الغازية، والشهيد محمّد علي أبو الحسن الذي شيع في بلدته عين قانا في مشاركة شعبية وحزبية واسعة تقدمها نواب الحزب ووزراؤه.
في هذا الوقت استمر تدفق المعزين الى مجمع الإمام المجتبى (الإمام الحسن)، فيما تلقت قيادة الحزب برقيات تعزية لبنانية وعربية، واتصل الرئيس امين الجميل بالنائب علي فياض معزياً ومتضامناً، مؤكداً على أهمية الوحدة الوطنية في هذه المرحلة، وفقاً لبيان العلاقات الاعلامية للحزب، كما اتصل الرئيس فؤاد السنيورة بالمعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين خليل معزياً.
مجلس الوزراء
والدورة الاستثنائية
سياسياً، رجحت مصادر وزارية أن يتصدر الوضع الأمني الصدارة في جلسة مجلس الوزراء اليوم، انطلاقاً من الخطة الامنية في البقاع الشمالي، والتي باشر الجيش بتنفيذها، والتي استهلها قائد الجيش العماد جان قهوجي أمس بتفقد الوحدات العسكرية المنتشرة على الحدود الشرقية في منطقتي عرسال واللبوة، حيث جال على مراكزها الامامية في ضهر الجبل والمصيدة والقلعة ووادي حميد، واطلع على الإجراءات الميدانية المتخذة، ثم اجتمع بالضباط والعسكريين وزودهم بالتوجيهات اللازمة، منوهاً بتضحياتهم وجهودهم والتي ادت الى وقف تسلل الارهابيين وعزلهم، مؤكداً عزم الجيش على منع امتداد الإرهاب الى لبنان، مهما كلف ذلك من دماء وتضحيات، لافتاً إلى أن «سهر الجيش على ضبط الحدود والانجازات اليومية التي يحققها على صعيد مكافحة الخلايا الإرهابية في الداخل، هي التي حمت وستحمي وحدة لبنان من خطر الفتنة والفوضى».
كذلك رجحت المصادر الوزارية إعادة البحث بموضوع تثبيت سعر صفيحة البنزين، انطلاقاً من التقرير الذي يفترض ان يكون الوزراء المختصون قد انجزوه في شأن انعكاس هبوط سعر المحروقات على أسعار السلع الأساسية.
ويتزامن انعقاد الجلسة مع اجتماع اللجان النيابية المشتركة اليوم للبحث في مشروع قانون سلامة الغذاء، ولهذا السبب سيغيب وزراء الاختصاص الذين سينوب عنهم المدراء العامون.
وشدّد وزير الاقتصاد والتجارة آلان حكيم لـ «اللواء» على أهمية اقرار هذا القانون للولوج نحو تشكيل هيئة سلامة الغذاء، واصفاً ما تمّ اعداده في هذا السياق «بالانجاز الكبير»، شاكراً الجهود التي بذلها وزيرا الصناعة حسين الحاج حسن والصحة وائل أبو فاعور لرفعه الى المجلس تمهيداً لاقراره.
وقالت مصادر نيابية، انه في حال تمّ إقرار المشروع امام اللجان اليوم، فمن المحتمل أن يدعو الرئيس نبيه برّي إلى عقد جلسة تشريعية، بعد فتح الدورة الاستثنائية وانه أوعز إلى اللجان المختصة تكثيف اجتماعاتها لإنجاز عدد من المشاريع والاقتراحات الملحة والمهمة، ومن بينها أيضاً مشروع الموازنة إذا أحالته الحكومة إلى المجلس.
ويسبق انعقاد الجلسة الحكومية، اجتماع بين الرئيس سلام ووزيرة خارجية السويد مارغوت فالستروم في حضور وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس والذي كشف بأن هناك توجهاً لدى الدولة لاستضافة الوزراء المسؤولين عن ملف النزوح السوري في دول الجوار في شباط واذار المقبلين، في خطوة تهدف إلى البحث في كيفية تقاسم أعباء النازحين السوريين.