أزمة وطنية مفتوحة.. بعد فجر «الفيديو»
عون يسامح على الإساءة.. وبري: تفاجأت بكلام باسيل لأنه وزير خارجية.. وليس رجل زقاق
من الخطأ المكابرة وعدم الاعتراف بحقيقة الوضع السائد في البلاد، والذي اتخذ ابعاداً بالغة الخطورة، بعد «فيديو باسيل».
وعلى الرغم من بيان قصر بعبدا الذي رسم سقفاً للمعالجة من زاوية: الخطأ الذي بني على خطأ – الدعوة إلى التسامح، بدءاً من نفسه، حيث أعلن الرئيس ميشال عون «اني من موقعي الدستوري والابوي اسامح جميع الذين تعرضوا إليَّ وإلى عائلتي» والمسامحة تأتي بعد إساءة فإن تكتل الإصلاح والتغيير بعد اجتماعه برئاسة الوزير جبران باسيل بعد ظهر أمس، خيّب آمال الأوساط المراهنة على خطوة متقدمة من الوزير باسيل، حيث ابتعد عن الظهور الإعلامي، وترك المجال لأمين سر التكتل ليقرأ بياناً، خلط «السماوات بالأبوات» فاكتفى بقبول دعوة الرئيس عون للتسامح، والتذكير بأن باسيل اعرب عن اسفه صباح يوم تسريب «الفيديو» قبل ان يطلب أحد منه الاعتذار.
وسارعت محطة «NBN» إلى وصف باسيل بأقذع العبارات «اللئيم المتأصل في اللئم والكذب والممارس للرذيلة والطائفية يكابر ويرفض الاعتذار».
وليلاً، نسبت قناة «المنار» الناطقة بلسان حزب الله كلاماً للرئيس برّي قال فيه: طلبت اعتذاراً من اللبنانيين وليس لي، مضيفاً: تفاجأت بكلام الوزير باسيل لأنه وزير خارجيتنا وليس رجل زقاق، واصفاً بيان حزب الله: «أحسن من بيان الحركة، البيان ممتاز».
ورفض الرئيس برّي التعليق على بياني رئيس الجمهورية وتكتل التغيير بالقول: لا تعليق.
وعليه، لا معالجات ولا حتى وساطات، فالبلاد امام أزمة وطنية مفتوحة، قد تُهدّد الحكومة وربما النشاط المجلسي، والاقتصادي، وعلى الرغم من ذلك فالوزير باسيل عازم غداً على التوجه إلى ساحل العاج لعقد مؤتمر الطاقة الاغترابية في افريقيا، الذي تقاطعه حركة أمل.
لا حلول للأزمة
في هذا الوقت، اعطى استمرار حركة الاحتجاجات في الشارع وقطع الطرقات في بيروت ومناطق في الجنوب والبقاع، من قبل مناصري حركة «أمل» انطباعاً بأن الأزمة المستجدة بين الرئاستين الأولى والثانية، والتي تولدت عن تسريب فيديو صادم للوزير باسيل حمل كلاماً مسيئاً بحق الرئيس برّي، لم تجد حلاً، بعدما اصطدمت كل الوساطات والاتصالات بين بعبدا وعين التينة، بحائط مسدود، نتيجة رفض الوزير باسيل الاعتذار، واكتفائه بابداء الأسف على ما حصل من تسريب، رغم مناشدات القيادات السياسية له بالاقدام على هذه الخطوة، وكان آخرها من الرئيس تمام سلام الذي زار عين التينة أمس، متضامناً مع الرئيس برّي.
وفي تقدير مصادر سياسية في قيادة حركة «أمل» أن البيان الذي صدر أمس عن رئاسة الجمهورية لم ينه الأزمة بين الرئيس برّي و«التيار الوطني الحر»، ولم يكن هو الحل المرتجى أو المطلوب من الرئيس ميشال عون، لأن البيان لم يطرح مبادرة، من نوع حض الوزير باسيل على الاعتذار من برّي، أو دعوة رئيس المجلس لجلسة مصارحة ومصالحة في بعبدا، واكتفى فقط بالدعوة إلى ان «يتسامح الذين اساؤوا إلى بعضهم البعض، وان كان ألمح إلى خطأ ما ارتكبه باسيل من إساءة بحق الرئيس برّي، عندما اعتبر ان «ما حصل على الأرض خطأ كبير بني على خطأ»، داعياً القيادات السياسية إلى «الارتقاء إلى مستوى المسؤولية لمواجهة التحديات الكثيرة التي تحيط بنا، وعدم التفريط بما تحقق من إنجازات على مستوى الوطن خلال السنة الماضية».
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية، لـ«اللواء» ان الرئيس عون أراد من خلال البيان الذي أصدره استيعاب التطورات واعادتها إلى حجمها، كما إلى فتح الباب امام النقاش الهادئ بعيداً عن الشارع.
وإذ لاحظت المصادر ذاتها ان البيان لم يتحدث عن مبادرة ما، فإنها اشارت إلى مساع وبحث عن حلول عندما تهدأ الأمور، ودعت كل الأطراف إلى تهدئة الخطاب السياسي الذي تدنى إلى ما لا يليق باللبنانيين، مشددة على ان كل شيء له حل إذا كانت هناك رغبة حقيقية بالحل.
وقال زوّار الرئيس عون الذين التقوه أمس، وبينهم وزراء سابقون، انهم لمسوا منه حرصاً على التهدئة، وقال مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية الوزير السابق الياس بو صعب انه مهما كانت السقوف مرتفعة يجب ان لا يمس الاستقرار الأمني، وتوقف في هذا الصدد عند بيان «حزب الله» الذي أشار إلى موضوع الاستقرار، وعند تصريحات الرئيس برّي في السياق نفسه، مؤكداً على ضرورة قيام معالجة للأزمة الناشئة، وعدم الاستخفاف بملف مرسوم الاقدمية.
ويرتقب ان يطل بوصعب الذي غاب عن اجتماع تكتل «التغيير والاصلاح» في مركز «التيار الوطني الحر» في ميرنا شالوحي، عبر برنامج «بموضوعية» مساء اليوم على شاشة محطة M.T.V، حيث سيتطرق الحوار مع الزميل وليد عبود إلى الأزمة الراهنة على خلفية فيديو باسيل، ومضمون مقدمة محطة OTV التي طاولته بسبب الخلاف بينه وبين المستشار في رئاسة الجمهورية جان عزيز الذي كان وراء ما ورد في المحطة الم روبرتو فيرمينيو يسجل لليفربول..
ذكورة من حملة على بوصعب في ما خص موضوع الوجود السوري في لبنان.
وكان بوصعب قد نشر صورة له عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تزامناً مع انعقاد التكتل مع رجل الاعمال اللبناني جوزيف غصوب من وسط بيروت، معلقا على الصورة بالقول: «مع صديق العمر جوزيف غصوب في وسط بيروت، والحديث يتمحور حول الانتخابات والترشيحات ونيته الترشح..».
عين التينة
أما الرئيس برّي فقد رفض امام زواره التعليق على البيان الرئاسي وبيان تكتل «التغيير والاصلاح» لكنه قال ان «اخطر ما يجري ان هناك من لم يغادر بعد مرحلة ما قبل الطائف، وللاسف يراد نسف الطائف والدستور وخلق اعراف جديد، ولا يتوقع أحد بأن اقبل بتثبيت هذه القواعد والأعراف المخالفة للطائف والدستور، وأنا بذلك احافظ على مصلحة البلد وليس على مصلحتي الشخصية».
وكان مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، بقي أمس ولليوم الثاني على التوالي محور حركة اتصالات ولقاءات تضامنية أطلقت جملة مواقف ادانت ما تعرضه له رئيس المجلس من جرّاء الشريط المسرب، ومن الزوار الرئيس سلام ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان ونائبه الشيخ علي الخطيب، حيث جددا موقف المجلس المستنكر بشدة لما صدر عن باسيل، وطالب بوضع حدّ لمثل هذا الاسلوب والاستهتار.
ولوحظ ان برّي تجنّب خلال لقائه السلك القنصلي الحديث عن الأزمة مع باسيل، وأكّد على أهمية الاستحقاق الانتخابي المرتقب، قائلاً: «انه ليس خائفاً على الانتخابات، ولن يسمح بشيء يُهدّد الاستقرار ووحدة لبنان واللبنانيين».
وهذا الموقف أكّد عليه ايضا الرئيس سعد الحريري قبل سفره إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء بن علي يلدريم، عندما أبلغ الوزير السابق خليل الهراوي ان الانتخابات ستجري في موعدها، وان ما يحصل اليوم لن يؤثر على اجرائها.
واستبعدت مصادر السراي الكبير حدوث حلحلة على صعيد الأزمة الراهنة بين الرئاستين الاولى والثانية، متوقعة ان يبقى التصعيد السياسي سيّد الموقف إلى الأسبوع المقبل، حيث يكون الرئيس الحريري قد عاد من تركيا، وخفت بعض الشيء التوتر القائم، بما في ذلك جلسة مجلس الوزراء التي لن تعقد الخميس.
كتلة المستقبل
وكان الرئيس الحريري ترأس أمس في «بيت الوسط» الاجتماع الأسبوعي لكتلة «المستقبل» النيابية، وعبر بيانها عن «الأسف العميق لما آلت إليه مستويات التخاطب السياسي، والتي بلغت حدوداً غير مقبولة، ومنها التعرّض لكرامات الرؤسات والقيادات على مواقع التواصل الاجتماعي»، ورأت في «العودة إلى استخدام الشارع وسيلة للاعتراض على المواقف أو لبت الخلافات السياسية اسلوباً غير مقبول، من شأنه أن يفسح بالمجال للمصطادين في المياه العكرة، ويعرض سلامة المواطنين لأخطاريجب تجنبها.
تكتل «التغيير»
وفيما كانت الأنظار مشدودة إلى الاجتماع الاستثنائي الذي عقده تكتل « التغيير والاصلاح» في المقر العام «للتيار الوطني الحر» في سنتر ميرنا شالوحي في سن الفيل، برئاسة الوزير باسيل، وترقب ما يُمكن أن يصدر عنه من مواقف، ولا سيما الاعتذار عمّا عنه في «الفيديو» المسرب، فإن البيان الذي صدر لم يخرج عن السقف الذي رسمه البيان الرئاسي من دعوة الي التسامح في ما يتعلق بالاعتداء على مقر التيار، معتبراً أن «الكرامات متساوية، وان اللبنانيين متساوون بحقوقهم وواجباتهم، وأن يكون هناك احترام لحرمة المواقع والاملاك العامة والخاصة»، متجنباً الإشارة إلى حرمة الأشخاص والمؤسسات الدستورية، والاساءة إلى رئيس المجلس.
ولم يشر البيان بكلمة إلى الاعتذار، مكتفياً بالاشارة إلى ان ما حصل مع الوزير باسيل في لقاء غير علني تمّ استدراكه من قبله، من دون طلب من أحد من خلال تعبيره عن أسفه، وهو ما يرتبط بقناعاته وأخلاقيات وأدبيات التيار.
شتاينماير
في هذا الوقت، أنهى الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير زيارة إلى بيروت استمرت يومين، التقى خلالها الرؤساء عون وبري والحريري، كم زار دار الفتوى والتقى رؤساء وممثلي الطوائف الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمهم مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان ورئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبد الأمير قبلان وشيخ عقل الطائفة الدرزية نعيم حسن، والمطران بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني ومتروبوليت بيروت للروم الارثوذكس الياس عودة.. ثم زار ساحة الشهداء والقوة البحرية الالمانية المشاركة في اليونيفيل، وحاور طلاب الجامعة اللبنانية، حيث منحه رئيسها فؤاد أيوب الدكتوراه الفخرية في العلاقات الدولية.
واعرب شتاينماير عن ايمانه بأن بيروت هي المكان الذي يُمكن ان ينجح فيه الحوار.
(راجع ص 3)