مجلس دفاع أعلى الثلاثاء يصالح الرؤساء الثلاثة
ملح إتصال عون ببرّي يذيب جبل الجليد.. ولا حملات أو تحشيدات
اتصال وكلام، فحرارة ولقاء الثلاثاء، والهدف مواجهة مخططات إسرائيل ونياتها العدوانية حيال ثروة لبنان النفطية، لا سيما مواجهة التهديدات، البلوك رقم 9 ، عبر مصالحة الرؤساء لا سيما الرئيسين نبيه برّي وسعد الحريري بعد انهاء جفاء بعبدا – عين التينة.
هكذا تنفّس البلد الصعداء، بعد اتصال اجراه الرئيس ميشال عون بالرئيس نبيه برّي، تجنّب ما قاله الوزير باسيل، واتفق على وقف الحملات الإعلامية، عبر OTV والـNBN, فضلاً عن الاتفاق على اجتماع الثلاثاء، الذي يتوقع ان يتطرق إلى الملفات الخلافية، وكيفية إنهاء ذيول ما بات يعرف بـ«فيديو باسيل».
كيف أتت الخطوة؟
تعددت الروايات، حول عوامل الاتصال الرئاسي، وكيفية تحريكه..
رواية «المستقبل» قالت ان الرئيس سعد الحريري تحرك، فتوجه إلى بعبدا، وما هي الا دقائق بعد خروجه من لقاء الرئيس عون، حتى التقطت رادارات اتصال القصر بعين التينة.
ومضت تستنتج: هكذا احتوى الرئيس الحريري عاصفة كادت تطيح بالتفاهمات وبالاستقرار، ووضعها على سكة الحل، بعد دعوة أمل مناصريها ترك الشارع، وملاقاة التيار الوطني الحر هذه الأجواء..
رواية «المنار» تحدثت عن «مساع حثيثة أجراها في الساعات الاخيرة» اللواء عباس إبراهيم بين الرئاستين الأولى والثانية، وان التهديدات الإسرائيلية الجدية، جعلت الرئيس عون يطلب الرئيس الحريري إلى بعبدا للتشاور، وقام بالاتصال بالرئيس برّي للغاية نفسها.
وكشفت المحطة ان موعد الثلاثاء، مرتبطاً باجتماع مجلس الدفاع الأعلى، بحضور الرؤساء الثلاثة «لبلورة موقف لبناني واحد بمواجهة التحدي الاسرائيلي».
لم تقدّم الـOTV رواية، كذلك NBN، لكن المحطتين تحدثتا عن خمس ايجابيات، من شأنها ان تعيد الانتظام العام والاهتمام بمسيرة الاستقرار الوطني والسلم الأهلي.
وقالت OTV ان الرئيس برّي قدر مبادرة رئيس الجمهورية الاتصال به.
وأكّد الرئيس برّي ان الاتصال مع الرئيس عون كان جيداً، وأعطى توجيهاته لوقف الحملات الإعلانية، معتبراً ان الأزمة السياسية مطولة، وان حركة أمل ليست بوارد تعطيل الحكومة.
ومن بعبدا أكّد الرئيس الحريري بعد لقائه الرئيس عون ان كرامة الرئيس برّي من كرامته ومن كرامة رئيس الجمهورية ومن كرامة الشعب اللبناني، لافتاً إلى ان هذا الكلام نابع منه ومن عون.
في معلومات «اللواء» ان صباح قصر بعبدا أمس لم يكن يشبه غيره، وكانت الاتصالات التي بدأ الرئيس عون يجريها مع مجموعة من القيادات والوسطاء، تصل إلى الصحافيين وتعزز التوجه نحو معالجة ما يتم «طبخها» بعيداً عن الأضواء، وعجل في هذه الاتصالات الأحداث التي حصلت في بلدة الحدث، وكانت بحد ذاتها نقطة تحول، خاصة وان البلد تقع جغرافياً على تخوم قصر بعبدا، ثم جاء بيان حركة «أمل» بالانسحاب من الشارع، ووقف التحركات الاحتجاجية، ليضيف ايجابيات نحو تسريع المعالجات.
وبحسب المعلومات، فإن ثمة أدواراً لعبها عدد من الوسطاء، من بينهم النائب إبراهيم كنعان الذي زار القصر مرات عدّة، وكذلك اللواء إبراهيم، الذي لعب دوره على اكمل وجه، ناهيك عن الدور الذي قام به العميد شامل روكز، وكان موقع تقدير من قبل الرئيس برّي، والوزير السابق الياس بو صعب الذي كان علق مشاركته في اجتماعات «التيار الوطني الحر» احتجاجاً على المقدمات اللاهبة التي كانت توزعها محطة OTV، وتزيد من خلالها تأجيج الخلافات وتأخذ الأزمة إلى امكنة أخرى من شأنها رفع مستوى التوتر في الشارع.
اما الرئيس الحريري الذي بقي يتابع كل ما كان يجري خلال وجوده في تركيا، فكانت له الحصة الوازنة في المعالجة، حتى ان اتصال الرئيسين عون وبري، تمّ في حضوره، ورتب نوعاً من المصالحة بينه وبين رئيس المجلس، وهو ما تأكد من خلال حضوره اجتماع الثلاثاء المقبل.
بيان التسامح خطوة
وأوضحت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللواء» ان مبادرة الرئيس عون بالاتصال بالرئيس برّي أتت استكمالاً لبيان التسامح الذي صدر عن الرئاسة يوم الاثنين الماضي، حيث كات رغبة الرئيس عون على ان يساهم هذا البيان في خلق أجواء تهدئة، الا ان ما صدر من مواقف إعلامية، ولا سيما من محطة OTV التي لم توظف البيان الرئاسي في سياق التهدئة وتعزيز الاستقرار، ساهم في أخذ القضية إلى مكان آخر، بالتزامن مع تحركات في الشارع، الامر الذي استدعى جهوداً إضافية عبر وسطاء الخير.
أما الرئيس عون فكان يعمل ضمن توجه يهدف إلى إنقاذ البلد من التوترات المقلقة على الأرض. وقد أتت تهديدات وزير الدفاع الإسرائيلي وقبلها من تهديدات إسرائيلية السابقة لتخلق أجواء غير مريحة. وكانت الحاجة إلى موقف جامع.
وعلم انه بالتزامن تكثفت الإتصالات وقامت جملة المؤشرات منها الموقف الذي صدر عن حركة أمل ومناخات التهدئة وكل ذلك دفع إلى العمل على المعالجة والاحتكام إلى الحوار دون إغفال التهديدات الإسرائيلية.ولفتت المصادر نفسها إلى أن مبادرة الرئيس عون هدفت إلى تعطيل الألغام التي كانت تزرع هنا وهناك. وأفادت ان الرئيس عون اتصل بداية بالرئيس الحريري لبحث تهديدات ليبرمان. وخلال اللقاء بينهما والذي تناول زيارة الحريري الى تركيا أكد الرئيس عون انه يود الاتصال بالرئيس بري لحصول اجتماع بينهما وبحث التهديدات الإسرائيلية. فتم الاتصال وكان حديث بينهما الذي غلبت عليه المودة وقال الرئيس عون للرئيس بري : كرامتك من كرامتي ويجب أن نرتفع فوق الأمور التي حصلت ومعالجة الخطر الداهم وإصدار الموقف.
ورد الرئيس بري قائلا إن الموضوع يستوجب التفاهم والمعالجة وحصل الاتفاق على عقد اجتماع الثلاثاء المقبل بحضور الرئيس الحريري.
وأشارت المصادر إلى أن مبادرة عون واكبتها اتصالات من أكثر من طرف، موضحة أن المؤسسات الإعلامية تعاطت بإيجابية بعد هذه المبادرة. وأفادت أن الجو الذي صدر من رئيس مجلس النواب كان جيدا أيضا، وان موضوع اعتذار الوزير باسيل لم يبحث في الاتصال، وكان التوجه فقط للعمل على مواجهة التهديدات الإسرائيلية والحفاظ على الاستقرار، ان كانت معلومات تحدثت عن مساعي لأن يقوم باسيل بزيارة عين التينة، وتكون الزيارة بمثابة اعتذار.
وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد امام زواره أمس، على «خطورة الموقف الذي صدر عن وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان حول البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة في جنوب لبنان»، داعيا الى «التنبه الى ما يحيكه العدو الاسرائيلي ضد لبنان، لا سيما وان ثمة من يعمل في الداخل والخارج على توفير مناخات تتناغم مع التهديدات الاسرائيلية بالاعتداء على لبنان وحقه في استثمار ثروته النفطية والغازية وذلك بذرائع مختلفة».
واشار الى ان «لبنان تحرك لمواجهة هذه الادعاءات الاسرائيلية بالطرق الدبلوماسية مع تأكيده على حقه في الدفاع عن سيادته وسلامة اراضيه بكل السبل المتاحة».
برّي
بدوره، وصف الرئيس برّي اتصال الرئيس عون به بأنه «جيد» وطلب من قيادات الحركة وقف الحملات الإعلامية، كاشفاً عن لقاء وسيعقد الثلاثاء المقبل في بعبدا.
وقال: اني منذ اليوم الأوّل لم اقبل بما حصل، وقد اعتذرت من اللبنانيين عمّا جرى، ولم أطلب اعتذاراً من الوزير باسل، بل طلبت اعتذاره من النّاس، وكان لدي خشية من وجود «طابور خامس» في الحدث والشالوحي، وقد أبلغت حركة «امل» الجهات المعنية عن مواصفات السيّارة التي أطلقت النار في الحدث ويوجد كاميرات حكما التقطت صورا لهذه السيّارة وعلى الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية اتخاذ الإجراءات المناسبة، ونحن نقف إلى جانبه.
اما بالنسبة لما حصل في ميرنا الشالوحي، فإن من أطلق النار ليس حركة «امل» بل عناصر من التيار كانوا داخل المركز.
وعندما سئل عن الوضع السياسي، قال بري: انها ستأخذ وقتاً، موضحا «اننا لم نطالب باستقالة الحكومة ولسنا في وارد تعطيلها، وفي كل مرّة يدعو رئيس الحكومة إلى جلسة نحضرها، وإذا دعا هذه المرة إلى جلسة سنحضرها.
ونفى، ردا على سؤال ان يكون قد رفض مجيء الرئيس الحريري إلى عين التينة، وقال ان ذلك يعود لسفره المتكرر إلى الخارج، كاشفاً انه كان في وارد اتصال الرئيس عون به منذ الظهر.
وبانتظار الثلاثاء، تتوقع جهات سياسية ذات صلة ان تتوقف التحركات من النشاطات من الطرفين على الأرض، بعد وقف الحملات الإعلامية.
وعند السادسة من مساء أمس، عقد لقاء تمهيدي في بلدية الحدث بين وفدين من «امل»، والتيار الوطني الحر، حيث جرى التحضير للقاء قبل ظهر في البلدية بمشاركة «امل» وبين الوطني الحر وحزب الله لتأكيد الوحدة الوطنية.
الحدث
قبل هذه التطورات الإيجابية، كانت الاتصالات والمساعي قد تكثفت ليل أمس الأوّل ونهار أمس من أجل تطويق ذيول الإشكال الامني الذي حصل في منطقة الحدث على اثر دخول شبان من منطقة الضاحية بسيارات ودراجات نارية الى بلدة الحدث بصورة استفزازية وحصول اطلاق نار، وأمكن إعادة ضبط الوضع بمشاركة من قيادة «حركة امل» ممثلة بمستشار الرئيس نبيه بري احمد البعلبكي ونائب «حزب الله» علي عمار ونائب «التيار الوطني الحر» آلان عون، وتوجت بالاتفاق المبدئي على لقاء موسع لفاعليات الضاحية والحدث في السادسة من مساء امس في مبنى بلدية الحدث، بهدف طي صفحة الاشكال وتأكيد العيش الواحد بين ابناء المنطقتين وحفظ الاستقرار العام، حسبما اعلن المعنيون. لكن حصلت امور ادت إلى تأجيل اللقاء في بلدية الحدث إلى اليوم، فيما أُعطي الضوء الاخضر للقوى العسكرية والامنية بملاحقة كل المخلين بالامن والاستقرار والوحدة الوطنية.
واثنت هيئة قضاء بعبدا في التيار الوطني الحر على الموقف الذي اطلقه صباحا حزب الله في اتصالاته مع حركة «أمل» لضبط الشارع ومنع المناصرين من الاشتراك في اي حراك من هذا النوع، معلنة انها ترحب بهذه المبادرة وتلاقيها بالمثل في كل ما من شأنه تمتين العلاقات أكثر وأكثر والحفاظ على السلم الاهلي والمصلحة الوطنية العليا».
وبالمقابل، ابدى عضو كتلة التنمية والتحرير هاني قبيسي رفضه لما جرى في الحدث، وقال لـ«اللواء»: ان قيادة الحركة اعطت تعليمات مشددة لمسؤولي المنطقة بضبط الوضع وسحب الناس من الشارع. واكد ان احمد البعلبكي وبتعليمات من الرئيس بري اتصل بقائد الجيش من اجل العمل على منع اي توتر او احتكاك ورفع الغطاء عن اي مرتكب.
ولاحقا، أصدر المكتب السياسي لحركة «امل» بيانا اهاب فيه بكل الذين تحركوا بشكل عفوي وغير منظم من خلال مسيرات سيارة ادت الى بعض الاشكالات، التي لا تعكس صورة وموقف الحركة، ان يتوقفوا عن اي تحرك في الشارع لقطع الطريق عمن يريد حرف النظر عن الموضوع الاساسي وضرب علاقات اللبنانيين مع بعضهم. وتطلب من جميع الحركيين على اختلاف مستوياتهم المساعدة على تطبيق هذا الامر.
إلى ذلك، كشفت معلومات خاصة بـ«اللواء» ان هناك جهات تعمل على تحريك العصبيات والفتنة عبر تجوال سيارة بمكبر صوت. وقد انتشر يوم الثلاثاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيديو لسيارة في داخلها سلاح تجول على الطرقات واضعة اغان لحركة أمل «نحنا الافواج اللي ما في قوّة بتهزمنا»، ثم انتشر فيديو لنفس السيارة، مع اغنية للتيار و«القوات» فيها شدّ لعصب جمهورهما. ما يدلّ على وجود طرف ما يعمل على شدّ العصب الطائفي للجهتين وزرع الفتنة.
التهديدات الإسرائيلية
على صعيد التهديدات الإسرائيلية، قال وزير الطاقة سيزار أبي خليل «سيقوم العدو الإسرائيلي بكل ما في وسعه لمنعنا من الاستفادة من ثرواتنا النفطية ونحن سنقوم بكل ما في وسعنا للدفاع عنها». وكتب في تغريدات على حسابه في موقع تويتر «ليست المرة الأولى التي يصدر عن العدو الإسرائيلي اعتداء على ثرواتنا وسبق أن أرسلت وزارة الخارجية كتاباً تحذيرياً للأمم المتحدة» معتبراً أن كلام ليبرمان «اعتداء موصوف على الحقوق اللبنانية».
وقسم لبنان المنطقة التي يفترض أن تحتوي الغاز والنفط إلى عشر رقع، وقد عرضت السلطات خمسا منها للمزايدة عليها، وجاءها عرض من ائتلاف بين الشركات الثلاث على الرقعتين 4 و9. وتقع الرقعة الرقم 9 بمحاذاة منطقة متنازع عليها بين لبنان واسرائيل مساحتها 860 كيلومترا مربعا، ولا تشملها أعمال التنقيب. ومنذ اعوام عدة، يشهد شرق المتوسط حركة كثيفة للتنقيب عن الغاز خصوصاً بعد اكتشاف حقول كبيرة قبالة اسرائيل وقبرص ولبنان.
في نيويورك، قال استيفان دو غريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، في تصريحات إعلامية بمقر المنظمة بنيويورك: «لقد احطنا علما بتزايد الخطاب البلاغي بين لبنان وإسرائيل بشأن احقيتهما في الحقول البحرية للغاز، ونحثهما على اعتماد الوسائل الدبلوماسية لحل تلك المسائل».