تيلرسون الخميس في بيروت: وساطة نفطية مقابل تقليص دور «حزب الله»
ساترفيلد عند الخط الأزرق.. وإضراب للثانويات الإثنين احتجاجاً على قمع الأساتذة
ما خلا الحركة المطلبية، لا سيما بالنسبة لأساتذة التعليم الرسمي، في المرحلتين الأساسية والثانوية، المتعاقدين والملحقين بكلية التربية، حيث وقع صدام مع القوى الأمنية عند مفرق قصر بعبدا، أدّى إلى إعلان رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي الإضراب احتجاجاً الاثنين المقبل في سائر الثانويات ودور المعلمين ما خلا هذا التفصيل المطلبي، بدا التفاهم الرئاسي أكثر قدرة وترسخاً في مواجهة التحديات الداخلية وتلك المتعلقة بالاعتداء الإسرائيلي براً وبحراً من خلال بناء الجدار الاسمنتي، واعتبار البلوك رقم 9 لا يملكه لبنان.
وإذا كان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد أمضى بعضاً من يومه أمس، برفقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، بمعاينة الوضع الميداني، والاعتداء الإسرائيلي على الخط الأزرق والقرار 1701 في رأس الناقورة، فإن ما جاء على لسان الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء لجهة ان لبنان يجري الاتصالات مع المراجع الدولية لمواجهة الأطماع الإسرائيلية في البر والبحر، ومن زاوية تكليف مجلس الدفاع الأعلى مواجهة أي اعتداء بحزم وتصميم على الدفاع عن السيادة والكرامة الوطنية، أعطى للمسألة بعدها العملي في مواجهة الاعتداءات، وكذلك مع تأكيد الرئيس سعد الحريري ان القوى السياسية مهما اختلفت لكنها تتوحد لمواجهة التحدي الإسرائيلي المتمثل بالجدار الاسمنتي وادعاء ملكية البلوك رقم 9.
وهذا الملف، سيكون على طاولة البحث بين كبار المسؤولين ووزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون الذي سيزور بيروت الخميس في 15 الجاري، ضمن جولة في الشرق الأوسط، تشمل العراق ومصر والأردن ولبنان.
وفي معلومات «اللواء» ان الوزير الأميركي الخبير بشؤون النفط والغاز، سيحيي اقتراحاً بالتوسط في موضوع الخلاف مع إسرائيل حول البلوكات النفطية والنقاط 13 التي يتحفظ عليها لبنان على طول «الخط الازرق».
وفي المعلومات المستقاة من مصادر دبلوماسية ان الشرط الأميركي الأوّل للتوسط يتعلق بمتابعة الإجراءات المتخذة دولياً ضد حزب الله، واستعداد الدولة لتقليص أي دور لحزب الله في مواجهة التعديات الإسرائيلية، من زاوية القدرة الصاروخية للحزب، في ما خص استهداف المنصات البحرية النفطية.
وتوقع مصدر وزاري ان يشهد الأسبوع المقبل سلسلة من الاجتماعات، أبرزها الاثنين، حيث يعقد اجتماع تمهيدي تحضيري لمؤتمر روما لتسليح الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية يحضره إلى الرئيس سعد الحريري في السراي الكبير وزيرا الداخلية والبلديات نهاد المشنوق والدفاع يعقوب الصرّاف.
واستبعد المصدر عقد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل على خلفية الاشغالات ومصادفة الأربعاء 14 شباط الذكرى 13 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وفي المعلومات ان رئيس وزراء بولندا ماتيوس مورافسكي سيزور بيروت الاثنين المقبل لاجراء محادثات مع نظيره الرئيس الحريري وكل من الرئيسين ميشال عون وبري.
توقيع مراسيم الضباط
سياسياً، وفي أوّل ترجمة عملية لثمار لقاء بعبدا الرئاسي، وقع الرئيس عون صباحاً، ومثلما كان متوقعاً، مراسيم ترقية الضباط في الجيش وقوى الأمن والأمن العام وأمن الدولة والجمارك، بناءً على الصيغة التوافقية التي قضت بدمجها ضمن مرسوم موحد للاقدميات والترقيات لمختلف الاسلاك العسكرية والأمنية، بعدما وقعه أمس الأوّل الرئيس سعد الحريري والوزراء الصرّاف والمشنوق والمال علي حسن خليل، لكن المرسوم لن ينشر قبل الأسبوع المقبل في الجريدة الرسمية.
واوضحت مصادر وزارية ان توقيع الرئيس عون مراسيم الترقيات لضباط الجيش والاسلاك العسكرية الثمانية، وتضمين مرسوم الترقيات في الجيش اسماء جميع الضباط الذين وردت اسماؤهم في مرسوم الاقدمية الذي سبق للرئيس ان وقعه وصدر واصبح نافذا، يؤكد على قانونية ودستورية ونفاذ مرسوم الاقدمية الذي وردت الاشارة اليه في حيثيات مرسوم ترقية الضباط الرقم 2316 بعبارة « مرسوم منح القدم للترقية ذي الصلة»، اضافة الى ذلك اكد المرسوم حق ضباط دورة 1994 في الاقدمية بعد 24 سنة من الانتظار والحرمان، لاسيما وان المرسوم تضمن كافة اسماء الضباط من دون استثناء.
واشارت المصادر الوزارية الى ان صدور مراسيم الترقيات ابتداء من 1/1/2018 تم بعدما كان الرئيس عون وقع على حفظ حقوق الضباط بالترقية في الاسلاك كافة.
مجلس وزراء توافقي
اما جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت أمس في بعبدا، فلم تخرج بدورها عن سياق أجواء الوفاق الرئاسي، عاكسة حالة من التفاهم على الملفات المطروحة، سواء في ما يتعلق بشؤون إدارة الدولة، أو مواجهة التهديدات الإسرائيلية في بناء الجدار الاسمنتي على الحدود الجنوبية، أو محاولات الاستيلاء على البلوك 9 بموقف واحد وجامع رافدة قرارات المجلس الأعلى للدفاع. ونجح مجلس الوزراء في إصدار بعض التعيينات في التفتيش المركزي (جلال سليمان) والمجلس العدلي، ولم يُعكّر صفو المجلس أي تباين أو وجهة نظر خارج سياق التوافق السائد في البلاد، وبقيت قاعة مجلس الوزراء هادئة دون ان ترصد أي كلام بين وزير الخارجية جبران باسيل والوزير علي حسن خليل، حتى ان بعض الاعتراضات الخفيفة مرّت من دون تشنج وعولجت بالتوافق، على حدّ قول أحد الوزراء بأن «المعادلة قابلة للاهتزاز ولكن غير قابلة للانتحار».
وعلى سبيل المثال، ما حصل في البند الأوّل في جدول الأعمال والمتعلق بمشروع القانون الرامي إلى إجازة جباية الواردات وصرف النفقات اعتباراً من أوّل شباط 2018 ولغاية صدور قانون موازنة 2018 على أساس القاعدة الاثني عشرية، والذي احتل حيزاً من النقاش، حيث أراد الوزير خليل ان يُقرّ هذا البند كما ورد، لكن المجلس ارتأى الإجازة لوزير المال الصرف على أساس القاعدة الاثني عشرية، على اعتبار ان الوقت أصبح داهماً، ولا يمكن الانتظار إلى ان يتم البت بمشروع القانون في مجلس النواب، ما اثار اعتراض خليل انطلاقاً من وجوب ان يتحمل مجلس الوزراء ومجلس النواب مسؤولية هذا الأمر، غير انه لم يتشدد بحجة انه لا يمكن عرقلة شؤون البلاد وتجميدها إلى حين إقرار القانون.
ومثل آخر مرتبط بغياب وزير التربية والتعليم العالي مروان حمادة عن جلسات مجلس الوزراء بسبب عدم ادراج مشاريع وزارته على جدول الأعمال، الا ان ملائكة حمادة كانت حاضرة من خلال زميله الوزير ايمن شقير الذي عرض أسباب مقاطعة زميله على عدم تخصيص جلسة للتربية، علماً ان الرئيس عون طالب بعقد جلسة لهذه الغاية، تحسم مسألة الزيادات للمعلمين والاقساط، وعرض شقير لمطالب حمادة، فتدخل الوزير باسيل مقاطعاً: صار قاطعلوا كذا بند (18 بنداً في الجلسة) وبعدو بيقول نظام رئاسي، داعياً إلى وضع حدّ الكلام الذي قاله استنكاراً لتوقيف الأساتذة الثانويين الذين تظاهروا على مفترق القصر الجمهوري مطالبين بفروقات الست درجات.
ولوحظ ان البند رقم 39 والمتصل بالبطاقة الممغنطة، وهو بند خلافي لم يأخذ جدلاً، لأنه لم يكن واضحاً، إذ تبين انه يتعلق بمشروع مكننة الأحوال الشخصية، وليس تعديلا للمادة 84 من قانون الانتخاب، وأكّد وزير الداخلية نهاد المشنوق انه تمّ الاتفاق على اقراره بموجب القانون الجديد في الشراكة مع القطاع الخاص، ولا يتصل ببطاقة الهوية فحسب، مشددا على انه ستتم العودة لتحديد المواعيد دون الحاجة إلى مجلس الوزراء لتعديل بطاقة للهوية البيومترية، على ان تستخدم هذه البطاقة في انتخابات العام 2022.
وفي موضوع تسجيل المواليد السوريين على الأراضي اللبنانية الذين تجاوزوا السنة من العمر، أفادت المصادر الوزارية ان مجلس الوزراء أقرّ الآلية القانونية الذي عرضها الوزير المشنوق، مثلما ان الوزير باسيل طرحها منذ أربع سنوات وتقضي بتسجيل الولادات في سجل الأجانب لدى المديرية العامة للأحوال الشخصية في وزارة الداخلية والتي تبلغ وزارة الخارجية التي بدورها تكمل الآلية التسجيل وفق الأصول الدبلوماسية والقنصلية من خلال تسليم لوائح اسمية للجانب السوري عبر القنوات الدبلوماسية أي السفارة السورية.
وعلم ان هذا الأمر كان موضع الاجتماع الذي اثار لغطاً بين الوزير باسيل ووزير الخارجية السوري وليد المعلم.
والأمر نفسه سرى علىعرض وزارة الاشغال والنقل للمخطط التوجيهي لتطوير وتوسعة مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري والمباشرة بتنفيذ المرحلة الملحة منه بكلفة تقديرية تبلغ 200 مليون دولار، فأقر هذا المبلغ مبدئياً، لكن تقرر إحالة المشروع على لجنة وزارية برئاسة الرئيس الحريري وعضوية الوزراء: غسّان حاصباني، علي حسن خليل، يوسف فنيانوس ويعقوب الصرّاف لدرس المخطط التوجيهي والاسراع بتنفيذه.
ووصفت مصادر وزارية الجلسة بأنها كانت هادئة، وان المدة الطويلة التي استغرقتها (قرابة 4 ساعات) كان مردها إلى بنود جدول الأعمال الفضفاضة التي تجاوزت الـ93 بنداً، وإلى تقديم كل وزير مداخلة أو ملاحظة حول، ولا سيما في الشق السياسي والمتصل بالتهديدات الإسرائيلية، وجاءت كل هذه المداخلات في الإطار الوفاقي، وان الوزراء قدموا وجهات نظرهم حيال عدد من المواضيع، إنما كانت الرؤى موحدة في مواجهة التهديدات وواجب لبنان في الدفاع عن سيادته.
وعلم ان وزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصوه سأل إلى متى ستبقى السيادة اللبنانية مستباحة من قبل الطائرات الإسرائيلية لضرب سوريا؟ مؤكدا ان ذلك يُشكّل خرقاً لوثيقة الوفاق الوطني، وسأل أين الموقف الرسمي من ذلك؟ كما سأل عن الموقف تجاه اللبنانيين الذين يدرجون على لوائح الإرهاب؟
وكان الرئيس عون قد استهل الجلسة بالتأكيد على ان ما حصل اخيرا في البلاد حالة استثنائية تمت معالجتها، وان الجميع مدعو إلى ضرورة تفعيل مؤسساتنا الوطنية والارتكاز في عملنا على مرجعي الدستور والقوانين، موضحا بأن لبنان يقوم بالاتصالات مع المراجع الدولية لمواجهة الأطماع الإسرائيلية في بره وبحره، مذكرا بما أكّد عليه المجلس الأعلى للدفاع لجهة مواجهة أي اعتداء بحزم وتصميم على الدفاع عن السيادة الكرامة الوطنية.
ومن جهته، شدّد الرئيس الحريري على انه مهما كانت خلافاتنا السياسية، الا ان كل القوى تقف موحدة في مواجهة التحديات الإسرائيلية، ولفت إلى ان ثمة تجاوباً مع طلب لبنان للوصول إلى حلول إيجابية لمسألتي بناء إسرائيل الجدار الاسمنتي على الحدود الجنوبية وادعائها بملكية الرقعة رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة، ودعا الوزراء إلى التجاوب مع طلب الرئيس عون لتخفيض العجز في الموازنة بنسبة 20 في المائة، حتى يصار إلى البدء بدرس مشروع موازنة 2018.
تحرك ساترفيلد
وفي هذا السياق، علم ان تحرك مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى السفير ديفيد ساترفيلد، يأتي في إطار الوساطة بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي في ما خص الرقعة رقم 9 في المياه الاقتصادية الخالصة، وانه حمل معه سلسلة مقترحات بهذا الخصوص بقيت طي الكتمان حفاظاً على مهمة ساترفيلد.
وكان مسؤول لبناني أبلغ وكالة «رويترز» أمس ان مبعوثاً اميركياً يتوسط بين لبنان والكيان الإسرائيلي، مضيفاً بأن المبعوث الأميركي أكّد للبنان بعد محادثات بشأن الجدار الحدودي ان الاحتلال الإسرائيلي لا يريد التصعيد.
وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان الرئيس عون أبلغ المسؤول الأميركي الذي زاره في بعبدا أمس، موقف لبنان الرافض للتهديدات الاسرائيلية، وحقه في سيادته على أرضه ومياهه، وفهم ان ما تمّ بحثه يُمكن البناء عليه للوصول إلى نتائج إيجابية.
وكانت لافتة للانتباه في هذا السياق الجولة الميدانية التي قام بها ساترفيلد لمعاينة الأوضاع عن كثب على طول الخط الأزرق برفقة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والقائد العام لليونيفل الجنرال مايكل بيري والمحادثات التي أجراها أيضاً مع قائد الجيش العماد جوزف عون، حول موضوع الجدار الإسرائيلي مقابل رأس الناقورة وعند الخط البحري للمنطقة المتنازع عليها.
وزار ساترفيلد بعد الظهر ضريح الرئيس الشهيد رفيق الحريري في وسط بيروت برفقة السفيرة اليزابيت ريتشارد، ووضع اكليلاً من الزهر على الضريح، مع كلمة في سجل الشرف عبّر فيها عن «الاحترام العميق الذي تكنه الولايات المتحدة للرئيس الشهيد والذي كانت حياته ومماته في خدمة لبنان».
ويفترض ان يكون الحفل الرسمي الذي سيقام بعد ظهر اليوم لتوقيع اتفاقيتي الغاز والنفط في «البيال» إشارة واضحة إلى الموقف اللبناني الرسمي الموحّد لجهة الاطماع الاسرائيلية بالمياه الإقليمية اللبنانية، وإيصال رسالة الى المجتمع الدولي بتمسك لبنان بحقه في ثروته النفطية.
وستشهد صالة «بافيون رويال» في «البيال» حضوراً لافتاً لعدد كبير من الشخصيات اللبنانية يتقدمها الرؤساء عون وبري والحريري وعدد كبير من النواب والوزراء وفاعليات، إلى جانب وزير الطاقة سيزار أبي خليل الذي ستكون له الكلمة الرئيسة، وسيتم عرض شريط مصور خاص بالمناسبة اعدته لجنة إدارة قطاع البترول، فضلاً عن حضور ممثلي تحالف الشركات الثلاث: «توتال» الفرنسية «نوفاتيك» الروسية و«ايني» الإيطالية.