Site icon IMLebanon

الحريري في السعودية: إعادة الدفء للعلاقات التاريخية

الموفد الملكي يغادر بعد لقاءات رؤساء جمهورية وحكومة.. ورياشي يتوقع تفاهماً بين المستقبل و«القوات»
في خطوة من شأنها ان تعيد ترتيب الوقائع السياسية والانتخابية، قبل أسبوع فقط من اقفال باب الترشيح للانتخابات النيابية في 6 أيّار 2018، توجه الرئيس سعد الحريري يرافقه وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق إلى الرياض، بالتزامن مع مغادرة الوفد السعودي، تلبية لدعوة نقلها الموفد الملكي المستشار نزار العلولا للقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الامير محمّد بن سلمان الذي يستقبله غداً الخميس.. الأمر الذي يعني تأجيل جلسة مجلس الوزراء..
وتستمر زيارة الرئيس الحريري اليوم وغداً، على ان تشهد عودته حسماً للملف الانتخابي ذي الصلة بالمستقبل وتحالفاته، فضلاً عن مناقشة إعادة الدفء إلى العلاقات الثابتة والتاريخية بين لبنان والمملكة العربية السعودية.
الموفد السعودي
وكان الموفد السعودي أمضى طوال نهار أمس في جولة واسعة من اللقاءات مع عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين، شملت الرئيس نبيه برّي في عين التينة، والرئيسين ميشال سليمان وأمين الجميل في حضور نجله رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ورؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي وتمام سلام وفؤاد السنيورة، كما التقى في مقر السفارة السعودية كلاً من الوزير السابق اللواء اشرف ريفي ورئيس حزب الوطنيين الأحرار النائب دوري شمعون والنائب السابق الدكتور فارس سعيد.
وفيما لم يدل الموفد السعودي بتصريحات خلال هذه اللقاءات باستثناء التأكيد على ان المملكة «تعمل كل شيء لصالح لبنان»، فإن كل القيادات السياسية التي التقاها حرصت على التأكيد بأن الزيارة هدفت إلى ترميم العلاقات بين المملكة ولبنان، وتأكيد دعم المملكة للبنان كدولة وشرعية، خصوصاً في ظل الاستحقاقات الكبيرة التي يواجهها، سواء على مستوى استحقاق الانتخابات النيابية أو على المستوي الاقتصادي والانمائي أو المالي، أو المؤتمرات المقبلة، حيث تمّ التشديد على أهمية المشاركة العربية وتحديداً السعودية منها بفاعلية.
اما أوساط الرئيس برّي فقد وصفت أجواء اللقاء مع الموفد السعودي بانها كانت «ايجابية وودية»، وان الحديث تركز على العلاقات التي تربط لبنان بالمملكة والتي هي علاقة مودة وتعاون، خصوصاً وان السعودية تعتبر لبنان بلداً مميزاً بالنسبة لها.
وأكدت هذه الأوساط لـ«اللواء» ان الحديث لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد إلى موضوع الانتخابات النيابية، مشيرة إلى ان الدبلوماسي السعودي أكّد لرئيس المجلس بأنه سيعود ثانية إلى بيروت وسيلتقيه مجدداً، وهو وصف الرئيس برّي لدى انصرافه من عين التينة، بأنه «قامة وطنية تبعث الأمل والتفاؤل في لبنان».
«المستقبل» و«القوات»
وإذا كانت زيارة الرئيس الحريري إلى الرياض تعتبر مفصلية خصوصاً في الموضوع الانتخابي، بحسب ما نقل عن مصدر وزاري محسوب على تيّار «المستقبل»، وان ما بعدها لن يكون كما كان قبلها، خاصة وانها تأتي الأولى منذ الأزمة السياسية التي نتجت عن تقديمه استقالته بشكل مفاجئ قبل نحو من أربعة أشهر، فقد استرعى الانتباه اللقاء الذي جمع الرئيس الحريري مساء أمس بالوزير القواتي ملحم الرياشي في «بيت الوسط» موفداً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في حضور الوزير الدكتور غطاس خوري المكلف من قبل الحريري بملف العلاقات بين تيّار «المستقبل» و«القوات».
ولاحظ مصدر متابع، ان لقاء الحريري – الرياشي، صحيح انه لم يكن الأوّل، وقد يكون الثالث أو الرابع منذ ان فتح ملف هذه العلاقات، لكن أهميته تأتي عشية زيارة الرئيس الحريري إلى السعودية، خاصة وان المملكة تبدو مهتمة بشد عصب الفريق السيادي، أي فريق 14 آذار في الاستحقاق الانتخابي المقبل، وان كان عضو في الوفد السعودي اعتبر السؤال الذي وجه إليه بهذا الخصوص بأنه «مفخخ»، مؤكداً ان ما يهم المملكة هو مصلحة لبنان كما كان دائماً، ومع ذلك فإن كثيراً من المراقبين استوقفتهم الحفاوة والترحيب التي رافقت زيارة الموفد السعودي مساء أمس إلى معراب، حيث تناول العشاء إلى مائدة جعجع دون غيره من القيادات اللبنانية.
ومهما كان من أمر، فإن الوزير الرياشي حرص على إشاعة أجواء إيجابية عن محصلة لقائه بالرئيس الحريري، لكنه استدرك بأن العلاقة مع السعودية مفصولة عن العلاقة مع المستقبل.
وأوضح في مقابلة مع قناة «الميادين» بأن اللقاء كان محاولة للتوصل إلى أكبر عدد ممكن من الاتفاقات الانتخابية، وإلى اتفاق سياسي يسقط على الدوائر الانتخابية بين «القوات» و«المستقبل» وانهما تمكنا في هذا الاجتماع من تذليل بعض العقبات، مشيراً إلى ان الموضوع لا يحتاج إلى وقت كبير، فمن اليوم إلى 3 أو 4 آذار المقبل نكون قد انتهينا سلباً أو إيجاباً من هذا الموضوع، كاشفاً بأنه سيكون هناك بيان مشترك مع تيّار المستقبل لا ورقة نوايا أو مذكرة تفاهم على غرار التفاهم بين القوات والتيار الوطني الحر، جازماً بأن المصالحة المسيحية مقدسة ولا عودة إلى الوراء، مشيرا إلى انه مع تيّار المستقبل سيكون هناك اتفاق استراتيجي تجري دراسته لمواجهة حالة حزب الله غير الشرعية في لبنان، لافتا إلى ان 14 آذار بالمعنى التقليدي انتهت لكنها مستمرة بمعنى الخط السيادي حيث يُشكّل الرئيس الحريري والدكتور جعجع العمود الفقري له، والاتفاق بينهما يجب ان يكون طبيعياً.
وتوقع ان يعلن التفاهم في حال حصل يوم الأحد في الرابع من آذار قبل إغلاق الترشيحات.
مرشحو «القوات»
تجدر الإشارة إلى ان حزب «القوات» قدم أمس طلبات مرشحيه إلى المديرية العامة للشؤون السياسية في وزارة الداخلية وهم إلى الوزير بيار بوعاصي عن المقعد الماروني في قضاء بعبدا، عمّاد واكيم (بيروت الاولى) النائب جورج عدوان (قضاء الشوف)، أدي أبي اللمع (المتن الشمالي)، فادي سعد (البترون)، النائب ستريدا طوق جعجع (بشري) جوزف اسحاق (بشري) انطوان حبشي (بعلبك- الهرمل) ايلي لحود (زحلة) شوقي الدكاش (كسروان) وهبة قاطيشا (عكار).
وبرز من بين المرشحين الذين قدموا ترشيحاتهم أمس وبلغ عددهم 54 مرشحا، مما رفع بورصة الترشيحات الـ215 مرشحا، الوزيران بيار رفول عن المقعد الماروني في زغرتا، وحسين الحاج حسن عن المقعد الشيعي في بعلبك الهرمل، كما قدم طلب ترشيحه الوزير السابق اللواء اشرف ريفي عن المقعد السني في طرابلس والنائب جيلبرت زوين عن المقعد الماروني في كسروان، والنائب نواف الموسوي عن قضاء صور، ومرشحا حزب الله إبراهيم الموسوي عن المقعد الشيعي في بعلبك الهرمل، وأمين شري عن المقعد الشيعي في بيروت الثانية، ومرشح حركة «امل» محمّد نصر الله عن البقاع الغربي، بالإضافة إلى النواب السابقين: سليم سعادة (الكورة)، انطوان حداد (المتن)، منصور غانم البون (كسروان) وخليل الهراوي (زحلة).
الحريري
وإذا كان الرياشي قد حدّد الأحد المقبل موعدا لاعلان التفاهم بين «القوات» والمستقبل، فإن هذا اليوم ايضا قد يكون مناسبا للرئيس الحريري لاعلان لوائح المستقبل وأسماء مرشحيه، خاصة وانه يأتي قبل يومين من اقفال باب الترشيحات رسميا.
وأكّد الرئيس الحريري، خلال تلبيته مساء أمس الأوّل دعوة سمير الطبش إلى لقاء في دارته في بشامون، ضم مجموعة من الشخصيات وممثلي العائلات البيروتية، ان الانتخابات المقبلة هي بمثابة استفتاء لاستكمال مشروع الرئيس الشهيد رفيق الحريري للنهوض بالبلد وتنمية الاقتصاد وتحسين مستوى عيش المواطن، داعيا أبناء العاصمة للاقتراع بكثافة لتوفير مقومات استمرار هذا المشروع الذي يصب في مصلحة البلد ككل، ووعد بالاهتمام بتنفيذ مشاريع البنى التحتية ومستلزمات الخدمات الضرورية للمناطق المحرومة ولا سيما في عرمون وبشامون.
ولفت إلى ان لديه خطة سيحملها إلى مؤتمر «سيدر» في باريس، والذي يعتقد ان الأمور ستكون إيجابية لأن كل الدول الأجنبية متحمسة للمشاريع التي نحملها، وكذلك متحمسة للمشاريع التي نحملها لمؤتمر روما لدعم الجيش والقوى الأمنية.
وتسربت أمس لائحة «المستقبل» لخوض معركة بيروت الثانية وقوامها:
– عن السنّة: الرئيس الحريري، الرئيس تمام سلام، الوزير المشنوق، رلى الطبش، ربيع حسونة وحسان قباني (ولم يحسم وضع ترشيحه نهائياً بعد).
– عن الشيعة: غازي يوسف وماهر بيضون.
– عن الدروز: فيصل الصايغ.
– عن الاقليات: باسم الشاب.
– عن الارثوذكس: نزيه نجم.
لجنة الموازنة
وعلى صعيد آخر، تعود اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع قانون موازنة العام 2019 للاجتماع في السراي الحكومي، في اجتماع هو الخامس لاستكمال البحث في تخفيض موازنات الوزارات، بعد أن تمت في اجتماع أمس مناقشة موازنات رئاسة الجمهورية ومجلس النواب والوزراء.
وتوقع نائب رئيس الحكومة وزير الصحة العامة غسان حاصباني الا تنتهي اللجنة الوزارية من دراسة مشروع موزانة العام 2018 هذا الاسبوع كما كان مقررا، بسبب الغوص في تفاصيل الارقام ودراسة كل بند واحداً تلو الاخر وكل قطاع بقطاعه، لتقرير التخفيضات الممكنة – لا المطلوبة – مشيرا الى ان اللجنة باشرت في اجتماعها أمس درس الارقام في كل ادارة ووزارة، لكنه أوضح لـ«اللواء» ان الارقام التي عرضها وزير المال علي حسن خليل ليست نهائية بل هي مبدئية اولية ستكون حكما عرضة للتغيير في ضوء المناقشات الجارية. ويمكن ان ننتهي من النقاش الاسبوع المقبل.
ووصف مناقشات اللجنة بأنها جيدة اجمالا لكنها لم تلامس بعد الاماكن الحساسة والاساسية التي يفترض مقاربتها، وقال ان التخفيضات التي يتم بحثها تتناول بعض النفقات التشغيلية والمصاريف الجارية ولاحقا سنصل الى الهبات والمساعدات للجمعيات، (لا يطال التخفيض الرواتب والاجور وخدمة الدين العام)، لكن كل هذه التخفيضات لا تتجاوز اربعة في المائة بينما المطلوب عشرين في المائة وهذا لا يتحقق إلا بمناقشة النفقات الكبيرة ما يستدعي حلولا جذرية لاصلاح كل القطاعات المكلفة ومنها الاتصالات والكهرباء، التي يجب الانتهاء خلال اشهر قليلة من بت دفتر الشروط لانشاء المعامل الارضية واستثمار القطاع الخاص فيها الى جانب الاستثمار في قطاع الاتصالات.
وذكرت مصادر المعلومات ان اللجنة الوزارية ستبحث خفض الانفاق في ابواب الهبات والدعم للجمعيات الاهلية، بعدما زاد العجز الى نسبة 60 في المائة من قيمة الموازنة نتيجة تكلفة الكهرباء وسلسلة الرتب والرواتب ومؤسسة الاسكان وسواها.
وعبر عدد من الوزراء عن رفضهم العلني لبواخر الكهرباء ومنهم وللمرة الاولى وزير حزب الله محمد فنيش الى جانب وزراء «امل والمردة والقوات اللبنانية». ولذلك تقرر احالة ملف البواخر الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار.
وستجتمع اللجنة اليوم وغدا الخميس في السرايا الحكومية برغم سفر الرئيس الحريري الى السعودية تلبية لدعوة رسمية.