افتراق ماروني – شيعي في الانتخابات.. وتوتُّر كهربائي يؤجّج التباعد
السنيورة يبتعد عن المستقبل إنتخابياً.. وملف عيتاني – الحاج أمام مجلس الوزراء غداً
عند الساعة 12 ليلاً تقفل بورصة الترشيحات للانتخابات النيابية، بعدما كانت أقفلت أمس على 706 مرشحين، لتفتح الباب على مصراعيه على الماراتون الطويل، الغريب العجيب، لتشكيل مجلس نواب جديد، يخلف المجلس الحالي، الذي عاش ما يقرب من عشر سنوات.
وإذا كان عزوف الرئيس فؤاد السنيورة شكلَّ حدثاً، توقفت عنده الأوساط السياسية والنيابية، بصرف النظر عن تأكيده الجازم بأنه باقٍ إلى جانب الرئيس سعد الحريري، وهو ينتمي سياسياً ووطنياً لمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وتيار المستقبل، فإن تسارع الاتصالات التي شهدها بيت الوسط، والاجتماعات ذات الصلة باعداد اللوائح، دلّت على قرب ولادة اللوائح والتحالفات، سواء بين تيّار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي و«القوات اللبنانية»، بما في ذلك التيار الوطني الحر، في ضوء خلط أوراق، أبرزها، تأكيد مرشّح حزب الله في دائرة جبيل – كسروان الشيخ حسين زعيتر، ان لا تحالف انتخابيا مع التيار الوطني الحر في هذه الدائرة، وهو ما كانت اشارت إليه «اللواء» في عددها أمس.
وفي ما خصّ التحالف بين المستقبل والتقدمي الاشتراكي، فقد غرد النائب وليد جنبلاط بعد مغادرته بيت الوسط «وتبقى العلاقة مع الشيخ سعد الحريري وتيار المستقبل بجمال وصلابة وعراقة هذا البيت اللبناني الاصيل».
ولاحقا غرد تيمور جنبلاط على حسابه الخاص عبر «تويتر»: «معك شيخ سعد للعمل على إخراج لبنان من محنته الاقتصادية ومعك للعبور إلى لبنان أكثر استقرارا داخليا وخارجيا».
اتصال الحريري – عون
إلى ذلك، أوضحت مصادر سياسية مطلعة، لـ «اللواء» ان الاتصال الهاتفي الذي اجراه الرئيس الحريري بالرئيس ميشال عون، أمس، تناول زيارة الحريري إلى المملكة العربية السعودية ومحادثاته مع المسؤولين السعوديين، كما تناول البحث جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد غدا الأربعاء في قصر بعبدا بدلا من الخميس، لارتباط الحريري بنشاط مسبق، ربما يكون مرتبطا بعمل اللجنة الوزارية للانتهاء من درس مشروع موازنة العام 2018، أو ربما لاعلان لوائح تيّار «المستقبل» الذي قال ليل أمس، انه «بات قريبا».
وفيما لم يلحظ جدول أعمال الجلسة الذي وزّع أمس على الوزراء أي تعيينات جديدة، فإن المصادر نفسها أوضحت ان التعيينات تتم في اغلب الأحيان من خارج الجدول.
وخلا الجدول الذي تضمن 62 بنداً أكثر من نصفه تقريبا عبارة عن هبات وسفر (39 بنداً) من أية مواضيع مهمة، أو ذات علاقة بأزمة الكهرباء، التي فجرت، أمس، سجالا عنيفا بين وزير المال علي حسن خليل من جهة والوزيرين جبران باسيل وسيزار أبي خليل، ليس بعيدا عن القنبلة التي فجرها باسيل بحق الرئيس نبيه برّي قبل شهر عندما وصفه «بالبلطجي» من دون ان يعتذر حتى الساعة.
وغرد وزير الطاقة سيزار أبي خليل عبر تويتر قائلاً: «ما أبلغ علي حسن خليل عندما يزور الحقائق ويحاضر بالعفة..»، مرفقا تغريدته بمستند يثبت صحة إجراءات التلزيم في ملف الكهرباء.
هذه التغريدة، حظيت برضى باسيل الذي أعاد نشرها عبر «تويتر».
وكان وزير المال حسن خليل، ردّ على موقف وزير الخارجية جبران باسيل حول تعطيل وزير المال لمشروع دير عمار والحؤول دون وجود الكهرباء 24/24، وقال: «افتخر بتعطيل هذا المشروع لأن فيه محاولة سرقة وهدر وفساد».
مضيفاً: مهمتي حماية أموال الدولة والناس، وخصوصا ان ديوان المحاسبة بهيئته العامة أكّد عدم جواز دفع الخمسين مليون دولار.
ومن بين بنود الجدول: طلب وزارة الداخلية والبلديات تمديد مهلة إعفاء حركة الاتصالات كاملة للأجهزة الأمنية والعسكرية ابتداء من 1/3/2018، وطلب وزارة الخارجية والمغتربين منح اللبنانيين غير المقيمين على الأراضي اللبنانية الحق بالاقتراع في مراكز انتخابية في السفارات والقنصليات غير تلك الواقعة ضمن نطاق اقامتهم.
ويتضمن الجدول أيضاً بندا يتعلق بالاستراتيجية الوطنية لمنع التطرف العنيف (البند 9) وطلب وزارة العدل إنشاء لجنة وزارية مشتركة لاعداد خطة وطنية لمناهضة التعذيب والوقاية منه، وانفاذ التوصيات الصادرة عن لجنة مناهضة التعذيب في الأمم المتحدة، إلى جانب بنود أخرى تتعلق بشؤون تربوية، من بينها طلب الموافقة على قبول 207 طلاب في كلية التربية في الجامعة اللبنانية للتعيين بوظيفة أستاذ تعليم ثانوي في ملاك وزارة التربية والتعليم العالي وتأمين الاعتمادات المالية اللازمة.
ملف عيتاني – الحاج
وبحسب المعلومات الوزارية، فإن البند المتعلق بطلب تمديد «داتا» الاتصالات للأجهزة الأمنية والعسكرية، يُمكن ان يفتح بابا أو يكون مادة للنقاش في مجلس الوزراء، حول الملابسات التي تحيط بفضيحة استمرار توقيف المسرحي زياد عيتاني بتهمة التعامل مع إسرائيل، بعدما تبين لشعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، ان الملف مفبرك بتحريض من المقدم سوزان الحاج التي أوقفت ايضا رهن التحقيق مع شخص يدعى أ.غ قام بقرصنة المعلومات في كومبيوتر عيتاني.
وفي هذا السياق، علم ان الرئيس عون استدعى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان للاستماع منه إلى المعطيات المرتبطة بقضية الحاج – عيتاني، بعدما كان استدعى السبت المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا للغاية نفسها.
وأكدت المصادر المطلعة ان الرئيس عون أعطى توجيهاته في اللواءين، لافتا نظرهما إلى ان القضاء يبت بالقضية وفق المعلومات التي يستحصل عليها، وأشارت إلى انه طلب ان يأخذ القضاء مجراه لمعرفة الحقيقة، لا سيما وان الأمر مرتبط بجهازين امنيين، ولكل منهما معطيات مختلفة.
وفيما لم يبت قاضي التحقيق العسكري، رياض أبو غيدا أمس، بطلب اخلاء سبيل عيتاني، مثلما كان متوقعا، ذكرت معلومات ان لدى شعبة المعلومات ما يكفي من أدلة ثابتة لادانة المقدم الحاج، في حين قالت مصادر أمن الدولة انه يملك افادة من 21 صفحة مع تسجيلات بالصوت والصورة لاعترافات عيتاني، مشيرة إلى ان هذه التناقضات بروايات جهازين رسميين يفترض ان تحسم من خلال المواجهة التي سيجريها القاضي أبو غيدا بين المقدم الحاج وأ.غ الذي اعترف امام شعبة المعلومات ان ما قام به كان بطلب من الحاج.
تزامناً، لفت الانتباه الكتاب الذي وجهه وزير العدل سليم جريصاتي إلى رئيس هيئة التفتيش القضائي، طلب فيه لفت نظر القضاة إلى ضرورة التزام موجب التحفظ، أي إلتزام الصمت في الملفات التي هي قيد نظرهم، وعدم الإدلاء بأي تصريح إلى وسائل الإعلام من دون موافقة مسبقة من وزير العدل.
وفهم ان هذا الكتاب ان المقصود منه إحالة المدعي العام التمييزي القاضي سمير حمود، ومفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي هاني الحجار إلى التفتيش القضائي، في إشارة واضحة بقصد تخويف هذين القاضيين من القيام بعملهما في ملف الحاج – عيتاني، رغم ان التحقيقات لدى شعبة المعلومات ما زالت مستمرة وهي لن تتوقف حتى تبيان كل الحقائق.
عزوف السنيورة
في هذا الوقت، بقي الشأن الانتخابي في صدارة الاهتمامات السياسية، عشية اقفال باب الترشيحات منتصف ليل اليوم، خاصة، بعدما أقفلت بورصة الترشيحات في وزارة الداخلية في اليوم ما قبل الأخير على 706 مرشحين.
وتركزت الحركة الانتخابية، أمس، على محوري بيت الوسط، والمجلس النيابي، حيث أعلن الرئيس فؤاد السنيورة عزوفه المدوي عن خوض الانتخابات النيابية عن دائرة صيدا – جزّين، وعن أية دائرة أخرى، بعد أكثر من ربع قرن على دخوله العمل السياسي، من دون ان يعني ذلك الانفصال عن تيّار المستقبل بحسب ما أكّد في البيان الذي تلاه في المجلس محاطاً بأعضاء كتلة «المستقبل» النيابية مشددا على انه سيبقى إلى جانب الرئيس الحريري حفاظاً على نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وعزا الرئيس السنيورة أسباب عزوفه بأن قناعاته لا تتقف مع المبادئ والمتطلبات والأسس التي قام عليها قانون الانتخاب الحالي، والذي بنظره يتعارض مع الدستور في طريقة تشكيل وتقسيم الدوائر الانتخابية، الذي يجعله الأقرب إلى ما سمي خطأ «القانون الأرثوذكسي». وكذلك بسبب طريقة الانتخاب التي تعتمد على الصوت التفضيلي، وأيضا بسبب اللوائح المقفلة التي تحرم المواطن حرية الاختيار، بما يسيء إلى ديمقراطية الانتخابات، ويهدد الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وبكونه أيضا يقسم البلاد إلى وحدات طائفية، بما يزيد من حدة الصراع بين المرشحين بداخل اللوائح الواحدة، ويؤدي إلى فوز الأكثر تطرفا في دوائرها، كما ان قناعاته لا تتفق مع الخطوات المطلوب القيام بها ومنها بعض التحالفات المرحلية، للفوز في الانتخابات المقبلة.
وختم، انه لكل هذه الأسباب فإني رأيت من الأفضل لي ولتجربتي السياسية والوطنية أن أبقى خارج المنافسة النيابية المقبلة وأن أتفرغ لعملي العام والوطني خدمة للبنان الوطن ككل ولمدينتي صيدا، ولذلك فإني أعلن عزوفي عن الترشح».
جنبلاط في «بيت الوسط»
اما في بيت الوسط، فقد كان لافتا للانتباه اللقاءات التي أجراها الرئيس الحريري مع عدد من نواب الكتلة الحاليين، وعرض معهم الأسباب التي أملت عليه طلبه إليهم بعدم الترشح سواء في بيروت أو في غير دائرة انتخابية، بداعي التغيير للاستعانة بطاقات شبابية، ثم زاره مساء رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط يرافقه نجله تيمور والنواب: غازي العريضي، اكرم شهيب ووائل أبو فاعور، في حضور وزير الثقافة الدكتور غطاس خوري، قبل ان يلتقي بعد ذلك وزير الإعلام ملحم رياشي موفدا من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وتم التفاهم على درس الدوائر التي يُمكن التحالف فيها، كدائرة زحلة والبقاع الغربي وغيرها من الدوائر.
وفي ما يتعلق بلوائح المستقبل، فإن التحضيرات مستمرة، على ان تعلن في مهرجان يقام في البيال الأحد.
ولم يدل جنبلاط بعد اللقاء بأي تصريح، لكنه غرد لاحقا عبر «تويتر» مرفقا بصورة لبيت لبناني قديم، مؤكدا على ان العلاقة مع الرئيس الحريري وتيار المستقبل تبقى بجمال وصلابة وعراقة هذا البيت اللبناني الاصيل»، فيما وصف الرئيس الحريري اللقاء مع جنبلاط بالممتاز جدا، مؤكدا بأن التحالف مع وليد بيك دائم، وانه سائر في هذا التحالف حتى النهاية في كل الدوائر». في حين ان التحالف سواء مع القوات اللبنانية أو مع التيار الوطني الحر سيكون نتيجة القانون الانتخابي، وليس نتيجة العلاقة مع التيار، أو مع «القوات» أو مع حركة «امل» أو «المردة» أو أي فريق سياسي.
وشرح الرئيس الحريري ذلك، بأن القانون قائم بطريقة ان هناك حاصلاً انتخابيا لا بدّ من تأمينه، أي بمعنى آخر ان التحالف سيكون بحسب المنفعة الأساسية لكل تيّار سياسي في أي منطقة، لافتا إلى ان هناك أماكن سنكون فيها مع «التيار الحر» واماكن أخرى مع «القوات» واماكن سنكون فيها نحن الثلاثة معاً، لكنه ختم بأن هذه الأمور ما زالت قيد الدرس، الا ان إعلان لوائح تيّار «المستقبل» بات قريبا.
وقبل زيارته للحريري في بيت الوسط، ردّ جنبلاط على سؤال لـ «اللواء» عن مسار التحالفات التي يقوم به، بالقول: «حتى الآن لا شيء، نحن متفقون مع الشيخ سعد على أن يكون مرشحنا فيصل الصايغ هو المرشح الدرزي على لائحة بيروت الثانية، عدا ذلك لم نتوصل بعد إلى أي صيغة تحالف نهائية في الدوائر الأخرى.
وحول ما تردّد عن التحالف بين الحزب التقدمي الإشتراكي و«التيار الوطني الحر» في دائرة الشوف عاليه قال: لا مع التيار ولا مع غيره حتى الآن».
وتابع ضاحكاً: «حتى الآن كلنا طايرين وما حدا غط على الأرض».
وأوضح انه يفضل عدم ربط الدوائر ببعضها، وان نعمل قلم دائرة بدائرة، وحيث يمكن التحالف نتحالف، وحيث لا يمكن نمشي ولو وحدنا إذا اضطررنا، فنحن لدينا حاصل انتخابي عالٍ في الشوف وعاليه وبعبدا، لكننا نحتاج للآخرين كما يحتاجون إلينا وما زلنا ندرس الموضوع.
706 مرشحين
تجدر الإشارة إلى انه تقدّم 229 مرشحاً بطلبات ترشيحهم في يوم واحد أمس، ما رفع بورصة الترشيحات إلى 706 مرشين قبل يوم من اقفال طلبات الترشيح.
وأبرز الذين تقدموا بطلباتهم الوزراء، رئيس «التيار الوطني الحر»، جبران باسيل، عن المقعد الماروني في البترون، جمال الجراح، عن المقعد السني في دائر البقاع الغربي، غطاس خوري، عن المقعد الماروني في الشوف، كما تقدّم 10 نواب بطلبات ترشيحاتهم، وهم أميل رحمة عن المقعد الماروني في بعلبك – الهرمل، سامر سعادة، عن المقعد الماروني في البترون نديم الجميل، عن المقعد الماروني في دائرة بيروت الأولى، زياد القادري عن المقعد السني في البقاع الغربي، أمين وهبي، عن المقعد الشيعي في البقاع الغربي، كاظم الخير عن المقعد السني في دائرة الضنية، قاسم عبد العزيز عن المقعد السني في المنية، عاصم عراجي عن المقعد السني في زحلة، سمير الجسر عن المقعد السني في طرابلس، محمد الحجار عن المقعد السني في الشوف، اغوب بقرادونيان عن مقعد الأرمن الكاثوليك في المتن الشمالي، رياض رحال عن مقعد روم الارثوذكسي في عكار وخضر حبيب عن المقعد العلوي في عكار.
كما تقدّم الرئيس حسين الحسيني عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك – الهرمل ومعه النائب السابق يحيى شمص، بالإضافة إلى عدد آخر من أبناء نواب حاليين وسابقين.
وتأكيداً على ما نشرته «اللواء» أمس، فقد أعلن مسؤول منطقة جبل لبنان والشمال في حزب الله والمرشح عن دائرة جبيل وكسروان الشيخ حسين زعيتر ان لا تحالف انتخابي بين حزب الله والتيار الوطني الحر في دائرة جبيل وكسروان، مشيراً إلى اقتراب موعد إعلان لائحة تضمه وشخصيات سياسية وطنية في جبيل و كسروان.