حوار عين التينة-4: دعم الجيش في مواجهة الإرهاب ..وخطّة البقاع
«داعش» تهدّد تحرير «ولاية لبنان» .. وعون وحزب الله يعزيان بالملك عبد الله
إذا صح البيان الذي نسب إلى تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) من ان «وزارة الحرب في التنظيم تعتبر ان الأوضاع في لبنان أصبحت جاهزة لتحرير ولاية لبنان ممّا وصفته «بالاستعباد الصفوي» في إشارة إلى حزب الله، فإن مرحلة جديدة من المواجهات العسكرية أصبحت حدثاً يومياً، على امتداد الحدود اللبنانية – السورية، منذ ليل الجمعة – السبت الماضيين، استمراراً إلى يوم أمس، حيث تستمر عمليات التمشيط وإطلاق النار ونصب الكمائن، من جرود عرسال إلى الجرود المتاخمة لرأس بعلبك وبريتال.
ومن المؤكد ان هذه التطورات العسكرية حضرت على طاولة الجلسة الرابعة من الحوار الدائر منذ نهاية السنة الماضية، في عين التينة، بين الفريقين من تيّار «المستقبل» و«حزب الله» على المستوى نفسه، وبرعاية مباشرة من رئيس المجلس ممثلاً بوزير المال علي حسن خليل.
وكشفت مصادر مطلعة على أجواء الحوارات، ان التطورات في جرود عرسال ورأس بعلبك حضرت من جانبين:
الاول: يتعلق بالتأكيد على دعم الجيش والقوى الأمنية في مواجهة الإرهاب وحماية لبنان من أية محاولات لاختراقه.
والثاني: يتعلق باختيار الوقت المناسب، أو ساعة الصفر لوضع الخطة الأمنية للبقاع الشمالي موضع التنفيذ.
وأشارت المصادر إلى انه لم يجر التطرق للوضع المستجد بين حزب الله وإسرائيل بعد اعتداء القنيطرة قبل أكثر من أسبوع، مشيرة إلى ان هذا الموضوع، وإن كان على اتصال بالاستقرار الداخلي، الا انه ليس بنداً على جدول الأعمال.
وتناول الطرفان جدوى جلسات الحوار لجهة مساهمتها المباشرة في تنفيس أجواء الاحتقان، في ضوء التطورات الأمنية المتسارعة، سواء المتعلقة بملاحقة المجموعات المتطرفة والارهابية، أو الاعتداءات الإسرائيلية أو المواجهات الجارية في جبهة الجرود الشرقية مع تنظيمي «داعش» و«النصرة».
وعلى الرغم من البيان المقتضب الذي صدر كالعادة بعد الاجتماع، فإن الجلسة الرابعة التي استغرقت ما يزيد عن ثلاث ساعات، من السادسة ولغاية التاسعة والنصف مساءً، قاربت التطورات الجارية بمسؤولية من زاوية ان الوضع الداخلي لا يحتمل أية ارتجاجات تؤثر على الاستقرار العام، من دون التوقف عند المواقف التي صدرت في اليومين الماضيين، باعتبارها تدخل ضمن دائرة الخلاف السياسي، ولا تأثير لها على الأهداف المعلنة من الحوار.
ولم تشأ المصادر نفي أو تأكيد ان البحث تطرق إلى ضرورة عدم إقحام لبنان في صراعات كبيرة في هذه المرحلة، وفق ما سبقت الإشارة إليه، وكذلك المواقف من اعتداء القنيطرة، على الرغم من ارتياح الحزب لبيان مجلس الوزراء الأخير.
علماً ان معلومات كانت ذكرت بأن وزير الداخلية نهاد المشنوق، الذي كان ضمن عداد وفد «المستقبل» نقل إلى ممثلي الحزب في الحوار، مضمون الرسالة التي كان السفير الأميركي في بيروت ديفيد هيل قد أبلغها إليه قبل يومين، ومفادها ان اسرائيل سترد رداً قاسياً وموجعاً، في حال نفذ حزب الله تهديده باستهداف المصالح الاسرئيلية، وأن هذا التحذير هو الذي حمل السفارة الأميركية إلى دعوة رعاياها إلى تجنّب السفر إلى لبنان بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن.
تجدر الإشارة هنا، إلى أن وزير العدل اللواء اشرف ريفي، ردّ، أمس، على كلام نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم والذي استعاد فيه معادلة الجيش والشعب والمقاومة، مشيراً إلى أن «محاولة الحزب إعادة احياء هذه المعادلة التي اسقطها البيان الوزاري لحكومة المصلحة الوطنية، هي محاولة للتذاكي، والاختباء وراء المؤسسات العسكرية والامنية وتدفيعها ثمن سياسة المغامرات والتبعية للنفوذ الإيراني التي أدّت الى توريط لبنان في الاحداث السورية ولا تزال.
وتوجه ريفي إلى الحزب قائلاً: «يكفي تذاكياً، وهروبا إلى الامام، فالوطن يعيش محنة تتطلب الدعم الكامل للجيش والمؤسسات الأمنية كي تقوم بمهامها في حماية لبنان، اما السلاح غير الشرعي الذي تضعونه في خدمة الأجندة الإقليمية لإيران فهو مرفوض، وهو السبب الأساسي لإضعاف الدولة، وسنواجهه بسلاح الموقف».
اما البيان الختامي للجلسة الرابعة، فقد اكتفى بالقول «ان المجتمعين ثمنوا التطور الايجابي للحوار، وما نتج عنه من اثر لدى الرأي العام، واتفقوا على بعض الخطوات العملية التي تعزز مناخ الاستقرار. وأكّد المجتمعون على الموقف الثابت بدعم الجيش والقوى الأمنية بكل الوسائل في مواجهة الارهاب وحماية لبنان».
ولم يشر البيان إلى طبيعة الخطوات العملية التي تقرر القيام بها لتعزيز مناخ الاستقرار، لكن معلومات لفتت إلى أن المجتمعين استكملوا النقاش في البند الأوّل المتعلق بتنفيس الاحتقان المذهبي على المستويات السياسية والإعلامية، ومناطق الاحتكاك بين الطرفين، وخاضوا في تفاصيل العقبات ومحاولات تأجيج الاحتقان، على ايقاع التطورات العسكرية الاخيرة، ومنها اعتداء القنيطرة واعتداء رأس بعلبك.
تعازي اليوم الثالث
في هذه الأثناء، بقيت أصداء التعزية اللبنانية برحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز تتردّد في الأندية السياسية لجهة ما سمعه المسؤولون اللبنانيون والقيادات السياسية من القيادة السعودية الجديدة لجهة تأكيد الحرص على الاستمرار في نهج الملك الراحل مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في ما خصّ استقرار لبنان، وإبعاده عن الصراعات الإقليمية ودعمه في وجه أية مغامرة إسرائيلية ضد سلامة أراضيه، وحاجة اللبنانيين الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد شغور في الرئاسة الأولى ناهز الـ 247 يوماً.
وأعربت شخصيات سياسية عن تقديرها للمتابعة الدقيقة والإلمام بالوضع اللبناني عند الملك سلمان، وكان تأكيد على دعم الجيش اللبناني في وجه الهجمات الإرهابية التي يتعرض لها.
وفي سياق توافق الشخصيات اللبنانية إلى الرياض لتقديم واجب العزاء، زار ر ئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» النائب ميشال عون الرياض وقدم التعازي لعائلة الملك الراحل في منزله إلى أولاده.
وعلى هامش التعزية التقى عون بالرئيس سعد الحريري، من دون أن يعقد لقاء خاص بين الرجلين، كما لم يتناول عون طعام العشاء إلى مائدة رئيس تيار «المستقبل».
يذكر أن التعازي انتهت رسمياً في الديوان الملكي في قصر اليمامة أمس، في حين اختتمت في بيروت كذلك التعازي التي تقبلها سفير المملكة العربية السعودية علي عواض عسيري في مسجد محمد الأمين، والتي كانت بدأت يوم السبت الماضي.
وتميّز اليوم الأخير بمجيء وفد نيابي من «حزب الله» قدّم التعازي إلى السفير عسيري باسم قيادة «حزب الله» بالملك الراحل.
ووجه السفير عسيري، في ختام التعازي، الشكر إلى اللبنانيين، على عاطفتهم ومحبتهم تجاه المملكة وقيادتها، وقال ان حضور كل اللبنانيين للتعزية يعكس مدى محبتهم للملك عبد الله، ومدى تقديرهم وتهانيهم للملك سلمان الذي لم يكن بعيداً عن صنع القرار في المملكة وعن الملف اللبناني، وأن علاقاته مميزة بكثير من القوى السياسية والفكرية والدينية والاجتماعية في لبنان.
وختم: «فخر لنا ان نرى ترجمة هذه المحبة بالافعال وليس بالاقوال، وبالحضور الذي شاهدناه على مدى ثلاثة أيام، ولم يتوقف دقيقة واحدة، شكراً جزيلاً لكل اللبنانيين».
«غزوة» رأس بعلبك
على أن اللافت في بيان القسم الإعلامي في ولاية دمشق لتنظيم الدولة الإسلامية، كان اعتراف التنظيم بأن المواجهات التي جرت في رأس بعلبك يوم الجمعة الماضي، بين الجيش اللبناني ومجموعات كبيرة من المسلحين للسيطرة على «تلة الحمرا» كانت «بداية الغزوة الشاملة التي ستحرر لبنان وتعيده إلى أحضان دولة الإسلام في العراق والشام».
ودعا البيان، جميع من وصفهم «بالمجاهدين الذين يرغبون في الحصول على شرف الشهادة» إلى أن يبادروا إلى المساهمة في «غزوة تحرير ولاية لبنان، والانضمام إلى «مجاهدي» التنظيم».
في هذه الاثناء، واصل الجيش اللبناني ملاحقة الارهابيين، فقصفت مدفعيته أمس جرود عرسال ووادي رافق لاشتباهه بتحركات للمسلحين، وأوقف فجراً في حارة حريك السوري محمّد إبراهيم يوسف للاشتباه بانتمائه إلى احد التنظيمات الارهابية ومشاركته في اعمال ارهابية على الحدود اللبنانية – السورية.
وأعلنت قيادة الجيش كذلك أن قوة من مخابرات الجيش دهمت غرفة في منطقة زغرتا – كرم التين وأوقفت شخصين سوريين، وضبطت داخل الغرفة عبوة معدة للتفجير بالإضافة إلى أربع قذائف هاون وصاروخ من عيار 83 ملم وثلاث رمانات يدوية، إضافة الى كمية من الذخائر المختلفة.
كما دهمت قوة أخرى في محلة كفرزبد في البقاع الغربي مخيم اللاجين السوريين وأوقفت 22 سورياً لمحاولتهم الفرار من امام القوة وعدم حيازتهم اوراقاً ثبوتية.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر أمنية استبعدت خروج المطلوب شادي المولوي من مخيم عين الحلوة خلال الأيام الماضية، معتبرة أن أي معلومة عن خروجه ربما هي لاخفائه، كما اعتمد نفس الاسلوب مع المطلوب الشيخ أحمد الأسير.
كذلك استبعدت المصادر وصول المولوي إلى عرسال لأنها مطوقة بحواجز الجيش ويستحيل المرور عندها من دون تفتيش.
إلى ذلك، ذكرت معلومات أن مخابرات الجيش ضبطت في مجدل زون صاروخاً غير معد للاطلاق موجهاً نحو فلسطين المحتلة.