احتمالات الضربة أمام مجلس الوزراء.. والأولوية لـ100 صفحة كهرباء
إجراءات إحترازية روسية في لبنان… وبرودة إنتخابية على وقع الخلاف حول «النأي بالنفس»
اكفهر جو المنطقة في ضوء تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي غرد مخاطباً روسيا الاتحادية: «الصواريخ قادمة، فاستعدي يا روسيا»، لكن الرئيس فلاديمير بوتين دعا في اتصالات مع الولايات المتحدة وإسرائيل وإيران ودول أخرى في المنطقة لأن يسود المنطق السليم، متخوفاً مما وصفه «بالفوضى الدولية».
ولئن كان الرئيس سعد الحريري اعتبر ان الموقف يقضي «بالنأي بالنفس» عمّا يجري، وانتقاد الرئيس نبيه برّي الموقف، معتبراً ان أي حرب ستكون مدمرة، فإن تحديات لا يمكن التقليل من شأنها تواجه جلسة مجلس الوزراء الذي يعقد قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، أبرزها ملف الكهرباء، من زاوية إضافة ملحق وزّع على الوزراء، ولا يقل عن مائة صفحة بعنوان: «خطة لإنقاذ القطاع واعتماد البواخر»، إضافة إلى موضوع الاشراف على انتخاب المغتربين، بدءاً من 27 نيسان المقبل، على ان يلي ذلك مؤتمر صحافي للرئيس برّي، إذ اعتبر ان النسبية الفضلى التي تؤمن الشراكة الحقيقية بتحوّل لبنان إلى دائرة انتخابية واحدة، مشيراً إلى ان القانون في صيغته الراهنة خطير جداً على لبنان، كل ذلك وسط برودة انتخابية ملحوظة.
كما سيتطرق المجلس إلى الإجراء الاحتياطي الذي اتخذه وزير الاشغال يوسف فنيانوس بتعديل خطوط مسار طيران الشرق الأوسط حتى منتصف ليل غد، انسجاماً مع تحذير الوكالة الأوروبية للسلامة الجوية التي دعت شركات الطيران إلى توخي الحذر في شرق المتوسط لاحتمال ضربات جوية في سوريا.
وعلى وقع نقاشات الجلسة، التي يتوقع ألا تخلو من مشاحنات أو مناكفات، يعتصم أساتذة الجامعة اللبنانية، مدعومين من مجلس الجامعة ووسط معارضة من التيار الوطني الحر، وذلك بدعوة من الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين للمطالبة بإعطائهم 3 درجات اسوة بالقضاة، واتخاذ قرار صريح بعدم التعرّض لصندوق تعاضد الأساتذة أو المس بتقديماته..
كما تنفذ رابطة التعليم الثانوي، اضراباً رفضاً لتحميل الدولة ست درجات يتعين ان تعطى لأساتذة التعليم الخاص، اسوة بزملائهم في القطاع العام، وللمطالبة بإقرار اقتراح قانون يعطي ما تبقى من درجات لانصاف أساتذة التعليم الثانوي.
إعلامياً، لم يعرف القرار الذي سيتخذه مجلس الوزراء في ما يتعلق بادراج مشروع قانون بتعديل مواد في قانون المطبوعات تتعلق بنقابة المحررين، من دون أخذ رأي النقابة، وماذا سيكون موقف وزير الإعلام ملحم رياشي في الجلسة إزاء هذا الموضوع.
إلى ما تقدّم، يتوقع ان يثير الرئيس سعد الحريري، في اللقاء الذي يسبق الجلسة مع الرئيس ميشال عون مسودة قانون العفو العام والذي قطعت وعود حول اقراره لانصاف الموقوفين الإسلاميين، والملاحقين بمذكرات توقيف من أهالي البقاع.
تساؤلات مشروعة
وفي حين انشغل الداخل اللبناني بنتائج ومشاريع مؤتمر باريس الاقتصادي، وبالحملات الانتخابية للقوى السياسية واللوائح المستقلة، بحيث كانت تبحث كل لائحة من اللوائح الانتخابية عن سبل رفع الحاصل الانتخابي والصوت التفضيلي، مطمئنة الى تحييد لبنان عن طبول الحرب التي تقرع في المنطقة بعدالمواقف الاميركية والبريطانية والفرنسية والاسرائيلية الداعية الى توجيه ضربات عسكرية قوية للجيش السوري وحلفائه بحجة استخدام السلاح الكيميائي في بلدة دوما بالغوطة الشرقية القريبة من دمشق، بقيت التساؤلات المشروعة تتسارع حول احتمالات توسع الضربة العسكرية نحو حرب إقليمية في حال دخل حلفاء دمشق بمن فيهم «حزب الله» في هذه الحرب، وانعكاساتها على لبنان الذي يستعد لانتخابات نيابية، يمكن ان تحدد مساره السياسي في السنوات المقبلة.
في تقدير مصادر مراقبة، ان هذه الأسئلة التي بدأت تطرح في نطاق ضيق قد تأخذ مساحة من النقاش السياسي والدستوري الواسع في الساعات المقبلة، خصوصاً إذا ما تأكد القلق اللبناني المشروع وزادت من احتمالات المخاطر.
ووفقاً لكثير من الآراء، فإن الاهتمام اللبناني سيصير منصباً على تطورات هذه الحرب التي لا يمكن التكهن بمداها واتساعها، مما يعني حتماً تأجيل انتخابات 6 أيّار، من دون ان يعرف ما إذا كان هذا التأجيل لايام ضمن المساحة المحددة لعمر المجلس الحالي الذي تنتهي ولايته في 20 أيّار، في حال بقيت الأمور تجري بشكل عادي، لكن الأمر قد يحتاج إلى قانون يمدّد الولاية إذا كان التأجيل محتوماً لما بعد نهاية عمر المجلس لاشهر أو سنة أو أكثر، وهنا سيكون قانون الانتخاب الجديد معرضاً للخطر، خصوصاً وان الكثير من القيادات باتت تشعر انها متضررة منه.
وبطبيعة الحال، فإن هذه التساؤلات قد تبدو متسرعة، أو ربما من باب التكهنات المبكرة، لا سيما بعد الموقف الروسي الذي جاء على لسان السفير في بيروت الكسندر زاسبكين الذي طمأن «اللواء» بأن لبنان لن يتأثر كثيراً من حالة التصعيد السياسي والإعلامي والدبلوماسي بين الأميركيين والروس، وقوله أيضاً «ان الأميركيين ولا سيما العسكريين منهم سيحسبون جيدا نتائج اي مغامرة عسكرية ومواجهة مباشرة مع الجيش الروسي في المتوسط قبل الاقدام على اي عمل عسكري، لكن يبدو ان المواجهة المحكي عنها قدتتحول الى ضربات موضعية في سوريا لبعض الاهداف العسكرية المنتقاة من اجل حفظ ماء الوجه للرئيس ترامب ورئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذين هددوا بالرد على ما اسموه استعمال الغازات السامة ضد المدنيين في الغوطة.
وتحدثت معلومات عن اجراءات احترازية بالنسبة للرعايا الروس، لجهة دعوتهم لعدم التجول في البقاع، واقتصار تحركاتهم في بيروت.
تعديل الرحلات الجوية
في المقابل، زاد من حدة القلق، ما اعلنته شركة طيران الشرق الأوسط، بالتنسيق مع وزارة الأشغال العامة والنقل، في بيان، عن «تعديل مساراتها الجوية بحيث ينتج منها تعديل في مواعيد إقلاع بعض رحلاتها، حتى مساء ليل الجمعة في 13 نيسان ٢٠١٨، حيث تتم إعادة تقييم الأوضاع القائمة ويتم اتخاذ القرارات المناسبة في شأنها، وذلك كإجراء احترازي بحت، نتيجة تطور الأوضاع بين الولايات المتحدة الأميركية وسوريا».
ومع ان وزير الاشغال العامة يوسف فنيانوس، لفت إلى ان هذا الاجراء احترازي، وانه لا يستوجب لا الهلع ولا الخوف، فإنه أوضح ان تعديل خطوط مسار الطيران حتى منتصف ليل الجمعة، يأتي حفاظاً على حركة الملاحة الجوية، احتمالاً لتعرض أجهزة الملاحة اللاسلكية للتشويش على فترات متقطعة.
ولفت بيان الوزير فنيانوس إلى «الوكالة الأوروبية للسلامة الجوية» دعت شركات الطيران إلى أن توخي الحذر في شرق المتوسط لاحتمال شن ضربات جوية في سوريا خلال الـ72 ساعة، وهناك احتمال لتعرض أجهزة الملاحة اللاسلكية للتشويش على فترات متقطعة. وشمل بيان الوكالة المنطقة التي تغطي المجال الجوي القبرصي والمياه المحيطة بها.
وبحسب مواعيد الرحلات التي أعلنتها شركة «الميدل ايست» بقيت دون تغيير، لكن زمن الرحلات الجوية قد يزيد إلى مدد متفاوتة، اطولها رحلة بيروت- الرياض التي قد تزيد عن 50 دقيقة، وكذلك رحلة بيروت- الدوحة التي ستزيد عن ساعة وخمس دقائق، ورحلة ابوظبي ستزيد عن 35 دقيقة، ورحلة بغداد تزيد عن 40 دقيقة ورحلة اربيل تزيد عن 55 دقيقة, ورحلة عمان تزيد عن 20 دقيقة، فيما بقيت الرحلة إلى القاهرة دون تعديل، وكذلك الرحلات إلى أوروبا التي قد تزيد إلى عشر دقائق، نظرا لتعديل مسار هذه الرحلات.
الحريري وبري والنأي بالنفس
إلى ذلك، بدا واضحا ان موضوع المؤتمر الصحفي الذي عقده الرئيس الحريري في السراي الكبير، لشرح نتائج مؤتمر «سيدر»، والرد على منتقدي التمويل الخارجي، لم يشغل اهتمام الصحافيين، ولا سيما الاجاب منهم الذين استنفرو لمعرفة الموقف اللبناني الرسمي من احتمال حدوث مواجهة اميركية- روسية واسعة في سوريا، من شأنها ان تنعكس سلباً على لبنان، فتطيح بنتائج مؤتمر «سيدر» نفسه والانتخابات النيابية، وهو ما اوضحه الرئيس الحريري من خلال تأكيده وتمسكه بسياسة النأي بالنفس، معتبرا «ان وظيفته الأساسية كرئيس لحكومة لبنان هي حماية البلد من تداعيات أي أمر قد يحصل في المنطقة» متسائلاً: «كيف سأحمي لبنان ان لم اتحدث مع المجتمع الدولي؟ وكيف احمي لبنان ان لم اقم بمنطقة عازلة في السياسة أو الأمن أو الاقتصاد؟ في إشارة إلى ان وجوده في فرنسا ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان هو لتعزيز الاستقرار «الذي نحن بحاجة إليه في لبنان، ولا سيما بعد ما حصل في الأشهر الماضية»، وايضا «من أجل حماية واستقرار لبنان». مؤكدا انه ضد استخدام الكيميائي بحق المواطنين والشعوب.
لكن موقف الرئيس الحريري من النأي بالنفس، لم يحظ بقبول من الرئيس نبيه برّي الذي رأى مساء ان النأي بالنفس لا يعني القبول بضرب سوريا، مشيرا إلى أن أي استخدم للمجال الجوي اللبناني هو انتهاك صارخ للسيادة اللبنانية، معتبرا ان دعاة النأي بالنفس في هذه الحالة يساهمون في العدوان على سوريا.
وشدّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في تغريده له على «تويتر» على ضرورة ان تشمل سياسة النأي بالنفس كل الفرقاء اللبنانيين، ورفض استخدام لبنان بأي طريقة في أي محور، متوقعا ان تكون التطورات القادمة على المنطقة غير مسبوقة.
وكان برّي حذّر صباحاً من الانعكاسات الخطيرة التي قد تنجم من أي عمل عسكري يستهدف سوريا، مبديا خشيته من ان يكون اول ضحاياه استقرار المنطقة ووحدتها، ناهيك عن ما سيترتب عنها من سفك للدماء والتدمير والتهجير للشعب السوري الشقيق».
بواخر الكهرباء
وعلى الرغم من هذا الجو المتشنج، وبينما الاساطيل الغربية تجول في الشرق الأوسط والبحر المتوسط، بقي لبنان الرسمي مشغولاً باساطيل بواخر الكهرباء حسبما قال احد الوزراء ل «اللواء»،حيث واصلت الحكومة عملها كأن شيئا لم يكن، وهي ستعقد اليوم جلسة في القصر الجمهوري، اضيف الى جدول اعمالها ملحق كبير من مائة صفحة رفعه وزير الطاقة سيزار ابي خليل تضمن الخطة المتكاملة للوزارة لمعالجة ازمة الكهرباء، ومن ضمنها استخدام البواخر لاستجرار الطاقة مؤقتا لحين انشاء معامل الانتاج في البر. وهو الامر الذي سيضع مجلس الوزراء مجددا امام معضلة معالجة المشكلة لا سيما مع اصرار الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري على اعتماد حل البواخر مؤقتا ورفض عدد من مكونات الحكومة لهذا الخيار قبل عرض دفاتر شروط مناقصات البواخر على ادارة المناقصات.
وكشف الوزير مروان حمادة لـ«اللواء» انه سيقدم اليوم الى الحكومة خطة متكاملة لمعالجة ازمة الكهرباء تقوم في عنوانها العريض على انشاء معامل للانتاج بالشراكة مع القطاع الخاص، تطبيقا لقانون الشراكة الذي اقره مجلس النواب، وقال:لماذا ندفع الاموال لشركات البواخر، من الأفضل ان ندفعها لشركات لبنانية تقوم هي بتعمير معامل انتاج كهرباء على البر.
ولم تجزم مصادر وزارية المسار الذي ستسلكه الجلسة اليوم، وقالت ان نقاشا سيحصل حول تقرير وزير الطاقة، مشيرة إلى انها لا تستطيع ان تتوقع شيئاً بانتظار ما سيكون عليه المشهد داخل مجلس الوزراء اليو، خصوصا وان وزراء القوات اللبنانية ومعهم الوزيران ميشال فرعون وفنيانوس سيعترضون على بند استئجار البواخر، في حين اتهم الوزير أبي خليل هؤلاء الوزراء بأنهم لا يملكون شيئاً لقوله للبنانيين ولم يحققوا شيئاً في وزاراتهم، ولا شغل لهم سوى التصويب على وزارة الطاقة، واعتبر انه فيما هو يسعى للانتهاء من المشكلة يسعون هم لابقائها معلقة من دون حل كي لا نتقدم وننجز في قطاع الكهرباء.
عون في القمة
وعلى صعيد آخر، أوضحت مصادر مطلعة لـ «اللواء» ان الرئيس ميشال عون يدرس النواحي القانونية والدستورية المتصلة بالمادة 50 الواردة في قانون موازنة 2018 والمتعلقة بمنح إقامة دائمة للمستثمر في لبنان بما يفوق الـ300 ألف دولار، مع العلم انه لا يستطيع الطعن بمادة واحدة في قانون الموازنة لأن التصويت على القانون تمّ بمادة وحيدة، وان الطعن امام المجلس الدستوري يكمن في حالة واحدة وهي ان يتقدّم عشرة نواب بالطلب لإلغاء المادة، وهو أمر غير ممكن مع قرب انتهاء ولاية المجلس.
وأفادت مصادر وزارية أن هذه المادة لا تثير القلق الا إذا تمّ استخدام التحايل على القانون.
وعكف الرئيس عون أمس على الاعداد للخطاب الذي سيلقيه في خلال مشاركته في القمة العربية في المملكة العربية السعودية التي تعقد يوم الأحد المقبل، وبقي ايضا يراقب التطورات المتصلة بالأزمة في سوريا.
وتوقعت مصادر بعبدا ان يعقد الرئيس عون في الدمام سلسلة لقاءات مع القادة العرب المشاركين في القمة، لكن من دون الإفصاح عن هؤلاء باعتبار انها غير نهائية.
وأشارت المصادر لـ «اللواء» إلى ان جدول أعمال القمة المؤلف من 18 بندا يتضمن نقطة تتصل بالتضامن مع الجمهورية اللبنانية، وهي نقطة من ضمن نقاط تتصل بالقضية الفلسطينية والصراع مع إسرائيل ومبادرة السلام العربية والانتهاكات الإسرائيلية ومرتفعات الجولان.
وكشفت أن الاجتماعات التمهيدية التي عقدت في اليومين الماضيين أفضت إلى توافق على معظم المواضيع باستثناء ما له علاقة بسوريا والتهديدات الإيرانية. وأفادت أن التطور الإيجابي في العلاقات اللبنانية – السعودية سيرخي بثقله على المشاركة اللبنانية ويعطي زخما في دعم المملكة للبنان.
ويتوقع ان يصل الرؤساء العرب بما فيهم الرئيس عون إلى القمة يوم السبت المقبل، على أن تنطلق أعمالها ظهر الأحد في مكتبة الملك عبد العزيز الثقافية العالمية في منطقة الدمام، وصمّم مركز انعقاد القمة بشكل يتناغم مع رؤية المملكة 2030 في هندسة عمرانية مميزة.
ولفتت المصادر نفسها إلى أن القمة تشهد انعقاد الجلسة الافتتاحية بمشاركة رؤساء الوفود العربية والضيوف، ويلي ذلك مأدبة غداء على أن تستأنف بعدها الجلسة ثم تعقد جلسة ختامية مقفلة، ثم يتم إقرار البيان الختامي، الذي سيطلق عليه «اعلان الظهران».
وعُلم أن الرئيس عون لن يلبي الدعوة لحضور مناورة لدول التحالف في اليوم التالي لانعقاد القمة بسبب سفره إلى قطر حيث يحضر حفل تدشين افتتاح المكتبة الوطنية.