IMLebanon

عودة إلى «توازن الردع»: إسرائيل وحزب الله يستبعدان الثالثة

عودة إلى «توازن الردع»: إسرائيل وحزب الله يستبعدان الثالثة

نتنياهو يهدّد لبنان وسوريا وإيران بـ «دفع الثمن» .. ومجلس الأمن لإلتزام القرار 1701

ردّ «حزب الله» في مزارع شبعا المحتلة، على اعتداء القنيطرة، فقتل قائد سرية في لواء غفعاتي الرائد يوحاي كلينغر والعريف نيني من شيتوليم، باعتراف الجيش الإسرائيلي الذي قال في بيان له بعد العملية، وفي مضي بضع ساعات، ان صاروخاً مضاداً للدبابات من نوع «كورنيت» الروسية الصنع، أدى إلى مقتل الجنديين وإصابة سبعة آخرين بجروح.

والصاروخ لم يكن وحيداً، بل كان من مجموعة ستة صواريخ استهدفت القافلة العسكرية الإسرائيلية بعد زرع عبوات ناسفة في بركة النقار.

ومنذ ان أعلن حزب الله في البيان الذي حمل الرقم 1 عن تبنيه للعملية، حيث أشار إلى «استهداف الموكب العسكري الاسرائيلي المؤلف من عدد من الآليات، وفيه ضباط وجنود صهاينة، مما أدى إلى تدمير بعضها ووقوع اصابات عدّة في صفوف العدو»، حتى تغير الموقف في لبنان وإسرائيل والدول المجاورة، ونشطت الاتصالات لضبط الوضع، ومنع انهياره إلى حرب شاملة، وفق تكهنات متعددة المقاربات وحسابات الربح والخسارة في مرحلة بالغة الحساسية في الشرق الأوسط.

وحزب الله الذي تبادل القصف الحدودي المدفعي مع الجيش الإسرائيلي في نطاق مزارع شبعا في منطقة العرقوب، يتصرف وكأنه ردّ على اعتداء القنيطرة، لكنه يقيم الحساب لأي تطوّر على الأرض سواء عبر غارات من «بنك الاهداف» التي توعدت بها إسرائيل أو عبر قصف في المناطق الجنوبية واتخذ الإجراءات لمثل هذا الاحتمال.

الا ان الهدوء الذي ساد المناطق المحاذية للخط الأزرق، وعدم حصول أي نزوح للاهالي، سواء من المناطق الحدودية أو من المدن الكبرى في الجنوب، وأكثر من ذلك تثبيت «حزب الله» موعد مهرجان الجمعة الذي سيتحدث فيه أمينه العام السيّد حسن نصر الله، كلها مؤشرات على ان الحزب لا يعيش أجواء التصعيد.

اما الجيش الإسرائيلي الذي وصف عملية مزارع شبعا بأنها «خطيرة»، نسبت إليه القناة العاشرة الإسرائيلية انه «لا يريد الانجرار إلى حرب لبنان الثالثة».

وشكلت دعوة مجلس الأمن لعقد جلسة بدأت عند الحادية عشرة من ليل أمس، من قبل الجامعة العربية وفرنسا، إشارة إلى توجه باحتواء دبلوماسي دولي للوضع المستجد على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية وصولاً إلى الجولان السوري.

وعلى الرغم من ان «قوات اليونيفل» فقدت جندياً من الكتيبة الاسبانية بالقصف الإسرائيلي، فهي حافظت على مواقعها على الأرض، وسيرت الدوريات وتولت اجراء الاتصالات كالعادة لمنع التصعيد، في مؤشر إضافي إلى ان اللحظة ليست مؤاتية لانفجار خطير، على أن ما حصل وصف بأنه «أخطر تدهور حدودي منذ العام 2006، عندما أعلن في 14 آب وقف العمليات الحربية، بموجب القرار 1701».

ولخصت قناة «المنار» الموقف بكلمات قليلة في مقدمة نشرتها الإخبارية المسائية، حيث جاء فيها: «احرق الإسرائيلي بنار اوقدها في القنيطرة السورية(…) والمقاومة قالت كلمتها ورسمت الحدود»، متسائلة «ألم يحن للعدو أن يتعلم من حماقاته منذ العام 1982؟ انه لبنان أيها الأغبياء، انها المقاومة(…) وإن عدتم عدنا».

وعلى المستوى الرسمي الإسرائيلي، توعد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو «حزب الله» بدفع الثمن، فيما طالب وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بالرد بطريقة قاسية غير متناسبة. لكن المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي قال: «قمنا بالرد وقصفنا كفرشوبا والمجيدية وحلتا والعرقوب بـ50 قذيفة»، مضيفاً «ان الجيش الإسرائيلي يواصل الرد لحماية اسرائيل».

الموقف اللبناني

 لبنانياً، استأثر الوضع المستجد بالاهتمام والتعليقات السياسية والرسمية، أبرزها موقف الرئيس تمام سلام الذي تخوّف من أن يكون التصعيد الإسرائيلي بعد عملية مزارع شبعا المحتلة، يفتح الباب امام احتمالات خطيرة تضر بالاستقرار في المنطقة.

وحدد الموقف اللبناني بالنقاط التالية:

1 – يُؤكّد لبنان تمسكه بقرار مجلس الأمن 1701 بكل مندرجاته.

2 – يحرص على قوات «اليونيفل»، ويعتبر سقوط أحد أفراد الكتيبة الاسبانية خسارة له.

3 – يطالب لبنان الأسرة الدولية بمنع إسرائيل من المقامرة بأمن المنطقة واستقرارها.

4 – يقف لبنان موحداً لدعم القوى المسلحة الشرعية في الدفاع عن الأرض.

وشدّد الرئيس سلام في بيانه الذي دان فيه التصعيد الإسرائيلي على التضامن الداخلي والوحدة الوطنية.

وعلمت «اللواء» من مصدر وزاري أن الاتصالات التي جرت بين الرئيسين نبيه برّي والرئيس سلام ووزير الدفاع وقيادة الجيش تركزت على الإجراءات الواجب اتخاذها للحفاظ على الأمن والاستقرار حفاظاً على الخط الأزرق.

وفي المعلومات أيضاً أن «حزب الله» أبلغ من يعنيهم الأمر، أن هذه حدود رده على اعتداء القنيطرة، وانه ملتزم بالتهدئة على طول الحدود الجنوبية.

ووفقاً للمصدر الوزاري فان مجلس الوزراء الذي يجتمع اليوم سيعبر عن موقفه من التصعيد الإسرائيلي انطلاقاً من النقاط التي حددها الرئيس سلام، معتبراً أن التمسك بالقرار 1701 سيحظى بإجماع جميع الوزراء.

وفي هذا السياق، اعرب وزير الإعلام رمزي جريج لـ «اللواء» أن ما عبّر عنه الرئيس سلام في بيانه في أعقاب العملية هو الذي سيُصار إلى اعتماده داخل مجلس الوزراء، لافتاً إلى أن اي رأي في الحكومة لا يعبّر الا عن رأي صاحبه.

وأكّد أن بيان سلام ليس بحاجة إلى توضيح، وانه أجرى الاتصالات اللازمة مع المعنيين، معلناً أن الوزراء سيقفون موقفاً واحداً في مجلس الوزراء اليوم.

وقال: يجب أن نكون حذرين لأن إسرائيل عودتنا على ردّات فعل غير متوقعة واعتداءات، معلناً أهمية التمسك بالقرارات الدولية.

ولم تخرج المواقف الدولية عن منحى التهدئة، فطالبت الخارجية الأميركية «جميع الأطراف باحترام الخط الأزرق بين اسرائيل ولبنان»، مشيرة إلى أن الحادث خطير لكنه لا يستدعي حرباً.

وقالت المتحدثة باسم الخارجية جين بساكي «ندعم حق اسرائيل المشروع في الدفاع عن النفس، وواشنطن تراقب الوضع عن كثب»، من دون أن تنسى إدانة قصف «حزب الله» للموكب الإسرائيلي.

وطالبت فرنسا مجلس الأمن بالانعقاد لبحث الوضع المتوتر عند الحدود اللبنانية -الاسرائيلية، مثلما كان دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي الذي دان الغارات الاسرائيلية والقصف المدفعي على مواقع عسكرية للجيش السوري، داعياً لوقف التدهور بعد عملية شبعا.

الموقف الاسرائيلي

 واستبقت اسرائيل انعقاد مجلس الأمن برسالة لمندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة رون بروسور الذي قال إن اسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي، وستمارس حقها في الدفاع عن النفس، وستتخذ كل الاجراءات الضرورية لحماية شعبها، مطالباً مجلس الأمن بإدانة حزب الله والحكومة اللبنانية بالوفاء بالتزاماتها.

يذكر أن مكتب نتنياهو اتهم إيران بالمسؤولية عمَّا وصفه «بالهجوم الإرهابي»، في حين الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم اعتبرت أن السكوت عن الاعتداءات الارهابية الصهيونية سيساعد على تفاقمها ومضي الكيان الاسرائيلي في عدوانه، مشيرة إلى أن بلادها ستسعى الى التوصل الى اتفاق نهائي وشامل حول ملفها النووي السلمي ولكن ليس على حساب حقوق الشعب الإيراني.

وقال نتنياهو في بداية مداولات أمنية في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مساءً، إن من يقف وراء الهجوم الذي وقع سيدفع ثمناً كاملاً.

وشارك في المداولات الأمنية وزير الأمن، موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش، بيني غانتس، ورئيس الشاباك، يورام كوهين، ومندوبون عن أجهزة أمنية.

وأضاف نتنياهو أنه منذ فترة طويلة تحاول إيران بواسطة حزب الله فتح جبهة ارهابية أخري ضدنا من مرتفعات الجولان، ونحن نعمل بحزم ومسؤولية ضد هذه المحاولة، وحكومة لبنان ونظام الأسد شركاء في المسؤولية عن عواقب الهجمات الخارجة من أراضيها ضد دولة اسرائيل.

وأردف أنه في جميع هذه الأحداث، مهمتنا هي الدفاع عن دولة اسرائيل، والاعتبار الوحيد الماثل أمامنا هو أمن دولة اسرائيل ومواطنيها، هكذا عملنا وهكذا سنواصل العمل.

وأعلن الجيش الاسرائيلي أن اثنين من جنوده قتلا وسبعة آخرين أصيبوا في عملية شبعا.

  وتبنى «حزب الله» المسؤولية عن تنفيذها وأنها تأتي في إطار الرد على الغارة الاسرائيلية في القنيطرة والتي أسفرت عن مقتل ستة مقاتلين من حزب الله وجنرال إيراني، مطلع الأسبوع الماضي.

وذكرت تقارير إسرائيلية نقلاً عن مصادر عسكرية قولها إن مقاتلي حزب الله استهدفوا سيارتين للجيش الاسرائيلي، غير محصنتين، بست قذائف مضادة للمدرعات وأن ثلاثاً منها أصابت السيارتين.

لكن المعلومات ذكرت أن الموكب الاسرائيلي كان يتألف من 9 مركبات عسكرية.

ردود فعل

 ومهما يكن من أمر، فان عملية المقاومة في شبعا، كانت موضع مواقف صدرت أمس من فريق 14 اذار، ولا سيما كتلة «المستقبل» التي اعتبرت أن أمن لبنان وسلامة اللبنانيين يجب ان تكون في مقدمة اهتمامات جميع الأطراف اللبنانية، وانه يجب الحفاظ على هذا الأمن وتلك السلامة من خلال الالتزام قولاً وعملاً بالابتعاد الكامل عن أي تورط يحمل معه خطراً على لبنان، وبالتالي الالتزام الكامل باحترام القرار 1701. وطلبت الكتلة من الحكومة اللبنانية اجراء الاتصالات اللازمة من أجل الدعوة إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع المتفجر على الحدود اللبنانية، بما في ذلك دعوة المجلس الى ضبط النفس منعاً لزيادة حدة التدهور.

ونفى مصدر نيابي في الكتلة، لـ «اللواء» أن تكون الكتلة ناقشت في اجتماعها أمس أي تأثير للعملية على الحوار الحاصل مع حزب الله، لكنه أكّد أن المستقبل ما زال مستمراً في الحوار.

وفيما شدّد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على ان ما جرى أمس على الحدود سيرتب تبعات خطيرة جداً على الشعب اللبناني بأكمله، متسائلاً: كيف يسمح حزب الله لنفسه باتخاذ قرارات أمنية وعسكرية لا يوافق عليها اللبنانيون، لفت النائب وليد جنبلاط الى انه «من الواضح ان عملية المقاومة ذكرت إسرائيل بان اللعب بالنار مكلف، لكن هذا لا يمنع باتخاذ الاحتياطات الضرورية لمواجهة اي عدوان».

وأضاف بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» «وفي هذه المناسبة فقد جرت العملية في الأرض السورية في انتظار ترسيم الحدود، وهذا ضرب من الذكاء في غاية الاهمية، لكن ومن أجل تفادي اي احتمال طارئ، يجب كما قلت سابقاً تحصين الوضع الأمني والنقدي من أجل الصمود في مرحلة من التحديات طويلة جداً».