IMLebanon

غسيل الإنتخابات على حبال الديمقراطية اللبنانية!

غسيل الإنتخابات على حبال الديمقراطية اللبنانية!
هيئة الإشراف: شاهد ما شافش حاجة.. وبرّي يتخوّف على الوحدة الوطنية .. ونصر الله عاتب على حليفه العوني 
اعتاد اللبنانيون على تسمية نظامهم «بالنظام الديمقراطي البرلماني» وعندما طرحت فكرة «الديمقراطية العددية» ثمة من ارتعب، وطرح فكرة الديمقراطية البرلمانية، ثم الديمقراطية بالتصويت (أقلية واكثرية)، وامتدت التسميات إلى ان وصلت إلى «الديمقراطية التوافقية»، من زاوية مجتمعية (تعدُّد الطوائف)، ومحاذير العزل، أو الاستفراد، أو ما اختبره اللبنانيون أيضاً من أزمات، تراوحت بين الدعوة إلى المشاركة، ورفع الغبن، والحد من الاستثمار قبل الطائف.. ونغمة الاحباط إلى الميثاقية والشراكة، بعد الـ2005 عندما قدم الرئيس الشهيد رفيق الحريري دمه من أجل رفع نظام الهيمنة، والوصاية وتطبيق اتفاق الطائف..
قبل التوصّل إلى قانون الانتخاب الحالي القائم على النسبية مع الصوت التفضيلي، طرحت سلسلة من الاقتراحات الانتخابية، بعناوين أقلها المسّ بالوحدة المجتمعية، أو بتعبير سياسي «الوحدة الوطنية»، وترجيح فكرة العزالة على التعايش والاندماج، لكن هذه الأفكار سقطت ربما إلى غير رجعة.
تشكّلت اللوائح على جبهات الطوائف والتيارات الناطقة باسمها بصعوبات معروفة.. وأعطى القانون الجديد الأمل لشخصيات وقوي ذات حضور في المجتمع ان تتصدى لمهمة التمثيل أيضاً.. فتعددت اللوائح وتكاثر عدد المرشحين، وتعدلت الدوائر، لكن عدد النواب لم يتجاوز الـ128 نائباً ولم ينقص إلى 108 نواب.
تسجلت اللوائح على زغل، فالاقوياء ضاقوا ذرعاً بالمرشحين الذين تجرأوا على تشكيل لوائح مستقلة..
1- بدا زعماء الطوائف وكأنهم اوصياء على المرشحين من طوائفهم.. وكشفت الترشيحات ان مرحلة من هذا النوع انتهت..
2- تنوعت التحالفات وجمعت اللوائح مرشحين من طوائف ومذاهب متعددة، وفشلت محاولات لتحويل التفاهمات والتحالفات (باستثناء الثنائي أمل – حزب الله) إلى لوائح انتخابية مشتركة.
3- سارعت القيادات اللبنانية إلى أجواء عدم «التحالف الانتخابي» بفصل مصطنع يستجيب ربما «لتداخلات» بالقول ان الانتخابي غير السياسي..
4- بعد أسبوع، أي في الأوّل من أيّار (الثلاثاء المقبل) تكون المهلة نفذت، وبقي للاقتراع أربعة أيام (المجموع 12 يوماً)..
وبانتظار الأحد في السادس من شهر نوار (أيار) يكون المشهد ربما مثل يوم «القيامة»، كل مرشّح يبحث عن مصيره الانتخابي.
في المعمعة هذه، لا اهتمام دولياً بالانتخابات، إنما ترقب لمجريات الاقتراع والنتائج..
وفي المعمعة هذه، يوماً بعد يوم تنشر الانتخابات غسيلها، كما يقال، على حبال الديمقراطية اللبنانية.
وفي الوقائع:
1- ترتفع وتيرة الإشاعات (الكل يشكو منها) والاشاعة اختلاق خبر، قابل للتصديق، لكن لا أساس له ولم يحصل، كسحب مرشحين وانسحاب لوائح بأكمها.. أو تركيب أهداف أو انتماءات لهذه اللائحة أو تلك..
2- في الوقائع أيضاً يحضر «المال الانتخابي».. يتحدثون في الشوارع والمقاهي، وحتى في مكاتب الماكينات الانتخابية، همساً وعلانية، عن بورصة بيع الأصوات التفضيلية، الأسعار وكأنها أصبحت في سوق سوداء..
تتخذ عملية بيع الأصوات اشكالاً مقنعة (في تكثير عدد المندوبين المتطوعين).
3- غابت لغة المحادل، وحضرت لغة «البلوكات الانتخابية» أو الطائفية، لبلوغ الحاصل الانتخابي، ثم الانتقال إلى الصوت التفضيلي، وتوزيعه قبل 48 ساعة أو 24 من التوجه الى صناديق الاقتراع..
4- النائب زياد الأسود (تكتل الإصلاح والتغيير) يتحدث عن استخدام المال العام في الانتخابات ضد تياره ولائحته في جزّين..
5- يؤخذ على وزير سيادي معني، من أنصار وزير سيادي آخر معني، انه (أي الأوّل) يجتمع مع كتلة ناخبة من طائفة الوزير الثاني من دون استئذانه؟!
6- تتحدث إحدى اللوائح عن مخاوف من قرصنة هويات مناصريها.. واستخدامها في الانتخابات؟
7- وعن الحوادث الأمنية حدث بلا حرج، ضرب، كما حصل مع المرشح عن لائحة «شبعنا حكي» علي الأمين، في بلدته شقرا، حيث اتهم 70 شاباً من حزب الله هجموا عليه وضربوه، فدخل إلى المستشفى..
وفي بلدة بلانة الحيصا – عكار، قطع شبان الطريق الدولية بالاطارات المشتعلة لمنع اللواء اشرف ريفي من جولة انتخابية مع لائحة «لبنان السيادة» التي يدعمها..
وتمكن النائب وليد جنبلاط من لجم اندفاعة شباب الحزب التقدمي الاشتراكي بوجه أنصار الأمير طلال أرسلان في الشويفات..
في المشهد هذا بدت هيئة الاشراف على الانتخابات، كشاهد لم يرَ حاجة، أو كما يقال باللهجة المصرية «ما شافشي حاجة»، وخرجت هيئة الاشراف على الانتخابات، عن صمتها رسمياً، فبعد استقالة عضو الهيئة سيلفانا اللقيس، أعلن رئيس الهيئة القاضي نديم عبد الملك ان الهيئة تفتقر إلى الصلاحيات اللازمة لممارسة مهامها، وأن لا رقابة على السياسيين المرشحين، داعياً إلى استقلاليتها التامة، موضحاً ان عمل الهيئة يقتصر على رصد المخالفات واعداد تقرير يسلم لعدة مرجعيات رسمية، بعد انتهاء الانتخابات.
ليس بمقدور الهيئة إيقاف وزير مرشّح عند حده، ولا حتى سياسي، جلّ ما في الأمر تتحدث عن تجاوزات للقانون تفيد المجلس الدستوري إذا طلبها.
وكشف المؤتمر الصحفي الذي عقدته هيئة الاشراف على الانتخابات، انها أصبحت لزوم ما لا يلزم على صعيد مراقبة الانتخابات، ورصد المخالفات التي تحصل بالجملة لقانون الانتخاب، ولا سيما من جانب لوائح السلطة أو القوى النافذة فيها.
وبدا من خلال ما كشفه عبد الملك، وكذلك أمين سر الهيئة عطا الله غشام، ان عمل الهيئة يقتصر فقط على رصد مخالفات الإعلام والإعلان الانتخابيين وتوثيق مخالفات المرشحين في «إضبارات» لكل منهم لتكون جاهزة في حال طلبها المجلس الدستوري.
وشدّد غشام على انه ليس صحيحاً ان قانون الانتخاب الحالي أعطى الهيئة مضمون الشكل الذي يفيد انها مستقلة وذات صلاحيات تختلف عن تلك التي كانت معطاة لهيئة الاشراف السابقة، فيما أشار عبد الملك إلى ان الهيئة ستتعاقد مع مدققي حسابات لجلاء ما إذا كان بعض المرشحين تخطى سقف الانفاق المالي، ولفت إلى ان لا شيء في الدستور أو القانون يمنع الوزراء من الترشح. واقر عبد الملك بأن الهيئة ليست مستقلة تمام الاستقلال، إذ انه إذا ارادت ان تجري تحقيقاً بواسطة الضابطة العدلية عليها ان تأخذ اذن النيابة العامة، وهي ليست لديها الشخصية المعنوية لتدعي، وليس لديها أي جهاز أمني يأتمر بها، واقر أيضاً ان الصلاحية التي أعطيت للهيئة بموجب القانون هي فقط بما يختص بالاعلاميين ولا تشمل المرشحين من السياسيين.
وعزا استقالة عضو الهيئة سيلفانا اللقيس إلى انها لتسجيل موقف.
مفتاح كسروان
في هذا الوقت، بقيت قضية تسليم رئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح جوان حبيش مفتاح كسروان إلى مرشّح «حزب الله» حسين زعيتر تتفاعل على غير صعيد سياسي، وهي استأثرت بجزء كبير من كلمة الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في مهرجان دعم لائحة جبيل، والذي تحول إلى مهرجان كشف حساب مع الفريق العوني، أشبه «بمعاتبة عميقة الجراح؛ وان بدت ناعمة وهادئة، حول رفض التيار ان يكون مرشحه على لائحة العميد شامل روكز في دائرة كسروان- جبيل.
قال السيّد نصر الله ان مفتاح كسروان هو عند الرئيس عون والبطريرك بشارة الراعي، موضحا ان الطائفة الشيعية لا تسعى لأن تكون الطائفة القائدة، «بل نحن مع التضامن والتعايش والشراكة الحقيقية بين المسلمين والمسيحيين»، لافتا إلى انه بعد الانسحاب الإسرائيلي من الجنوب لم يدخل أحد من المقاومة إلى جزّين ولم يرفع علماً لحزب الله أو حركة «امل» في هذه المدينة، ولم يمس أحد من المقاومة أي شخص تعامل مع العميل انطوان لحد في جنوب لبنان بعد التحرير، ولم تحصل أية محاولة لتغيير ديموغرافي لأننا لا نفكر في ذلك.
وأكّد ان الشيخ زعيتر هو مرشّح حزب الله وحركة «امل» الوحيد في الدائرة، وليس هناك شيء فوق الطاولة أو تحتها، لا في جبيل ولا في أي دائرة.
وتردد ان وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب من محافظ جبل

لبنان استدعاء حبيش للتحقيق معه في هذه المسألة، على خلفية اتخاذه خطوة من شأنها إثارة النعرات الطائفية، نظرا لما استتبعها من ردود فعل كادت تخرج عن السيطرة.
وأشار جوان حبيش إلى ان «بعض المرشحين المفلسين جيروا هذا الموضوع، وخلقوا منه قصة، ومفتاح كسروان هو لأهالي كسروان».
لا صوت يعلو على الانتخاب
في وقائع يوم أمس، من الآن وحتى موعد الاستحقاق الانتخابي، لا يبدو ان أي صوت سيتقدم على صوت المعارك الانتخابية المحتدمة في كل دائرة من الدوائر الـ15، مع كل حدتها وضراوتها وحملات الشحن الطائفي والتحريض المذهبي والسياسي، والتدخلات، على نحو لم يألفه لبنان منذ تاريخه الاستقلالي، والى حدّ بات اللبنانيون يمسكون قلوبهم بأيديهم في انتظار اليوم الموعود، عسى ان يمر بخير وسلام.
وفيما قارب الرئيس نبيه برّي هذا المنحى غير المألوف في الخطاب السياسي، داعيا إلى تقديم خطاب انتخابي هادئ وعاقل يطمئن الناخب وليس العكس»، معتبرا انه من الجريمة بحق لبنان واللبنانيين الوصول إلى السادس من أيّار وإلى مجلس نيابي جديد على أنقاض الوحدة الوطنية والعيش المشترك والسلم الأهلي، وان «لا قيمة لأي مقعد نيابي بالزائد أو بالناقص لهذا الطرف أو ذاك إذا ما خسر اللبنانيون نعمة وحدتهم لمصلحة نقمة ولعنة التشرذم». ذكرت معلومات ان النائب جنبلاط اتصل أمس بالوزير طلال أرسلان على خلفية الاشكال المسلح الذي حصل بين مناصري الطرفين في الشويفات أمس الأوّل، في حين قرّر الحزب الاشتراكي عدم تنظيم أي مواكب سيّارة، وعدم المشاركة في أي تحركات غير مدروسة، والالتزام فقط بالمشاركة في الندوات واللقاءات، وبالحملات التي تنظمها اللجان الانتخابية.
اما الرئيس سعد الحريري، فإن انشغاله بالانتخابات باعتبارها أولوية سياسية لديه، هو الذي فرض عليه اختصار زيارته إلى بروكسل لتمثيل لبنان في مؤتمر دعم النازحين السوريين على يوم واحد، حيث سيتوجه إلى العاصمة البلجيكية اليوم لإلقاء كلمة امام المؤتمر الذي سيفتح أعماله غدا ثم يعود إلى بيروت تاركا متابعة أعمال المؤتمر للوفد الوزاري الذي سبقه أمس ويضم الوزراء: مروان حمادة، بيار بوعاصي ومعين المرعبي.
وقالت معلومات ان لبنان اعد مشروع بيان مشترك مع الاتحاد الأوروبي، نشرته «اللواء» في حينه، إلى زيادة المساهمات الدولية نظرا لتضخم الاحتياجات وزيادة الضغط على المنشآت التربوية والصحية والاجتماعية، بمشاركة عدد من هيئات المجتمع المدني والجمعيات غير الحكومية ووزراء من الأردن وتركيا إلى جانب لبنان.
وعلمت «اللواء» ان الرئيس الحريري سيتوجه إلى طرابلس والشمال في إطار زيارته الانتخابية، لإستنهاض القاعدة الشعبية هناك .
من جهة ثانية، توقعت مصادر وزارية لـ «اللواء»، عقد جلسة لمجلس الوزراء وان كانت رجحت ان تعقد في بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، من دون ان توضح عمّا إذا كان ملف الكهرباء سيكون حاضرا».
وقالت المصادر الوزارية ان هناك فرضية كبيرة ان يحضر الملف الانتخابي في جلسات الحكومة قبل موعد الاستحقاق في السادس من أيّار، وربما تتزامن مع اقتراع المغتربين الذي سيجري يومي الجمعة في 27 نيسان في 6 دول عربية والاحد لدول الانتشار.
ولفتت إلى ان الرئيس عون سيتحدث على الارجح عن اقتراع المغتربين في الجلسة إذا عقدت الخميس في بعبدا، على ان تكون له كلمة عشية الانتخابات الشاملة عن
هذا الاستحقاق الديمقراطي بعد غياب تسع سنوات، وأهميته لابراز صورة لبنان الحضارية، وعن أهمية تقبل النتائج مهما كانت بالنسبة لأحجام القوى السياسية التي تسعى لأن تكون لها كتل نيابية كبيرة ووازنة.
إلى ذلك، علمت «اللواء» ان السفير الفرنسي لدى لبنان برونو فوشيه الذي زار قصر بعبدا، أمس، ركز في اجتماعه مع الرئيس عون على مؤتمر «سيدر» الذي عقد في باريس، والاصلاحات المطلوبة منه، والآلية التي ستتبع لمتابعة ما تمّ الاتفاق عليه بين لبنان والدول والمؤسسات التي شاركت فيه، موضحاً ان المؤتمر حقق نجاحاً، ومنوهاً بتصميم الدولة اللبنانية على اجراء إصلاحات تواكب مرحلة ما بعدّ «سيدر».
ولم يخل اللقاء من بحث في التطورات الإقليمية. ولفت فوشيه الى ان الضربة العسكرية الأخيرة على سوريا، التي شاركت فيها فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة وبريطانيا كانت محددة، وأعلمه ان وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان ينوي القيام بزيارة إلى لبنان، بعد الانتخابات النيابية، للاطلاع على الأوضاع فيه، لكنه لم يُشر أن إلى زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون للبنان لم تعد بواردة، لا بل أشار الى ان موعدها لم يُحدّد، وسط ترجيح أن تكون ضمن جولة إلى دول أخرى في المنطقة.
يُشار إلى ان قانون موازنة العامة 2018 صدر أمس في ملحق للجريدة الرسمية، وحمل الرقم 79، وبالتالي أصبح نافذاً، بما في ذلك المادة 49 التي تجيز إعطاء إقامة لكل أجنبي يمتلك عقاراً بحدود 200 ألف دولار خارج العاصمة. علماً ان الرئيس عون في صدد إرسال رسالة إلى المجلس النيابي، في الوقت المناسب، لإعادة النظر بالمادة المذكورة، في حال تسنى للمجلس عقد جلسة لهيئته العامة قبل انتهاء ولايته في 20 أيار المقبل، والا سيكون هذا الأمر من مهمات المجلس الجديد.