IMLebanon

وحدة موقف حكومي بوجه التصعيد الإسرائيلي

وحدة موقف حكومي بوجه التصعيد الإسرائيلي

«ضربة شبعا» نصف خطاب نصر الله.. وسليماني عزَّى في الضاحية بعد القنيطرة

في تحد إقليمي هو الأوّل من نوعه وعلى المستوى الوطني يواجه حكومة بعد العام 2006، تمكنت حكومة الرئيس تمام سلام من تجاوز قطوع أخطر اشتباك عسكري وامني بين إسرائيل و«حزب الله» بدأ في 18 من الشهر الجاري باعتداء القنيطرة وانتهى ظاهرياً بعملية مزارع شبعا التي شكلت ردّ الحزب على اغتيال ستة من شهدائه في القنيطرة السورية.

ولعل الاتصالات التي سبقت جلسة مجلس الوزراء فضلاً عن الاسترخاء الميداني بعد ساعات من القصف الروتيني من المدفعية الإسرائيلية رداً على ضربة شبعا، والمناخ الإقليمي الدولي الرافض لحرب شاملة في الشرق الأوسط على غرار العام 2006، والظروف التي أحاطت في المواجهة الجديدة، ساهمت في بناء موقف وطني لبناني يعتبر ان التضامن الداخلي حجر الرحى في المواقف والمعالجات.

وعليه قارب المجلس في مستهل الجلسة وابنائها العملية من زاوية التضامن الوطني ضد التصعيد الإسرائيلي.

وأبلغ وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، «اللواء» ان موضوع الاعتداء والعملية مر بكل سلاسة ويسر وسهولة، فلا أحد يرغب في مشكلة داخل الحكومة، وما دام الموقف العسكري لم يتطور فهذا أمر ساعد الحكومة.

وكشف مصدر وزاري انه بين كلام وزير العمل سجعان قزي الذي شدّد على ان مسألة الحرب والسلم يجب ان تعود للحكومة، وكلام وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمّد فنيش الذي اعتبر ان بيان الرئيس تمام سلام كاف، التقت المواقف على ان استهلالية رئيس الحكومة وبيانه قبل يوم من الجلسة يعبر عن الموقف الجامع لمجلس الوزراء.

وفي المحصلة، ندّد مجلس الوزراء بالاعتداءات الإسرائيلية على القرى الجنوبية، ودعا الأمم المتحدة لتحمّل مسؤولياتها لمنع إسرائيل من تعريض السلم والأمن للخطر، معرباً عن حرصه على استتباب الأمن والسلام في الجنوب، وضرورة تفويت الفرصة على العدو الاسرائيلي لجر لبنان إلى مواجهة واسعة، معيداً التأكيد على التزام لبنان الثابت بالقرار 1701 بكل مندرجاته، معتبراً ان التصدّي لأي عدوان يتم في المقام الأوّل بوحدة اللبنانيين وتضامنهم.

لا رغبة بالتصعيد

 هدأت على الأرض، فماذا في كواليس المواقف والاتصالات؟

 نسبت وكالة «رويترز» إلى مصادر قولها أن إسرائيل تلقت رسالة عبر الأمم المتحدة مؤداها أن حزب الله ليس لديه الرغبة في المزيد من التصعيد، ونسبت الوكالة نفسها إلى ما وصفته مصدر لبناني مطلع بأن إسرائيل بدورها أبلغت حزب الله عبر قوات «اليونيفل» أيضاً بأنها «ستكتفي بما حصل أمس الأوّل وانها لا تريد توسيع المعركة».

ورداً على سؤال لاذاعة الجيش الإسرائيلي عمّا إذا كان حزب الله قد سعى للتهدئة قال وزير الدفاع موشيه يعلون «توجد خطوط تنسيق بيننا وبين لبنان عبر اليونيفيل (قوة الأمم المتحدة) وتم تسلم رسالة بهذا المعنى من لبنان فعلاً».

وفي مقابلة اذاعية منفصلة قال يعلون «لا يمكنني القول أن الأحداث باتت وراء ظهرنا… وإلى أن تهدأ المنطقة تماما ستظل قوات الدفاع الإسرائيلية مستعدة وجاهزة.»

ووصف يعلون هجوم حزب الله يوم الاربعاء بأنه جاء «انتقاما» لهجوم اسرائيلي يوم 18 كانون الثاني في جنوب سوريا أسفر عن مقتل أعضاء بارزين في الحزب وضابط إيراني كبير.

ولم تعترف اسرائيل رسميا بشن الغارة لكن يعلون قال إنها أخرت جهود حزب الله وايران «لفتح جبهة جديدة» ضد إسرائيل من مرتفعات الجولان السورية.

وقال اللفتنانت كولونيل بيتر ليرنر وهو متحدث باسم الجيش الاسرائيلي ان حزب الله استخدم في هجوم الأربعاء صواريخ مضادة للدبابات من طراز كورنيت أطلقت من مسافة تتراوح بين 4 و 5 كيلومترات.

وربط ليرنز مهارة حزب الله في هذا الهجوم بتدخله في سوريا قائلا «هذا لا ينبغي ان يشكل مفاجأة كبيرة نظرا لأنه اكتسب الكثير من الخبرة القتالية على مدى العامين الماضيين.»

وقال متحدث باسم «اليونيفيل» ان رئيس البعثة كان على اتصال وثيق مع الجانبين طوال يوم امس. وقال اندريا تنينتي المتحدث باسم اليونيفيل أن قناة الاتصال «ما تزال مفتوحة الآن وتبقى دائما مفتوحة من اجل مطالبة كافة الأطراف بممارسة أقصى درجات ضبط النفس».

وشنت القوات الاسرائيلية حملة امس بحثا عن أنفاق يشتبه في ان يكون حزب الله قد استخدمها لارسال مقاتلين عبر الحدود وهو تكتيك كان يستخدمه مقاتلو حركة حماس الفلسطينية خلال حرب غزة عام 2014، لكن يعلون قال لراديو الجيش الاسرائيلي «لم يتم العثور على انفاق حتى الان»

ومن جهته، قال مستشار الامن القومي الاسرائيلي السابق ياكوف اميدرور لوكالة فرانس برس ان «مخاطر (التصعيد) ضعيفة ان لم تكن شبه معدومة».

وبحسب اميدرور فان «الطرفين غير معنيين بعملية كبيرة» موضحا انه من «الاكثر الحاحا» لحزب الله مواصلة القتال في سوريا بجانب جيش الرئيس بشار الاسد من اجل الحفاظ على «قاعدة خلفية» في سوريا.

واضاف «كل ما يأتي من ايران يمر عبر سوريا» بما في ذلك الصواريخ التي استخدمت في هجوم الاربعاء.

بينما اوضح بوعاز غانور مدير المعهد الدولي لمكافحة الارهاب في هرتسيليا ان الحليف الايراني لحزب الله «منشغل بمفاوضاته النووية مع القوى الدولية ويعلم ان حربا لحزب الله مع اسرائيل قد تؤثر على المواقف الاميركية في الملف».

وبحسب غانور فان اسرائيل ايضا غير معنية بمواجهة كبيرة قبل اسابيع من الانتخابات التشريعية المبكرة بسبب «الضرر الهائل الذي قد يسببه ذلك:فان حزب الله يملك 100 الف صاروخ».

وفيما عاد الهدوء أمس الخميس الى طول الحدود بين إسرائيل ولبنان وأعيد فتح المدارس ومنتجع جبل الشيخ للتزلج بعد إغلاقه، جرى في إسرائيل دفن الجنديين اللذين قتلا في الهجوم، بمشاركة مئات الأشخاص بينهم عشرات الجنود من لواء جفعاتي في دفن الكابتن يوشائي كلانفيل مع الرقيب دور حاييم نيني في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل في القدس المحتلة، في حين اقيم في مطار رفيق الحريري الدولي حفل تأبين تكريماً للعريف في الكتيبة الاسبانية فرانسيسكو خافيير سوريا توليدو الذي لقي مصرعه في القصف الإسرائيلي على موقع للأمم المتحدة قرب قرية الغجر، قبل نقل الجثمان إلى اسبانيا.

خطاب نصر الله

 في هذا الوقت، ينتظر اللبنانيون، ومعهم أيضاً الاسرائيليون، وربما كل المعنيين في المنطقة، الخطاب الذي سيلقيه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، عصر اليوم في ذكرى شهداء القنيطرة، على الرغم من أن معالم الخطاب باتت واضحة ومعروفة، بعد عملية شبعا التي شكّلت عملياً نصف الخطاب، لكن الجديد هو ما سيعلنه من خلفيات وفق تفاصيل لم تنشر عن العملية وتوقيتها، وفي ما يمكن أن يرسم ملامح المرحلة المقبلة من الصراع مع اسرائيل.

وبثّت قناة «الميادين» ليل أمس صوراً لرئيس فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني العميد قاسم سليماني ظهر فيها وهو يقرأ  الفاتحة على ضريح الشهيد عماد مغنية في روضة الشهيدين في بيروت، بعد 48 ساعة من عملية القنيطرة واستشهاد نجله جهاد.

وذكرت المحطة في برنامجها «على خط النار» الذي بث قبيل منتصف الليل، أن سليماني زار السيد نصر الله وقدم له التعازي في مشهد مؤثر كما وصفته المحطة.

وعشية إطلالة نصر الله، وصل إلى بيروت مستشار رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي، على رأس وفد من نواب مجلس الشورى للمشاركة في إحياء ذكرى شهداء القنيطرة، وذلك بعد نحو 24 ساعة على عملية شبعا التي حمّل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو طهران مسؤولية الوقوف خلفها.

وأعلن بروجردي الذي سيجري اليوم لقاءات سياسية تشمل تباعاً كلاً من وزير الخارجية جبران باسيل والرئيسين تمام سلام ونبيه بري، أن طهران آلت على نفسها الوقوف دائماً إلى جانب خط المقاومة، وهي تولي أهمية كبيرة لحفظ الأمن والهدوء والاستقرار والسيادة للبنان، ولاستتباب الأمن والهدوء في ربوع المنطقة بشكل عام، مشيراً إلى أن العدوان الأخير على القنيطرة، الذي ذهب ضحيته أيضاً الجنرال الإيراني محمد علي الله دادي يدل على أن الكيان الصهيوني لا يقف عند خط أحمر في إجرامه واعتداءاته.

ولاحظ أن التطورات السياسية على الساحة اللبنانية تدل على أن هناك وفاقاً وانسجاماً ووحدة بين كافة الأطياف السياسية في هذا البلد الشقيق، مؤكداً استعداد إيران لدعم كل ما من شأنه تعزيز الوحدة بين اللبنانيين.

مجلس الوزراء

 إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن سير النقاش في جلسة مجلس الوزراء، وتحديداً في ما يتعلق بعملية شبعا والاعتداءات الاسرائيلية التي أعقبتها أظهر أن هناك اقتناعاً بعدم فتح أي سجال، وبالتالي فإن لا أحد كان يرغب في تصعيد المواقف.

ولاحظت المصادر أن النقاش في هذا الموضوع بالذات لم يستغرق أكثر من عشر دقائق وشارك فيه عدد محدود من الوزراء، أبرزهم وزير العمل سجعان قزي الذي نقلت عنه وكالة فرانس برس قوله أن الحكومة اللبنانية تلقت تطمينات من دول كبرى بأن اسرائيل لن تصعّد الوضع  العسكري في الجنوب وستكتفي على الأقل حالياً بالردّ الذي حصل، فيما التزم وزراء تيار «المستقبل» الصمت.

وفي هذا الإطار، أكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«اللواء» أن موقف وزراء «المستقبل» هو الموقف الذي عبّر عنه بيان الكتلة في أعقاب العملية، مشيراً إلى أن هناك قراراً بعدم التصعيد.

أما على صعيد المناقشات حول جدول الأعمال الذي تضمن 51 بنداً، فقد نفت المصادر حصول أي خلاف حول البند المتعلق بزيادة عديد قوى الأمن الداخلي، متحدثة عن لغط رافق تفسير هذا البند، والذي كان مقصوداً منه توسيع الملاك الذي كان يسمح بـ 29495 عنصراً، بما في ذلك من ضباط وشرطة قضائية، وأن ما جرى هو إدخال 5000 عنصر وليس ضابطاً، باعتبار أن عديد العناصر لم يكن كافياً.

وأوضحت المصادر أن وزراء «التيار الوطني الحر» لم يعترضوا على توسيع ملاك قوى الأمن، وإنما وجّهوا بعض الأسئلة، وأسباب رفع العدد إلى 40 ألفاً، بحسب ما جاء في المشروع، والذي سيصبح مقارباً لعدد الجيش اللبناني، مشيرة إلى أن الرئيس سلام تدخل في نهاية النقاش مقترحاً تخفيض العدد إلى 35 ألفاً فوافق وزير الداخلية نهاد المشنوق.

وفي حين لم يطرح موضوع سدّ جنّة داخل الجلسة واستأثر البند المتصل بمساهمة الدولة في شراء الفيول أويل لصالح مؤسسة كهرباء لبنان بحيّز من النقاش الذي استغرق قرابة الساعة وربع الساعة، حيث اقترح وزير المال علي حسن خليل تخفيض الاعتماد المطلوب من ثلاثة آلاف مليار الى ألفين، بسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً، لكن الوزير جبران باسيل اعترض معتبراً أن التخفيض يؤثر على خطة الكهرباء.

وقالت المصادر ان كلا الوزيرين ظلا على موقفهما، فأرجئ البت في الموضوع.

وكشفت المصادر، انه قبيل انتهاء الجلسة، طلب وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب تخصيص جلسة للبحث في موضوع الحوض الرابع من مرفأ بيروت، فرد عليه الوزير درباس طالباً شرح الموقف من ردم هذا الحوض، فقال الوزير باسيل ان الأرض ملك الدولة، فكيف يتصرفون بها من دون العودة إلى الدولة.

اما الرئيس سلام فلم يشأ التعليق على الموضوع، مكتفياً بالقول انه غير مطروح على مجلس الوزراء.

ولاحقاً، علق الوزير درباس على الموضوع مشيراً إلى ان المقاربة الطائفية لردم الحوض الرابع عيب وخطأ، لافتاً إلى ان ردم الحوض لا يفيد مرفأ طرابلس.