إحتفالات «النصر الإنتخابي»: تداعيات مالية واشتباكات وتطيير مجلس الوزراء!
«لوائح بيروت» ترفض الإنتخابات «المسخرة» وتُطالِب باستقالة المشنوق.. وإلاّ التحرُّك في الشارع
يبقى من عمر المجلس الحالي عشرة أيام فقط، وتطوى صفحة، لتفتح صفحة في العلاقات السياسية والتفاهمات أو الاختلافات مع استكمال الكتل الفائزة، أياً كان حجمها، المضي في إقامة «احتفالات النصر» (وليس الفوز مثلاً)، غير آبهة بتداعيات الحوادث التي ضربت البلاد من الشويفات إلى الشمال مروراً بالعاصمة، أو تلك التي تتهدد الاقتصاد اللبناني في ضوء تراجع الإقبال على شراء سندات خزينة لبنانية بالعملة الأجنبية في إطار مبادلة ديون لتعزز الحكومة احتياطات البنك المركزي وتقلص تكاليف خدمة الذين، على حدّ ما أعلن حاكم المركزي رياض سلامة.
وتخوفت الأوساط الاقتصادية من ان يؤدي التوتر الإقليمي – الدولي على خلفية قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع ايران إلى عدول المستثمرين عن القيام بأي مشروع استثماري تخوفاً من أي تصعيد عسكري محتمل، متعدد المصادر والاتجاهات، مع الانهيارات المتلاحقة في البورصة الدولية وارتفاع سعر النفط وسط تكهنات مع ارتفاع المشتقات النفطية في المدى القريب..
وكشفت وكالة «رويترز» عن تراجع السندات اللبنانية المقومة بالدولار، بما يصل إلى 2.745 سنت مسجلة أدنى مستوياتها في عدّة أشهر، لكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رأى ان تراجع السندات اللبنانية هو مؤقت ومحدود.
وتكبدت سندات بقيمة مليار دولار تستحق في 2022 أشدّ الخسائر إذ هوت إلى 90.66 سنتاً وهو أدنى مستوى لها منذ تشرين الثاني 2017 وفقاً لبيانات تومسون رويترز، التي اضافت إلى هذا العامل الإقليمي، تقريرها بأن الأسواق اللبنانية تحت ضغط بالفعل بعد ان ابرزت نتيجة الانتخابات التي جرت يوم الأحد تنامي نفوذ طهران في المنطقة.
تداعيات على السلطة
في هذه الاثناء، لم يطرأ أي جديد يوحي بأن الانتخابات أصبحت وراءنا، ذلك ان تداعيات النتائج التي أفرزتها هذه الانتخابات، بقيت هاجس النواب المنتخبين، إلى جانب اللوائح التي استهدفتها رياح السلطة من دون ان تأتي لمصلحتها، فباتت مهيأة للطعن بنتائج الانتخابات لدى المجلس الدستوري، بعد ان حضرت ملفاً متكاملاً بالمخالفات والتجاوزات والأخطاء فضلاً عن التزوير المباشر، من دون ان تغفل التلويح بالنزول إلى الشارع.
وفي تقدير مصادر سياسية، انه لو كانت السلطة مرتاحة إلى وضعها وإلى الانسجام بين الأطراف لكانت عملت على متابعة أعمال الحكم والحكومة، من خلال جلسة لمجلس الوزراء، لكن تداعيات الانتخابات فرضت عدم انعقاد الجلسة اليوم، خلافاً للمعلومات التي سربت من دوائر عليا اوحت باحتمال عقدها لمعاودة البحث في ملف الكهرباء، غير ان الوزراء أكدوا أمس انه لم يتبلغوا شيئاً عن الجلسة، وان الحكومة ما تزال في عطلة الانتخابات، في إشارة ملطفة، إلى ان النتائج باتت عبئاً على السلطة، بدلاً من ان تكون عاملاً مساعداً لها في رسم معالم المرحلة المقبلة، بما تحمله من استحقاقات دستورية، وفي مقدمها انتخاب رئيس جديد للمجلس المنتخب وتشكيل حكومة جديدة.
وبحسب هذه المصادر، فإن السلطة التي تتنازعها رياح تكتلات نيابية كبيرة، لم تعد قادرة على التحكم بزمام الأمور، رغم امتلاك العهد كتلة نيابية وازنة من 29 نائباً، بسبب جموح أطراف آخرين لهم تقريباً نفس حجم كتلة العهد، بأن تكون لهم حصة يفترض ان تعادل حصص الآخرين سواء في تركيبة المجلس أو الحكومة العتيدة.
وفي هذا السياق، كان لافتاً للانتباه ما سربته مصادر في الثنائي الشيعي، من انه أصبح رسمياً صاحب الكلمة الفصل في تسمية رؤساء الجمهورية والحكومة والمجلس، في حين ان حلفائه من السنة أصبحوا مرشحين محتملين لرئاسة الحكومة، في حال فشل التفاهم مع الرئيس سعد الحريري على التزام حكومته بالسياسات العامة لمحور المقاومة،والتي تنادي علناً وسراً بالابقاء على ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
وقالت مصادر الثنائي لـ«اللواء» ان التزام «حزب الله» وحكماً الرئيس نبيه برّي كحليف ثابت وشريك في الانتصار، بسياسة مكافحة الفساد، يعني ان الثنائي بات على مسافة واحدة من جميع الفرقاء الآخرين، حتى حليفه «التيار الوطني الحر»، أو بمعنى آخر فإن من يوافق على السير بمشروع مكافحة الفساد، حتى لو كانت «القوات اللبنانية» يصبح حليفاً مقترحاً ولو بشكل غير رسمي لهما بما يفتح الباب امام مصالحات داخلية، قد تفرض معادلات سياسية جديدة وتكتلات نيابية مختلفة داخل المجلس والحكومة، الامر الذي قد يهمش دور «التيار الوطني الحر» ويفرض عليه إعادة حساباته.
وكشفت بأن الحزب يلتزم تحديداً بالرئيس برّي رئيساً ثابتاً للمجلس النيابي، في حين ان الرئيس الحريري هو مرشّح ثابت أيضاً لرئاسة الحكومة، لكن تحت سقف التزامه بتوزير شخصيات سنية من حلفاء المقاومة، ونيل الثنائي مقاعد وزارية تتخطى الخمسة مقاعد تناسب حجم تكتله النيابي (31 نائباً) مع الإبقاء على حقيبة المالية كحقيبة سيادية من حصته. ولا تتردد مصادر الثنائي الشيعي في التأكيد على ان ثمانية مقاعد وزارية على الأقل ستكون من حصته مع حلفائه الجدد، باستثناء حصة «التيار الحر».
وتبعاً لهذه المعطيات الجديدة، أقرّ الرئيس برّي بأن تشكيل الحكومة قد يتأخر نظراً إلى ما وصفه «بالتعقيدات»، كاشفاً بأن مرشحه لرئاسة الحكومة هو الرئيس الحريري «بغض النظر عن موقف الاخير من وزارة المال، مشيراً إلى ان الفصل بين الوزارة والنيابة في حاجة إلى تعديل الدستور بما يعني ان هذا الموضوع ليس مطروحاً في تشكيل الحكومة الجديدة.
وأوضح الرئيس برّي بحسب ما نقلته محطة M.T.V انه لم يُحدّد بعد موعد جلسة انتخاب الرئيس الجديد للمجلس، بانتظار التشاور مع الرئيسين ميشال عون والحريري، مؤكداً ان للجميع الحق في الترشح، وقال انه حتى لو فزت بالتزكية، ففي الجلسة نفسها سيتم انتخاب نائب رئيس مجلس النواب وأعضاء هيئة المكتب واللجان.
وحول المداورة في الحقائب الوزارية، شدّد على «انه متمسك بوزارة المال للطائفة الشيعية، وتحديداً للوزير علي حسن خليل»، موضحاً أن «قانون الانتخابات في حاجة إلى تطوير»، لافتاً إلى ان «حجم كتلة «التنمية والتحرير» معروف، والنائب المنتخب مصطفى الحسيني أبلغني انه سيكون ضمن الكتلة، وإذا أراد آخرون الانضمام، فسنشكل كتلتين».
اما القوات اللبنانية التي ستجتمع كتلتها النيابية اليوم (15 نائباً) برئاسة الدكتور سمير جعجع في معراب، فقد أكدت مصادرها الانفتاح على كافة القوى السياسية، مشيرة إلى انه في هذا الاجتماع سيتم اتخاذ القرار في شأن إمكانية انتخاب الرئيس برّي أم لا، مع العلم ان القوات في مجلسي 2005 و2009 لم تنتخبه كموقف سياسي وليس لموقف شخصي.
وأوضحت مصادر القوات لـ «اللواء» ان موضوع تكليف الرئيس الحريري برئاسة الحكومة مرتبط بلقاء سياسي يجمع الحكيم والحريري، لأن المرحلة الجديدة تستدعي عقد مثل هكذا لقاء، ونفت ان يكون هناك جفاء بين الرجلين، لا سيما وان المسألة ليست شخصية، وهناك مقاربات وطنية تجمعهما.
ونفت المصادر ان يكون لدى القوات أي شروط لتسمية الحريري، وكل ما يطلبه الحزب هو حوار سياسي من أجل التفاهم على عناوين سياسية، خصوصا وان لدينا وجهات نظر نتشاطرها مع قوى سياسية أخرى.
وعلم ان اجتماع الكتلة سيكون من ضمن احتفال تنظمه القوات في معرب يتخلله عرض راقص ولفتة إلى الشهداء.
طعون بالنتائج
وبالنسبة إلى الطعون بنتائج الانتخابات، والتي هي، في نظر مصادر مراقبة، من أولى تداعيات هذه الانتخابات، فقد تواصلت الحملة السياسية التي باشرها مرشحو اللوائح السبع المستهدفة من قبل السلطة لاسقاطهم في الاجتماع الذي عقد في مكاتب «اللواء» أمس الأوّل، وكانت محطتها الثانية مؤتمر صحاف عقد أمس في «نادي الصحافة» وحضره عدد من مرشحي هذه اللوائح في دائرة بيروت الثانية، ووفد البعثة الأوروبية لمراقبة الانتخابات، تلا في خلاله الزميل صلاح سلام بيانا فند فيه المخالفات والتجاوزات واعمال التزوير والأخطاء التي رافقت العملية الانتخابية واعمال الفرز وإصدار النتائج، مؤكدا على السير بالطعن بالانتخابات برمتها في دائرة بيروت الثانية من خلال ملف موثق يتضمن كل الوقائع التي تثبت الغش والتزوير. وطالب باسم كل مرشحي اللوائح السبع، وزير الداخلية نهاد المشنوق بالاستقالة فورا ومحسابة كل من يدينه التحقيق بالتقصير من مسؤولي قوى الأمن الداخلي الذين تولوا طرد مندوبي المرشحين ونقل صناديق الاقتراع ومواكبة المغلفات.
وأكّد المجتمعون على ان تحركاتهم ستنتقل إلى الشارع لأنهم يرفضون تزوير إرادة البيارتة ومصادرتها.
الشويفات: نار تحت الرماد
في هذا الوقت، بقي اشكال الشويفات الذي تسبب أمس الأول بسقوط قتيل من الحزب التقدمي الاشتراكي هو علاء أبو فرج، في واجهة التداعيات الانتخابية، لكن الجهود السياسية التي تواصلت أمس، لم تسفر حتى الساعة عن طمر نار الاحتقان الذي بقي تحت الرماد، بانتظار دفن جثمان الضحية اليوم، وتسليم الجاني بقتله.
وفيما خيم هدوء حذر على المنطقة، أعلنت مديرية الإعلام في الحزب الديمقراطي اللبناني، انه بقرار من رئيس الحزب الوزير طلال أرسلان، تمّ تسليم المطلوبين لقيادة الجيش على ان تأخذ العدالة مجراها، كما أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط عن تسليم ثلاثة آخرين من المتورطين في الاشكال، الا ان مشايخ ومخاتير وعائلات الشويفات، وبعد اجتماع عقدوه في منزل أبو فرج، طالبوا أرسلان بتسليم مسؤول الأمن لديه أمين نسيب السوقي باعتباره المتهم الرئيسي بالحادثة، وابلاغهم الجواب القاطع بالتسليم أو عدم التسليم خلال 24 ساعة من تاريخ صدور هذا البيان، حرصا على وحدة الطائفة ووأد الفتنة داخل البيت الواحد. فيما اعتبر النائب المنتخب تيمور جنبلاط انه «في هذه الأوقات الصعبة التي تمر بها الشويفات، فإن تسليم جميع المتورطين في الحادثة كمدخل لمعالجة الذيول بات ضرورة ملحة».
ولاحقاً، أعلن جنبلاط إلغاء المهرجان المركزي الذي كان مقررا الأحد في المختارة، «بالنظر للظروف المستجدة في الشويفات وتضامنا مع اهل الشهيد أبو فرج».
الا ان الوزير أرسلان الذي عقد مؤتمرا صحافيا في دارته في الشويفات، فقد أعلن انه ما زال مصرا على الصمت الكامل احتراما لعلاء أبو فرج الذي اعتبره شهيد الحزب الديموقراطي، لكنه أشار إلى انه سيكون له بعد المأتم كلام تفصيلي بشأن كل ما حدث.
ولفت إلى ان كل ما طلب منه قدمه، وانه سلم الذين عنده، اما الذين غير الموجودين لديه فليس مهمته البحث عنه، في إشارة إلى ان السوقي ليس موجودا في منزله، بحسب ما ذكرته معلومات، مؤكدا انه يرفع الغطاء عن كل من يثبت تورطه.
مواكب بيروت
وعلى صعيد المسيرات والمواكب في بيروت والتي رافقت صدور نتائج الانتخابات من جانب حزب الله وحركة «امل» وكادت تعيد إلى الأذهان احداث7 أيّار 2008 بسبب ما رافقها من أعمال شغب وفوضى وإثارة للنعرات الطائفية، فقد ذكرت معلومات ان مواكب سيّارة جالت في منطقة الزلقا- جل الديب ورفعت اعلام وشعارات حزب الله وصور أمينه العام حسن نصر الله، وتوقفت عند بعض التقاطعات الرئيسية متسببة بحال من الامتعاض في أوساط سكان المنطقة، لكن المسيرة انتهت من دون حادث، فيما عدل وزير الداخلية نهاد المشنوق قراره السابق، فمدد منع سير الدراجات النارية في نطاق مدينة بيروت الإدارية حتى صباح الاثنين المقبل 14 أيّار الحالي، والزم قراره الجهات التي وضعت اللافتات والإعلام والصور والشعارات الحزبية والدينية المخالفة بنزعها خلال مهلة 72 ساعة.
واللافت انه بعد صمت استمر ثلاثة أيام، نفى حزب الله في بيان، أي علاقة له بالمواكب السيّارة والدراجة التي جالت احياء بيروت وبعض المناطق، لا قرارا ولا إدارة ولا توجيها، معلنا ادانته التصرفات الخاطئة والشعارات المسيئة إلى كرامات النّاس، طالبا من الجميع التوقف عن تسيير أي موكب مهما كان شكله أو المشاركة فيه، واصفا الحديث عن ان هدف هذه المواكب الجوالة، هو فرض شروط سياسية بأنه «كلام سخيف وتافه ومرفوض».