IMLebanon

عون: الحكومة للأكثرية.. والمعارضة للأقلية

عون: الحكومة للأكثرية.. والمعارضة للأقلية
«الكتلة المستقلة» قيد التشاور… والدستوري يُسقِط الـ49 من الموازنة
على مرأى ومسمع مشهد يُعيد إنتاج النكبة بعد مرور سبعين عاماً على اقتلاع شعب بكامله من أرضه، هو الشعب الفلسطيني، كان اللبنانيون الخارجون للتو من الانتخابات النيابية يتابعون الانتفاضة السلمية الشعبية العارمة رفضاً لقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي ارسل فريقاً من ادارته للاشراف على نقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة باعتبارها عاصمة دولة إسرائيل، ضارباً بعرض الحائط المشاعر والحقوق العربية، وحتى المصالح الأميركية في هذه المنطقة الساخنة من العالم.
ولبنان المتعاطف اصلاً مع القضية الفلسطينية، رفض على لسان الرئيس سعد الحريري إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، معتبراً ان نقل السفارة الأميركية إلى القدس خطوة من شأنها ان تضع كل المسارات السلمية في المنطقة امام جدار مسدود.
ولئن كان المجلس النيابي، يلتئم الثلاثاء المقبل للتجديد للرئيس نبيه برّي وانتخاب نائب رئيس للمجلس، لا يرى حزب الله مشكلة في انتخابه، في ظل توجه يقضي ان يكون من التيار الوطني الحر، في ضوء طبخة يجري انضاجها، عبر مشاورات يتولى جانب منها حزب الله، بعد ان كان أمينه العام السيّد حسن نصر الله كشف ان لا بدّ من ترتيب العلاقة بين حليفه حركة «أمل» والتيار الوطني الحر.. فإن مجلس الوزراء، يعقد جلسة ربما تكون الأخيرة غداً، حافلة بالمواضيع، وبجدول أعمال من 83 بنداً على ان يطرح ملف الكهرباء من خارج جدول الأعمال.
وتوقفت مصادر سياسية عند الكلام المنقول عن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والذي لفت فيه إلى انه «بموجب القانون السابق كان يتم تشكيل حكومات اتحاد وطني فيما يمكن بموجب القانون الجديد ان تشكّل حكومة أكثرية، وبقاء المعارضة خارجها، إذا رغبت.
وداعية أم لا؟
إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» انه لا يمكن الجزم منذ الآن، ما إذا كانت جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد غداً الأربعاء في بعبدا، والمتخمة ببنود فضفاضة تتجاوز المائة بند، ستكون الجلسة الوداعية الأخيرة لحكومة «استعادة الثقة»، خصوصاً وان المجلس لن يتمكن من الانتهاء من مناقشة جميع بنود جدول أعماله، لا سيما وان بينها ملفات خلافية، مثل ملف الكهرباء، إلى جانب مواضيع إنمائية وتربوية عديدة تثير إشكالات مثل اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة (البريفيه) والترخيص للجامعة الارثوذكسية، وهو بند مؤجل من السنة الماضية، وان ادرج مع مجموعة من التراخيص لفروع جامعية في عدد من المناطق.
وأكد وزير الزراعة غازي زعيتر في تصريح لـ«اللواء» أن فرضية انعقاد جلسة أو جلستين للحكومة غير مستبعدة والا فإن ثمة بنودا سترحل إلى الحكومة الجديدة. ولفت إلى أن بنودا تتصل بالاملاك البحرية تأخذ وقتا من النقاش.
وأفادت المصادر الوزارية أن مجلس الوزراء سيتوقف عند العملية الانتخابية التي تمت ويجري تقييما لها مع العلم أن معظم الفرقاء باشروا بإجراء هذا التقييم، وطلب وزير شؤون النازحين معين المرعبي عبر اللواء بتوضيح بعض الأمور المتصلة بهذه العملية.
وعلم من المصادر الوزارية ان الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، سيتوجهان إلى المجلس عن مرحلة عمل الحكومة وما حققته، على ان يتركا مسألة ما إذا كانت الجلسة الأخيرة أم لا إلى مجريات النقاش الذي سيحصل، ولا سيما وان جدول الأعمال الذي وزّع على الوزراء يتضمن 83 بنداً، أضيف إليه ليلاً ملحق من 9 بنود.
وعلمت «اللواء» ان التحضيرات انطلقت في قصر بعبدا للافطار الرئاسي الذي يقيمه رئيس الجمهورية لشخصيات سياسية ودينية لمناسبة شهر رمضان المبارك، مثلما جرت عليه العادة، الا ان موعده لم يُحدّد بعد.
ويتصدر جدول أعمال جلسة الغد، مجموعة بنود تتعلق بوزارة الطاقة والمياه، من بينها البند رقم 80 والذي يتحدث عن الإجراءات الواجب اتخاذها بأسرع وقت ممكن لإنقاذ قطاع الكهرباء، والتي تمّ تأجيل البحث فيها في جلسة 26/4/2018، وقبله البند 79 والذي يتعلق بعرض وزارة الطاقة والمياه التعديلات اللازمة على النموذج الحالي الأوّلي لعقد شراء الطاقة المنتجة من الرياح مع الشركات الثلاث موضوع قرار مجلس الوزراء رقم 43 تاريخ 2/11/2017، وبعده البند 81 وفيه عرض وزارة الطاقة والمياه لدفتر شروط محطات استقبال الغاز السائل.
والبارز في جدول الأعمال أيضاً، عودة البحث مجدداً في موضوع الترخيص لمطرانية الروم الارثوذكس في بيروت بإنشاء جامعة باسم «جامعة القديس جاورجيوس في بيروت»، وهو بند مؤجل من جلسة 5/7/2017، لكن اللافت، ان هذا الموضوع أدرج على سبيل التسوية مع مجموعة من بنود الترخيص لفروع جامعية عدّة سواء في الجبل أو صيدا أو طرابلس وزغرتا وزحلة ودير القمر وصور (من البند 5 إلى البند 13).
وتزامن طرح هذه الموضوعات مع طرح اقتراح قانون يرمي إلى إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة (البند 28) إلى جانب مشروع مرسوم يرمي إلى تحديد الشروط العامة للتعيين والترفيع لأفراد الهيئة التعليمية في الجامعة اللبنانية.
وأوضح وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده عن أنّ «ما يتم تداوله حول إمكان إلغاء الامتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة هو اقتراح قانون صادر عن عدد من النواب وليس مشروع قانون صادر عن الحكومة وعن الوزارة المختصة، وبالتالي فإنه يعرض على الحكومة لإبداء الرأي»، مشيراً إلى ان الاقتراح سبق ان عرض عليه قبل نحو سنتين، وكان رأى الوزارة بعدم الموافقة لأسباب تربوية، وان موقف الوزارة يبقى على حاله، لافتاً إلى ان الوزارة «أعادت نشر مواعيد اجراء الامتحانات الرسمية للشهادتين المتوسطة والثانوية العامة بفروعها الأربعة تأكيداً على موقفها».
الرئاسة والحكومة
في هذه الاثناء، انهمكت القوى السياسية في تقويم نتائج المشاورات الداخلية، التي جرت خلال اليومين الماضيين، بين الرؤساء الثلاثة، سواء لجهة الاستحقاقات الدستورية المقبلة، على صعيد إعادة هيكلة المؤسسات، في ضوء نتائج الانتخابات النيابية، اوعلى صعيد سياسة المحاسبة التي ظهر منها إلى العلن، القرارات التنظيمية للرئيس سعد الحريري، الذي أقصى مسؤولين في الماكينة الانتخابية واقال آخرين لم يحققوا الهدف الانتخابي لتيار «المستقبل»، لأكثر من سبب لم يعد خافياً على أحد، فيما بقيت استقالة مدير مكتب الحريري نادر الحريري بعيدة عن الحسابات الانتخابية، وفق تأكيد أكثر من مصدر في «التيار الازرق» الذين استبعدوا وجود رابط بين الاستقالة وقرارات الحريري، وعزوها إلى كونها مجرّد مسألة شخصية.
اما بالنسبة للاستحقاقات الدستورية، وخاصة بالنسبة إلى رئاسة المجلس وتشكيل الحكومة، فإن الشيء المعلن ان لا ثوابت لدى أي من الفرقاء أو الكتل النيابية حتى الساعة في شأن التسميات، باستثناء حسم الثنائي الشيعي ومعه المستقبل التصويت للرئيس نبيه برّي لرئاسة المجلس، وكتلة المستقبل لتسمية الرئيس الحريري لرئاسة الحكومة، وفيما عدا ذلك، ما زال خاضعاً للمشاورات، أو ان معظم الأطراف لم تحسم قرارها بين التصويت أو الاقتراع الأبيض أو غيرها من الخيارات المطروحة، على ان تحدد مواقفها النهائية في اجتماعات تعقدها عشية هذه الاستحقاقات التي لم تعد بعيدة، ولم يعد يفصلنا عنها سوى أسبوع واحد، بعد ان تحدد موعد جلسة انتخاب رئيس المجلس مبدئيا يوم الثلاثاء المقبل، فيما توقع النائب فريد هيكل الخازن، بعد لقاء الرئيس برّي ان تعقد الأربعاء في 32 الحالي.
لكن مصادر وزارية قريبة من بعبدا، رفضت إعطاء أي ابعاد لموقف الرئيس عون سوى التذكير بموقف سابق له.
اما السيّد حسن نصر الله، الذي اطل بعد الشاشة في الذكرى السنوية الثانية لرحيل القيادي في الحزب مصطفى بدر الدين، فلم يشأ الدخول في مسألة شكل الحكومة الجديدة، وان كان قد دعا إلى تشكيلها من دون أي تأخير، مكتفيا بالتأكيد على ان موضوع رئاسة مجلس النواب محسوم للرئيس برّي.
«موقفنا واضح ولدينا معطيات أنّ بعض الدول الإقليمية تقول بعدم الإستعجال بتشكيل حكومة وأخذ البلد الى مأزق؛ لكن الإصغاء إلى هذا الكلام لا يخدم المصلحة الوطنية»، مؤكّداً أنّ «المصلحة أن نتعاون جميعاً لتشكيل حكومة بدون أي تأخير. وقال: جو البلد جو تعاون وتوافقي وجو تفاهم ولا أحد يأخذ البلد إلى صراعات لأنّنا نرى المنطقة حولنا»، مشدّداً على أنّ «المطلوب روح التعاون والوعي والنظرة إلى الوضع الداخلي».
الكتلة المستقلة
الى ذلك استمرت الاتصالات والمساعي لتشكيل تكتل نيابي واسع من تيار المردة والنواب المستقلين غير الحزبيين وهم يشكلون عددا لا بأس به من شأنه ان يؤثر على مجريات العمل النيابي وتشكيل الحكومة الجديدة، حيث يبلغ عدد هؤلاء نحو 15 نائبا وقد يكبرالعدد اكثر، اذا اقتنع الرئيس نجيب ميقاتي بالانضمام الى تكتل المستقلين، مثل النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد والدكتور اسامة سعد والدكتور عدنان طرابلسي (النائب الوحيد التابع لجمعية سياسية- الاحباش) وفريد هيكل الخازن ومصطفى الحسيني، وفؤاد مخزومي، واللواء جميل السيد، إلا اذا قرر الاخير الانضمام لتكتل «حزب الله» النيابي.
وعلمت «اللواء» من مصادر النائب كرامي، ان الامر الوحيد الذي اتفق عليه هو التحالف مع كتلة تيار «المردة»، بعداتصال من رئيس التيار سليمان فرنجية بكرامي طالبا التعاون والتنسيق، وتم  الاتفاق على المبدأ العام بالتعاون والتحالف لكن سيجري البحث بالتفاصيل بعد عودة النائب كرامي من لندن، فيما جرت ايضا اتصالات من  قبل الرئيس نجيب ميقاتي مع كرامي والصمد للتعاون في تجمع نيابي طرابلسي او شمالي بهدف تجميع القوى في مشاريع انمائية للشمال، لكن لم يتم الاتفاق على التفاصيل ايضا.
وردت أوساط النائب كرامي على ما نسب إلى مصادر «التيار الوطني الحر» حول شروط ومعايير التوزير في الحكومة المقبلة، ورفض توزير أي شخص من كتلة صغيرة، وتمسية نائب طرابلس بالاسم، فأكدت أن زمن وصاية التيار الحر  على الحكومة وعلى رئيسها انتهى الى غير رجعة، وان وصايته على تشكيل الحكومات أيضاً أصبحت من الماضي، وعليه ان يعتاد على نمط جديد في السياسة وعلى نواب وشخصيات لها استقلاليتها ووزنها السياسي وحضورها الشعبي».
الدستوري
وبعد جلسة ماراتونية استمرت 4 ساعات اصدر المجلس الدستوري امس قراره بابطال 7 مواد من موازنة 2018، بينها المادة 49 التي تعطي الأجانب حق الاقامة في حال تملك شقة في لبنان لمخالفتها الدستور وتمريرها من داخل الموازنة دون ذكر للتوطين من قريب او بعيد ، وذلك بموجب الطعن الذي كان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل  و9 نواب آخرين تقدموا به في 24 نيسان الفائت، في قرار اتخذ بغالبية 9 أعضاء من أصل 10 في ظل اعتراض نائب الرئيس القاضي طارق زيادة الذي طالب بضرورة ابطال المادة 87 من الموازنة التي تنص على وجوب قطع الحساب قبل نشر قانون الموازنة، والتي رد المجلس الطعن فيها.
وقضى القرار أيضاً بابطال عدد من مواد الموازنة لمخالفتها الدستور في ادراج بعض القوانين التي ليس لها علاقة مباشرة بصلب الموازنة اومن فرسان الموازنة التي يجب ان تأتي بقوانين خاصة عادية (كدوام العمل الأسبوعي للموظفين والعطلة القضائية واعطاء سلفة خزينة الى مؤسسة كهرباء لبنان واحداث ضريبة او تعديلها او الغائها الا بموجب قانون)، في وقت لم يبطل المجلس الموازنة كاملة ، (وهو ما طالب به مقدمو الطعن باعتبار أنها أقرت من دون قطع حساب)، وعلل المجلس ذلك بالأهمية الاستثنائية التي أولاها الدستور للموازنة العامة لا يجوز للحالة الشاذة المتمثلة في غياب قطع الحساب لسنوات عدة، ان تحول دون إقرار الموازنة العامة للعام 2018.