توافق على استعجال الحكومة .. واتفاق حول رئيس المجلس ونائبه
برّي فاتح عون بحقيبة المال .. وجعجع يطوي صفحة الخلاف مع الحريري ويتمسك بالمشاركة في الوزارة
15 أيّار 2018، سبعون عاماً على نكبة الشعب الفلسطيني، ملحمة العودة الكبرى، امتدت خارج فلسطين، فلبى أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني الدعوة إلى «مسيرة العودة الكبرى» تنديداً بالنكبة، واصراراً على العودة، واحتجاجاً واستنكاراً للقرار الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وهتف هؤلاء من قلعة الشقيف قبالة الأراضي الفلسطينية المحتلة للقدس، وغزة على وقع الأغاني الوطنية الحماسية.
وفي 15 أيّار 2018، وعلى مرمى أسبوع من انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه وهيئة مكتب المجلس، زار الرئيس نبيه برّي قصر بعبدا، وبحث مع الرئيس ميشال عون في جلسة أكثر من ممتازة: عمل المجلس، التشريعات، القوانين.
والاهم ما كشفه الرئيس بري من أن الاتفاق تمّ على انتخاب رئيس المجلس وهيئة المجلس من دون الدخول في التفاصيل أو الأسماء، مضيفاً: «لم نتحدث عني وأنا لا طلبت ولا انوعدت».
ولم يغفل رئيس المجلس الذي تنتهي ولايته يوم الاثنين المقبل، الإشارة إلى انه يتعاطى مع شرائح المجتمع، والوزير باسيل من هذه الشرائح.
لكن مصادر مطلعة قالت لـ«اللواء» ليلاً، انه تمّ الاتفاق على تأييد تيّار لبنان القوي للرئيس برّي كرئيس للمجلس، على ان يكون نائب الرئيس من حصة التيار الوطني الحر، ويرجح ان يكون النائب المنتخب الياس أبو صعب.
والحدث السياسي الثاني، قبل جلسة مجلس الوزراء، كان لقاء «غسيل القلوب» في بيت الوسط بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، الذي استفاض في إعطاء معلومات في تصريحه بعد اللقاء ان لجهة إبداء رأيه في الحكومة الجديدة، أو انتخاب رئيس المجلس، أو من حجز مكان «للقوات» في الحكومة الجديدة، من دون التوقف عند التمسك بوزارة الطاقة، «واكرر امام الجميع اننا لا نطالب بحقيبة معينة» (والكلام لجعجع)..
وقالت مصادر سياسية ان عملية التأليف أسرع مما هو متوقع، وان البلاد لا تتحمل، وان توافقاً بين كل الكتل حول ذلك، ضمن الأطر الدستورية.
وأشارت إلى ان لا عقبات بارزة وأساسية تواجه التأليف.
ولفتت إلى ان زيارة وزير المال علي حسن خليل إلى السراي الكبير، جاءت في إطار التشاور ووضع الرئيس الحريري في أجواء لقاء عقد بين الرئيسين عون وبري.
لقاء عون – برّي
وإذا كان لقاء الـ40 دقيقة بين الرئيسين عون وبري، وهو الأوّل بينهما منذ حضورهما معاً قدّاس مار مارون في 6 شباط الماضي، لم يكن بمثابة فتح صفحة جديدة بينهما، بل هو عبارة عن صفحات متجدّدة، على حدّ تعبير برّي، فإن الإشارات التي أطلقها رئيس المجلس بعد اللقاء، اوحت ان الرجلين خرجا باتفاق على كل المواضيع التي طرحت، سواء على صعيد انتخابات رئاسة المجلس، أو على صعيد الحكومة الجديدة، بما يؤشر إلى ان انطلاقة المجلس النيابي الجديد وإعادة هيكلة المؤسسات الدستورية، ستكون هادئة وسلسة، يحوطها تطابق في الرؤية والنظرة الى كل الأمور، وان كانت العبرة في التنفيذ ليست فقط على عاتق الرئيسين، بل على همة جميع اللبنانيين، ودائماً بحسب برّي الذي اكد ان اللقاء كان أكثر من «ممتاز»، موضحاً ان «البحث تناول كل المواضيع المستقبلية، خصوصاً عمل المجلس النيابي والمشاريع التي يجب استعجالها والقطاعات التي يجب إعادة الاهتمام بها وتغييرها»، لافتاً «الى ان البحث لم يتطرق إلى موضوع الأسماء سواء بالنسبة الى رئاسة المجلس النيابي ولا الى تفاصيل الحكومة وأسماء الوزراء».
وقال رداً على سؤال «اننا اتفقنا على ان هناك انتخاباً لرئيس المجلس ومكتب المجلس، ولم ندخل في الأسماء سواء بالنسبة لي أو بالنسبة لغيري، وأنا لم أطلب ولم اتلق وعداً».
وعما إذا كان رئيس الجمهورية سيعامله بالمثل في انتخاب رئيس المجلس، قال بري: «هذا حقه إذا اراد».
ومساءً، جدد برّي قوله امام زواره ان زيارته لقصر بعبدا كانت «ممتازة جداً»، وانه «توافق والرئيس عون على تسريع تأليف الحكومة لمواجهة الاستحقاقات»، مشدداً علىانه لم يتم الدخول في الأسماء لا من قريب ولا من بعيد.
الا ان برّي أوضح انه فاتح الرئيس عون بموضع نائب رئيس المجلس، انطلاقاً من انه يحق لتكتل «لبنان القوي» ان يكون له مرشّح لهذا المركز، باعتبار انه يملك كتلة نيابية كبيرة، فأكد له رئيس الجمهورية انه سيبلغه باسم مرشّح التيار لهذا المركز بعد ان يجتمع التكتل.
ومن جهتها، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» ان لقاء عون – برّي اتسم «بالايجابية في كل مفاصلة»، وانه ساهم بنسبة كبيرة في إشاعة أجواء ارتياح، لا سيما بالنسبة للعلاقة المستقبلية بين رئيس المجلس ورئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، باعتباره من «مكونات المجتمع السياسي»، وان المرحلة المقبلة يمكن ان تطوي صفحة العلاقة المتأزمة بينهما، بتأكيد انفتاح برّي على كافة مكونات المجتمع اللبناني.
وقالت المصادر ان البحث تناول الاستحقاقات المقبلة دون الدخول في تفاصيل الأسماء أو الحقائب أو توزيع الوزراء، مشيرة إلى أن برّي عكس مناخاً سياسياً جيداً في ظل انطلاقة عمل البرلمان الجديد، وما يلي ذلك من تكليف رئيس الحكومة وتشكيل الحكومة.
ولفتت إلى ان النقاش لجهة ورشة العمل النيابي المتظرة كان بناء، ونفت ان يكون الرئيس برّي فاتح رئيس الجمهورية بإصرار حركة «أمل» على الاحتفاظ بحقيبة المال.
كما أوضحت ان رئيس مجلس النواب أكّد مجدداً حرصه على الدستور والتزامه به وتأكيده على مقام رئاسة الجمهورية من خلال زيارته لبعبدا والبحث في ملفات المرحلة المقبلة.
مقايضة
وفي تقدير مصادر نيابية متابعة، ان مشكلة من يشغل منصب نائب رئيس المجلس النيابي مرتبطة بالاتفاق على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب والاتفاق سلفاً على تسمية نائب رئيس الحكومة، ذلك ان مصادر القوات تؤكد انه اذا بقي المنصب لها فلن تطالب بمنصب نائب رئيس المجلس اما اذا ذهب المنصب للتيار الوطني الحر او «تكتل لبنان القوي» المستحدث بدل «تكتل التغيير والاصلاح»، فأنها ستطرح اسم احد نوابها الارثوذوكس لانتخابه للمنصب والمرجح ان يكون نائب بيروت عماد واكيم.
لكن مصادر «تكتل لبنان القوي» ترى انه من حقه كتكتل نيابي كبير ان يكون منصب نائب رئيس المجلس لأحد نوابه، كما انه من حق «التيار الوطني الحر» كتيار سياسي كبير ان يكون منصب نائب رئيس الحكومة من حقه أيضاً طالما انه سيتمثل في الحكومة، وتضيف: ان منصب نائب رئيس الحكومة يكون عادة من حصة رئيس الجمهورية او ان اختياره يتم بموافقته، فهكذا حصل في كل العهود تقريباً.
وبحسب المصادر المتابعة، فإن الموضوع ما زال عُرضة للنقاش بين الكبار، والقرار بشأنه سيتخذه الرؤساء عون وبري وسعد الحريري، وهو عُرضة أيضاً لما ستسفر عنه الاستشارات النيابية الملزمة، وإلى كيفية معالجة الخلافات بين التيار الحر والقوات اللبنانية حول المنصبين في حال لم يتنازل أحدهما عن منصب منهما.
لقاء الحريري – جعجع
ولم تستبعد بعض المصادر ان يكون هذا الموضوع قد اثير في اللقاء الذي جمع في «بيت الوسط» مساء الرئيس الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، إلى جانب موضوع العلاقة بين تيّار المستقبل وحزب القوات، ولا سيما وان اللقاء كان الأوّل بين الرجلين منذ القطيعة التي فاقمت الخلافات بينهما على اثر استقالة الحريري في الرياض في تشرين الثاني، من دون ان تنفع الوساطات التي قام بها الوزيران غطاس خوري عن «المستقبل» وملحم رياشي عن «القوات» في إيجاد قواسم مشتركة تعيد وصل ما انقطع بين الرجلين، على رغم «اللقاء اليتيم» بينهما، خلال تدشين جادة الملك سلمان بن عبد العزيز في 3 نيسان الماضي، وشارك في حضوره رئيس «اللقاء الديمقراطي» النائب وليد جنبلاط، علما «ان آخر لقاء بين الحريري وجعجع عقد في معراب في 23 حزيران 2017».
وأوضح مصدر في «القوات» ان جعجع رغب بزيارة «بيت الوسط» برفقة الوزير رياشي، من أجل اجراء حوار سياسي مع الحريري من أجل التفاهم على عناوين سياسية للمرحلة المقبلة، قبل مسألة تكليف الحريري رئاسة الحكومة الجديدة، نافياً ان يكون لدى القوات أي شروط لتسمية الحريري.
وبحسب ما أكّد جعجع بعد اللقاء، الذي تخلله عشاء عمل، في حضور الوزير خوري والوزير السابق باسم السبع، فإن الرئيس الحريري كان مستمعاً لكل ما طرح بالنسبة للحكومة الجديدة، مؤكدا الحاجة إلى مرحلة جديدة كليا، وإلى انطلاقة حكومية جديدة، وإلا فسوف نحصل على نفس النتائج، لافتا إلى أن ما يجمع القوات والمستقبل أكبر بكثير مما يفرقهما.
وقال: «لا شك أن المرحلة الماضية شهدت تساؤلات وتساؤلات مضادة بيننا و»المستقبل» والكلام عن إعتقال الحريري وتقديم «القوات» الشكاوى ضده كلام لا معنى له، والزمن طوى تلك الصفحة. وأنا اليوم هنا بتنسيق ثنائي، فقد حاولنا الوصول الى تصور حول الحكومة الجديدة. وأكرر أن النائب نائب والوزير وزير ولمست هذا الميل لدى الرئيس الحريري».
وكرر جعجع أمام الجميع «أننا لا نطالب بحقيبة معينة».
وعن تفاهم معراب، اردف: «الإتفاق لم ينته، ونشعر بالفرح نتيجة العلاقة الموجودة بين الحريري والعهد، وتفاهمنا مع الحريري يأتي في السياق ذاته، ومكانة الرئيس بري معروفة لدينا منذ السابق وحتى اليوم، وبالسياسة لكل حادث حديث».
وختم: «الحكومة كل لا يتجزأ وإذا لم يتعامل جميع الأفرقاء بالشكل الصحيح لا يمكننا الوصول الى أي مكان».
حقيبة الشؤون
إلى ذلك، دخلت حقيبة الشؤون الاجتماعية التي كانت تتولاها «القوات اللبنانية» بشخص الوزير بيار بوعاصي، في بازار الخلاف على الحقائب الوزارية في الحكومة الجديدة، إلى جانب وزارات الطاقة والاشغال والاتصالات التي تضع القوات عينها عليها، بما يؤشر إلى ان هذه الحقيبة باتت في مصاف الحقائب السيادية الأربع، ولكن هذه المرة من باب علاقة «الشؤون» بملف النازحين السوريين الذي يعتبره التيار الوطني الحر أولوية بالنسبة إليه، على حدّ تعبير رئيسه الوزير جبران باسيل، ويشترط ان تكون عبارة «العودة الآمنة للنازحين» ضمن البيان الوزاري للحكومة، وكأن الشؤون هي التي تتولى رسم سياسة الحكومة حيال النازحين، علماً ان عملها يقتصر على تأمين ايواء هؤلاء وتقديم المساعدات لهم، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، الا إذا القصد من وضع اليد عليها وقف هذه المساعدات، و«تدفيش» النازحين إلى خارج لبنان.
وكان مصدر رفيع في التيار، يعتقد أن الوزير باسيل، قد غمز من قناة ما وصفه بـ «التباس» موقف القوات تجاه النزوح السوري، مؤكدا انه «لن يقبل بتسليم وزارة الشؤون الاجتماعية كما في السابق إذا لم يكن هناك التزام بسياسة واضحة من النزوح السوري».
واستدعي هذا الموقف ردا سريعا من جعجع الذي أصدر بيانا أكّد فيه ان «وضع خطة واضحة لعودة النازحين في كل المناطق السورية التي أصبحت خارج الصراع المسلح ستكون أول مهمة للحكومة الجديدة»، مؤكداً رفضه «لأي تفكير، أو بحث أو خطوة باتجاه إبقاء النازحين في لبنان، ولو مرحلياً، مشيراً إلى ان «لبنان ليس أرضاً من دون شعب».
وفي السياق، علم ان جلسة انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة مكتب المجلس ستنعقد رسمياً يوم الأربعاء في 23 أيار، أي بعد يومين من انتهاء ولاية المجلس الحالي، وسيوجه رئيس السن النائب ميشال المرّ الدعوات يوم الاثنين المقبل، عند تسلمه مهامه لدى بدء ولاية المجلس الجديد.
مجلس الوزراء
على صعيد آخر توقعت مصادر وزارية أن تكون جلسة مجلس الوزراء اليوم جلسة القرارات قدر المستطاع وان هناك رغبة في تمرير الملفات المؤجلة قبل أن تتحول إلى حكومة تصريف الأعمال .
ولفت وزير الطاقة سيزار أبي خليل الى ان الأجواء طبيعية بالنسبة لملفات الكهرباء التي سيطرحها اليوم الا إذا كانت هناك نوايا سلبية تريد تعطيل اتخاد القرارات، كاشفاً بأن مسألة البواخر ما زالت مطروحة، وان وزارته تلقت عرضاً باستجرار الطاقة من سوريا مع تعديل طفيف جداً في الأسعار، الا ان خطوط النقل لا تسمح الا باستجرار 276 ميغاوات من سوريا، علماً ان ثمة حاجة إلى طاقة أكبر، خصوصاً والبلاد مقبلة على فصل الصيف.
وتوقعت المصادر أيضاً ان لا يمر اقتراح إلغاء الشهادة المتوسطة «البريفيه» في المجلس اليوم للاعتبارات التربوية التي شرحها وزير التربية مروان حمادة علماً ان الاقتراح كان تقدّم به النائبان سيرج طور سركيسيان ونديم الجميل قبل سنتين، ولم تتم الموافقة عليه في حينه.
تجدر الاشارة إلى ان الملحق الذي وزّع على الوزراء وتضمن 9 بنود، بحسب ما أشارت إليه «اللواء، أبرزها طلب وزارة الاشغال نقل اعتماد إلى موازنة المديرية العامة للطيران المدني، وتحديد مراكز معالجة النفايات المنزلية وتطويع تلامذة ضباط.