إرتفاع الطعون إلى 40.. وبوادر أزمة بين لبنان والأمم المتحدة حول النازحين
ترجّح مصادر واسعة الاطلاع الا تنجح الجهود السياسية في إصدار مراسيم تأليف الحكومة في الأيام الثمانية التي تفصل عن عيد الفطر السعيد، بدءاً من يوم الجمعة في 15 الجاري.
وتعزو المصادر الأسباب إلى تباطؤ حركة الاتصالات والانشغال بملفات أخرى كترسيم الحدود ومرسوم التجنيس، وآخرها ما كشف عن توجه دولي لثني النازحين السوريين من العودة إلى بلادهم، لاعتبارات منها سوقهم إلى الخدمة الاجبارية، وان منازلهم هدمت، وان مجرّد دعوتهم ستفقدهم حقهم بالمساعدات الأممية العينية والمالية والإنمائية، وسط بوادر ازمة بين لبنان والمفوضية الدائمة للنازحين السوريين.
وأكّد مصدر شبه رسمي ان هذا الموضوع يتقدّم سواه، وان كانت الأولوية تبقى لإنجاز تأليف الحكومة..
وفي هذا الإطار، ذكر معنيون بعملية التأليف ان مقاربة الرئيس المكلف تنطلق من اعتماد هيكلية حكومة تصريف الأعمال، وبناء الحصص على أساسها في ضوء تمثيل الطوائف على أساس المناصفة ونسبياً بين المذاهب والمناطق، وعليه، تتحدث المعلومات عن:
1 – تكون حصة السنّة 6 وزراء، الكلمة الفصل في تسميتهم للرئيس سعد الحريري وتيار «المستقبل».
وتتحدث المعلومات عن ان التيار سيطالب بتسمية وزير مسيحي، ليقبل بالتنازل عن تسمية السنّة الستة.
ومن الأسماء المتداولة في هذا الإطار، إسناد وزارة الداخلية لوزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال جمال الجراح، واسناد وزارة الاتصالات إمّا إلى الوزيرة السابقة ريّا الحسن، أو المهندس نبيل عيتاني.
2 – الحصة الشيعية 6 وزراء: مناصفة بين «امل» وحزب الله، على ان تكون وزارة المالية من حصة الوزير الحالي علي حسن خليل، وتتمثل الحركة بوزير بقاعي شاب، لن يكون وزير الزراعة الحالي غازي زعيتر.
وبالنسبة لحزب الله، فسيكون له وزارة خدماتية من حصته، قد تكون اما الصحة، أو الشؤون الاجتماعية، على ان يتولى مركز الدراسات والاستشارات في الحزب عبد الحليم فضل الله وزارة التخطيط عندما تنشأ في حين انه بالإضافة إلى الوزير الحالي محمّد فنيش، يطرح اسم نائب رئيس المجلس السياسي محمود القماطي أو النائب السابق نوار الساحلي.
3- الموارنة الستة يتوزعون أربعة للتيار الوطني الحر أو ثلاثة على ان تكون حصة المردة واحداً وآخر للقوات أو الكتائب.
4 – وبالنسبة إلى الدروز فحصتهم ثلاثة على ان يبقى النائب طلال أرسلان وزيراً، مقابل البحث الجاري عن استبداله بوزير ارثوذكسي أو كاثوليكي.
يذكر ان الرئيس الحريري التقى أمس النائب أرسلان.
5 – الأرمن: يطالب حزب الطاشناق بتسمية الوزيرين الارمنيين، وربما كان نائب الاشرفية في التيار انطوان باتو.
6 – ويبقى التمثيل الارثوذكسي والكاثوليكي فسيتوزعون بين التيار و«القوات». وتردَّد ان النائب السابق مروان أبو فاضل، سيكون في الحكومة المقبلة عن اللقاء الارثوذكسي المقرب من التيار الوطني الحر.
العقد الحكومية
وفيما تراجعت نسبياً الحملة الإعلامية المناهضة لمرسوم التجنيس، ربما، في انتظار نشر الأسماء التي تضمنها المرسوم التائه بين من يريد نشرها عبر وزارة الداخلية، أو من خلال الموقع الالكتروني للأمن العام، وسط معلومات تؤكد ان أي قرار بالنشر لم يؤخذ بعد، كان من الطبيعي ان يستعيد ملف تشكيل الحكومة حيويته مع الاهتمام اللازم في شأنه، على الرغم من ان العقد ذاتها ما زالت تتحكم بمفاوضات التأليف، سواء ما يتعلق بعقدة التمثيل الدرزي، أو عقدة تمثيل «القوات اللبنانية»، في الوقت الذي نقلت مصادر متابعة عن الرئيس المكلف سعد الحريري قوله ان العقد ستحل تدريجيا، واستندت المصادر في تفاؤل الحريري الى ان عقدة التمثيل الدرزي يمكن ان تُحل بمنح كتلة «اللقاء الديموقراطي» وزيرين درزيين ووزير مسيحيي، في حال اصر «تكتل لبنان القوي» عى تمثيل الوزير طلال ارسلان من حصته.
لكن المصادر قالت ان عقدة «القوات» لا زالت قيد البحث بسبب إصرارها على حصة وزارية مماثلة لحصة «تكتل لبنان القوي»، برغم فارق عدد نواب الكتلتين، واعتبرت ان «القوات» قد تكون رفعت السقف عاليا و«كبّرت الحجر» من اجل سير التفاوض على حصة وزارية مقبولة لها من حيث العدد ومن حيث الحقائب، لكن هذا الأمر من شأنه اطالة امد تشكيل الحكومة لا تقصيره وتسهيله.
كذلك المحت المصادر الى عقدة مخفية وغير معلنة حتى الآن، تتمثل في مطالبة «تكتل لبنان القوي» بسبعة وزراء له واربعة لرئيس الجمهورية اي 11 وزيرا، ما يعني الحصول على الثلث الضامن والتحكم بمصير الحكومة، وهو امر قد لا يقبله الرئيس المكلف، بخاصة انه قد يفتح شهية الكتل الكبرى الاخرى مثل كتلتي الرئيس نبيه بري و«حزب الله» وحلفائهما على المطالبة بالثلث الضامن الثاني ايضا، ما يعني امساك جميع القوى السياسية بعنق الحكومة والتحكم بمسار الامور فيها. بينما سبق والمح الرئيس الحريري الى رفضه منح الثلث المعطل او الضامن لأي طرف.
اما الرئيس الحريري، فبقى محافظاً على تكتمه بالنسبة لمفاوضات تشكيل الحكومة. ولم يشأ في افطار قطاع المهن الحرة في تيّار «المستقبل» الذي أقيم في مركز «سي سايد» («البيال» سابقاً) الكشف عن أية تفاصيل، لكنه أعلن «استمراره في التفاؤل للوصول لفريق عمل حكومي يضع مصلحة البلد قبل المصالح الخاصة والمصالح الحزبية»، الا انه نبّه إلى ان «التحديات الاقتصادية التي امامنا، ومخاطر الاشتباك الإقليمي واعباء النزوح السوري، لا تعطي أحداً منا حقوقاً في تضييع الوقت وممارسة الترف السياسي وعرض العضلات» في إشارة واضحة إلى حجم مطالب الكتل النيابية في موازاة ما أفرزته نتائج الانتخابات النيابية، لافتا إلى ان «الكلام عن الحصص، بالشكل الذي نسمعه هو آخر هم لدى النّاس، لأنه في النهاية قلنا، احزاباً وقيادات وطوائف، في حصة البلد، وعملنا ان نخدم المواطن والدولة لا ان نكون عبئاً على المواطن والدولة».
وشدّد على ان تأليف الحكومة مسؤولية مباشرة عليه وعلى رئيس الجمهورية، وان القوى السياسية معنية بتقديم اقتراحاتها وتسهيل مهمة التأليف والوصول لصيغة وفاق وطني قادرة على تحقيق الإصلاحات الإدارية ومكافحة كل وجوه الهدر والفساد، وتوجيه رسالة لكل الأشقاء والأصدقاء في العالم ان لبنان يستحق الدعم».
إلى ذلك، أوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء» أن ملف تشكيل الحكومة لا يزال في بداياته وان أي مسودة لم تتظهر بعد. وقالت إن هناك اتصالات تجري في الكواليس لكنها لم ترتق إلى مستوى المسودة.
ولفتت إلى أن أية أسماء لم يتم تداولها بعد بشكل جدي، مشيرة إلى أن الرئيس الحريري لم يتلق أي أسماء مرشحة من الكتل.
وذكرت أن كلامه لا يزال إيجابيا لكن ما من شيء ملموس إلا إذا كانت الطبخة الحكومية تجري ببطء ومن دون ضجيج وهو الخيار المرجح. وقالت إن أي تطور معين يستدعي لقاء بينه وبين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
مرسوم التجنيس
في غضون ذلك، لم يطرأ أي جديد على صعيد مرسوم التجنيس، بانتظار بدء المديرية العام للأمن العام اليوم، مرحلة التدقيق لتنظيف المرسوم من الأسماء التي قد تكون موضع شبهة، الا ان هذه المرحلة تستلزم نشر الأسماء ليطلع عليها الرأي العام اللبناني، في حال رغب أحد من المواطنين الابلاغ عن معطيات أو معلومات يملكونها حول الأسماء الواردة منه، في إشارة هنا إلى ما يُمكن ان تقوم به الأحزاب الثلاثة المعترضة: الكتائب و«القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» للطعن بالمرسوم، علماً ان عملية تنظيف المرسوم باتت مسؤولية مباشرة للأمن العام بموجب طلب الرئيس ميشال عون من المدير العام اللواء عباس إبراهيم.
غير ان أوساط قريبة من العهد، سجلت مجموعة من الملاحظات حيال انفجار أزمة المرسوم، ومنها تزامن الحملة الإعلامية على رئيس الجمهورية، واستطراداً العهد من باب الاتهام بالفساد حتى الرشوة مع مسار تشكيل الحكومة بعد السجال الذي حصل على خلفية حصته وفصلها أو عدمه عن حصة «تكتل لبنان القوي»، لافتة، في هذا السياق إلى ان الموضوع اثير بعد 18 يوماً من توقيع المرسوم (وهي الفترة بين 11 أيار و29 منه)، حيث تمّ تسريب الخبر إلى منصة اعلامية ذات تأثير مباشر في الرأي العام المسيحي لاستغلاله ضمن السياق السياسي الموجه ضد العهد، ومحاولة التضييق على رئيس الجمهورية في مسار تشكيل الحكومة.
ولا تستبعد هذه الأوساط، ان تكون العبارة التي وردت في بيان كتلة «المستقبل» حول ما وصفته «التضليل الاعلامي»، إشارة ذات مغزى تتصل بمحاول للتضييق على الإعلام، وتحديداً لمواقع التواصل الاجتماعي بذريعة حماية حرية الإعلام، من خلال الاعداد لمشاريع أو اقتراحات قوانين، على غرار ما يجري في فرنسا التي يناقش برلمانها مشروع قانون ضد التلاعب بالاخبار مقدم من الرئيس ايمانويل ماكرون، أو المانيا التي وضعت قانوناً يفرض غرامات تصل إلى 50 مليون يورو على مواقع التواصل الاجتماعي يلزمه باتخاذ إجراءات حاسمة لإزالة الاخبار الكاذبة والتي تحرض على الكراهية في مهلة 24 ساعة.
عودة النازحين
وتزامناً، مع ما طرحته أزمة التجنيس من شكوك ومخاوف حيال أسماء السوريين الواردة في المرسوم، أكدت معلومات صحة ما ذهبت إليه «اللواء» من ان ملف عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وضع على نار حامية، استناداً إلى عودة الهدوء إلى عدد كبير من المناطق السورية، لكنها ألمحت إلى «أزمة صامتة» مرشحة للانفجار بين وزارة الخارجية والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، على خلفية الإجراءات الجارية لاعادة نحو 3000 نازح سوري من عرسال إلى الفليطة السورية والبلدات السورية المجاورة لها في القلمون السوري، إذ كشفت معلومات الخارجية ان المفوضية تعمد إلى تسجيل أسماء الراغبين بالعودة وتوجه إليهم أسئلة تثير ريبة هؤلاء وتدفعهم إلى عدم العودة، ومن بين هذه الأسئلة، انه إذا كان هذا النازح يعلم انه في بلده من دون رعاية أممية، وبأن الشبان سيخدمون في الجيش السوري، وان منزله قد لا يكون صالحاً للسكن، وان المساعدات الأممية ستتوقف عنه, وان أرضه ربما ليست صالحة للزراعة، وان لا عمل لديه في سوريا، وانه قد لا يتمكن من تأمين لقمة عيشه.
ولفتت إلى ان كل هذه الأسئلة من شأنها ان تُعرّقل العودة الطوعية، وفي ذلك اتهام مباشر لمفوضية اللاجئين بأن المسؤولين فيها لا يريدون ان يعود النازحون إلى سوريا، وان كانوا ليسوا ضد هذه العودة، وان الطريقة المستعملة لن تحرك أي نازح من لبنان.
ولم تغب هذه المسألة وغيرها، عن اللقاء الذي جمع الرئيس عون أمس مع الوفد البرلماني الأوروبي الذي يزور لبنان حالياً، حيث دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى مساعدة لبنان من خلال إقناع الدول الأوروبية بالعمل لتحقيق عودة النازحين السوريين إلى بلدهم والحد من الخسائر الكبيرة التي أصابت لبنان اقتصادياً وامنياً واجتماعياً نتيجة استمرار بقائهم على أراضيه، لافتاً إلى ان هذه الأزمة طال امدها، وفي حال تطورت واستفحلت فقد يندفع النازحون نحو اوروبا».
اما الرئيس نبيه برّي، فلم يتطرق إلى موضوع عودة النازحين في مقابلة مع وكالة «سبوتنيك» الروسية، لكنه قال: «نحن لدينا اليوم في لبنان نحو مليون ونصف المليون سوري، ولا نعتبرهم غرباء، فلبنان وسوريا كانتا ولا تزالان توأمان، وبالتالي فإن ما يحدث في سوريا يؤثر على لبنان، واي تقسيم لسوريا هو إعادة لرسم خريطة المنطقة تماماً كما حدث في سايكس- بيكو».
واستنكر برّي الدعوات إلى انسحاب «حزب الله» وإيران من سوريا، واعتبرها امراً مستبعداً حالياً بالنظر إلى استمرار الأوضاع الراهنة في هذا البلد، لافتاً إلى ان إيران موجودة في سوريا بطلب من الدولة السورية، تماماً كما الوجود الروسي الذي جاء بطلب من الحكومة السورية.
وفي ما يتعلق بـ «حزب الله» قال بري: «ان الحزب موجود في بلده، لأنه لو لم يكن متواجداً هناك، لكان «داعش» قد أصبح في لبنان.
الطعون
على صعيد آخر، انتهت عند الثانية من بعد ظهر أمس، مهلة تقديم الطعون النيابية امام المجلس الدستوري، ورست على 17 طلباً توزعت بين لوائح ومرشحين الذين يتجاوز عددهم الـ40 مرشحاً.
وسيعقد رئيس المجلس الدستوري عصام سليمان مؤتمراً صحافيا قبل ظهر اليوم، يتناول فيه هذه الطعون وعددها والفترة الزمنية المتوقعة للبت بها، والتي تقارب الستة أشهر، إذ يفترض في المرحلة الأولى ان يعهد المجلس إلى مقرر دراسة الطعون ضمن مهلة ثلاثة أشهر، على ان يجتمع بعدها المجلس لدرس كل طعن على حده، وهذه المرحلة قد تستغرق ايضا ثلاثة أشهر.
وأبرز الطعون التي قدمت امس إلى الدستوري قبل اقفال الباب رسميا، وكان الطعن الذي تقدّم به رئيس لائحة «بيروت الوطن» الزميل صلاح سلام طالبا ابطال العملية الانتخابية في دائرة بيروت الثانية، مدعماً بالمستندات الثبوتية بالصوت والصورة لتأكيد المخالفات التي تحدث عنها الطعن.
ومن هذه المخالفات، بحسب ما شرحها الزميل سلام، في مؤتمر صحفي عقده لهذه الغاية مع أعضاء اللائحة والمحامي سعيد مالك في نادي الصحافة: منع المندوبين من الدخول الى اقلام الاقتراع بحجة مندوب لائحة او مندوب مرشح، علما ان من اعطى التصاريح هو نفسه من ألغاها بعد ساعات، عدم التقيد بالاصول وبأحكام قانون الانتخابات سواء في عملية الاقتراع او اثناء الفرز اليدوي وكذلك الفرز في لجان القيد، اختفاء اصوات المقترعين وبعض المرشحين من صناديق الاقتراع، وصول صناديق الاقتراع الى لجان القيد غير مختومة بالشمع الاحمر ومن دون محاضر موقعة من رؤساء الاقلام، دخول صناديق ومغلفات تحوي اصواتا غب الطلب لمصلحة مرشحي السلطة، ارتفاع نسب التصويت في شكل ملتبس ومشبوه بعد اقفال صناديق الاقتراع اذ ارتفعت النسبة المعلنة من 37 الى 42 في المئة والعثور على صناديق الاقتراع في الشوارع والارصفة».
(راجع التفاصيل ص 3)