.. وأخيراً «الداخلية» تنشر المرسوم وتعترف بوجود شبهات «أمنية وقضائية»!
إتصالات خجولة تقارب العُقَد الحكومية.. وباسيل يهدِّد بإقفال مفوضية اللاجئين
أسبوع واحد يفصل البلاد عن عيد الفطر السعيد، ولم يطرأ أي تطوّر ينبئ بحصول تقدّم على جبهة تأليف الحكومة، وسط تمسك حزب «القوات اللبنانية» بالمعاملة بالمثل مع حصة «التيار الوطني الحر» انطلاقاً من التفاهم، الذي جرى في معراب، وقضى بتأييد «القوات» انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وفي ظل بوادر أزمة سياسية بين لبنان والمفوضية العامة لشؤون اللاجئين، في ما يتعلق بتهديد وزير الخارجية جبران باسيل باتخاذ إجراءات وهي المرة الأولى، التي يُمكن ان يحدث فيها هذا التطور، من زاوية ان مسؤوليتها اليوم تقضي بأن تعيد مليون ونصف مليون نازح سوري، ملوحاً بتصاعدية الإجراءات بدءاً من قطع العلاقة مع هذه المفوضية.
وإزاء الظروف السياسية المحيطة بالمشهد الداخلي والإقليمي، وحتى الدولي، لم تشأ المصادر المقرَّبة من بيت الوسط الجزم بشيء، على وقع ترجحات بين سلاسة التكليف وصعوبة التأليف، «بسبب العراقيل التي لا تزال موضوعة في طريقها».
ولا يُخفي مصدر وزاري مطلع ان تكون هذه العراقيل مرتبطة بالاجواء الإقليمية – الدولية، وما يحضر من مشاريع للمنطقة سواء في سوريا، أو في ما خص الملف النووي الإيراني.
مرسوم التجنيس
على ان اللافت مع نشر وزارة الداخلية على موقعها الرسمي مرسوم التجنيس للمرة الأولى بالتفاصيل والأسماء، كان إقرار الوزارة بأن التحقيقات أظهرت ان عدداً من الأسماء في مرسوم التجنيس تدور حولها شبهات أمنية وقضائية، وانه يتم حالياً التدقيق بمدى دقة هذه المعلومات من خلال التحقيق الإضافي الذي يقوم به الأمن العام.
وفي تقدير مصادر رسمية ان إقرار الوزارة بهذا الأمر، من شأنه ان يسحب حجة من ايدي الأحزاب الثلاثة: الكتائب و«القوات اللبنانية» والتقدمي الاشتراكي التي تلوح بالطعن بالمرسوم لدى مجلس شورى الدولة، أو بالاحرى يرمي الكرة في ملعبها، بحيث لا يكون ثمة من شبهاتٍ حول المرسوم بعد «تنظيفه» من الأسماء المشبوهين.
وإذا كان نشر المرسوم الذي يحمل الرقم 2942 تاريخ 11 أيار 2018، جاء «بعد البلبلة الكبيرة التي أثارها هذا الملف»، بحسب تعبير الداخلية نفسها، فإنه يقتضي الإقرار هنا، إلى ان النشر جاء ايضا بفضل مبادرة الرئيس ميشال عون الذي عهد إلى المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إعادة التدقيق في الأسماء الواردة في المرسوم، على الرغم من التحقيقات التي أجرتها ثلاث جهات أمنية هي «النشرة القضائية» اللبنانية، وشعبة المعلومات والانتربول الدول، بحسب الوزير نهاد المشنوق، الذي صدر المرسوم بناء على اقتراح منه.
وفي المعلومات ان تقرير النشر كان حتى ما بعد ظهر أمس، موضع تجاذب، بين اتجاه للتريث حتى لا تتأثر عمليات التدقيق الجارية في الأمن العام بنشر الأسماء، وبين وجوب النشر، خصوصا بعدما جدد الأمن العام أمس الخميس موعداً لاطلاع المواطنين عليه.
وذكرت ان اللواء إبراهيم رفض تأخير نشر المرسوم، مشيرة إلى ان جهاز الأمن العام بات يمتلك «داتا» دخول وخروج المجنسين الجدد ووضعهم القانوني، وانه سبق وارسل رسائل إلى سفارات دول المجنسين، ولا سيما الأوروبية والأميركية، لمعرفة غاية هؤلاء من طلب شمولهم بالجنسية اللبنانية، ويتوقع ان يتأخر وصول ردّ هذه السفارات إلى الأسبوع المقبل، بحيث لن يكون متاحاً إنجاز التقرير النهائي للأمن العام قبل عطلة عيد الفطر السعيد، على ان يرفع اللواء إبراهيم تقريره إلى الرئيس عون، ثم يعقد مؤتمراً صحفياً يوضح فيه حقيقة كل الالتباسات التي وردت في المرسوم.
وكان اللواء إبراهيم التقى صباحاً الرئيس عون في بعبدا بعيداً عن الإعلام، بعدما كان زار بعبدا مساء الأربعاء، ثم اجتمع بالوزير المشنوق في الداخلية، حيث تقرر نشر المرسوم بالصورة الذي انتهى إليها.
ولم تشأ مصادر مطلعة إعطاء تفاصيل من لقاء الرئيس عون باللواء إبراهيم الذي مكث وقتاً طويلاً في قصر بعبدا، وبدا من الأجواء المحيطة ان ثمة خللاً اعترى التنسيق حول صلاحية نشر المرسوم بين الداخلية أو الأمن العام، قبل ان تقرر الداخلية القيام بذلك.
أسماء وجنسيات
وتبين، بعد ان وضع زميلنا في «اللواء» عبد الفتاح خطاب، المرسوم على مشرحة التدقيق، ان عدد المجنسين بلغ 403 أشخاص من 26 دولة عربية وأجنبية، بينهم 11 شخصاً مكتومي الجنسية و8 من جنسيات قيد الدرس.
وبرز على صعيد الأسماء رئيس الوزراء العراقي السابق اياد علاوي وشقيقه صباح مع عائلاتهما، والكاتب الصحفي السعودي أحمد عدنان، واسمه الكامل حمد بن عدنان بن خليل الرحمن خان، إضافة أولاد وزير التعليم العالي السوري السابق هاني محسن مرتضى علماً بإن ولده مازن يتولى شؤون مقام السيدة زينب وتتهمه اوساط المعارضة السورية بتولي تسليم التمويل الايراني للنظام السوري. ومحمد فاروق جود نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في اللاذقية ورئيس مجلس إدارة شركة التأمين العربية السورية وعائلته. وعبد القادر صبره رئيس غرفة الملاحة البحرية في سوريا وعائلته. ورجل الاعمال السوري مفيد غازي كرامه وزوجته الذي تتهمه اوساط المعارضة السورية بأنه من ممولي النظام السوري في السويداء. وسامر انطون يوسف مدير اذاعة شام اف ام الداعمة للنظام السوري, إلى جانب فادي حسن الهبرة صاحب محل الخضار والفواكه قرب سبينيس الجناح الذي تناولته مواقع التواصل الاجتماعي لبيعه فاكهة الجنارك بأسعار خيالية (نال الجنسية مع والده واشقائه الثلاثة).
وعلى صعيد الجنسيات احتل المجنسون الفلسطينيون الصدارة بـ111 شخصاً، تلاهم السوريون 97، الفرنسيون 48، الامريكيون 19، الاردنيون 18، البريطانيون 14، العراقيون 13، مكتومي القيد 11، الكنديون 11، جنسية قيد الدرس 9، الايطاليون 8، اليونانيون 6، السويديون 6، المصريون 5، السويسريون5، الارجنتيون 4، الهنود 3، الروس 2، الارمينيون 2، وواحد من كل دولة من الدول التالية: كولومبيا، تونس، تشيلي، ايران، اليمن، الفليبين، السودان، السعودية?
واتضح ايضا ان ثلثي المجنسين هم مسيحيون، فيما الثلث الباقي من المسلمين.
قنوات جانبية
حكومياً، يبدو ان محركات تشكيل الحكومة قد بدأت العمل عبر قنوات جانبية وليس مباشرة من قبل الرئيس المكلف سعد الحريري، حيث سجل امس اجتماع بين وزير «القوات اللبنانية» ملحم رياشي ومستشار الحريري الوزيرغطاس خوري في مكتب الاول بوزارة الاعلام، واكد رياشي لـ«اللواء» ان البحث تناول الوضع الحكومي، من دون اعطاء اي تفاصيل عنه، سوى انه جرى البحث في عدد من العروض والاقتراحات.
وفيما بدا أن لقاء الوزيرين مقدمة لتدوير زوايا المطالب العالية السقف، اكدت مصادرمتابعة للتشكيل ان العقدة الجدية لازالت حول تمثيل «القوات» ولم يتسرب شيء عمّا يمكن ان يعرضه الحريري اوتقبل به «القوات». لكن المصادر اكدت ايضا ان لا عقدة بالتمثيل الدرزي خاصة ان البحث مفتوح ولم يتم عرض اي امر على الحزب التقدمي واللقاء الديموقراطي والحزب منفتح لمناقشة اي اقتراح في وقته.
و سجلت أيضا زيارة للوزير الاسبق غازي العريضي لرئيس المجلس النيابي نبيه بري موفدا من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي يغادرنهاية هذا الاسبوع الى المملكة السعودية للقاء كبار المسؤولين فيها وبينهم الملك سلمان وولي العهد الامير محمد بن سلمان، حسبما افادت مصادر الحزب، التي اضافت:ان جنبلاط يذهب لحوارمفتوح مع المسؤولين السعوديين حول كل القضايا وبحسن نوايا متبادلة وحرص على متانة العلاقة بين الجانبين..
وذكرت المعلومات ان البحث بين بري والعريضي تناول المسائل العامة المطروحة في البلاد، لكن لم يتم التطرق الى الوضع الحكومي «طالما انه لا توجد اي مقترحات عرضت على الجانبين ولامسودة ليتم البحث فيها». وجرى عرض عام لموضوع ترسيم الحدود البحرية والبرية بين لبنان وفلسطين المحتلة بناء لماجرى عرضه من الوفد الاميركي.
وتحدثت مصادر في «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» عن حذر في التعاطي بالملف الحكومي وضبابية، وقالت إن التيار ما زال يصر على ضرورة الإسراع بإصدارها. وأكدت أن البحث لا يزال يراوح مكانه في الحصص والحقائب وما من صيغة رفعت للتيار، كما أن شكل الحكومة لم يحسم، أي ما إذا كانت من 26 أو 32 وزيرا. وقالت إنه إذا كانت ثلاثينية، فإن التيار يطالب بـ6 وزراء من بينها وزارة سيادية وأخرى أساسية وواحدة خدماتية.
لكن قناة O.T.V نقلت عن مصادر في التيار ان ما ينشر عن عدد وزارات محدد طالب به التيار غير دقيق، مشيرة إلى أن «لا تقدم بعد في مسار تشكيل الحكومة والعمل لا يزال جاريا على جميع الجهات والأمر الوحيد المعروف والواضح هو أن الحكومة ثلاثينية»، مشيرةً إلى أن «الرئيس الحريري يواصل اتصالاته والتي شملت جهات عدة ولكن اي تصور أولي للحكومة لم يجهز بعد».
ولفتت إلى أن «التمثيل الدرزي ما زال عقبة أمام تشكيل الحكومة والتمثيل المسيحي بين «التيار الوطني الحر« وحزب «القوات اللبنانية».
غير ان مصادر سياسية متابعة لعملية التأليف جزمت لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري يتبع سياسة الهدوء والتروي في اختيار اعضاء حكومته الجديدة وهو يعكف على قراءة متأنية للمرحلة المقبلة، رغم تمنيه الوصول الى التشكيلة بسرعة ولكن بدون اي تسرع، وتشير الى انه من الطبيعي ان يطمح اي رئيس مكلف بأن تكون حكومته متجانسة ووفاقية لكي تكون اكثر انتاجا، ولكن الرئيس الحريري في هذه المرحلة يطمح لاكثر من ذلك، خصوصا ان لا عمر محدد سيكون لهذه الحكومة التي ينتظرها الكثير من الملفات والقضايا الحساسة والدقيقة ان كانت سياسية او اقتصادية في ظل وضع معقد اقليميا ودوليا وتعهدات اقتصادية هامة على لبنان السير بها.
وتوقعت المصادر ان تكون الحقيبة الاساسية التي يطالب بها «حزب الله» ويتحدث عنها هي في الارجح وزارة الاشغال العامة والنقل، خصوصا ان الحزب يُدرك ان ليس باستطاعته ان يتولى احد وزرائه حقيبة تحتاج الى تواصل دولي كوزارة التربية او الصحة مثلا او غيرها من الوزارات الاساسية والتي هي على تماس مع المجتمع الدولي.
إلى ذلك استغرب مصدر وزاري البطء الحاصل في تأليف الحكومة على عكس ما كان وُعد به الرئيس المكلف حيث أجمعت كل القوى السياسية على ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة.
وكشف المصدر عن أن العقدة «القواتية» تتمثل في رفع سقف التمثيل، بحيث أصبح رئيس «القوات» سمير جعجع يطالب بحصة مكونة من 5 وزراء بدلاً من ثلاثة كون أن كتلة «القوات» باتت 15 نائباً.
واعرب المصدر عن مخاوفه من أن يطول أمد التأليف في حال لم تفكك العقد التي تعترض ذلك قبل عيد الفطر المبارك.
عودة النازحين
ودعا وزير الخارجية جبران باسيل في كلمة خلال افطار بدعوة من «التيار الوطني الحر» في البترون، الى «الاسراع في تشكيل الحكومة»، مؤكدا «ألاّ مبرر للتأخير فلا فيتو على أحد بل تمثيل المكونات».
ولفت الى «اننا استقبلنا اكبر شعب نازح هو الشعب السوري الجار والشقيق ومحبتنا له تقول بأن وقت العودة حان فظروفها تأمنت ولا مانع من تحقيقها الا ارادة دولية، معلناً عن تصميمه على كسر الارادة الدولية بمنع عودة النازحين السوريين». مشددا على ان «ليس من مسؤوليتنا تأمين مصالح مجتمع دولي يعمل ضد عودة النازحين»، كاشفا عن إرسال «بعثة تحققت من قيام مفوضية اللاجئين بتخويف النازحين الراغبين بالعودة طوعا ووثقنا المعلومات وهناك شهود».
وأوضح باسيل أن الاجراءات بحق مفوضية اللاجئين تبدأ اليوم وستكون تصاعدية وصولا الى اقصى ما يمكن ان يقوم به لبنان السيد في حق منظمة تعمل ضد سياسته القائمة على منع التوطين وتحقيق عودة النازحين الى ارضهم.
اما مفوضية اللاجئين، فردت علىاتهام الخارجية لها بتعطيل عودة النازحين ، موضحة انها «تحترم قرار اللاجئ الحر بالعودة إلى دياره، مشيرة إلى انه «عندما يعبّر اللاجئون عن نية العودة، تتحقق المفوضية مما إذا كانت لديهم معلومات عن المكان الذي سيعودون إليه، وإذا ما كانوا يملكون الوثائق اللازمة (الميلاد، الزواج، الوفاة، السجلات المدرسية) التي تثبت أن مثل هذه الحوادث وقعت في المنفى، بهدف مساعدتهم على الحصول عليها، وإعادة تأسيس حياتهم والاستقرار في ديارهم والوصول إلى الخدمات كافة»، مضيفة أن «المقابلات التي تجريها المنظمة تسمح بمتابعة أوضاع النازحين حتى بعد عودتهم الى ديارهم»، مشيرة الى أن «هذا العمل يشكل مسؤولية عالمية تتحملها المفوضية وفق معايير دولية موحدة، في جميع البلدان المضيفة للاجئين».
وإذ اشارت إلى ان «المفوضية تحترم سياسة الحكومة اللبنانية القائمة على أن الاندماج ليس خيارا للاجئين في لبنان، أكدت أنها «لا تعمل على إدماج اللاجئين في المجتمع اللبناني»، مشددة على أن «هدفها يتمثل في إيجاد حلول مستدامة للاجئين خارج لبنان، كإعادة توطين في بلد ثالث، أو العودة إلى وطنهم وفق ما تنص عليه المعايير الدولية، وهذه السياسة انتهجتها المنظمة على عقود ساعدت خلالها أكثر من 40 مليون لاجئ على العودة إلى ديارهم».
الطعون
وعلى صعيد الطعون بنتائج الانتخابات، وغداة اقفال هذا الباب في المجلس الدستوري، أعلن رئيسه القاضي عصام سليمان ان «المجلس تلقى سبعة عشر طعنا في الانتخابات النيابية التي جرت في 6 أيار، بعضها تناول الانتخابات في الدائرة بأكملها والبعض الآخر وجه ضد مرشح فائز تحديدا. وبلغ عدد المطعون في نيابتهم الأربعين».
وقال: «لا بد من التأكيد على ان الطعن لا يوقف نتيجة الانتخاب، ويعتبر المنتخب نائبا ويمارس جميع حقوق النيابة منذ اعلان نتيجة الانتخابات، وهذا ما نصت عليه المادة 26 من قانون إنشاء المجلس الدستوري».
ولفت في مؤتمر صحافي الى «ان على وزارة الداخلية تزويدنا بكل المعلومات المتوافرة لديها لتمكيننا من القيام بالتحقيقات اللازمة، ونتعامل مع الطعون باعلى درجات المسؤولية وننتظر التقرير الذي تضعه هيئة الاشراف على الانتخابات وسنتوسع في التحقيقات»، موضحا أنه «إن أُبطلت نيابة شخص واحد تتم الانتخابات وفق القانون الاكثري وإن أبطلت نيابة شخصين تحصل على اساس القانون النسبي الحالي».