IMLebanon

«غُبار الفضائح» يغطِّي على صعوبات تأليف الحكومة

 

مرسوم القناصل يستعيد اشتباك مرسوم الأقدمية.. وبكركي تندٍّد بتهريب التجنيس

هل انحصرت عقدة تأليف الحكومة بمعالجة كيفية تمثيل حزب «القوات اللبنانية» فيها، العدد، الحقائب؟

مع مطلع الأسبوع تشخص الأنظار إلى الاتصالات والاجتماعات التي تعقد لاحداث صدمة في الجدار المسدود، في ضوء تأكيد المراجع الرسمية والحزبية ان تمثيل «القوات» أمر مفروغ منه، على مستوى القرار السياسي، والمهم التفاهم على العدد والحقائب، بما في ذلك نائب رئيس مجلس الوزراء.

والبارز على هذا الصعيد، تأكيد مصادر مطلعة ان «حزب الله» و«التيار الوطني الحر»، كلاهما يشدّد على ضرورة تمثيل «القوات»، ولكن ضمن معايير يجري البحث عنها، وكانت حاضرة في الاجتماع المسائي الذي جمع وزيري الثقافة والإعلام في حكومة تصريف الأعمال د. غطاس خوري (المستقبل) وملحم رياشي (القوات)، في إطار التوجه لتقريب وجهات النظر.

وكشف مصدر مطلع ان «القوات» تلقت عرضاً بأن تكون وزارة العدل من حصتها مع 3 حقائب أخرى.

وأشارت هذه المصادر إلى ان «التيار الوطني الحر» وفي محاولة منه للحصول على حصة وازنة، تتعدّى الـ11 وزيراً، أبلغ الرئيس امكلف انه متمسك بتمثيل العلويين والأقليات المسيحية (السريان).

في هذا الوقت، ينقل مطلعون على موقف حزب الله استياءه البالغ من «تأخير الجهد لتأليف الحكومة». معتبرا ان هذا التأخير لا يتفق مع حجم التحديات التي تواجه الوزارة الجديدة، سواء في ما خص الوضع الاقتصادي المتفاقم سوءاً، أو التحديات الإقليمية، المتعلقة بسوريا أو بملف النازحين، أو بترسيم الحدود البرية والبحرية، والتهديات الإسرائيلية بعدوان جديد.

ومع ان عشاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري تطرق مساء السبت الماضي إلى تأليف الحكومة، فإن أوساط ذات صلة، تستبعد ولادة الحكومة هذا الأسبوع، لا سيما وان الرئيس الحريري سيغادر بيروت بعد غد أو فجر الخميس إلى موسكو تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي يلتقيه في 14 الجاري قبل افتتاح ألعاب المونديال.

«تناسل أزمات»

وفي تقدير مصادر سياسية، وبعيداً عن دعوة رئيس الجمهورية للاعلام بعدم بث التشاؤم فإن «تناسل الازمات» أو ما اصطلح على تسميته بـ«حرب الفضائح» ليست سوى عملية إلهاء لملء الوقت الضائع في مشاورات تأليف الحكومة العتيدة، أو نتيجة طبيعية لامتصاص الضغوط الخارجية التي تمارس لـ«تحجيم» تمثيل «حزب الله» في الحكومة بحسب قادات كبار في الحزب، في حين تجمع المعلومات على ان حصة الثنائي الشيعي باتت محسومة في التشكيلة الحكومية المطروحة، وان المشكلة تكمن فقط في الحصص المسيحية والسنّية والدرزية، وان الحكومة يُمكن ان تبصر النور بعد عيد الفطر السعيد، بعد ان يكون تمّ التوافق على صيغة الحصص تمهيداً لإسقاط الأسماء على الحقائب، في مرحلة ثانية.

وإذا كانت الأزمة الجديدة التي برزت فجأة والمتمثلة بتهريب مرسوم تعيين 30 قنصلاً فخرياً، من دون توقيع وزير المال علي حسن خليل أمكن افطاؤها، من خلال تصحيح المرسوم مذيلاً بتوقيع وزير المال، على غرار ما حصل بالنسبة لازمة مرسوم الضباط، بتسوية رئاسية، فإن ما سمي بـ«فضيحة» استئجار باخرة ثالثة لتوليد الكهرباء، جرت لملمتها ايضا بالتوضيح الذي أصدرته الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بأن استئجار الباخرة سيكون مجانا للاشهر الثلاثة الأوّلى، بدلا من ثلاثة اشهر، من أجل تغذية المناطق بالكهرباء خلال فصل الصيف، وان كل ما حصل هو بمثابة تصحيح مادي لبعض العبارات التي وردت في قرار مجلس الوزراء وليس تزويراً للقرار بحسب ما ورد في بعض وسائل الإعلام.

الا ان أزمة مرسوم التجنيس، بقيت في الواجهة مع المعلومات التي تحدثت عن لجوء عدد من المجنسين إلى تزوير معاملات الحصول على الجنسية، بواسطة أحد النواب، بالتزامن مع الموقف الذي أعلنه البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظة الأحد، حيث أكّد ان المرسوم مخالف للدستور، في مقدمته التي تنص بشكل واضح وقاطع لا تقسيم ولا توطين، متسائلاً: كيف يُمكن قبول ذلك، وفي وزارتي الخارجية والداخلية ألوف مكدسة من ملفات خاصة، بطالبي الجنسية وهم لبنانيو الأصل؟ وهل يعقل ان يظل القانون الصادر سنة 1925 في زمن الانتداب الفرنسي، وقبل 20 سنة من الميثاق الوطني والاستقلال، الأساس لمنح الجنسية اللبنانية؟

وجاءت إشارة البطريرك الراعي إلى الألوف المكدسة من معاملات طالبي الجنسية من اللبنانيين الأصل، تُعزّز توجه الرئيس نبيه برّي نحو ضرورة تجنيس عرب وادي خالد وعائلات القرى السبع في الجنوب، عبر ملحق خاص بالمرسوم الذي سيتم تعديله.

وكان الرئيس برّي طلب من وفود عدّة زارته في عين التينة من أبناء القرى السبع ان تبادر إلى تحضير ملفاتها تمهيدا لتقديمها إلى وزارة الداخلية، «ليس من باب النكايات السياسية وإنما من باب حقهم في الحصول على الجنسية اللبنانية، وهم الأولى بها، ومن ثم مراعاة لمقتضيات التوازنات الطائفية والوطنية، فيما غرد الوزير خليل عبر تويتر قائلاً: «لم نتحدث في السابق بخصوص مرسوم التجنيس. اما وباب تعديل المرسوم قد فتح، فنحن اليوم نطالب بحق الفقراء في الحصول على الجنسية، وحق أبناء وادي خالد والقرى السبع، وحق أبناء اللبنانيات المتزوجات من أجانب بالحصول على الجنسية اللبنانية.

أزمة المفوضية

اما بالنسبة للأزمة التي طرأت بين وزارة الخارجية وبين المفوضية العليا لشؤون اللاجئين حول عرقلة عودة عدد كبير من النازحين السوريين، فقد توقعت مصادر رسمية تراجع حدة الخلاف تدريجيا بعدما اخذ الرئيس سعد الحريري على عاتقه متابعة الموضوع مع المفوضية، ما دفع الوزير جبران باسيل الى تجميد الاجراءات التي كان قد قررها بحق موظفي الوكالة بمنع تجديد اقامات الاجانب منهم وعددهم نحو سبعين شخصا، من دون التوصّل إلى معالجة فعلية بعد.

وذكرت المصادران الرئيس الحريري سيجري اتصالاته مع المفوضية بما يؤمن مصلحة لبنان بعودة الراغبين من النازحين السوريين، وبما يؤمن ايضا حسن سير عمل المنظمة الدولية لكن بما لا يعرقل عودة النازحين.

ولكن المصادر اشارت الى ان خطوة الوزير باسيل كانت بمثابة «تحذير دبلوماسي» للمنظمة وأدّى غرضه السياسي والمعنوي لمنع المنظمة من عرقلة عودة النازحين الراغبين بالعودة. وعلى هذا الاساس سيستكمل الامن العام اجراءاته الهادفة الى نقل نحو 3 الاف نازح سوري الى بلادهم قريبا.

كما توقعت المصادر تراجع مسألة مرسوم تجنيس نحو 400 شخص من التداول الاعلامي والسياسي بعد اجراءات التدقيق التي يقوم بها الامن العام حول الاشخاص الذين شملهم مرسوم التجنيس وكانوا موضع شبهة امنية وقضائية.

وفي شأن هاتين المسألتين، قال المدير العام لـلامن العام اللواء عباس ابراهيم. لـ«اللواء»: ان العمل جارٍ في التدقيق باسماء المجنسين وهو بحاجة لمتابعات دقيقة، ولا نعلم بالضبط متى ننتهي من التدقيق.

وبالنسبة لإعادة النازحين السوريين، قال اللواء ابراهيم: ان العمل جارٍ ايضا لإعادة نحو 3000 نازح من عرسال الى قراهم في سوريا، والامر بات على همة الجانب السوري لإنهاء ترتيباته اللوجستية والعملية (من تحضير لوائح الاسماء والباصات والمواكبة ونقاط التجمع والوصول وسوى ذلك)، ولكن لا مشكلة في الامر حتى الآن.

وأزمة القناصل

إلى ذلك، أكدت مصادر وزارية، ان موضوع القناصل الفخريين دخل حيز الحل، وان لا رغبة لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أو الرئيس برّي حصول أي اشكال بينهما، بعد التوافق الحاصل بينهما عشية الانتخابات النيابية. وكشفت ان وزير المال سيوقع أي مراسيم جديدة قال إليه، وثمة مرسومين على الطريق بخصوص القناصل، علما ان أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل استشار هيئة التشريع والاستشارات لمعرفة ما إذا كانت هناك حاجة لتوقيع وزير المال واتاه الجواب بأن التوقيع غير ضروري لأنه لا يرتب أعباء مالية ومعلوم أن الوزير خليل وقع مراسيم سابقة في هذا الشأن لكنه تأخر في توقيع المرسوم الراهن.

وكانت محطة NBN الناطقة بلسان حركة «امل» اتهمت ما اسمته «غرف سوداء» برعاية ما وصفته «بالنهج الاستفرادي»، وأكدت ان مرسوم القناصل لن يمر وستتم مواجهته حتى النهاية لانطوائه على مخالفات صريحة وواضحة، مشيرة إلى ان توقيع وزير المال ضرورة قانونية لأن عمل القناصل الفخريين ينطوي على جانب مالي لجهة الإيرادات التي يحصلونها لصالح الخزينة، من المعاملات القنصلية التي يجرونها والتي تمتد من جوازات السفر والوكالات وصولاً إلى وثائق الوفاة والزواج والطلاق والولادة وسواها. كما ان توقيعه ضروري يقتضيها روح التوافق وحفظ حقوق الآخرين وعدم الافتئات على أي مكون وطني وطائفي.

ومن جهته، أكّد الوزير خليل في سحور رمضاني أقامته حركة «امل» في صور، ان معركة بناء الدولة لا تتم بالقفز وفق الأصول، وقال، انه «اذا ظن البعض ان باستطاعته ان يركب ثنائيات او ثلاثيات او تحالفات جانبية على حساب مكون هذا البلد فهو مخطئ، قد يستطيع ان يمرر خطأ ما يحقق فيه مصالحه لكنه يحفر لنفسه السقوط في تجربة الدولة والحكم، فيما نحن لا نريد لاحد حتى في موقع الاختلاف ان يسقط في تجربة السلطة والادارة والحكم، لذلك على الجميع ان يعودوا الى رشدهم، ان يعودوا الى فهم الوقائع السياسية، وأن لا يمارسوا تجاوزا في اي تفصيل يتصل بعمل الدولة، وأن يبقى القانون والدستور والالتزام بالمصلحة الوطنية هو المعيار الاساس الذي نحتكم اليه جميعا».

مشاورات تأليف الحكومة

في هذا الوقت، تكثفت المشاورات خلال عطلة نهاية الاسبوع للبحث في تشكيل الحكومة وكان ابرزها اللقاء الذي جمع مساء السبت رئيس الجمهورية ميشال عون برئيس الحكومة المكلف سعد الحريري في «مطعم بول» في «زيتونة باي» بعد احتفال قوى الامن الامن الداخلي بعيد تأسيسها. وتمشيا سويا بعد العشاء بين الجمهور، وجرت دردشة بينهما حول تشكيل الحكومة والمقترحات الجاري التداول بها لتسريع التشكيل.

وذكرت مصادر المعلومات ان الرئيس الحريري طرح على الرئيس عون افكارا معينة حول صيغة تركيبة الحكومة، لكن لا توجد بين يديه حتى الآن صيغة نهائية بل افكار سيتداول بها مع القوى السياسية، وبانتظار بت موضوع تمثيل «القوات اللبنانية» وعودة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط من السعودية للبحث في مطالبه حول التمثيل. .

وأوضحت مصادر وزارية لـ«اللواء» أن أي تطور جديد في ما خص الملف الحكومي لم يطرأ وان اللقاء الذي جمع الرئيسين عون والحريري بعد احتفال قوى الأمن الداخلي تداول ببعض الأفكار إنما لا يمكن القول إن الحريري قدم تصوراً أو صيغة.

وعلم أن الرئيس الحريري عرض لأبرز الاتصالات المتصلة بالتأليف سواء مباشرة أو من خلال الوزير خوري. وأفادت المصادر أن الاتصالات ستستكمل ليندرج في هذا الإطار لقاء الوزيرين خوري والرياشي الذي تناول لمطالب «القوات» كما علم أن لقاء سيعقد بين خوري والنائب السابق جنبلاط بعد عودة الأخير من المملكة العربية السعودية، والتي توجه إليها السبت برفقة نجله النائب تيمور جنبلاط والنائب وائل أبو فاعور.

وترددت معلومات ان جنبلاط سيلتقي ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان، بعدما التقى المستشار في الديوان الملكي السعودي نزار العلولا والوزير المفوض في السفارة السعودية في بيروت وليد بخاري.

إلى ذلك، كشفت أوساط قصر بعبدا، انه تم التوافق خلال العشاء الذي جمع الرئيسين عون والحريري على أن تكون قواعد تشكيل الحكومة موحدة للجميع، بالنسبة إلى توزيع الحصص ونوعية الحقائب الخدماتية والاساسية، إضافة إلى انه تمّ عرض الأفكار حول نسب التمثيل، وثمة توقع أن يتم لقاء آخر بين الرئيسين في قصر بعبدا قبل سفر الحريري الى موسكو  مساء الأربعاء، في سياق متابعة البحث بعد  مشاورات يجريها الرئيس المكلف مع مختلف الفرقاء لعرض الصيغ المطروحة.

أما بالنسبة للقاء الوزيرين خوري والرياشي، والذي وصفه خوري بأنه جداً ايجابياً، فقد ذكرت المعلومات انه خصص لتذليل العقبات ولا سيما بالنسبة لحصص «القوات» في التشكيلة الحكومية، كما تناول التشكيلة العامة للحكومة، قبل الدخول في توزيع الحقائب ووفق أي قاعدة.

وبحسب المعلومات فإن تشكيلة الحكومة العتيدة ستكون شبيهة بتشكيلة حكومة تصريف الأعمال مع بعض التعديلات، لما يعني ان حصة «القوات» لن تتجاوز الثلاث حقائب أو أربع على أبعد حدّ، فيما حصة «التيار الوطني الحر» لن تتجاوز بدورها التسع حقائب، بما فيها حصة رئيس الجمهورية.