إتفاق بين عون والحريري على توزيع الحصص .. وولادة الحكومة قبل 25 حزيران؟
لقاء جنبلاط ومحمّد بن سلمان يطوي صفحة التباعُد .. وتدخُّل سليماني يُربِك حلفاءه
أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ «اللواء» أن الاجتماع الذي عقد في قصر بعبدا بعد ظهر أمس بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري انتهى إلى اتفاق مبدئي على تقاسم الحصص بين الكتل النيابية الكبرى الممثلة للطوائف الكبرى أيضاً.
وكشفت هذه المصادر ان بروفة حكومة تصريف الأعمال هي التي تحكم توزيع الحصص، والحقائب السيادية، مع تعديلات طفيفة تقضي بتمثيل الكتائب بوزير مشترك مع القوات اللبنانية، بحيث تكون الحصة المسيحية كما يلي: 1- القوات اللبنانية 3 وزراء، ووزير دولة، وقد تكون وزارة الثقافة إلى جانب وزارة الصحة من نصيبهما بالإضافة إلى الوزير الرابع الذي سيكون مشتركا مع حزب الكتائب اللبنانية.
2 – وزير واحد لتكتل المردة مع فريد الخازن.. فيكون المجموع 5 وزراء، قد يرتفع العدد إلى 6 وزراء.. من زاوية ان يكون وزير الثقافة الحالي في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري، الوزير الماروني والمسيحي السادس من حصة الرئيس الحريري.
3- ويكون باقي الوزراء العشرة أو التسعة من حصة رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، بالإضافة إلى وزير سنّي من حصة الرئيس عون..
أمّا بالنسبة للحصة الإسلامية، فهي مع التأكيد على ان تكون المالية للشيعة، والداخلية للسنّة، فإن الوضع استقر على: 1- حصة الشيعة مناصفة بين «امل» وحزب الله.
2 – حصة السنّة من نصيب تيّار «المستقبل» (5+1).
3 – حصة الدروز: 3 وزراء للتيار الجنبلاطي، وهذا يعني عدم توزير النائب طلال أرسلان.
وإذا كان الرئيس الحريري تمسك بصيغة من 30 وزيراً، فإن ذلك يعني عدم تمثيل الأقلية العلوية، والأقلية المسيحية (السريان).
أمَّا بالنسبة للوزراء، فترددت معلومات ان التيار الوطني الحر يتجه إلى فصل النيابة عن الوزارة، وإذا صح ذلك فإن الوزيرين جبران باسيل وسيزار أبي خليل لن يكونا في التشكيلة الجديدة.
كما ترددت معلومات ايضا ان الرئيس عون لن يقترح في حصته، شخصيات نيابية، بل من خارج المجلس النيابي.
وفي السياق، قال مصدر وزاري مقرّب لـ«اللواء» ان توزيع الحصص على الكتل الكبرى والصغرى بات بحكم المنجز، وان رئيس الجمهورية سيجري ما يلزم من اتصالات في إطار وضع اللمسات أو الرتوش، على ان يعقد اجتماع آخر بين الرئيسين فور عودة الرئيس الحريري من موسكو التي يتوجه إليها غداً أو فجر الخميس تلبية لدعوة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وللمشاركة في افتتاح المونديال العالمي.. وزيارة المملكة العربية السعودية..
ولم يستبعد المصدر ان ترى الحكومة النور في الفترة ما بين 18 حزيران و25 حزيران إذا لم يطرأ ما يعيق إصدار المراسيم.
وتوقف المصدر عن تصريحات قائد لواء القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، الذي تحدث عن ان لحزب الله 74 نائباً في البرلمان من أصل 128، وهذا «نصر كبير» الأمر الذي اربك حلفاءه. إذا عبّر رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمّد رعد ان في المجلس يوجد «اكثرية متجولة»، أي غير مستقرة في اتجاه واحد، كما كانت عليه في المجلس القديم.
وقال المصدر ان مواقف سليماني تؤثر سلباً على حركة الاتصالات، لكنها لا توقف اندفاعة التأليف..
تُصوّر أولي للحكومة
وإذا كان التصور الخطي الذي رفعه رئيس الحكومة المكلف إلى الرئيس ميشال عون، اقتصر فقط على حصص الكتل النيابية الكبيرة والمتوسطة، في التشكيلة الحكومية المرتقبة، من دون ان يلحظ لا الحقائب ولا الأسماء، على اعتبار ان تلك تأتي في مرحلة ثانية، فإن المعلومات التي حصلت عليها «اللواء» تفيد ان الرئيس سعد الحريري عرض على الرئيس عون تصوراً اولياً غير نهائي لتوزيع المقاعد الوزارية على القوى السياسية «الاكثر تمثيلا»، لكنه تصور يحتاج الى درس ونقاش اكثر وبعض التعديلات لتمثيل اكبر عدد ممكن من الكتل النيابية.وفي حين سيجري الرئيس عون مشاورات حول الصيغة المقترحة سيواصل الرئيس المكلف اتصالاته ومشاوراته مع القوى السياسية توصلا للتوافق الممكن على التشكيلة من دون تحديد موعد للانتهاء منها.
وفي تقدير مصادر سياسية متابعة، ان الرئيس الحريري عهده بتصوره الأوّلي للرئيس عون، قبل ان يغادر بيروت اليوم إلى موسكو للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ان يحضرا معاً الاحتفال بافتتاح مباريات كأس العالم في العاصمة الروسية الخميس المقبل، لكن معلومات ذكرت ان الرئيس الحريري سيتوجه اليوم إلى المملكة العربية السعودية، لمرافقة ولي العهد السعودي الأمير محمّد بن سلمان في زيارته المقررة إلى موسكو غداً الأربعاء.
وحرص الرئيس الحريري بعد لقاء الرئيس عون على القول، بأن التصور الذي طرحه عليه «قريب مما يرغب به هو والرئيس عون»، وانه «لحكومة من 30 وزيراً»، ولا يتناول الأسماء بل الحصص فقط والتي يرى انه يجب ان يحصل عليها الفرقاء السياسيون في الحكومة المقبلة، مؤكدا انه «ضد ان يبقى أحد منها خارجها».
إلا ان الرئيس المكلف ناشد الجميع «تقديم بعض التضحيات والتسويات والتخفيف في بعض الطلبات» وان كان أقر بأن «البعض حقق إنجازات في الانتخابات يجب ان تنعكس بطبيعة الحال على نسبة الحصص في الحكومة»، في إشارة إلى ان تمثيل الكتل في الحكومة قد يختلف عن تمثيلها الحالي في حكومة تصريف الأعمال، مؤكداً انه متفائل، لكنه استغرب ما يقال من إطالة أمد التأليف وانه ينتظر تعليمات من الخارج، واصفاً هذا الكلام بأنه مؤسف عازياً مصدره إلى «خارج لبنان»، لافتاً إلى ان رغبته في ان يتمثل في الحكومة أكبر عدد من القوى السياسية تعود إلى سببين: الأوّل، لأننا في مرحلة إقليمية صعبة جداً، والثاني يعود إلى التحديات الاقتصادية والاصلاحات التي علينا تنفيذها، رغم انها ستكون صعبة لكنها ضرورية لمحاربة الفساد والهدر داخل الوزارات والمؤسسات.
وإذ رفض الحريري الإفصاح عن الحصص المقترحة للكتل في التشكيلة، الا انه ألمح قبوله بتوزير سني من خارج تيّار «المستقبل»، على ان يكون من حصة رئيس الجمهورية، إذ قال لدى سؤاله عن الموضوع بأن «حكومة تصريف الأعمال تضم وزراء من الطائفة السنية لرئيس الجمهورية، وان لا مشكلة لدي مع فخامته».
واستناداً إلى هذه المعلومة، فإن حصة السنّة في الحكومة، وهي 6 وزراء، 5 منهم لتيار «المستقبل» والسادس لرئيس الجمهورية، فيما ستذهب حصة الشيعة وهي ستة وزراء أيضاً، مناصفة بين حركة «امل» و«حزب الله»، فيما تبقى الحصة الدرزية وهي 3 وزراء موضع تجاذب بين «اللقاء الديموقراطي» الذي يُصر على ان يكونوا من حصته كاملة، و«التيار الوطني الحر» الذي يقترح توزير النائب طلال أرسلان من حصته، في مقابل إعطاء «اللقاء الديموقراطي» وزيراً مسيحياً.
ولم يعرف بعد اقتراح الرئيس الحريري لحل هذه المشكلة، بحسب تصوره، لكنها ستتضح حتماً بعد عودة النائب السابق وليد جنبلاط من زيارته الحالية إلى السعودية، حيث التقى ولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، في لقاء وصفه جنبلاط في تغريدة له على «تويتر» بأنه كان «ودياً وحميماً، في جو من الصراحة التامة والتأكيد على أهمية العلاقات التاريخية السعودية- اللبنانية».
اما ما يتصل بالحصة المسيحية، فقد علمت «اللواء» ان التصور لحظ 4 وزراء لـ«القوات اللبنانية» و9 وزراء لـ«التيار الوطني الحر» مع رئيس الجمهورية، بمن فيهم الوزير السنّي من الرئيس عون، ولم يتضمن التصور وجود أي تمثيل علوي أو سرياني، أو حتى للحزب القومي، في حين فهم ان خيار التفاوض لتمثيل الكتائب في الحكومة متروك للرئيس المكلف، على اعتبار ان التصور لحظ فقط تمثيل الكتل الأكثر عدداً في المجلس النيابي، على ان تأتي لاحقاً المرحلة التي تشمل تمثيل الكتل الأقل عدداً، خصوصاً وان هناك توافقاً على تمثيل الكتل الحائزة على الأكثر عدداً من النواب.
وأفادت المصادر المطلعة، ان مسودة مشروع الحريري ستخضع حالياً للدرس، وقد تكون الحصص قابلة للزيادة أو النقصان، مؤكدة ان ولادة الحكومة لن تتأخر، بانتظار المشاورات والاتصالات التي تجري وستتواصل في عطلة عيد الفطر، وما بعده، ولا سيما بعد عودة الحريري من السعودية حيث سيتم تفعيل الموضوع.
جنبلاط في السعودية
اما بالنسبة لزيارة جنبلاط إلى الرياض، فقد لاحظت مصادر ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي لم يُقابل الملك سلمان بن عبد العزيز، لأن الزياة تمت بدعوة من ولي العهد السعودي، فيما وصف موقع «الانباء» الناطق بلسان الحزب الزيارة بأنها كانت إيجابية جداً، وانها نجحت في طي صفحة التباين السابقة على خلفية الاختلاف في بعض وجهات النظر والمواقف تجاه قضايا المنطقة.
واكد موقع «الانباء» أن الزيارة كانت إيجابية تجاه الوضع اللبناني الداخلي، حيث لمس جنبلاط من المسؤولين السعوديين الذين التقاهم إهتماماً كبيراً من المملكة بلبنان سياسياً وإقتصادياً، كما درجت العادة دائما حيث لم تتخلَ السعودية يوماً عن لبنان لا سيما في أحلك الظروف.
اضاف: مع هذه الإطلالة لجنبلاط من الرياض تكون قد عادت العلاقة السياسية إلى سابق عهدها، لا بل مهدت لاستمرارها مع النائب تيمور جنبلاط الذي يزورها للمرة الأولى بعد انتخابه نائباً ودخوله غمار الحياة السياسية رسمياً.
وقال: أن جنبلاط إستقبل بحفاوة بالغة في المملكة، الأمر الذي تجلّى ليس فقط بالشكليات إنما من خلال مروحة لقاءات واسعة جمعته مع المسؤولين السعوديين، وقد ظهرت هذه الحفاوة بشكل واضح في الصورة التي نشرها القائم بالاعمال السعودي في لبنان وليد البخاري وتجمعه بجنبلاط وتيمور وأبو فاعور مع الموفد السعودي إلى لبنان نزار العلولا.
تصريحات سليماني
وسط هذه الأجواء، احدثت تصريحات قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، بحسب شريط فيديو انتشر على موقع «تويتر»، وتمت ترجمة اقواله إلى العربية، هزة سياسية في الوسط السياسي والنيابي، خاصة وانه اعتبر ان «حزب الله» فاز في الانتخابات النيابية الأخيرة بـ74 مقعداً في البرلمان اللبناني من أصل 128 نائباً، وزاد على ذلك بقوله ان هذه الانتخابات نقلت «حزب الله» من حزب مقاوم إلى «حكومة مقاومة»، لافتاً إلى انه في بيروت وللمرة الأولى في تاريخ لبنان، فازت شخصية تابعة لـ«حزب الله» وهي شيعية، فيما اكتسب البعض ممن يسمونهم «عملاء ايران» اصواتاً تفوق نسبة اصوات مرشحين آخرين.
ولم تقتصر هذه الهزة، على الوسط النيابي والسياسي، بل طاولت «حزب الله» نفسه، الذي لوحظ انه تجاهل تصريحات سليماني في نشرات تلفزيون «المنار» الناطق بلسانه، فيما لم يشأ أي مصدر في تكتل «لبنان القوي» التعليق، في حين راح النواب يتساءلون عمن قصد سليمان حين عدد نواب الحزب بـ74 نائباً، ومن هم؟ علماً ان التقديرات أصابت نواب الثنائي الشيعي مع «تكتل لبنان القوي» والحزب القومي، وتيار «المردة» مع حلفائه و8 نواب مستقلين يكون العدد 74 نائباً.
اما الرئيس الحريري، فشاء ان يرد على تصريحات سليمان من قصر بعبدا، فقال: «اذا كان المقصود «كتلة التيار الوطني الحر» هي من ضمن هذه الحسابات، فأعتقد اننا تخطينا هذا الموضوع، ولكن من المؤسف ان يصدر هذا المنطق عن دولة نود ان تربطنا بها علاقات من دولة إلى أخرى، وان التدخل في الشأن الداخلي اللبناني أمر لا يصب في مصلحة إيران ولا لبنان ولا دول ا لمنطقة، كما انه إذا خسر البعض في العراق، لا يمكنه ان يظهر وكأنه يحقق انتصارات في أماكن اخرى».