الجولة-8: غسيل قلوب بين المستقبل وحزب الله وتمسّك بالإستقرار والحوار
درباس لـ«اللــواء»: لبنان سيطالب بـ2 مليار دولار للنازحين .. وجنبلاط السبت في الأليزيه
وسط تسخين السجال بين تيّار «المستقبل» و«حزب الله» على أرض «ربط النزاع»، التأمت الجلسة الثامنة في عين التينة، بعيد السابعة من مساء أمس، واستمرت لما بعد العاشرة ليلاً، في مناقشات وصفت «بالمضنية»، وتركزت على البنود الاساسية في جدول الأعمال من خفض منسوب الاحتقان المذهبي والاصرار على عدم التهاون في إجراءات الخطة الأمنية في أي منطقة شملتها، وملامسة الاستحقاق الرئاسي.
إلا ان مصادر المجتمعين أكدت ان التمسك «بجدية الحوار» كما جاء في البيان الختامي واستمراره، باعتبارهما مرتكز استقرار لبنان وحماية هذا الاستقرار من التداعيات الأمنية والعسكرية التي تعصف بالمنطقة. لم يحجب المكاشفة التي حدثت في مستهل اللقاء، والتي بادر إليها فريق «حزب الله» على لسان الحاج حسين الخليل معاون الأمين العام للحزب، الذي شدّد على اهمية استمرار الحوار، لكنه اثار المواقف التي تعلن من قبل نواب وقيادات في «المستقبل»، متسائلاً عن جدوى استمرار الحوار في ظل ما وصفته مصادر الحزب بـ«الخطابات التحريضية» التي تنعكس سلباً على بند تنفيس الاحتقان، وتجعل الحوار بلا هدف.
وقدم فريق «حزب الله» عرضاً لسلسلة من التصريحات العائدة بشكل رئيسي لوزير العدل اللواء اشرف ريفي ومنسق التيار في طرابلس مصطفى علوش كانت تسبق أو تلي جلسات الحوار، منذ انطلاقته عشية هذا العام، والتي كانت تتهم الحزب دائماً بأنه «بيئة فساد» حول لبنان إلى ورقة في يد إيران، وأن الحوار لا يعدو ان يكون «ترفاً فكرياً»، وفقاً لتصريح النائب أحمد فتفت، فضلاً عن تصريحات الرئيس فؤاد السنيورة تتهم الحزب باطالة أمد الشغور الرئاسي، وبجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وفقاً لتصريحات الوزير ريفي، الذي أشار في أحد تصريحاته بأن الجريمة ارتكبت «بقرار سوري – ايراني، أما التنفيذ فأصبحنا نعرف ان حزب الله أمر بالقيام به».
اما ردّ فريق «المستقبل» والذي تولى شرح مبرراته وزير الداخلية نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر، فلم يختلف في وقائعه عّما اورده بيان كتلة «المستقبل» لجهة التأكيد على ضرورة استمرار الحوار نهجاً واسلوباً، وأن التيار لم يكن هو من بادر إلى التصعيد والتوتير السياسي والكلامي، وأن المواقف التي خرجت من قبل نوابه وقياداته، كانت من ضمن المواضيع خارج ما اتفق عليه كجدول أعمال الحوار، باعتبارها مواضيع «ربط نزاع» تتصل بالمواقف من تورط الحزب في الحرب السورية، والسلاح والمحكمة الدولية، في حين ان الموضوعين المدرجين على جدول الحوار، وهما تخفيف الاحتقان ورئاسة الجمهورية، كان الحزب هو الذي جاهر بإعلان تمسكه بالعماد ميشال عون مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية، رغم اننا في الحوار – والكلام لفريق المستقبل- اتفقنا على عدم طرح أسماء، وإنما على ضرورة الاتفاق على أسلوب أو طريقة تؤدي إلى تأمين نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية لكي نتمكن من انتخاب الرئيس، ونحن ندرك ان المجاهرة بتسمية عون مرشحاً وحيداً يعني الاستمرار في الفراغ وتعطيل كل محاولات انتخاب الرئيس ما لم يخضع اللبنانيون لمشيئة الحزب في ان يكون رئيساً أو لا انتخابات.
وتابع وفد «المستقبل» بأن الهجوم على مؤتمر 14 آذار في «البيال» والانتقاد اللاذع لاعلان عزمه على إنشاء «المجلس الوطني» لهذه القوى لم يكن له ما يبرره، فضلاً عن ان بيان المؤتمر لم يتناول مواضيع تتصل بمندرجات الحوار، وإنما المواضيع المتصلة «بربط النزاع»، وهذا أمر مشروع في الصراع السياسي والا لماذا نتحاور.
واضاف: «نحن ندرك كذلك العلاقة الخاصة التي تربط الحزب بإيران، ولكن ألم يكن جديراً بالحزب ان يكون له موقف من تصريحات المسؤول الإيراني علي يونسي حول امبراطورية فارسية عاصمتها بغداد ومفاخرته باحتلال أربع عواصم عربية، من دون ان تتحرك نخوة الحزب أو أي من حلفائه لرفض هذه التصريحات على الرغم من اننا نفترض انه ينتسب إلى النسيج العربي.
على ان هذا «العتب العابر» على حدّ تعبير مصادر عين التينة بين فريقي «المستقبل» و«حزب الله» لم يحل دون الانتقال بعد «غسل القلوب» إلى المواضيع الرئيسية، ولا سيما موضوع الخطة الأمنية، حيث تركز البحث على مخيم النازحين في عرسال لجهة اخلائه، استناداً إلى تقارير أمنية تفيد عن حدوث صراعات داخله أدّت إلى تبادل تصفيات، مثلما حصل أمس بين عائلات لبنانية وسورية.
وعكس البيان الختامي المعلومات على ان غسيلاً للقلوب حدث خلال الجلسة، مما مكّن وزير المال علي حسن خليل من صياغة بيان جاء فيه: «ان المتحاورين اتفقوا على استمرار البحث في المواضيع المقررة بنفس الزخم والاندفاع اللذين سادا الجلسة الاولى».
وأكّد المجتمعون على جدية الحوار باعتباره ركيزة أساسية للحفاظ على استقرار لبنان وحمايته مما جرى في المنطقة».
التمديد للضباط
وسط ذلك ينعقد مجلس الوزراء اليوم وامامه جدول أعمال وصف بأنه عادي أبرز ما فيه مشروع قانون باجراء مباراة حصرية للاساتذة المتعاقدين بالساعة في التعليم الثانوي بغرض تثبيتهم بعد ذلك في ملاك وزارة التربية والتعليم العالي، بعد الخضوع لمرحلة دراسية في كلية التربية في الجامعة اللبنانية.
وقبيل الجلسة، زار نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع سمير مقبل عين التينة واجتمع بالرئيس نبيه برّي وجرى التداول في مشروع قانون رفع سن التقاعد لدى الضباط الذي من شأنه إذا أقرّ في الجلسة التشريعية المتوقعة بعد النصف الأوّل من شهر نيسان ان ينهي اللغط السياسي والجدل القانوني في ما خص التمديد لكبار قادة الأجهزة الأمنية، فضلاً عن قائد الجيش ورئيس الأركان، واقترح مقبل تحويل هذا المشروع من مشروع إلى اقتراح نيابي لتجنيب الحكومة احتمال تعرضها لامتحان قاسٍ قد يعرّض تماسكها.
وبصرف النظر عن مسار هذه القضية، فإن وزير الدفاع لن يطرح في جلسة اليوم، أي شيء يتعلق بالتمديد، وأن القرار بتأخير تسريح مدير المخابرات العميد ادمون فاضل أصبح بحكم المنتهي، وهو سيصدر عن وزير الدفاع استناداً الى المادة 55 من قانون الدفاع التي تجيز لوزير الدفاع وقيادة الجيش اتخاذ القرار اللازم، إذا ما اقتضت المصلحة الوطنية بتأخير تسريح ضابط رفيع يكون قد بلغ السن القانونية وهي 58 عاماً، باستثناء قائد الجيش الذي يخضع لقانون سابق ويقضي برقع سن تقاعده الى 61 عاماً.
الجلسة التشريعية
وفيما لم يعرف موقف الرئيس بري من اقتراح الوزير مقبل، نقل نواب الاربعاء عن رئيس المجلس قوله أنه سيدعو هيئة مكتب المجلس إلى الاجتماع يوم الثلاثاء المقبل في 24 الحالي، لدرس وإقرار جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة والتي سيدعو إليها لاحقاً، مشدداً على دعوة اللجان النيابية المشتركة لمتابعة درس سلسلة الرتب والرواتب، آملاً بإنجازها لوضعها على جدول أعمال الجلسة العامة، مشيراً الى أن الوزير خليل رفع مشروع موازنة العام 2015 إلى مجلس الوزراء ضمن المهلة القانونية، ونحن ننتظر إحالته الى مجلس النواب لدرسه وإقراره.
ورأى بري أن الاتفاق الأميركي – الايراني النووي، إذا ما حصل، ستكون له انعكاسات مهمة على مستوى المنطقة، ومن بينها عودة فتح القنوات بين طهران والرياض ما سيترك نتائج إيجابية على لبنان.
وسيكون موضوع المفاوضات حول الملف النووي الإيراني، في صدارة المحادثات التي سيجريها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط السبت في قصر الاليزيه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، إضافة إلى التطورات في لبنان وسوريا، خصوصاً بعد المواقف الأميركية الأخيرة من الرئيس بشار الأسد.
مؤتمر الكويت
من جهة ثانية، أوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«اللواء» أن اجتماع الخلية الوزارية لشؤون النازحين السوريين الذي ترأسه الرئيس تمام سلام أمس، خصص لتحضير الملف اللبناني إلى المؤتمر الدولي الثالث للمانحين الذي سيعقد في الكويت في 31 الشهر الحالي، لدعم الوضع الانساني في سوريا، والذي سيشارك فيه الرئيس سلام مع وزير الشؤون الاجتماعية.
ولفت إلى أن عناوين الملف اللبناني إلى المؤتمر باتت معروفة من خلال خطة الاستجابة التي وضعتها الحكومة لمعالجة مشاكل النزوح السوري في مجالات الاقتصاد والبيئة والتعليم والصحة والعمل، كاشفاً بأن لبنان سيطالب المؤتمر بمليارين ومائة مليون دولار لمساعدته على معالجة قضايا النازحين على مدى سنتين، على أن تأتي المساعدات المالية للنازحين مباشرة إلى لبنان وليس إلى المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أو منظمات أخرى تابعة للأمم المتحدة، أما إذا كان هناك من تغيير فإن لبنان يقترح تحويل المبالغ إلى صندوق الدعم المؤلف من البنك الدولي والحكومة اللبنانية.
وكشف الوزير درباس أن الاجراءات الحدودية التي اتخذتها الحكومة بالنسبة للنازحين استقرت، وأنه من شهر شباط إلى اليوم كان معدل النزوح صفراً حيث لم يسجل دخول أي نازح جديد.
وفي سياق التحضيرات لمؤتمر الكويت، وصل إلى بيروت مساء أمس وزير التعاون والتنمية الاقتصادية الألماني غيرهارد مولير في إطار جولة على عدد من دول المنطقة، وتستمر زيارته إلى بيروت حتىمساء اليوم الخميس، حيث سيزور مخيمات النازحين في البقاع ويبحث مع المسؤولين اللبنانيين، وفي مقدمهم الرئيس سلام صيغ التعاون مع ألمانيا لمساعدة هؤلاء النازحين.
وقال مصدر ديبلوماسي أن مولير الذي كان نظم مؤتمر برلين للاجئين في شهر تشرين الثاني الماضي مع وزير خارجية بلاده فرانك والتر شتانماير، سينقل الى المسؤولين الأهمية التي تعلقها بلاده على معالجة قضية النازحين التي أصبحت تشكل خطراً على الاستقرار ليس في الدول المضيفة بل على الدول الأوروبية، كما سيناقش الطرق الفضلى لصرف التبرعات الألمانية للنازحين والتي تقدّر بـ 70 مليون يورو، مشدداً على أن تكون بشكل فعّال ومفيد في مجال التعليم ، حتى لا يتحول الاطفال إلى «جيل ضائع».
تجدر الإشارة إلى أنه سيسبق مؤتمر الكويت، اجتماع للقمة العربية في شرم الشيخ ينعقد في 28 الشهر الحالي، وسيترأس الوفد اللبناني إليه الرئيس سلام مع وفد يضم بشكل مبدئي الوزيرين جبران باسيل ونهاد المشنوق، علماً أن الوفد لم يتشكّل بصورة رسمية بعد.