إطلاق حملة إنقاذ وسط بيروت: ضرورة وطنية وإقتصادية
لقاء برّي والحريري ليلاً … وكتلة سليمان – الجميل: لمواجهة التفرّد العوني
بصرف النظر عن اللقاء المنتظر بين الرئيس نبيه برّي والرئيس سعد الحريري الذي انعقد مساء أمس في عين التينة وعن الحراك الوزاري – السياسي لإعادة مجلس الوزراء إلى الطاولة هذا الأسبوع إذا امكن، أو في أقرب وقت ممكن، فإن الذكرى العاشرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري وضعت امام «مؤتمر انماء بيروت»، مهمة على قدر كبير من الأهمية الإنمائية والاقتصادية والسياسية والوفاقية من ضمن الحفاظ على تراث الرئيس الشهيد، وتقضي: بانقاذ وسط بيروت، وإعادة الروح إليه بعدما كادت الإجراءات الأمنية ان تقتله، وتقتل حلم وأد الحرب واثارها المدمرة التي انطلقت مع إعادة اعمار قلب العاصمة.
والتحدي الأكبر وفقاً لرئيس بلدية بيروت بلال حمد هو إعادة المنطقة إلى تألقها السياحي والاقتصادي وارتياد الزوار العرب واللبنانيين والأجانب لوسط العاصمة الذي أعاد اعماره الرئيس الشهيد، من منطلق ان هذا «الحلم» لا يكون بجعل الوسط التجاري منطقة أمنية.
ووفقاً لمصادر واسعة الاطلاع شاركت في مؤتمر انماء العاصمة والذي حضرته شخصيات نيابية وبلدية وفعاليات بيروتية، وشاركت فيه «اللواء» بفعالية أيضاً، فإن خطوات ما بعد المؤتمر ستسير حسب برنامج قيد المتابعة ومن ضمن خطة متكاملة ابرزها:
1- إطلاق حملة وطنية كبرى لإنقاذ الوسط التجاري، وأول الغيث بدأ بمؤتمر انماء بيروت الذي عقد أمس في فندق «الريفييرا» بعنوان: «حماية تراث رفيق الحريري»، المعرض للخراب بسبب الحصار المفروض عليه من خلال الإجراءات الأمنية، والاهمال غير المبرر لوسط العاصمة.
وتنطلق الحملة على الصعيد الرسمي من ضرورة مراجعة التدابير المشددة حول المنطقة المحيطة بمجلس النواب ورفعها تدريجياً، وكذلك الأمر بالنسبة لمحيط «الاسكوا».
2- البحث مع شركة «سوليدير» بإجراءات مشجعة تشجّع عودة المستثمرين وأصحاب الشركات والمشاريع الاستثمارية إلى الوسط التجاري، والذين سبق واقفلوا مؤسساتهم ومحلاتهم ومطاعمهم وشركاتهم، ومنها تخفيض الإيجارات المرتفعة.
3- البحث مع بلدية بيروت في وضع خطة تنفيذية لتحسين الخدمات في المنطقة، وما يمكن تقديمه من اعفاءات وتشجيع المستثمرين.
وتُشير هذه المصادر إلى ان الحملة تستند إلى الدور الذي أراده الرئيس الشهيد لوسط بيروت كملتقى للبنانيين والسيّاح والمستثمرين في قلب العاصمة.
وحملت المصادر بلدية بيروت ومحافظ العاصمة زياد شبيب باعتباره رئيس السلطة التنفيذية للبلدية، مسؤولية تنفيذ ما تعهدا به امام المؤتمر لجهة تنفيذ هذه المقترحات وإعادة انعاش الوسط التجاري والاحياء المحيطة به.
وإذ تعهد المؤتمر أيضاً بعدم السماح لمن يتربص بلبنان وعاصمته بالعودة إلى الوراء، أكّد العمل بدأب لحماية مشروع الرئيس الحريري الحضاري في العاصمة وكل لبنان ومتابعته مع الرئيس سعد الحريري.
وكشف أحد نواب بيروت لـ«اللواء» ان تخفيف الضغط عن الوسط لوحظ في الجلسة الأخيرة للجنة الاشغال، والمطلوب ان يتكرس تخفيف الإجراءات تمهيداً لإعادة تطبيع الوضع وتسهيل حركة الدخول والخروج لاحياء هذه المنطقة الحيوية.
ونفى رئيس بلدية بيروت بلال حمد لـ«اللواء» ان تكون البلدية تملك معلومات أو احصائية لعدد المحلات والمؤسسات التي أقفلت أو التي هجرت بفعل الإجراءات الأمنية التي بدأت منذ ايام الاعتصام الشهير في العام 2007، لكنه أشار إلى ان البلدية وضعت مخططاً لإعادة التألق إلى وسط العاصمة، من خلال مجموعة مشاريع، ستبدأ هذا الصيف بإنشاء موقف للسيارات تحت ساحة الشهداء يتسع لـ1600 سيّارة، على ان تنشئ فوقه حديقة من اروع الحدائق وضع تصميمها المهندس الإيطالي انزو بيانو، وسيتم انشاؤها على طريقة P.O.T في شهر أيّار، بالإضافة إلى إنشاء «متحف تاريخ بيروت» بالتعاون بين وزارة الثقافة وسوليدير وبلدية بيروت ودولة الكويت المانحة، وسيكون هذا المتحف مقابل مبنى جريدة «النهار».
ولفت إلى ان البلدية تتفاوض حالياً مع وزارة الثقافة لإنشاء المركز الثقافي العماني بالتعاون مع سلطنة عمان، في مكان قريب من مبنى اللعازارية، معتبراً أن هذه المشاريع يفترض أن تكون إحدى عوامل جذب الاستثمار إلى وسط بيروت.
لقاء عين التينة
سياسياً، كان البارز، اللقاء الذي كان منتظراً بين الرئيسين برّي والحريري، والذي انعقد مساء في عين التينة، في حضور وزير المال علي حسن خليل ومدير مكتب الحريري المهندس نادر الحريري، حيث جرى البحث في الشؤون السياسية العامة، ثم استكمل الى مائدة عشاء.
وفي حين لم ترشح معلومات عن طبيعة اللقاء أو ما تمّ التداول به بين الجانبين، أعاد الرئيس الحريري التأكيد أمام زواره أمس ان المدخل لمعالجة كل المشكلات يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، معرباً عن أمله ان تؤدي العلاقة مع العماد ميشال عون وحلفاء «المستقبل» في 14 آذار، والحوار مع «حزب الله» وحركة «امل» إلى فتح الباب لانتخاب الرئيس، معتبراً ان الحوار وحده يؤدي الى الحلول المطلوبة.
وشدّد الرئيس الحريري على أن مكافحة الإرهاب تكون من خلال الجيش والقوى الأمنية وانتخاب الرئيس، مطمئناً الرأي العام أن لا عقبات أو «فيتوات» امام تسليح الجيش، من خلال هبة الثلاثة مليارات دولار وهبة المليار دولار اللتين وقعتهما المملكة العربية السعودية وان المسألة تسير بشكل طبيعي وتحتاج لبعض الوقت.
وفي ما يتعلق بالمخرج الممكن لاستئناف جلسات مجلس الوزراء جدد الرئيس الحريري امام زواره من نواب ووزراء تمسكه بالحكومة، لأن البديل عنها هو الفراغ، داعياً إلى التقيّد بأحكام الدستور لممارسة عملها والعودة إلى الآلية التي كانت معتمدة لجهة إمكان تأجيل القضايا أو الأمور التي يمكن الاختلاف عليها.
وبالنسبة للتحضيرات لإحياء ذكرى انتفاضة الاستقلال 14 آذار، التي عرضها مع مُنسّق الامانة العامة لـ14 آذار الدكتور فارس سعيد وسمير فرنجية، أكّد الرئيس الحريري تمسكه بخيار 14 آذار كتيار سيادي استقلالي عابر للطوائف.
مواجهة التفرّد العوني
وفي خطوة أدرجتها مصادر واسعة الاطلاع في إطار مواجهة التفرّد العوني في مجلس الوزراء، أعلن من منزل الرئيس ميشال سليمان، أمس، عن تكوين كتلة وزارية مسيحية بالتشاور مع رئيس الكتائب الرئيس أمين الجميل، تضم ثمانية وزراء: 3 من حصة الرئيس سليمان و3 من الكتائب والوزيران المستقلان بطرس حرب وميشال فرعون.
وبهذا أصبحت هذه الكتلة تمثل ثلثي الوزراء المسيحيين في نصاب الحكومة التي تضم 24 وزيراً في مرسوم تشكيلها مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، فيبقى للتيار العوني مع حليفه تيّار المردة أربعة وزراء، الأمر الذي يفقده شرعية المطالبة بالتفرّد على التصويت في مجلس الوزراء، والتوقيع على المراسيم كممثل حصري للمسيحيين.
ولئن لم تشأ مصادر المجتمعين ان تضع هذه الخطوة، في إطار هذه المواجهة، فان مصادر وزارية وضعتها في سياق التشاور والتنسيق مع الرئيس الجميل لناحية «تأكيد وحدة موقف المجتمعين لناحية عدم الوقوع في فخ التطبيع مع الفراغ والدفع في اتجاه انتخاب رئيس الجمهورية كأولوية مطلقة، كونه الناظم الأساسي للعمل الدستوري».
وأبلغت هذه المصادر «اللواء» أن تغيير آلية العمل الحكومي هي مسألة ثانوية، لأن المهم ليس تنشيط الحكومة التي يحرص الجميع عليها، وإنما وضع حدّ للشغور الرئاسي.
ولاحظت المصادر أن الآلية الحالية للحكومة أثبتت جدواها، وهي لا تزال مناسبة، وإذا كان حصل تعطيل 10 أو 12بنداً، فقد تمّ من خلالها إقرار مئات البنود والقرارات ومثلها مئات المراسيم، كما تمّ إقرار خطة مواجهة النزوح السوري، وخطة أمنية لكل من الشمال والبقاع، اضافة إلى خوض المعركة في مواجهة الإرهاب.
وخلصت إلى القول انها حكومة ناجحة في غياب الرئيس، ويجب عدم المس بآلية عملها، وهذا هو الموقف الذي سيتم التواصل بشأنه مع الرئيس تمام سلام، على أن يكون الحل ليس بآلية جديدة بل بانتخاب الرئيس، وخصوصاً ان ثمة تخوفاً من تطبيع الوضع وأن تطول عملية انتخاب الرئيس.
المطارنة الموارنة والحوار
وتزامن موقف الوزراء الثمانية، مع موقف المطارنة الموارنة الذين اجتمعوا في بكركي برئاسة البطريرك بشارة الراعي، الذي وصف الأزمة الحكومية «بالآبار المشققة التي لا ينفع معها أي علاج»، مشيراً إلى أن البحث عن مخارج بعيداً عن انتخاب رئيس هو أخذ البلاد إلى مستقبل مجهول، مشدداً على ان الهدف من الحوار القائم بين الفرقاء السياسيين يجب ان يكون الوصول إلى انتخاب رئيس لا الحلول بديلاً منه.
تجدر الإشارة إلى أن الاجتماع الذي دام ساعتين أمس، بين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب إبراهيم كنعان موفداً من العماد عون، في حضور النائب ستريدا جعجع والمستشار الإعلامي لجعجع ملحم رياشي، انتهى من دون الخروج عن سياق اللقاءات الإيجابية ضمن الحوار الجاري بين التيار العوني و«القوات».
وفيما لم يتبلغ الوزراء حتى مساء أمس بأي جدول أعمال لمجلس الوزراء المقبل، أو موعد انعقاده، نفى وزير الاقتصاد آلان حكيم لـ«اللــواء» وجود أزمة حكومية، مستبعداً انعقاد جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل.
ولفت حكيم إلى انه إذا تمّ تطبيق الآلية الحالية، انطلاقاً مما تمّ التوافق بشأنه حولها، فما من مشكلة يمكن أن تقع في مجلس الوزراء، مؤكداً ان المشكلة تكمن في عدم تنفيذها كما يجب، أي من خلال استبعاد البنود الخلافية المدرجة على جدول الأعمال الذي يتم توزيعه قبل 96 ساعة من انعقاد الجلسة، كما من خلال قيام توافق داخل الحكومة على المواضيع السيادية.
ورداً على سؤال، أعلن حكيم ان الحكومة ستواصل تحمل مسؤولياتها، متوقعاً أن يمضي بعض الوقت قبل العودة إلى عقد جلسات لمجلس الوزراء كالمعتاد.
ومن جهته أوضج وزير الثقافة روني عريجي لـ«اللواء» ان موضوع الدعوة إلى انعقاد جلسة لمجلس الوزراء وحضورها شيء والبحث عن آلية جديدة لاتخاذ القرارات شيء آخر، مؤكداً ان أي جلسة حكومية ستعقد في الوقت الحالي ستكون وفقاً للآلية المتفق عليها، ويبقى الأهم هو تسيير شؤون النّاس وعدم تجميد البلاد.
تزامناً، شدّد رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط في خلال اجتماع استثنائي للهيئة العامة للمجلس المذهبي الدرزي، على المسؤولية المشتركة لجميع القوى السياسية في منع انزلاق البلاد نحو أتون الصراعات الدائرة من حولنا، مرحباً بالحوار الداخلي بين اللبنانيين وأجواء التلاقي السائدة بين الأفرقاء، موضحاً انه يتابع ملف العسكريين المخطوفين، وانه لا يزال عند موقفه لناحية قبول المقايضة بما لا يمس الأمن القومي اللبناني ويحفظ هيبة الدولة، موجهاً التحية الى العاهل السعودي الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي وصفه «بالفارس العربي»، مؤكداً استمرار العلاقة الأخوية الصادقة والمميزة مع المملكة العربية السعودية والملك سلمان بن عبدالعزيز.