لجنة نيابية فرنسية للمساعدة .. وسلام متفائل بوصول الأسلحة في شباط
الهدوء يعود إلى تعمير عين الحلوة.. وانفراج بين عرسال والبزالية
احتلت الأزمة اللبنانية المتمثلة بالعجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية، والاخذة بالتفاقم تحت أعباء الحرب السورية وتداعياتها، والانكشافات الأمنية التي كان آخرها اندلاع اشتباكات في تعمير عين الحلوة بين عناصر من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي وعناصر مسلحة تابعة لسرايا المقاومة المدعومة من حزب الله حيّزاً واسعاً من الاهتمامات، في وقت بقي الانتظار سيّد الموقف في ما خص قضية العسكريين المحتجزين لدى الجماعات المسلحة في جرود عرسال، والتي تلقى اهتماماً خاصاً من الرئيس تمام سلام الذي أعلن امام الجالية اللبنانية في فرنسا: «لن انام مرتاحاً طالما ان هناك 25 عسكرياً مخطوفاً ومهدداً بالقتل»، مؤكداً «اننا لن نستسلم وسنحرر هؤلاء العسكريين، مع الحفاظ في الوقت نفسه على عزة لبنان وكرامته».
على ان التطور الأبرز في اليوم الثاني من زيارة الرئيس سلام الباريسية، كان القرار الذي كشفته رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية اليزابيث غيغو بتشكيل لجنة نيابية خاصة لمتابعة شؤون لبنان وبلورة تصورات لمساعدته على الخروج من ازمته، وذلك استباقاً لخطوات قد تقدّم عليها فرنسا إزاء الملفات اللبنانية، التي أثارها الرئيس سلام امام اللجنة.
ووصف مصدر في الوفد اللبناني المرافق للرئيس سلام قرار الجمعية الوطنية بأنه يعبر عن التضامن الفرنسي مع لبنان والبحث عن الصيغ الكفيلة بمساعدته للخروج من ازمته، وتكمن أهميته في انه يأتي عشية محادثات الرئيس سلام مع كل من الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة الفرنسية ايمانويل فاليس، بعدما كان وزير الدفاع سمير مقبل اجتمع في مقر وزارة الدفاع الفرنسية مع نظيره الفرنسي ايفت لودريان بمشاركة عدد من كبار الضباط في الجيش اللبناني، وجرى خلال الاجتماع وضع اللمسات على برمجة تزويد الجيش اللبناني بالسلاح الفرنسي انفاذاً لهبة الثلاثة مليارات دولار المقدمة من المملكة العربية السعودية.
وقال مقبل بعد اللقاء ان «الملف وبعد وضع اللمسات الأخيرة عليه سيعاد إلى المملكة للاطلاع والموافقة عليه في فترة أقصاها نهاية شهر كانون الثاني المقبل».
وفيما اعترف سلام امام الجالية انه لن يستطيع ان ينجح في العمل في تسيير أمور الدولة من دون انتخاب رئيس الجمهورية، كاشفاً عن جهود تبذل لمعالجة هذه الأزمة، شدّد الموفد الفرنسي إلى لبنان جان فرنسوا جيرو على ان بلاده تولي اجراء الانتخابات الرئاسية سريعاً أهمية خاصة لحسن سير المؤسسات (ومن ضمنها رئاسة الجمهورية التي تشكّل أساس ورمز الوحدة»، معرباً عن قلق فرنسا امام الشغور المستمر في رأس الدولة، وأن فرنسا متمسكة بالتوافق بين اللبنانيين، وأن لا مرشّح لديها ولا «فيتو» على أحد، بحسب ما جاء في البيان الذي وزعته السفارة الفرنسية في بيروت عن زيارة جيرو.
الرئاسة في بكركي
في هذه الأثناء، استمرت المساعي في بكركي لجسّ النبض حول نجاح عقد لقاء للأقطاب الموارنة الأربعة، بصرف النظر عن المساعي الجارية لعقد لقاء بين النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع، انطلاقاً من مواكبة بكركي للحركة الدولية – الإقليمية والعربية المكلّفة فرنسا بترجمتها للخروج من مأزق الرئاسة اللبنانية.
وقد استقبل البطريرك الماروني بشارة الراعي مساء أمس رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، على أن يستقبل الرئيس أمين الجميّل بعد عودته من الجنوب، أو اليوم إذا سمحت مواعيد الطرفين، بعدما كان التقى قبل أيام رئيس تكتل الاصلاح والتغيير النائب العماد ميشال عون بعيداً عن الإعلام.
وفيما اكتفت دوائر بكركي بالقول أن الراعي عرض مع فرنجية موضوع الانتخابات الرئاسية، كشف مدير الإعلام في بكركي المحامي وليد غياض لـ «اللواء» أن الهدف من اللقاءات التي يجريها البطريرك الراعي التحضير لمبادرة تطلقها بكركي، على أن تضمن نجاحها، مشيراً الى أن الصرح يدعم المساعي الجارية لعقد لقاء بين عون وجعجع.
وفي هذا الإطار، كشف مصدر نيابي «قواتي» أن فرض اللقاء ستكون مرتفعة في ضوء الاتفاق على جدول الأعمال، حيث أن جعجع يتمسك بالبحث عن شخصية وفاقية قبل الاجتماع، فإذا ما سارت الأمور على هذا النحو فإن مسألة اللقاء ستكون مسألة ساعات، وإلا فالمسألة ستكون عرضة للأخذ والرد، من دون إمكانية توقع كيف يمكن أن تستقر الاتصالات.
وفي المقابل، أوضح مصدر نيابي عوني لـ «اللواء» أن احتمال انعقاد اللقاء بين الرجلين «كبيرة وجدّية»، لكنه رأى أن الصورة لم تتبلور بعد، وأن الموضوع مقتصر حتى الآن على تبادل رسائل شفهية.
وأعرب المصدر عن اعتقاده بأن البطريرك الراعي ليس في وارد عقد اجتماع يضم الأقطاب المسيحيين قبل التأكد من نجاحه، نافياً امتلاكه معلومات دقيقة عن فحوى اللقاءات الثنائية التي يعقدها سيد بكركي في هذا السياق.
قضية العسكريين
وعلى صعيد قضية العسكريين المحتجزين، نجحت الاتصالات الجارية في تثبيت الهدنة التي فرضها تحرك هيئة العلماء المسلمين، لا سيما مع تراجع حدة التوتر بين البزالية وعرسال والقرى المجاورة، وعودة الأمور الى شبه طبيعتها، بعد عودة التواصل بين البلدة والجوار، إثر إزالة حاجز البزالية منذ يومين، وفتحت طريق اللبوة – عرسال، خصوصاً للنازحين السوريين المقيمين في مخيمات النزوح، فيما يقوم جهاز الأمن العام في بعلبك بتسهيل إنجاز معاملات العشرات منهم يومياً.
وكشف مصدرمطلع على خط المساعي أن قضية العسكريين ستكون على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل، من دون أن يستبعد بعض الوزراء صدور تكليف رسمي للهيئة لمتابعة الملف، على أن تنسق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم.
وقال مصدر وزاري أن لدى الرئيس سلام رغبة في عقد سلسلة لقاءات واتصالات لبحث موضوع التكليف قبل عرضه على مجلس الوزراء وعلى خلية الأزمة التي يفترض أن تضع استراتيجية جديدة للتفاوض لتحرير العسكريين بعد انسحاب قطر من عملية الوساطة.
ولم يستبعد المصدر احتمال عقد لقاء بين الرئيس سلام ورئيس المجلس نبيه بري لاستيضاح موقفه من خلية الأزمة، لا سيما بعد مواقفه المتكررة التي حرص فيها على توصيف الخلية «بأزمة
الخلية، ربما في إشارة منه إلى رغبته في إنهاء دورها تمهيداً لتكليف جهة ثانية أكثر فعالية بالمهمة، من دون استبعاد ان تكون هذه الجهة خلية أزمة أمنية، استناداً إلى كلام برّي امام نواب الأربعاء، حيث دعا إلى ابعاد المدنيين عن التعاطي بالملف!
وقال المصدر الوزاري لـ«اللواء» ان وزراء حزب الكتائب لم يعلنوا رفضهم لمبدأ المقايضة في ملف العسكريين، نافياً ان يكون هؤلاء الوزراء سجلوا اعتراضاً على هذا الأمر، مشيراً إلى انه يفترض ان يتكرر هذا الموقف لدى بحث الموضوع داخل مجلس الوزراء، من دون معرفة ما سيكون عليه موقف الفريق المسيحي الآخر المتمثل بوزراء «التيار الوطني الحر»، وذلك في ما يشبه الرد على كلام رئيس هيئة العلماء المسلمين الشيخ سالم الرافعي الذي اتهم جهات مسيحية داخل الحكومة بعرقلة ملف المقايضة.
تعمير عين الحلوة
على صعيد توتر تعمير عين الحلوة، عاد الهدوء إلى المنطقة قبيل منتصف الليل، في ضوء نجاح الاتصاات بوضع آلية لتوقيف الملاحقين وانتشرت وحدات من الجيش اللبناني بالتنسيق مع فرع المعلومات في المنطقة التي كانت شهدت توتراً، اثر إطلاق أحد عناصر «سرايا المقاومة» محمّد الديراني النار باتجاه قوة من فرع المعلومات، ما اضطرها إلى الرد بالمثل على مصدر النيران، من دون وقوع اصابات.
وعلى الأثر نفذ الجيش انتشاراً واسعاً في المنطقة، وعمل على تطويق ذيول الاشكال وملاحقة الديراني.
وتمكن فرع المعلومات ليلاً من توقيف محمود عدنان أحمد وهو أحد المشاركين في إطلاق النار في اشكال تعمير عين الحلوة.
كما قامت القوة الأمنية الفلسطينية المشتركة بإجراءات مشددة لوضع مجموعات على كافة مداخل المخيمات وتسيير دوريات راجلة في مخيم عين الحلوة، منعاً لتطور الإشكال ومنع دخول أي مطلوب أو معتد على الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانية إلى المخيم.
وليلاً، سمع دوي انفجار، تبين انه ناجم عن إلقاء قنبلة صوتية في محلة رأس الأحمر في تعمير عين الحلوة.