قبضة «داعش» على القلمون تشتد.. وقضية العسكريين بين التهديد والتطمين
تقارير مقلقة عن التمدد بقاعاً.. والثورة البيضاء مستمرة في الصحة والمالية
على مرمى حجر من دخول البلاد عطلة عيدي الميلاد ورأس السنة، سحب ملف المفاوضات وتحرير العسكريين المخطوفين من التداول الإعلامي، واطمأن الوزراء إلى ما سمعوه من الرئيس تمام سلام، من ان خلية الأزمة ماضية في مهمتها، وأن المعطيات المتوافرة لديها تُشير إلى ان قناة التفاوض بإمكانها ان تؤدي إلى إطلاق سراح العسكريين، وأن المسألة لا تتعلق بالدولة اللبنانية التي أبلغت من يعنيهم الأمر انها على استعداد لدفع ما يلزم من اثمان لا تتجاوز القانون ولا تضر بهيبتها، والكرة الآن في ملعب المجموعات المسلحة والخاطفة للعسكريين التي لم تكشف تماماً عن شروطها، ولم ترسل بكتاب خطي إلى المفاوض اللبناني تتعهد فيه بوضوح انها لن تقدّم على قتل العسكريين، وعليها ان تكف عن المضي في ابتزاز الأهالي والتلاعب بعواطفهم.
في هذا الوقت، كان الأهالي يستمعون إلى طمأنة من الشيخ وسام المصري الذي حضر إلى ساحة رياض الصلح واخبر الأهالي الذين كانوا متواجدين هناك ما جرى معه في جرود عرسال.
وبعد ان نقل رسالة سياسية مؤداها ان «داعش» طلبت من المسؤول في التنظيم عن ملف العسكريين ان يبلغ المصري ان التنظيم منزعج من ترك الدولة اللبنانية «حزب الله» يتدخل دون رادع في الحرب السورية لمصلحة النظام، أبلغ المصري الأهالي انه شاهد 9 عسكريين وهم في صحة جيدة، ومعنوياتهم مرتفعة بعض الشيء، لكنه ابلغهم أيضاً ان الجندي سيف ذبيان يعاني من التهابات حادّة في اذنه، وأن الجندي مصطفى وهبة يُعاني بدوره من التهابات في قدمه.
لكن اللافت ان المصري الذي لم يلتق في جرود عرسال سوى مسؤولين عن «داعش» من دون جبهة «النصرة» التي سبق ان كلفته التوسط مع الدولة اللبنانية، ثم تراجعت نفى ان يكون مكلفاً من الدولة اللبنانية، وانه قام بهذه الزيارة «تبرعاً» منه، معرضاً حياته للخطر، ورفض بعد ذلك الإجابة على أي سؤال من الصحفيين الذين تجمعوا حوله، بحجة حساسية الملف وسلامة الشباب، مؤكداً انه لم يحمل من «داعش» أي تعهد بعدم قتل العسكريين الذين قال انه شاهدهم وهو «مطمش العينين».
وتزامن المؤتمر الصحفي للمصري مع توجيه تنظيم «الدولة الاسلامية» عبر مقاتليها المتواجدين في جرود عرسال رسالة إلى كل من الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وبثت قناة «الجديد» ليل أمس فيديو يظهر فيه ثلاثة من الجنود الأسرى، ويتحدث أحد المقاتلين فيه بلغة فرنسية، ويقول ان رسالته إلى حلفاء فرنسا في لبنان هي ان «الدولة الاسلامية» في حرب ضد حزب الله، ويتهم المقاتل في الفيديو القيادات الثلاثة بانهم مجرمون اضافوا جرائم جديدة إلى جرائمهم خلال تعاونهم مع «حزب الله».
يختم المسلح الفيديو قائلاً: «انتم فقط المسؤولون عن مصير اسراكم فمستقبلهم حياتهم أو موتهم يتوقف على قراركم».
وكان وفد من اهالي العسكريين قصد «بيت الوسط» أمس واجتمع إلى الأمين العام لتيار «المستقبل» أحمد الحريري الذي أكّد ان التيار مع دفع أي ثمن مقابل تحرير العسكريين، وانه لا يعارض المقايضة، فيما اشارت معلومات إلى ان الحريري اعتبر ان الموقوف في «كتائب عبد الله عزام» نعيم عباس يُشكّل عقبة لأن المجموعات المسلحة تصر على اطلاقه، في حين انه لا يمكن للدولة ان توافق على هذا الأمر.
في غضون ذلك، أكدت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان الموضوع المطروح الآن ليس القرار بالمقايضة أو عدمها، فهذا أمر مبتوت فيه، بل بوضوح شروط الجهات الخاطفة، وهذا الأمر هو ما يجعل ملف العسكريين يمر في مرحلة حرجة ومعقدة، لكنه غير ميؤوس من إمكانية الانتقال إلى وضع أفضل، وبالتالي فلا حاجة للكلام والأخذ والرد.
خوف على البقاع
إلا أن التطورات الميدانية على الجبهة السورية من منطقة القلمون وإلقاء تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» بثقله لإحكام قبضته على المنطقة، ولو على حساب الفصائل السورية الأخرى من «الجيش السوري الحر» الى «النصرة» و«أحرار الشام» وغيرها، أضفت على بعد خطف العسكريين أبعاداً إضافية تتعلق بمستقبل الصراع واحتمالات امتداده الى الحدود اللبنانية من جهة عرسال، ومنطقة البقاع الشمالي عموماً.
وبحسب المعلومات، فإن الأجهزة الأمنية والدوائر الرسمية تراقب بكثير من الحذر ما يجري على الجهة السورية حيث يحاول تنظيم الدولة الاسلامية تشديد قبضته على المنطقة من خلال اكتساح مواقع الفصائل المسلحة الأخرى، سواء من خلال الضغوط التي يمارسها على المسلحين المتواجدين في المنطقة، والذين أعلن معظمهم انضمامهم الى التنظيم، أو عبر المعركة العسكرية التي بدأت منذ يومين مع عناصر «الجيش الحر» والتي أسفرت حتى الآن عن مقتل قائد «الحر» وتقدم مقاتلي «داعش» في مواقعه.
وقالت معلومات أن مجموعات من «الجيش الحر» استسلمت «لداعش» وانضمت إليه، في حين أعدم كل من تم أسره من قبل التنظيم.
وتخشى هذه الدوائر أن تكون خطة «داعش» بإحكام سيطرتها على المنطقة بمثابة التمهيد لهجوم باتجاه الأراضي اللبنانية بهدف إحداث ثغرة تستطيع من خلالها تأمين حركة التموين اللازمة في الشتاء، وإيجاد قاعدة خلفية لمقاتليها ومعالجة جرحاها في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس تدهوراً محتملاً للوضع في منطقة عرسال وجوارها من جراء التطورات الأمنية في القلمون السورية.
مجلس الوزراء
وعلى صعيد جلسة مجلس الوزراء، وطبقاً لما توقعته «اللواء» فإن بنود الترخيص لجامعات وكليات جديدة أرجئ بعد اعتراض من قبل عدد من الوزراء، بمن فيهم وزراء الرئيس ميشال سليمان الثلاثة الذين اعترضوا على ما أسموه «الاستنسابية» في الترخيص لجامعتين دون سواهما.
وفي اتصال مع «اللواء» قال وزير الشباب والرياضة عبد المطلب حناوي: اعترضنا على بند الترخيص بسبب وجود قرار سابق من مجلس الوزراء ينص على أن كل جامعة أنجزت الترخيص وفق القانون الذي صدر مؤخراً عن مجلس النواب، وتستوفي الشروط، وحازت على موافقة مجلس التعليم العالي، يصار الى عرض ملفاتها لنيل الموافقة على الترخيص في مجلس الوزراء، أما المعروض فهو جامعتان فقط، الأمر الذي يخالف هذا القرار.
وعُلم من مصادر وزارية أن وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش أكد أهمية عرض السلة المتكاملة على الحكومة فلا يعرض الترخيص لجامعة أو اثنتين، كما عُلم أن وزراء حزب الكتائب ذكروا بموقفهم المعارض لإنشاء كليات قبل معرفة الجدوى منها.
وأفيد أن هناك وزراء كانوا يفضلوا حصول جامعات مرموقة على الترخيص دون اللجوء الى الاعتراض.
اما في خصوص ملف النفايات الصلبة، الذي كان وزير البيئة محمّد المشنوق يأمل ان يعرض من خارج جدول الأعمال، فقد تقرر ان يبحث بالتفصيل في الجلسة التي تقرر ان تعقد في الثالثة بعد ظهر الثلاثاء المقبل، وتكون الجلسة الأخيرة للمجلس في هذا العام.
واستناداً إلى هذا القرار، وزّع على الوزراء التقرير الذي اعده الوزير المشنوق، وهو عبارة عن صفحة فولسكاب يتضمن تقسيم المناطق والمناقصات ودفتر الشروط.
ويحدد التقرير مناطق الخدمات الثلاث وطريقة اجراء مناقصتين لكل منطقة على صعيد الكنس والجمع واللم، وعلى معالجة وطمر النفايات.
وأوضح المشنوق لـ«اللواء» انه لا يستطيع ان يعد بشيء، قبل ان يلمس كيفية مقاربة مجلس الوزراء بهذا الملف يوم الثلاثاء، مؤكداً انه في البيئة لا يشتغل في السياسة، مستبعداً امكانية اقفال مطمر الناعمة في 17 كانون الثاني المقبل، لاعتبارات كثيرة من أهمها صعوبة إنجاز المناقصات قبل هذا التاريخ، متوقعاً تمديداً تقنياً محتماً لمطمر الناعمة إلى حين انطلاق الأمور في هذا الملف الذي وصفه بأنه «مسؤولية وطنية»، وأن «لا خيارات أخرى امامنا»، عازياً التأخير إلى محرقة برج حمود منذ أيّار الماضي ولغاية الآن.
حزب الله عند سليمان
سياسياً، سجل أمس، زيارة وفد من «حزب الله» للرئيس السابق ميشال سليمان، بعد شبه قطيعة بين الطرفين، بسبب توتر العلاقة بينهما منذ ما قبل انتهاء ولاية سليمان الذي شدّد خلال اللقاء على اهمية الحوار إلى المصارحة والحقائق لتكون النتيجة أفضل، فيما أعلن النائب محمّد رعد الذي رأس الوفد بأن الحزب قرّر ان يبقى على تواصل من أجل التفكير في ما يصلح شأن البلد واستقراره.
وتزامنت الزيارة مع موقف لنائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم اعتبر فيه ان الحوار هو الطريق الوحيد المتاح لمعالجة اوضاعنا وحل مشاكلنا، مؤكداً بأن الحوار مطلوب شكلاً ومضموناً، وانه عندما ينطلق بحده الأدنى فإنه يفتح الأبواب للحلول.
الثورة البيضاء
وبانتظار انطلاق الحوار بين «حزب الله» و«المستقبل»، بعد عودة رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ليلاً من زيارته إلى المملكة العربية السعودية، استأثرت «الثورة البيضاء» التي يقف على رأسها عدد من الوزراء ضد أوكار الفساد في لبنان، بالاهتمامات الإعلامية والسياسية والدبلوماسية، في ظل توجه حكومي يطرح احداث صدمة إيجابية بتحريك الحركة الاقتصادية، بإعادة النظر باسعار السلع الغذائية في ضوء تراجع أسعار النفط، لأن ذلك ينعكس على الأسعار عندما يرتفع سعر البرميل، ويجب ان تنخفض إذا انخفض البرميل.
وتوقع خبير اقتصادي بأن يجري البحث في تخفيض تدريجي للاسعار من 10 إلى 40 في المائة، لأن التجار ليس بامكانهم الاحتفاظ بمخزونهم لوقت طويل.
وبالاضافة إلى تخفيض سعر الخبز يجري البحث في تخفيض أسعار الحبوب والزيوت، على ان تشهد السنة الجديدة، وفي غضون الأشهر الثلاثة الأوّلى منها ترجمة لهذا التوجه.
اما على صعيد حملة الوزير وائل أبو فاعور، فقد أعلن ان إجراءات القمح الرسمية في مرفأ بيروت لا تستوفي شروط السلامة الغذائية، معلناً اللائحة رقم 12 بمؤسسات مخالفة في بيروت ومناطق أخرى ومطاعم وملاحم في جونيه وجبيل والبرج الشمالي وبعقلين كاشفاً عن مؤسسات حسنت اوضاعها والتزمت بما طلب منها، معلناً منع إدخال أي منتج غذائي للأطفال دون ثلاث سنوات قبل فحصه من قبل وزارة الصحة.
اما الوزير علي حسن خليل، فقال خلال اطلالة مطولة مع المؤسسة اللبنانية للارسال، بأنه ماض في إجراءاته في وزارة المال ومديرية الشؤون العقارية، وانه بعد اجراء تشكيلات بدءاً من الأسبوع المقبل في كافة مراكز السجلات العقارية ودوائر المساحة، مؤكداً انه عازم على استعادة المساحات العائدة للمشاعات والبلديات من الذين مسحت على اسمائهم من دون وجه حق أو أي مسوغ قانوني، كاشفاً في مجال آخر انه احال موازنة العام 2015 في 22 آب الماضي إلى مجلس الوزراء.