IMLebanon

 إنطلاق حملة إزالة الشعارات.. ومُعالجة قانونية وسياسية للحوض الرابع

يترقّب لبنان والعالم ما سيكون عليه موقف التحالف الدولي من تنظيم «داعش» في قابل الأيام ردّاً على جريمته الشنعاء بقتلِ الطيّار الأردني معاذ الكساسبة، فيما أعلنَ الأردن حرباً بلا هوادة على هذا التنظيم، وكان أوّل الغيث غارة جوّية للطيران الأردني على مواقع ومستودعات ذخيرة له في الرقّة، في ظلّ حديثٍ عن احتمال شَنّ حرب برّية عليه انطلاقاً من الحدود الأردنية مع العراق وسوريا. وفي تطوّر يَشي بتصعيد التحالف الدولي حربَه على «داعش»، أفادَ مسؤول أميركي أنّ واشنطن نشرَت طائرات في العراق لإنقاذ طيّاري مُقاتلات التحالف الدولي، في حال سقطت طائراتُهم في مناطق يُسيطر عليها هذا التنظيم الإرهابي. وفي غضون ذلك واصلَ لبنان معركته ضد الإرهاب بلا هوادة، مستهدِفاً بقواه العسكرية تحرّكات المسَلّحين في جرود السلسلة الشرقية.

إنكفأت الحركة السياسية الداخلية نسبياً أمس مع سفر رئيس الحكومة تمّام سلام إلى ألمانيا لإلقاء كلمة لبنان اليوم في مؤتمر ميونيخ للأمن، وعودة مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو الى بلاده مختتماً لقاءاته في بيروت بزيارة رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، فيما بوشِر تنفيذ قرارات الحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله» بإزالة الصوَر والشعارات واللافتات في بيروت وطرابلس وصيدا، واستمرّت حملة مكافحة الفساد الغذائي التي سجّلت أمس إقفالَ سوق السمك في الكرنتينا لعدمِ احترام شروط سلامة الغذاء، وأقفلت وزارة الصحّة بالشمع الأحمر شركة مستوردة للأدوات الخاصة بزرعِ الأسنان في منطقة الجديدة، وضبطَ وزير المال علي حسن خليل عمليّة تزوير مستندات تحمل تواقيعَ وأختام بإسم الدوائر الضريبية والمالية بهدف سَرقة أموال عامّة بواسطتها.

مهمّة جيرو: لا تقدّم

ظلّ الاستحقاق الرئاسي بلا أفق، وغادرَ جيرو لبنان خاليَ الوفاض، وأوجزَت السفارة الفرنسية في بيان حصيلةَ زيارته ومحادثاته مع المسؤولين، مُذكّرةً بزيارته السابقة الى لبنان في 8 و 9 كانون الاوّل الماضي، «وذلك في إطار مهمّته والمساعي الفرنسية الرامية إلى تحفيز التوصّل إلى توافق في هذا البلد».

وأشار البيان إلى أنّ جيرو التقى في هذه الزيارة، يرافقُه السفير الفرنسي باتريس باولي كلّاً من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ومسؤولي القوى السياسية الأساسية وممثليها في البلاد».

وأضاف البيان: «في حين أنّ شغور منصب رئاسة الجمهورية اللبنانية مستمرّ الآن منذ أكثر من ثمانية أشهر، عِلماً أنّ البلد يواجه تحدّيات تتعاظم كلّ يوم لا سيّما على المستوى الأمني والإنساني والاقتصادي والاجتماعي، شدّدَ جان فرنسوا جيرو أمام محاوريه على قلق فرنسا، في إطار التزامِها الدائم إلى جانب لبنان، إزاء النتائج السلبية المترتّبة على اختلال العمل المؤسّساتي الذي يعاني منه هذا البلد، بما في ذلك المساعي الهادفة إلى وضع الدعم الثنائي والدولي موضعَ التنفيذ بطريقة فعّالة.

كذلك ذكّرَ بتجنيد كلّ الإمكانات الفرنسية من خلال الاتّصالات المستمرّة مع كافة الأطراف، في إطار مساعٍ حميدة تحترم السيادة اللبنانية، وذلك من أجل تسهيل التوافق بهدف التوصّل إلى حلّ للعرقلة المؤسّساتية والسياسية التي تشهدها البلاد. ومِن المهم أن يتحلّى جميع الأطراف المعنيّة بحسّ المسؤولية على هذا الصعيد».

وفي ما يتعلق بالانتخابات الرئاسية، ذكّرَ جيرو بـ«أنّ فرنسا وفقاً لالتزامها دعمَ سيادة لبنان، ليس لديها أيّ مرشّح ولا تضع أيّ فيتو. كذلك تطرّقَ مع محاوريه المؤسّساتيّين والسياسيين إلى المراحل المقبلة في هذه المهمّة التسهيلية».

وتابعَ البيان: «بعد مرور أسبوع على الأحداث الخطيرة في منطقة مزارع شبعا وفي جنوب لبنان، ذكّرَ جان فرانسوا جيرو أيضاً بأنّ فرنسا، العضو الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والموجودة في إطار (قوات) اليونيفيل (العاملة في جنوب لبنان) منذ انتشارها، ملتزمةٌ العملَ بشكل دؤوب من أجل تطبيق القرار 1701 وتجنّب أيّ استئناف للعمليات العدائية.

في هذا الإطار أيضاً، وهذا ما سمحَت الفرصة لجان-فرانسوا جيرو بالتشديد عليه أمام الاطراف المعنية، ينبغي على الجميع التحَلّي بحِسّ المسؤولية مع احترام سيادة الدولة اللبنانية وصلاحياتها».

وكان السفير باولي أوضحَ أنّ زيارة جيرو للبنان «غايتُها تسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وكانت مهمّته مثمرةً، لكنّها لم تؤدِّ إلى تقدّم بشكلٍ حاسم في هذا المجال».

إزالة الشعارات

على صعيد آخر، وتنفيذاً للقرار الذي اتّفق عليه «المستقبل» و»حزب الله» في الحوار، والقاضي بإزالة الشعارات، دخلت بيروت وطرابلس وصيدا مرحلة إزالة الشعارات الحزبية والدينية، فاستنفرَت أجهزة الدولة المكلّفة معالجة هذا الملف، وبعد إزالة الأحزاب شعاراتها بدأ الدفاع المدني، بمواكبة قوى الأمن الداخلي، إزالةَ ما تبقّى من هذه الشعارات، فيما لم تشهَد طريق المطار والضاحية الجنوبية أيّ تحرّك في هذا الشأن لأنّها غير تابعة لبيروت الإدارية، على حَدّ قول محافظ بيروت زياد شبيب الذي أشرفَ شخصياً على الحملة.

وفي صيدا أشرفَ «حزب الله» على إتمام إزالة الملصَقات والصوَر والجداريات الخاصة به من مدخل صيدا الجنوبي ومن حارة صيدا، كذلك في طرابلس حيث لم تنتهِ الحملة وبقيَت الصور الكبيرة في جبل محسن والتبّانة في انتظار استكمال الحملة اليوم.

الجسر

وسألت «الجمهورية» عضو كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر: هل إنّ إزالة الشعارات والصوَر من الطرُق والشوارع معناها أنّ الشحنَ من النفوس أزيلَ فعلاً؟ فأجاب ممازحاً: «إنْ شاءَ الله، فالمَثل يقول: «البعيد عن العين بعيد عن القلب»، فلرُبّما عندما تغيب هذه الشعارات عن العين، تغيب عن القلب أيضا».

واعتبرَ الجسر «أنّ «حزب الله» خطا خطوةً جيّدة، فهو استبَق هذه الحملة وبدأ نزعَ شعاراته وأعلامه». وأكّد «أنّ وفدَ «المستقبل» تحدّث في جلسة الحوار الخامسة وبصراحة تامّة، في كلّ القضايا التي تساءَل عنها الناس الأسبوع الفائت، أي بمضمون خطاب الامين العام للحزب وما رافقَه وسبَقه، وعرَضنا ما لدينا وعرَضوا ما لديهم في نقاش واضح وصريح».

وهل إنّ ثقة «التيار» بالحزب بدأت تتزايد مع تزايد عدد جلسات الحوار؟ فأجاب: «لا شكّ في أنّ التراكم كبير، وإزالتُه لا تتمّ دفعةً واحدة، بل خطوةً خطوة، وطبعاً نحن لا نعود إلى الوراء، فمعالجة الأمور تتمّ بوضوح وصراحة وجدّية، ونحن أساساً لم نوهِم أنفسَنا مرّةً بأنّنا سنتمكّن من تحقيق معجزات بين ليلة وضحاها. ندرك أنّ التراكم كبير وأنّنا سنسير خطوةً خطوة ونحن مستعدّون لهذا الأمر.

لكن أعتقد أنّ مجرّد بَدء الحوار ومواصلته خلقَ جوّاً من الارتياح، فما حدثَ الاسبوع الفائت خلق توتّراً عند الناس وبدؤوا يتساءَلون ماذا بقيَ من هذا الحوار، لكنّنا قلنا في الجلسة كلّ الكلام الذي كان يجب أن يُقال. الأمر الإيجابي هو أنّنا بدأنا الإجراءات العملية، وهذا ليس معناه أنّ «الدنيا كلّها وقفَت عليها»، لكن لا شكّ في أنّها كانت من عناصر الاستفزاز والإثارة، ولاحقاً سنستكمل ما يتعلق بتطبيق الخطّة الأمنية على مستوى كلّ لبنان».

«حزب الله» في الرابية

وفي هذه الأجواء يزور وفدٌ من «حزب الله» الرابية قبل ظهر اليوم للقاء رئيس تكتّل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون لمناسبة ذكرى توقيع التفاهم بين الحزب و«التيار الوطني الحر». وقالت مصادر مطّلعة على موقف الحزب إنّ هذه الزيارة تندرج في إطار تأكيد متانة التفاهم بين الجانبين، والذي بات نوعاً من التحالف الوجودي بينهما، على حدّ ما قال عون».

وأكّدَت «أنّ العلاقة بين الجانبين هي في أفضل مراحلها على مستوى القيادة والقاعدة، وأنّ الجميع يشهد منذ العام 2006 كيف أنّ هذا التحالف ساهمَ في تصليب الجبهة الوطنية الداخلية».

وفي هذا السياق اعتبرَ نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم خلال استقباله لجنة الشباب والشؤون الطالبية في «التيار الوطني الحر»، أنّ العلاقة بين الحزب والتيار «بدأت بتفاهم محدود الاتّجاه ووصلت الى تحالف مفتوح الاتّجاه».

وخوري أيضاً

وفي خطوةٍ جاءت ترجمةً للتفاهم الذي قام بين عون والرئيس سعد الحريري في اللقاء الذي جمعَها في الرياض على هامش تقديم عون التعازي بالملك السعودي الراحل عبدالله بن عبد العزيز، زار مستشار الحريري النائب السابق غطاس خوري امس الاوّل عون، وبحث معه في التطوّرات الأمنية والسياسية الأخيرة وما تلاها من اعتداء القنيطرة الى ردّ الحزب عليها في مزارع شبعا وخطورة الإنزلاق بالبلاد الى ما لا تُحمَد عقباه.

ووضعَ عون خوري في أجواء ما تحقّق حتى الآن على مستوى التحضير للحوار بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، والتوجّهات التي تتحكّم بالمرحلة المقبلة والسعي القائم الى وثيقة مبدئية تحدّد أطرَ الحوار المقبل بين الطرفين، من دون المسّ بخصوصيتهما في الوقت نفسِه، معتبراً أنّ التفاهم على كلّ العناوين مستحيل، فلكلٍّ من الطرفين نهجُه وثوابته وتوجهاته، وهما مختلفان في كثير من العناوين الاستراتيجية.

الحوض الرابع

من جهة ثانية، وفي جديد ملف مرفأ بيروت، وعلى وقعِ وقفِ عملية الردم الجارية في الحوض الرابع، انتقلت المعالجات الجارية لهذا الملف من الاتصالات السياسية الى المجال القانوني، في ضوء المراجعة القانونية التي قدّمَتها نقابة أصحاب الشاحنات لقاضي الأمور المستعجلة في بيروت الرئيس نديم زوين عبر وكيلها القانوني ميشال قليموس.

ومواكبةً لهذه الخطوة، عُقد اجتماع حزبي – قانوني في بكركي أمس تمثّلت فيه الأحزاب المسيحية بمسؤولين قانونيّين، فحضرَه، إلى راعي التحرّك المطران بولس صيّاح والمحامي قليموس، كلٌّ مِن مندوب حزب الكتائب رئيس ندوة المحامين الديموقراطيين سمير خلف، وبيزانت بسطجيان عن «الطاشناق»، وشادي سعد عن تيار «المردة»، وعن المتضرّرين من ردم المرفأ ناصيف صالح.

وبعدما أشادَ صيّاح بتعاون رئيس الحكومة ووعده بحلّ الموضوع وطلبه وقف عملية الردم، شكرَ نقابة أصحاب الشاحنات على مبادرتها بوقفِ الإضراب بناءً على طلب بكركي والمبادرة إلى المواجهة القانونية عبر المؤسسات القضائية.

وعرضَ المجتمعون الجانب القانوني للدعوى المقدّمة أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت من جوانبها المختلفة، وقرّروا التعاون في المواجهة القانونية حتى النهاية التي ستؤدّي إلى وقف المشروع من أساسه وحماية مصالح المتضرّرين منه.