IMLebanon

بري: الرئاسة في الجلسة السابعة.. وبكركي: الحكومة لتصريف الأعمال فقط

إنتهَت عطلة نهاية الأسبوع على استمرار الشغور الرئاسي مشفوعاً بشَللٍ حكومي، فيما يستمرّ الحوار ومفاعيله صامدَين، خصوصاً لجهة تبديد التشنّج والاحتقان بين تيار «المستقبل» و»حزب الله» وإصرار الطرَفين على المضيّ به قدُماً وسط تعويلٍ على أن يُحدِثَ هذا الحوار، أو الحوار المسيحي ـ المسيحي المرتقَب، خرقاً ما في الملفّ الرئاسي. كما شَكّلَ اللقاء بين رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي والرئيس سعد الحريري الحَدث السياسي الداخلي الأبرز في عطلة نهاية الأسبوع، ويُنتظر أن تنعكسَ نتائجُه إيجاباً على الملفات الداخلية المطروحة. وقال برّي أمام زوّاره أمس إنّ هذا اللقاء «كان ممتازاً، وسادَه اتّفاقٌ على الانعكاسات السلبية التي يتركها الشغور الرئاسي على الوضع العام في البلاد». واعتبرَ «أنّ معالجة الملفّ الرئاسي تبدأ بتفاهمٍ مسيحي ـ مسيحي على مرشّح مقبول». وأشار إلى «أنّ جلسة الحوار السابعة بين حزب الله وتيار المستقبل ستبحث في موضوع رئاسة الجمهورية.

وقال برّي لزوّاره أيضاً: «إذا كان هناك تفاهمٌ مسيحي على مرشّح، فإنّني سأكون أوّلَ مَن يفتح الطريق إلى بَتّ الملف الرئاسي». وأشار إلى أنّ لقاءَه مع الحريري سادَه تفاهم على ضرورة الاحتكام للدستور في آليّة عمل مجلس الوزراء، لأنّه لا يجوز شَلّ البلد والمؤسسات. وقال: «في حال عادت الحكومة إلى العمل بموجب الآلية الحالية فستبقى متعثّرةً وضعيفة الإنتاجية».

وردّاً على سؤال حول الموقف الذي صدرَ عن «اللقاء الوزاري» في منزل الرئيس السابق ميشال سليمان، قال برّي: «إنتظرناها من الشرق فأتت من الغرب».

سلام يستأنف البحث

وبعد عودته ليل السبت ـ الأحد من روما، يستأنف رئيس الحكومة تمام سلام لقاءاته اليوم لمتابعة مختلف الملفات السياسية والإدارية. وقالت مصادره لـ«الجمهورية» إنّ «من بين القضايا التي سيستأنف البحث فيها الآليّة المطروحة لإعادة النظر في طريقة اتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء والتعديلات المقترحة عليها والتي استأثرَت بالاهتمامات السياسية والحزبية والروحية وما أثارَته من ردّات فعل على مختلف المستويات.

وأكّدت أنّه راقبَ من روما ردّات الفعل التي ترَكها طرح الآليّة الجديدة، وهو سيواصل اتصالاته على مختلف المستويات لإحياء عمل الحكومة في أفضل الظروف. وتخوّفَت المصادر من الانقسام الحاد الذي تسبَّبت به ردّات الفعل على الآليّة، خصوصاً على مستوى الشَرخ السياسي.

فرعون عند سلام

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الوزير ميشال فرعون سيزور سلام اليوم لإطلاعه على نتائج لقاء الوزراء الثمانية الجمعة الماضي في منزل الرئيس السابق ميشال سليمان في اليرزة وبالتنسيق مع رئيس حزب الكتائب أمين الجميّل.

وسيؤكّد فرعون لسلام أنّ المجتمعين «ليسوا في وارد تكوين جبهة في مواجهته، وإنّما لمعاونته لكي تستأنفَ الحكومة عملها وفق الآليّة التي أقِرَّت سابقاً قبل أن تتعرّض لِما تعرّضَت له من محاولات ضرب التضامن الحكومي والخروج على القواعد التي أقرَّتها الآليّة بما فيها من توافق يوفّر الحماية لها بالحَدّ الأدنى المطلوب تجاه ما يتعرّض له البلد من مخططات».

كذلك سيؤكّد فرعون لسلام «أنّ هدف اللقاء هو تحريك المساعي لانتخاب رئيس جمهورية جديد، والحَؤول دون تكريس أجواء الشغور والفراغ القائمين وتحويلهما حالةً دائمة، والحفاظ على صلاحيات رئيس الجمهورية والدور المنوط به. وهو أمرٌ يعفي الحكومة من الاستحقاقات المقبلة ويشكّل أقصرَ الطرُق إلى الخروج من الأزمة القائمة اليوم، فالآليّة الجديدة المطروحة لا يمكن أن تقوم في غياب رئيس الجمهورية.

إلى «سن الفيل»

وعلمَت «الجمهورية» أنّ لقاء الوزراء الثمانية سينعقد مجدّداً في الساعات الـ 48 المقبلة في منزل الجميّل في سن الفيل، لاستئناف البحث في المواضيع التي نوقِشَت في اجتماع اليرزة.

الراعي

وفي هذه الأجواء، أكّدَت بكركي أنّ على الحكومة توَلّي تصريف الأعمال فقط. وقال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي «إنّ الأمراض تظهر في الممارسة السياسية السيّئة، حيث تغيب خدمة الخير العام، ويحلّ محلّها السعي إلى المصالح والمكاسب الشخصية والفئوية والمذهبية، وتظهر في مخالفة الدستور والميثاق الوطني وصيغة العيش معاً بتعاون وتكامل».

ولفتَ إلى «أنّ هذه المخالفة قد بلغَت ذروتها في عدم انتخاب رئيس للجمهورية منذ تسعة أشهر، وبالتالي في تعَثّر ممارسة صلاحيات المجلس النيابي، وأعمال الحكومة التي تختلط صلاحياتها الدستورية بصلاحيات رئيس الجمهورية هذه التي تتولّاها بالوكالة، ولا مجال لممارستها إلّا بالتوافق وبذهنية تصريف الأعمال، لا بابتكار آليّات تتنافى والدستور، وكأنّ الفراغ الرئاسي أمرٌ عادي».

واعتبرَ الراعي «أنّ الطريق الأقرب والأسلم والأضمن لهاتين المؤسستين الدستوريتين لكي تستعيدا مسارهما الطبيعي والدستوري، إنّما هو انتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، ما يقتضي السعيَ مع ذوي الإرادات الطيّبة ولدى الدوَل المعنية والصديقة لتسهيل إجراء هذا الانتخاب».

زعيتر

وأوضحَ وزير الأشغال العامّة غازي زعيتر لـ«الجمهورية» أنّه حتى ظهر أمس الأوّل السبت لم يكن جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء قد وُزّع على الوزراء بعد.

وسُئل هل إنّ البلاد تتّجه إلى مشكلة حكومية كبيرة؟ فأجاب: «المفروض لا، إنْ شاءَ الله، إذ إنّ المشكلة الكبيرة التي يجب أن نواجهها جميعاً هي العدوّ الإسرائيلي والإرهاب التكفيري الذي يجب أن تتوحّد كلّ جهودنا وقوانا لمواجهة خطرِه».

وأضاف: «إنّ الآليّة التي يجب اعتمادها دستورياً معروفة، سواءٌ في ظلّ الشغور الرئاسي أو من دونه، والرئيس سلام منذ البداية لم يكن يخترع آليّة جديدة، ولكنّه اعتمد هذا الأسلوب ليكون هناك توافق بين الجميع، خصوصاً إذا كانت القضايا تهمّ المواطنين، الآن هناك تبايُن في وجهات النظر في شأن بعض الملفّات، وهذا ما جعلَ الأمور تصل إلى هذا الحد. فعندما يحصل تبايُن كبير في موضوع ما، علينا العودة إلى النص الدستوري والعمل بموجبه.

وعندما تلتزم الحكومة النص الدستوري فلا يعني هذا تكريساً للشغور وتطبيعاً مع الفراغ. على العكس، هناك اليوم استعجال لانتخاب رئيس جمهورية جديد، لأنّ المؤسسات الدستورية لا تكتمل إلّا بانتخابه ومهما طال الوقت، ونتمنّى أن لا يطول، فلا علاقة للأمر بالعمل الحكومي. نحن لا نتّفق على رئيس جمهورية، فهل يعني هذا أن نوقف العمل الحكومي ونعطّل البلد؟ كلّا».

درباس

من جهته، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «سواءٌ عُقدت جلسة جديدة أم لا، فهذا لا يعني أنّنا ذاهبون إلى مشكلة حكومية، على العكس، يجري بحثٌ معمّق لئلّا تتكرّر العثرات التي كانت تعرقل سيرَ العمل، العودة إلى الأصل، أي النص الدستوري الذي يحلّ كلّ المشكلات، إضافةً إلى ذلك،

هناك حُسن النيّة الذي يفترض تأجيلَ القضايا الميثاقية الخلافية الكبيرة إنْ وُجِدت، لكن لا نستطيع أن نقبل تعطيلَ القضايا اليومية لمجرّد الاعتراض عليها، وأعتقد أنّ هذه الآلية ستسير وفقاً للدستور ولسنا في وارد وضعِ إضافات دستورية، لا ينبغي لنا ذلك ولا يجوز، ولكن نحن الآن سنعتمد على الإرادة الطيّبة للأطراف، والتي تقول إنّ المحافظة على الحكومة الآن هي من الضرورات».

وأوضحَ درباس «أنّ موقفَه في الجلسة الأخيرة في شأن تعيين مجلس إدارة المنطقة الاقتصادية في طرابلس لم يكن نوعاً من العناد أو البلطجة، لا سمحَ الله، فأعمال ردم البحر ستبدأ قريباً ولا يجوز أن نضع عشرات الملايين من الدولارات في البحر من دون أن يكون لها إدارة.

لذلك كنتُ ووزراءَ طرابلس نحذّر من أنّ هذا الأمر لا يتحمّل التأجيل، وتمنّيت تخَطّي الخلافات وتعيين مجلس الإدارة لئلّا نهدر المال العام، وأعتقد أنّ القضية ستجد حلّاً لها، وموقفُنا كان للفتِ النظر وليس للعرقلة والتعطيل».

حوري

وفي ملف الحوار، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب عمّار حوري لـ«الجمهورية»: «في الأساس نحن لم نرفع سقفَ توقّعاتنا في الحوار مع «حزب الله»، بل كانت منطقيّة وموضوعية، إذ إنّنا ندرك حجمَ الاختلاف معه، ولذلك ربَطنا النزاع في نقاط ثلاث: التورّط في سوريا، سلاح الداخل ومتفرّعاته، والمحكمة الدولية.

ذهبنا إلى الحوار وقلنا إنّه في ظلّ الشغور الرئاسي يجب بَذل الجهد ومحاولة إيجاد خَرق في الموضوع الرئاسي وليس الرئيس، وفي الوقت نفسِه اعتبرنا أنّ في ظلّ النيران الإقليمية المشتعلة علينا بَذل جهد لتحصين لبنان من ألسنتِها وتلافي وصولها إلى لبنان، أو التخفيف من أضرارها».

وأضاف: «حتى الآن، نزعُ الصوَر واللافتات هو عنوان جزئيّ، وطبعاً ليس هو الهدف الأساس من الحوار، وكذلك في الخطّة الأمنية حصلَ تقدّم جزئي ولكن أيضاً ليس هو الغاية البعيدة من الحوار. لكنّ الجهد مستمرّ بتوقّعات موضوعية وليس حالمة، وسنستمرّ فيه».

واعتبرَ حوري «أنّ على الحكومة إدارة أزمة موجودة في ظلّ الشغور الرئاسي، وبالتالي ليس المطلوب أن نُدخِل أزمة جديدةََ إليها ونزيد الأمور تعقيداً، فكما كان يقول الرئيس فؤاد شهاب «علينا العودة إلى الكتاب» الذي هو الدستور، وقد حدّدت في المادة 65 كيف يتمّ التصويت داخل مجلس الوزراء، وأعتقد أنّ خطأ يحصلُ وعلينا التمييز ما بين أمرَين: الأوّل كيف يتّخذ المجلس قراراته، وهذا أمرٌ واضح في المادة 65 بغَضّ النظر عن موضوع رئاسة الجمهورية: إمّا بالإجماع إذا أمكنَ وإمّا التصويت بالثلثين في 14 موضوعاً حدّدتهم هذه المادة.

والإشكالية الحاصلة هي حول طريقة توقيع المراسيم وليس كلّ قرارات مجلس الوزراء التي لا تحتاج كلّها إلى مراسيم، وأعتقد أنّ تسهيل شؤون الناس غير مستحيل، وهذا واجبٌ علينا، ولا يجوز تعطيل مصالحهم».