IMLebanon

الأزمة الحكوميَّة إلى انحسار والجيش يُحصّن الإستقرار

في ضوء التهديد الإرهابي المتواصل للعالم أجمع، والإستنفار الدولي المستمر لمواجهته، ظلّ العنوان الداخلي في لبنان أمنياً بامتياز، بعد العملية العسكرية السريعة التي نفذها الجيش اللبناني أمس الاول في منطقة رأس بعلبك. امّا في الشأن السياسي، فالمسار التعطيلي في الملف الرئاسي مستمر. ومن المتوقع أن تتصدّر الأزمة الرئاسية مجدداً المشهد السياسي بعد الانحسار المتوقّع للأزمة الحكومية، حيث اتسعت دائرة الحديث عن دعوة رئيس الحكومة تمام سلام الى جلسة لمجلس الوزراء الاسبوع المقبل، وترتيب البيت الحكومي قبل ان يتفرّغ سلام الى ثلاثة استحقاقات مهمة للبنان تعقد الشهر المقبل بدءاً من 13 و14 آذار حيث تعقد قمة اقتصادية ضخمة من حيث الحضور والمشاركة في شرم الشيخ، تليها القمة العربية التي تعقد في شرم الشيخ أيضاً في 28 آذار، على ان يتوجّه بعدها الى الكويت في الثلاثين منه للمشاركة في مؤتمر المانحين.

رجّحت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» ان ينعقد مجلس الوزراء الخميس المقبل من حيث انتهى بجدول أعمال الجلسة الاخيرة من دون ايّ تعديل في الآلية، بل تغيير في الاسلوب والأداء داخل المجلس، بعدما تمكّن رئيس الحكومة تمام سلام خلال المشاورات التي أجراها طيلة هذه الفترة من انتزاع مواقف من جميع القوى السياسية تؤكد ان لا نيّة لدى ايّ طرف بتعطيل عمل الحكومة والخروج عن مبدأ التوافق.

وأشارت المصادر الى انه اذا كان سلام قد لمس من كل الفرقاء ان لا رغبة في إجراء تعديل على آلية عمل مجلس الوزراء، بل على العكس إشادات بأسلوبه وطريقة إدارته لعمل الحكومة، فإنه سيبني على هذه المواقف من اجل اتخاذ منحى جديد في التعاطي مع بنود جدول الاعمال على عكس الاسلوب المتبع سابقاً، والذي ادى الى استنزاف عمل الحكومة في نقاش بعض البنود، بعيداً من الكيدية والترف السياسي والحسابات الضيقة في المناقشات.

وعوّلت المصادر الوزارية نفسها على دور رئيس الحكومة في المرحلة المقبلة، حيث لم تعد تجدي سياسة الصبر والوقوف على الخاطر والدلع. وتوقعت ان يكون أكثر صرامة وحزماً في التعاطي، ما يحول دون ان يتمكن وزير دون إقرار بند أو توقيع مرسوم.

تخريج الحل

وفي الوقت الذي تحدثت مصادر رئيس الحكومة عن استمرار الإتصالات بينه وبين مكوّنات الحكومة بعيداً من الأضواء، جددت الحديث عمّا نشرته «الجمهورية» أمس من انّ الصيغة النهائية للمخرج قد ارتسمت معالمها النهائية وبقي الأمر متعلقاً بالإخراج شكلاً ومضموناً.

ورداً على سؤال حول موعد الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء، قالت المصادر إنّ هناك ضرورات قد تؤدي الى الدعوة الى جلسة في اي وقت من الأسبوع المقبل من دون ربط ذلك بالموعد الدوري الأسبوعي كل يوم خميس.

وتلاقى هذا الكلام مع معلومات بلغت «الجمهورية» وتمّ تداولها أمس على نطاق ضيّق قالت انّ الرئيسين امين الجميّل وميشال سليمان سيزوران السراي للتشاور مع رئيس الحكومة في هذا الموضوع.

وأمس، كشفت مصادر كتائبية لـ»الجمهورية» أنّ الجميّل مستعد لأي مبادرة، وهو حريص أكثر ممّا يتوقعه البعض لتسهيل عودة الحكومة الى العمل ضمن الضوابط التي حددها اللقاءان التشاوريّان اللذان عقدا في الأيام القليلة الماضية في اليرزة وسن الفيل، وضمن السقف الذي لا يستخفّ بالشغور القائم في قصر بعبدا، وانه لا أولوية لدى أحد قبل السعي الى انتخاب الرئيس العتيد للجمهورية وانّ الذي يستطيب غياب رئيس الجمهورية عن المشهد السياسي هو من يتحمّل مسؤولية ما آل اليه الوضع الحكومي.

ولفتت المصادر الى انّ المواقف التي تضمنتها البيانات التي صدرت عن اللقاء التشاوري أعطت الرئيس سلام حقه. وبات من الثابت القول انها لم ولن تستهدفه لا من قريب ولا من بعيد.

وانتهت المصادر الى القول، عبر «الجمهورية»، انّ الرئيس الجميّل يستعجل خطوات الحل الحكومية قبل ان يبدأ برنامجه لزيارات خارجية، منها ما يتصل باجتماعات الإتحاد الدولي لأحزاب الوسط الديموقراطية المسيحية، والتي يشغل فيها الرئيس الجميّل موقع نائب رئيس الإتحاد ومسؤول منطقة الشرق الأوسط والتي ستعقد في بروكسل قريباً قبل الزيارة المزمع القيام بها الى الولايات المتحدة الأميركية الشهر المقبل.

قزي

واكد وزير العمل سجعان قزي لـ«الجمهورية» انّ التواصل بين حزب الكتائب والرئيس سلام قائم كالعادة، إن على صعيد رئيس الحزب الشيخ امين الجميّل او وزراء الحزب. وهذا التواصل لا بد من ان يؤدي الى خلق بيئة إيجابية كما هي الحال اساساً، لتحسين تطبيق الآلية القائمة والتي حاول البعض الالتفاف عليها وعرقلة عمل الحكومة وإحراج رئيسها او المزايدة عليه».

وأبدى القزي اعتقاده «بأنّ مطلع الاسبوع المقبل سيشهد تطورات ايجابية من شأنها ان تؤدي الى عودة مجلس الوزراء الى الإنعقاد، الّا إذا كان هناك نيات خبيثة لدى البعض لتعطيل عمل الحكومة كجزء من التعطيل الكلي للمؤسسات الدستورية»، مؤكداً «اننا سنكون في هذه الحال الى جانب الرئيس سلام لمنع تعطيل البلد».

درباس

وأكد وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس انه سيتمّ الوصول الى «حل دستوري لمشكلة آلية العمل الحكومي في وقت قريب»، متوقّعاً أن يكون هناك «جلسة الاسبوع المقبل او بعده على أبعد تقدير».

حرب

ومن معراب، سئل وزير الاتصالات بطرس حرب عن إمكانية عقد جلسة للحكومة الأسبوع المقبل ووفق أيّ آلية، فأجاب: «تباحثتُ مع الرئيس تمام سلام في الأمر، ويبدو أنّ المسألة معقدة وتحتاج الى بحث. فاذا كنّا سنجتمع ونبقى وفق العقلية التي سادت في الماضي من تعطيل لمجلس الوزراء من قبل فريق معيّن يحاول وضع يده على الحكومة ويهيمن ويمارس وصاية عليها، فلا داعي للاجتماع».

واعتبر انّ «رئيس الحكومة مقتنع مثلنا بضرورة العمل داخل مجلس الوزراء بعقل توافقي وليس سلبياً، وسيبذل جهده في هذا الاتجاه، وإلّا نكون قد كرّسنا فشل الدولة اللبنانية في إدارة شؤون البلد».

وهبي

وفي المواقف، رأى عضو كتلة «المستقبل» النائب أمين وهبي لـ«الجمهورية» أنّ «آلية عمل مجلس الوزراء المناسبة، والتي يجب اعتمادها، هي تلك التي ينصّ عليها الدستور اللبناني»، ودعا الى «ممارسة ضغط على الأفرقاء السياسيين بكلّ الوسائل السياسية المتاحة من أجل اعتمادها». وشدد على أنّ «تعطيل الآليات لا يؤدّي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، ويعرف الجميع من هو المسؤول عن التعطيل».

الحص

واعتبر الرئيس سليم الحص أنّ «البعض استغلّ حرص الرئيس تمام سلام على الاجماع الوطني ليعمل على التعطيل والمناكفة السياسية، والتي ارتدّت سلباً على إنتاجية الحكومة». ودعا الى «تطبيق الدستور والتزام بنوده، وليس العمل على تفسيره، كلٌّ على هواه». وقال الحص: «لتسقط كل الآليات المبتدعة التي تشكل خرقاً فاضحاً للدستور».

ميقاتي

من جهته، جدد الرئيس نجيب ميقاتي دعوته الى الأخذ بأحد حلّين لضمان استمرار عمل مجلس الوزراء بالحد المقبول، الى حين التوافق على رئيس جمهورية جديد: إمّا ترك رئيس الحكومة يختار المواضيع الوفاقية التي ستبحث في مجلس الوزراء أو تطبيق المادة الخامسة والستين من الدستور اللبناني بحيث تتخذ القرارات توافقياً وإذا تعذّر ذلك فبالتصويت، على أن تبقى المواضيع الاساسية بحاجة الى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها».

قهوجي

وفي هذه الاجواء، برز كلام حازم لقائد الجيش العماد جان قهوجي خلال تفقّده، برفقة وزير الدفاع سمير مقبل، عدداً من الوحدات العسكرية المنتشرة في منطقة رأس بعلبك، والاطلاع على أوضاعها واجراءاتها الميدانية المتخذة.

فقد اكد قهوجي أن لا مجال أمام الجيش سوى الانتصار على الارهاب، مشيراً الى أنّ العملية العسكرية النوعية التي نُفّذت وتكللت بالنجاح الباهر، إنما تأتي تجسيداً لقرار الجيش الحازم في محاربة الإرهاب وإبعاد خطره عن المواطنين، مؤكداً أنّ تأمين سلامة الحدود من التسلل والعدوان، هو خط الدفاع الأول عن وحدة لبنان وأمنه واستقراره.

سكرية

وتعليقاً على العملية العسكرية للجيش في منطقة رأس بعلبك، حَيّا العميد المتقاعد النائب وليد سكرية الجيش على هذا الإنجاز الذي «يؤمّن حماية قرى عدة كانت تعيش في قلق دائم من تسلل الجماعات الارهابية اليها».

وقال لـ«الجمهورية»: «انّ هذا الانجاز هو مؤشر الى قدرة الجيش على مواجهة هذا الارهاب التكفيري، ليس فقط في منطقة عرسال ولكن في كل لبنان، والى انه قادر على حماية لبنان من هذه المخاطر وعلى تحريره من المرض الذي تسلّل الى أرضه والى الجسم اللبناني.

ولكن المطلوب موقف موحد من جميع السلطات السياسية ودعم الجيش وتأمين كل الامكانات المطلوبة له، بالإضافة الى إعطائه الضوء الاخضر والدعم السياسي للقيام بواجبه الوطني. وقد أظهرت هذه المعركة انّ الجيش قادر على العمل وعلى لَيّ ذراع الجماعات الارهابية اذا زُوّد بمزيد من الامكانات والدعم المادي ما يسهّل العمل ويوفّر خسائر في النهاية».

وشدد سكرية على ضرورة تحصين الساحة اللبنانية لتأمين أمن لبنان والقرى القريبة المُهدّدة. وقال: «خيراً فعل الجيش حتى الآن في حدود ضمان حماية هذه القرى، ونأمل أن تكون الخطوة الاولى التي تُستكمل بخطوات أكبر من ذلك، لاقتلاع الارهاب من لبنان. وطبعاً هذا رهن القرار السياسي وليس قرار قيادة الجيش».

المطار

على صعيد آخر، تفاعلت أمس قضية مطار رفيق الحريري الدولي إثر الاعلان عن رسالة تلقّاها لبنان من الإتحاد الأوروبي تحذّره من ثغرات في إجراءات السلامة في المطار.

وقد زار أمس وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر المطار، وعقد مؤتمراً صحافياً ليطمئنّ الى انّ العمل جار لتأمين كل المتطلبات من أجل ضمان السلامة وفق المعايير الدولية.

وأعلن زعيتر تزويد مركز الشحن في مطار رفيق الحريري الدولي بآلات لكشف المتفجرات، بالتنسيق مع الجمارك، على ان يتلقّى الطاقم التدريبات اللازمة حول كيفية استخدام هذه الآلات خلال 48 ساعة.

وأعلن زعيتر انه يجري العمل حالياً على مشروع الحماية للمطار بدءاً من سور المطار وصولاً الى الرادارات والكاميرات، وقد تمّ تأمين الاعتمادات.

وحول إجراءات الإتحاد الأوروبي، أوضح زعيتر انّ «الاتحاد الاوروبي والطيران البريطاني يطلبان استكمالاً للآلات والمعدات التي تكشف عن المتفجرات، والاستعانة بالكلاب البوليسية».

وطمأن الى أنّ «كل الاجراءات المطلوبة لسلامة الطيران ولسلامة الشحن وضمان أنّ هذا الشحن خال من اي ّمتفجرات او حتى من اي مواد أخرى ممنوعة او محظورة، سنوفّرها، ومنها ما هو موجود».

قبّاني لـ«الجمهورية»

في هذا الاطار، اعتبر رئيس لجنة الأشغال والطاقة والمياه النائب محمد قبّاني انّ «مفتاح حلّ كلّ الامور المتعلقة بمطار رفيق الحريري الدولي يبدأ بتشكيل الهيئة العامة للطيران المدني».

وقال قبّاني لـ«الجمهورية»: «لا شك في انّ هناك ثغرات في المطار، كشفَ البعض منها أخيراً وزيرا الصحة والاشغال». ورأى أنّ «المعالجة تتمّ من خلال تحويل ادارة المطار الى القطاع الخاص، وإنشاء الهيئة العامة للطيران المدني وإعطائها صلاحيات على غرار تلك الموجودة في طيران الشرق الاوسط وغيرها». (تفاصيل ص 11).