Site icon IMLebanon

 مجلس الوزراء يُعاود جلساته غداً «بِلا دَلَع»… والحوار دخلَ في الرئاسة

تتبَّعَ العالم أمس وقائعَ خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، والذي قاطعَه أكثر من 50 نائباً ديموقراطياً، ووصفَ فيه الاتّفاقَ النووي الآخذ بالتبلور بين إيران والدوَل الغربية بأنّه «اتّفاق سيّئ لن يمنعَ طهران من امتلاك قنابل نووية، بل يجعل امتلاكها لعدد كبير من هذه القنابل أمراً شِبه مضمون». وشَنّ نتنياهو حملةً تحريضية ضد إيران حيث اتّهمها بـ»إلتهام» أربع عواصم عربية، هي بيروت ودمشق وبغداد وصنعاء، وهاجمَها وحزبَ الله، داعياً إلى أخذ «خطر» قيام إيران بتطوير أسلحة نوَوية على محمل الجد، معلِناً «أنّ إسرائيل ستدافع عن نفسها في وجه هذا الخطر، حتى لو اضطرّت أن تفعل ذلك لوحدها». وإذ بدا نتنياهو يدعو إلى شنّ حرب على إيران، لاقى خطابه ردود فِعل، كان أوّلها إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما أنّ «نتنياهو لم يقدّم أيّ بدائل عملية» في شأن الصفقة حول البرنامج النووي الإيراني، وحَضّ الكونغرس على الانتظار إلى حين التوصّل إلى اتّفاق ناجز مع إيران للبَدء بتقويمه. أمّا إيران فوصَفت ما ورد في خطاب نتنياهو بأنّه «أكاذيب مكرورة وتثير الاشمئزاز». ودانَت محاولاته لإثارة الخوف من إيران، ووصفَتها بـ»المسرحية الرامية إلى التحايل والتغرير، وتَصبّ في سياق الحملة الانتخابية للمتشدّدين في الكيان الصهيوني».

توقّفَ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أمام زوّاره عند خطاب نتنياهو، ووصفَه بأنّه «إجتياح سياسي للولايات المتحدة الاميركية، بل إنّه 11 أيلول سياسي».

ودعا العرب الى التمعّن في ما أدلى به ليكتشفوا أنّ الرهان على سلام مع إسرائيل هو بمثابة سراب، مشيراً إلى مدى التأثير الإسرائيلي على السياسة الاميركية، حيث بلغ الأمر بنتنياهو أن يتحدّى الإدارة الاميركية في عقر دارها محاولاً تعطيلَ الاتفاق الذي تُزمع وحلفاءَها الغربيّين توقيعَه مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

عودة مجلس الوزراء

ولم يحجّم خطاب نتنياهو أمام الكونغرس الاميركي الاهتمامَ بالملف الحكومي، فقبل أن تُكمِل «عقدة الآليّة» أسبوعَها الثالث، ويأخذ تعطيل جلسات مجلس الوزراء مداه، تقرّر أن يعود وزراء حكومة «المصلحة الوطنية» الى طاولة المجلس في السراي الحكومي غداً الخميس، بعدما دعاهم رئيس الحكومة تمام سلام أمس الى جلسة لمجلس الوزراء يستكمل خلالها البحث في جدول أعمال الجلسة الأخيرة، مؤكّداً الاستمرار في تحمّل مسؤولياته.

غير مطمئن كفاية

وقالت مصادر رئيس الحكومة لـ«الجمهورية» إنّه أقدمَ على خطوته هذه لحَضّ الوزراء على تحمّل مسؤولياتهم في هذه المرحلة بالذات. لافتاً إلى «أنّ تسيير أمور الناس يفرض علينا مزيداً من التضحية والعمل من أجل استمرار عمل الحكومة أياً كانت الظروف ومهما كانت صعبة».

وعن حجم اطمئنانه الى نجاح الحكومة في عبور المرحلة المقبلة ومواجهة الاستحقاقات الكبرى، قالت المصادر إنّ سلام «ما يزال قلِقاً على مستقبل العمل الحكومي الى ان تأتي الوقائع وتنهي ما لديه من مخاوف وشكوك».

وكان سلام قال في بيان إنّه «بعد التواصل مع جميع القوى السياسية المشاركة في الحكومة، وانطلاقاً من الإقتناع بأنّ الأزمة السياسية الراهنة، تلقي على عاتق الجميع مسؤولية صَون الوضع الحكومي الراهن وتعزيز تماسكه للحؤول دون تعريض المناعة الوطنية للخطر، وإدراكاً لأهمية التعامل مع الملفات الحيوية، ولضرورة تسيير شؤون البلاد الملِحّة، بروحية التوافق التي تمّ اعتمادها في مقاربة كلّ الملفات، خصوصاً منذ بدء مرحلة الشغور الرئاسي الاستثنائية».

واعتبَر أنّ واجبه الوطني والثقة التي أولاه أيّاها نوّاب الأمّة، يحَتّمان عليه كما على جميع مكوّنات حكومة المصلحة الوطنية إعطاء الأولوية القصوى في المرحلة الراهنة، لتسيير عجَلة الدولة بفاعلية وسلاسة، مؤكّداً «أنّ هذا الهدف لا يتحقّق، إلّا بالابتعاد عن الأغراض الفئوية، وعلى أساس التوافق الذي يشكّل جوهرَ ميثاقنا الوطني، والذي يتّسع للتباين في الآراء من دون أن يكون وسيلة للشَلل أو ذريعة للعَرقلة والتعطيل».

وأملَ سلام في «أن تشكّل النيات الطيّبة التي عبّر عنها جميع الفرقاء، فرصة جديدة ومثمرة للعمل الحكومي»، مستعجلاً «انتخاب رئيس للجمهورية لإعادة التوازن الى المؤسسات الدستورية، والنصاب الطبيعي الى الحياة السياسية في لبنان».

وسيلتقي سلام اليوم رئيس حزب الكتائب امين الجميّل، وهو كان التقى أمس أحد وزراء الحزب آلان حكيم وعرضَ معه لآخر المساعي المبذولة لإحياء جلسات الحكومة. وتطرّقَ البحث الى عمل وزارة الاقتصاد لمراقبة الاسعار ومحاولة ضبطها والإستراتيجية المعتمدة لحماية سلامة الغذاء ومواجهة التهريب والتزوير.

حكيم

وقال حكيم لـ«الجمهورية» إنّ زيارته لسلام «عادية وروتينية لإطلاعِه على سير العمل في الوزارة، وأكّدتُ له عشية زيارة فخامة الرئيس امين الجميّل تقدير الكتائب للجهود التي يبذلها لإمرار المرحلة بأقلّ أضرار ممكنة ووقوف وزراء الحزب الى جانبه في ما يبذل من جهود لتمكين الحكومة من القيام بالمطلوب منها في هذه المرحلة في غياب رئيس الجمهورية».

وعن تصوّره للآلية الجديدة لاتّخاذ القرارات في مجلس الوزراء من اليوم وصاعداً، قال حكيم: «الآليّة الجديدة، إنْ شئتم القول إنّها جديدة، فهي تقوم على التوافق بالنيّة والروحية والمسؤولية الإجتماعية والأخلاقية والتوافق أوّلاً وأخيراً».

وأضاف: «إنّ اعتراض وزير واحد لا يعرقل، ولا يجب أن يعرقل مسارَ عمل مجلس الوزراء، وأيّ اعتراض يجب أن تكون له حيثيته ومنطقه الذي يدفع إلى توفير الأسباب الموجبة الوجيهة التي تدفعه الى الاعتراض». وشَدّد على «ضرورة التعاون لضبط الإيقاع الداخلي في مجلس الوزراء من كلّ النواحي».

وهل هناك من ضمانات نالها سلام ليؤسس عليها دعوتَه إلى مجلس الوزراء غداً؟ أجاب: «لا علمَ لي بأنّ هنالك ضمانات بالمعنى الحصري للكلمة. لكن ما قام به رئيس الحكومة لجهة دَقّ ناقوس الخطر فعلَ فِعله ودعا الجميع إلى التفكير بذهنية جديدة سنمتحنُها بدءاً من جلسة الخميس (غدا)». وخَتم: «المهم في رأي رئيس الحكومة «أنّ الدَلع ممنوع داخل مجلس الوزراء».

المشنوق

وفي المواقف، أكّد وزير البيئة محمد المشنوق لـ«الجمهورية»: «أنّ بيان سلام في حَدّ ذاته يتحدث عن نفسه، والكلام بات واضحاً بالصيغة التي طرحَها دولته. ففي النهاية نريد أن تسيرَ الأمور بروحية وطنية، لا التفتيش عن أسباب للتعطيل، فالصيغة المطروحة للتوافق هي صيغة مشرّفة للجميع ولا إشكالَ فيها.

وعملياً يجب أن تُعقد الجلسات وأن تُناقش المشاريع وأن تُتّخذ القرارات بالتوافق، وإذا أراد أحد الاعتراض يستطيع أن يفعل، لكن لا أن يعطّل الجلسة ولا يعطّل القرار، فالقرار يستمرّ. أمّا إذا كان هناك مِن قضية لها طابع وطنيّ أو ميثاقي أو وفاقي أو عدم توازن، فيستطيع أيّ طرَف شرحها والتوقّف عندها وتقدير الموقف، وأيضاً في إطار التوافق لا أن يكون الهدف منها نكاية أو مناكفة».

وهل هو متفائل بسَير الأمور هذه المرّة وفقَ هذه الروحية؟ أجاب المشنوق: «أعتقد أنّ الجميع اليوم بحاجة إلى تفعيل دور الحكومة وعدم الاكتفاء بأن تلامس المواضيع بسطحية، يجب أن نعود الى الزخم نفسه ونتّخذ القرارات ونتابع الدعم الذي يحتاج إليه مجلس الوزراء من خلال التوافق، وهذا يشدّ من أزر الحكومة ويؤكّد وحدتها، وفي الوقت نفسه يساعد الوضع القائم اليوم لكي يستطيع العبور بالبلاد في انتظار انتخاب رئيس جمهورية لكي لا نربط أمراً بآخر، أي ممنوع التعطيل، خصوصاً أنّه لا يؤدّي إلى التعجيل، فلا تستطيع أن تعطّل وتقول إنّ ذلك من أجل التعجيل. والتوافق لا يستطيع أن يلغيَه شخص».

درباس لـ«الجمهورية»

بدَوره، قال وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس لـ«الجمهورية»: «علينا تصويب الأمور، نحن لم نصنَع آليّة غير عاديّة، جُلّ ما في الأمر أنّ الرئيس سلام كان يتفادى اللجوء إلى التصويت ويحاول وفقاً للدستور أن تُتّخذ القرارات بالإجماع وإلّا بالتصويت، فالمواضيع البالغة الخطورة إذا اختلفنا عليها نستطيع تأجيلها، أمّا القضايا العادية المتعلقة بمصالح الناس ولا تخلّ بالميثاقية والتوافق الوطني فلا يجوز تعطيلها، فلذلك كان الرئيس سلام مستاءً من أنّه أُسِيء استغلال الطريقة التي اتّبعها، بحيث أصبحَت تُستعمَل لتعطيل مصالح المواطنين، لذلك هدّد بإعادة النظر واللجوء إلى التصويت في المرّة المقبلة».

وأكّد درباس أنّ حركة سلام «ستفضي إلى أن نقول جميعاً إنّ المواضيع المختلف عليها إذا كانت تمسّ بالروح الميثاقية والوطنية ستؤجَّل بالطبع، أمّا القضايا العادية فكلّ طرَف له وجهة نظره، وفي النهاية الغالبية ستأخذ حقّها».

وهل إنّ نيّات الجميع ستكون صافية هذه المرّة، أم أنّ المشهد التعطيلي سيتكرّر؟ أجاب درباس: «لم أعُد أعتمد كثيراً على النيّات، بل أعتمد على أنّ حال الضرورة تُملي علينا درجةً أعلى من الوعي ومن ضبط النفس».

«حكومة الضرورة»

وأكّد تكتّل «التغيير والإصلاح» أنّه لا يمكن مجلس الوزراء أن يعمل في شكلٍ طبيعي كأنّ رئيس الجمهورية موجود. وقال الوزير الياس بوصعب بعد الاجتماع الأسبوعي لـ»التكتل»: «إنّ الحديث عن آليّة جديدة أو الاتفاق على الثلثين زائداً واحداً، أو النصف زائداً واحداً أو الثلثين، هو كلامٌ في غير محلّه، كذلك لا يوجد في الدستور اللبناني ما يُشير إلى أنّ الحكومة يمكنها أن تستكمل عملها في غياب رأس الدولة». وأكّد «أنّ هذه الحكومة هي حكومة الضرورة، لذلك يجب التعاون مع جميع الأفرقاء لتسيير أمور المواطنين في مجلس الوزراء».

وقال بوصعب لـ«الجمهورية»: «لا يمكن الاستمرار في العمل الحكومي في قرارات يختصر الوزير فيها الحكومة، بينما لا تستطيع الحكومة أن تختصر وزيراً، ولا يمكن السكوت عن قرارات يتّخذها بعض الوزراء وهي غير قانونية، لأنّه كان يجب أن تتّخذ في مجلس الوزراء، وغير مبرّرة، خصوصاً أنّ الحكومة تجتمع وليست حكومة تصريف أعمال».

آموس في السراي اليوم

على صعيدٍ آخر، علمَت «الجمهورية» أنّ سلام سيستقبل اليوم وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية والإغاثة فاليري آموس، التي وصلت مساء أمس إلى بيروت، آتيةً من عمان، في زيارة تلتقي خلالها عدداً من المسؤولين وتبحث معهم في قضايا إنسانية مرتبطة بالنازحين السوريين.

وقالت مصادر أممية لـ«الجمهورية» إنّ آموس التي تُنهي مهمّاتها في موقعها الأممي نهاية الشهر الجاري بعدما شغَلته لأكثر من أربع سنوات تُواكب المساعي المبذولة لزيادة المساعدات الدولية للبنان ودوَل الجوار السوري، خصوصاً أنّ لبنان يستضيف الحجمَ الأكبر من النازحين السوريين، وقد عبَّرت عن قلقها من إحجام الدوَل القادرة على زيادة مساعداتها للنازحين والمجتمعات اللبنانية المضيفة». وكانت آموس حَذّرت من تدهور الأوضاع الإنسانية في الشرق الأوسط، وتحدّثت عن الخسائر البشرية في سوريا والتحدّيات التي تواجه دوَل الجوار.

لجنة الحوار مع بكركي

في مجال آخر،، اجتمعَت لجنة الحوار بين بكركي و»حزب الله» قبل ظهر أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت، في حضور النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم وعضو اللجنة الأمير حارث شهاب عن البطريركية المارونية، وعن «حزب الله» عضو مجلسه السياسي الحاج محمود قماطي والحاج مصطفى الحاج علي.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاجتماع شكّلَ تتمّة للاجتماعات السابقة التي عقدَتها اللجنة، وآخرها كان في بكركي في 11 شباط الفائت، وترَكّز البحث على انتخابات الرئاسة والمخاوف من المنحى الذي أخَذه هذا الاستحقاق وسط ما يتردّد من معلومات عن أنّ التأخير في إنجاز هذا الاستحقاق لا يعطّل بالضرورة عمل المؤسّسات. وحَذّر وفد بكركي خلال اللقاء من أنّ أيّ تأخير إنّما يخلّ، ليس فقط بالدستور، بل بقاعدة الوفاق، وأنّه يجب الإسراع في انتخاب الرئيس حتى لا ينسحب الفراغ على كلّ المؤسسات.

وفي المعلومات أيضاً أنّ وفد بكركي طرحَ هواجس يعبّر عنها البعض بين حين وآخر، ومفادُها أنّ الموارنة يريدون رئيساً قوياً، ويعطون أمثلةً كالرئيس كميل شمعون، في وقتٍ لم تعُد صلاحيات الرئيس بعد اتّفاق الطائف كما كانت قبله، والرئيس القوي هو الذي يمتلك القدرة على الجَمع أكثر من غيره.

كذلك طرَح الوفد المخاوف من أن يؤدّي تأجيل الاستحقاق الرئاسي إلى تطييره نهائياً. إلّا أنّه سمعَ من حزب الله هذه المرّة كلاماً إيجابياً مفادُه أنّ الجميع يَعي أهمّية إنجاز الاستحقاق الرئاسي الذي طالَ انتظاره، وأنّ هذه المسألة هي في صلب الحوارات التي تجري على أكثر من صعيد.

وفي هذا الصَدد ذكر رئيس مجلس النواب نبيه برّي أنّ جلسة الحوار بين حزب الله وتيار «المستقبل»تناوَلت أمس الأوّل بالبحث الاستحقاقَ الرئاسي والاستراتيجية الأمنية الدفاعية، وسيتابع الطرفان البحث في هذين الموضوعين في الجلسات المقبلة، مشيراً إلى خطوات تكميلية يتمّ البحث فيها على الصعيد الأمني بغية تعزيز الاستقرار العام في البلاد.