Site icon IMLebanon

الحريري أثنى على موقف ريفي ودعوات لتمييز الحكم والإحالة الى «العدلي»

شكّلَ حكمُ المحكمة العسكرية مفاجأةً سياسية من العيار الثقيل، خصوصاً أنّ أحداً لم يكن يتوقّع حكماً من هذا النوع في ملف «مبَكّل» قضائياً، وهو مِن الملفات القليلة الموَثّقة والمثبَتة فيه الاتّهامات بشكلٍ لا يَحتملُ التأويل والالتباس، فضلاً عن اعترافات ميشال سماحة نفسِه، الأمرُ الذي أثارَ عاصفةً سياسية، وأعادَ خَلطَ الأولويات، وفتحَ الباب أمام قراءةِ أبعاد الرسالة السورية وخلفيّاتِها بالتعامل مع لبنان كصندوق بريد لتوجيهِ الرسائل الساخنة في لحظة إقليمية دقيقة وحسّاسة وساخنة تبدأ من حرب القلمون مروراً بانتصارات المعارضة في إدلب وجسر الشغور وصولاً إلى القمّة الأميركية-الخليجية، وكأنّ النظام أراد توقيتَ رسالته بالتزامن مع هذه القمّة، في إشارةٍ واضحة إلى نيتِه التفجيرية في لبنان، في حال ذهبَت هذه القمّة باتّجاه قرارات ضمنية من بينِها إسقاط النظام السوري في سياق «عاصفة الحزم». في هذا السياق استغربَت دوَلٌ غربية عدّة ومنظّمات دولية حقوقية قرارَ المحكمة العسكرية، واعتبرَت أنّه يُسيء إلى سمعة لبنان كشريكٍ في مكافحة الإرهاب ويُرتّبُ على الدولة اللبنانية مسؤولياتٍ جِساماً، في الوقت الذي يَحتاج فيه لبنان إلى كلّ دعمٍ ومساعدة لمواجهة الهجمات الإرهابية.

أصدرَت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد الركن خليل ابراهيم، حكمَها في حقّ الوزير السابق ميشال سماحة، وقضى بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة به مدّة أربع سنوات ونصف السنة وتجريدِه من حقوقه المدنية.

وبهذا الحكم يستمرّ سماحة في السجن حتى 27 كانون الأوّل المقبل، ويكون بذلك أمضى في السجن ثلاث سنوات وأربعة أشهر ونصف الشهر، بعد احتساب السنة السجنية تسعة أشهر.

ريفي

وأحال وزير العدل أشرف ريفي المستشارة المدنية بالمحكمة العسكرية القاضية ليلى رعيدي أمام التفتيش القضائي، بعدما كان نعى للشعب اللبناني المحكمة العسكرية. واصِفاً ما جرى بأنّه «يومٌ أسود إضافي في تاريخ هذه المحكمة»، وأكّد العمل بكلّ الوسائل القانونية لتمييز الحكم الذي يُدين كلّ مَن شاركَ به، ولتعديل قانون المحكمة العسكرية.

واعتبَر ما حصلَ «معيب»، وقال: «لدينا شهداء سَقطوا في وجه مؤامرة، وجريمة إرهابية كبرى، ولن نسمحَ بهذه المسخرة نهائياً، وسنُناضل لنصلَ فعلاً لإلغاء المحكمة العسكرية فنقيمَ محاكم متخصّصة بدل المحاكم الخاصة. الدوَلُ الأمنية سقطت في دوَل العالم كافة وستَسقط في لبنان».

وذكّرَ بأنّ «هناك اعترافات لميشال سماحة بالصوت والصورة واضحة تماماً، فأنا مَن أشرفَ على هذه العملية، وقد دفعنا شهداءَ في هذا الإطار، ولن نسمح باستباحة دماء شهدائنا. وأنا كوزير عدل أنعى للشعب اللبناني وفاة المحكمة العسكرية وهي تدين نفسَها وتُسقِط نفسَها للمرة الثانية».

وإذ سُئل: «هل هذا القرار هو قرار تيّار المستقبل أم قرار وزير العدل؟ أجاب: «هذا قرار وزير العدل، وهذا الأمر لم يُطرَح في الحكومة، لقد أبلِغتُ الحكم عندما كنت في الجلسة، وخرجتُ من دون استئذانِ أحدٍ ومن دون عِلم أحد لإعلان موقفي كوزير عدل.

ولن أسمحَ بأن يمرّ هذا الأمر مرور الكرام نهائياً. كلّ شيء موجود، وسبقَ لجريدة «الجمهورية» أن نشرَت كلّ وقائع المحاضر، وسنُيعد نشرَها لنضعَ أمام الشعب اللبناني المسخرة التي حصَلت اليوم».

وتابعَ: «سنؤمّن لكلّ اللبنانيين أن يحاكِموا هُم ميشال سماحة، وأن يحاكموا بشّار الأسد والنظام السوري، عيب، لن نكون شهودَ زور على استباحة الأمن اللبناني ونتفرّج، بكلّ أسَف فإنّ بعضَ المفاصل سواءٌ الأمنية أو «القضائية» ما زالت مسكونة بالمخابرات السورية».

الحريري يتّصل بريفي والمشنوق

وأجرى الرئيس سعد الحريري من موسكو اتّصالاً بريفي وأثنى على مواقفه، وأعلنَ تأييدَه لها قائلاً: «هذا هو موقفُنا، وأنتَ تمثّلنا في ما عبّرتَ عنه، هذه قضية وطنية كبرى سنتابع النضال من أجل إحقاق الحقّ».

واستهجَن الحريري الحكمَ الصادر في قضية سماحة، واستفسَر عن السُبل القانونية لنقضِ هذه الفضيحة الأخلاقية والوطنية. كذلك تلقّى ريفي اتّصالاً مِن رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ومِن النائب بهية الحريري اللذين أيّدا مواقفَه وأثنيَا عليها. كذلك اتّصلَ الحريري بوزير الداخلية نهاد المشنوق وبحثَ معه سبلَ مواجهة القرار الصادر بحقّ سماحة.

طلبُ تمييز الحكم

قضائياً، طلبَ النائب العام التمييزي القاضي سمير حمّود من مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر التقدَّمَ باستدعاء لتمييز الحكم الصادر عن المحكمة العسكرية الدائمة بحقّ سماحة.

المجلس العدلي

واستغربَ مرجع قانوني، في اتّصال مع «الجمهورية»، عدمَ إحالة قضيّة سماحة-المملوك، من ناحية الأصول، على المجلس العدلي، كونها جريمة إرهابية تطال أمنَ الدولة في لبنان، وتضرب الاستقرار، وتشكّل تهديداً مباشراً لأمن اللبنانيين.

إعتصام في طرابلس

وليلاً اعتصَم عددٌ من من الشبّان في ساحة عبد الحميد كرامي وسط طرابلس، احتجاجاً على حكم المحكمة العسكرية بحقّ سماحة، وقد انضمّ إلى الاعتصام النائب معين المرعبي الذي دعا «رئيس الحكومة ومجلس الوزراء ووزير العدل لإحالة هذه القضية على المجلس العدلي، وفي حال لم تتمّ إحالة هذه القضية فسوف يكون لنا مواقفُ من الدولة بالأساس ومن كيان الدولة بالأساس ومن النظام بالأساس ومن كلّ شيء يمتّ بصِلةٍ إلى الدولة بالأساس.

وإذا كانت الدولة والحكومة وكلّ المعنيين والقضاء العسكري والمدني آتيةً لتظلمَنا ولتعمل عنتر علينا «فشَر ومِيّة فشَر»، فلن تكون هناك دولة ونحن مظلومون، والذي سيَصير يَصير». كما دعا إمام مسجد السلام الشيخ بلال بارودي المسؤولين السياسيين من أهل السُنّة الى الإعلان عن موقفٍ شاجِب لقرار المحكمة، وأكّد على الظلم اللاحق بأهل السُنّة.

دوفريج

وقال الوزير نبيل دوفريج لـ«الجمهورية»: «ليس مسموحاً أن يكون الحكم مخفّفاً إلى هذه الدرجة، بل كان يُفترَض أن يكون أقوى بكثير، خصوصاً بعد كلّ الاعترافات وبعد معرفة مصدر المتفجّرات وكيف وصلت إلى لبنان ولأيّ هدف.

فليس لأنّ سماحة لم يضعها في مكان معناه أنّه لا يدرك لماذا نَقلها معه. «شو هَالحكي»!!. إنّها خيبة أمل، خصوصاً أنّنا لا ننسى كيف صدر الحكم في حقّ قاتل الشهيد الطيّار سامر حنا، وما يجري الآن في قضية سماحة.

على المحكمة العسكرية أن تحكم فعلاً بحقّ، لأنّ العسكرَ هو مصدر حقّ، ولا أفهم على ماذا استندَت في حكمِها اليوم لتخفيف الحكم، على رغم كلّ الاعترافات والتسجيلات.

وأضاف: «عندما يَصدر حكم من هذا النوع لا نستطيع إلّا أن نفكّر بأنّ أحداً وراءَه، فبَعد هذه الكمّية من المتفجّرات لاستهداف كنائس وتنفيذ اغتيالات، وبوجود اعترافات مسجّلة، نتصرّف وكأنّنا قبضنا على شخص يَنقل مسدّساً غيرَ مرخّص من منطقة إلى أخرى؟ فعلى المحكمة العسكرية أن تكون قراراتها أقسى من أيّ محكمة مدنية، وقرارُها يجب أن يكون رادعاً للموقوف وكذلك رادعاً للغير ليكون عبرةً له.

الموازنة العامّة

وكان الحكم على سماحة وصلَ إلى ريفي داخلَ جلسة مجلس الوزراء، فخرجَ غاضباً ومتجهّماً، فيما كان المجلس يَستكمل نقاشَ الموازنة العامة. وقد أنهى البحثَ في الجزء المتعلق بمشاريع القوانين والبرامج، وتمّ الاتّفاق على تعليق البرامج الإنمائية الجديدة في بعض المناطق إلى حين تقديم مشروع متكامل يَستند إلى مبدأ الإنماء المتوازن. وقد حُدّدت جلسة سابعة للموازنة بعد ظهر الاثنين المقبل، على أن يبدأ المجلس بمناقشة النفقات.

تعليق الجلسات؟!

وعلى خطّ آخر، قالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية» إنّ كلّ القوى السياسية تبحَث حالياً في كواليسها السيناريوهات التي يمكن أن تصل اليها الحكومة في مقاربة ملفّ التعيينات للقادة الأمنيين.

وأضافت أنّ هذا الاستحقاق يقترب أكثر فأكثر، وهناك خوف حقيقي على مصير جلسات مجلس الوزراء إذا لم تستطِع الحكومة أن تتّفق على تعيينات جديدة، وفي حال اتُّخذ القرار بالتمديد فإنّ الأمور مرتبطة بموقف «العونيّين» وخياراتهم وربّما ستؤدي إلى تعليق جلسات مجلس الوزراء».

أبي رميا

وفي هذا السياق، يترقّب الجميع المواقفَ التي سيُعلنها رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في مؤتمره الصحافي الذي يعقده في الحادية عشرة قبل ظهر غدٍ الجمعة.

وقد أكّد عضو «التكتّل» النائب سيمون أبي رميا لـ«الجمهورية» أنّ «التكتّل» سيواصِل مسارَه التحذيري بشكل تصاعديّ، ونحن مستعدّون للذهاب حتى النهاية من غير أن نحدّد نقطة النهاية، في انتظار معرفة كيف ستتعاطى القوى السياسية الأخرى مع ملف التعيينات العسكرية والأمنية.

وعن الخطوات التصعيدية وسببِ عدمِ التجاوب مع مطلب «التكتّل» إجراءَ التعيينات، قال أبي رميا: «إنّ كلّ الاحتمالات واردة.

ونحن لم نتبَلّغ حتى الآن جواباً رسمياً عن مبرّرات ضرب المؤسسات الأمنية بشكل دائم وضربِ الدستور والاستحقاقات والتعيينات، لم نعُد نستطيع التحمّل والسكوت عمّا يجري، لقد طفحَ الكيل، واللعب انتهى، والوقت المستقطع أيضاً، وعلى الجميع أن يحسموا خياراتهم في هذا الموضوع.

فبَعد التمديد الأوّل للمجلس النيابي بعُذرٍ غير شرعيّ، إلى التمديد الثاني بعُذر غير شرعي أيضاً، وضرب التمثيل المسيحي وعدم الأخذ في الاعتبار حقوقَ المسيحيين والشراكة الحقيقية الفعلية، ففي مكان ما نصل إلى وقت نقول فيه كفى.

وهل إنّ الحلفاء سيُساندون «التكتل» في موقفه؟ أجاب أبي رميا: «كما قال الجنرال عون: «مَن أراد أن يستمرّ معنا فليستمرّ، ومَن أراد تركَنا فليفعلْ، فموقفُنا مبدئيّ ونابعٌ من قناعات على مدى تجربة طويلة».

القلمون

وفي ميدانيات معركة القلمون تمكّنَ «حزب الله» من حسمِ معركة تلّة موسى الاستراتيجية والتي ترتفع 2580 م عن سطح البحر، والسيطرة عليها ورفع راياته في أعلى نقطة منها، بعدما تقدّمَ والجيش السوري في جرود فليطا ورأس المعرّة، وسط انهيارات في صفوف المسلحين وجبَهاتهم.

كما تمَّت السيطرة على مساحة 40 كلم مربّعاً من الأراضي اللبنانية على سلسلة جبال لبنان، شرق جرود نحلة انطلاقاً مِن عقبة البيضاء جنوباً وحتى قرنة عبد الحق شمالاً.

وأغلقَ الحزب معبر الفتلة الذي يربط جرود عرسال بجرد رأس المعرّة وهو الشريان الأساسي للمسلحين كخطّ عبور باتّجاه عرسال وجرودها. وتحدّثَ إعلام الحزب عن اشتباكات بين «النصرة» و»داعش» في وادي حميد في عرسال، وهذه الاشتباكات امتدّت إلى عمق جرود عرسال ووادي حميد، على بعد 4 كلم من حاجز الجيش.