IMLebanon

عون يبدأ اليوم تسويق مبادرته… ومساعدات أميركية جديدة للجيش قريباً

 

أسبوع ثقيل بالملفّات والاستحقاقات والمحطات، يبدأ اليوم بجلسة لمجلس الوزراء لاستكمال مناقشة مشروع موازنة 2015، لتنعقدَ غداً الجلسة 12 للحوار بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، ثمّ جلسة عادية الخميس، ولينتهي الأحد المقبل بكلام سياسي جديد من النبطية للأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله في عيد المقاومة والتحرير، بعدما تحدّثَ أمس الأوّل عن مجريات معركة القلمون معلِناً أنّها «لا تزال مفتوحة» في المكان والزمان. وما بين هذه المحطات، تبقى قضيّة المحكوم ميشال سماحة موضعَ متابعة في ظلّ الرفض والتنديد المستمرَّين بحُكم المحكمة العسكرية «المخفّف»، وسط ترَقّب مسار خطوات تمييز الحكم. وعلى صعيد التحرّك الدبلوماسي تجاه لبنان، يبدأ مستشار مرشد الثورة الإسلامية في إيران السيّد علي الخامنئي، وزير الخارجية الإيراني السابق علي أكبر ولايتي، زيارةً رسمية للبنان اليوم الاثنين، يلتقي خلالها رئيسَي مجلسَي النوّاب نبيه برّي والوزراء تمّام سلام، وعدداً من الشخصيات.

فيما يبقى المشهد الرئاسي على حاله من التأزّم والشغور ولا تُسجّل أيّ خطوة في اتّجاه انتخاب رئيس جمهورية جديد منذ 24 أيار من العام الماضي حيث شَغرَت كرسي الرئاسة، يبدأ «تكتّل التغيير والإصلاح» اعتباراً من اليوم جولتَه على الكتَل النيابية والأحزاب السياسية لنقاش مبادرةِ رئيسِه النائب ميشال عون الأخيرة، وستكون بكركي ومعراب وبكفيا المحطات الأولى لشرح هذه المبادرة، متسلّحاً بالدعم الذي عبّر عنه السيّد نصرالله بدعوته مساء السبت القوى السياسية الى مناقشة المخارج التي طرحَها عون، «لأنّ الأمور الداخلية وصَلت الى مرحلة حسّاسة، والبَلد لا يتحمّل الإنتظار»، مطالباً بأخذ ما قاله عون «بجدّية عالية بعيداً عن التحليلات السخيفة». ومؤكّداً «أن لا مصلحة لأحد في استمرار الفراغ الرئاسي في لبنان».

برّي

وفي هذا الإطار، سُئل رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس عن رأيه في هذه المبادرة العونية، فأجاب: «اطّلعتُ على ما قاله العماد عون والبنود التي أوردَها، وعلمتُ أنّه شكّلَ وفوداً لزيارة الكتَل النيابية، وسنرى ما تحمله في هذا الصَدد». وأضاف: «لكن لفَتني ما قاله السيّد حسن نصرالله أنّ لديه فكرةً حيال الموضوع (الرئاسي)، لكنّني لا أعلم مضمونَ هذه الفكرة».

وسُئل برّي عن موضوع المحكمة العسكرية والحكم الذي أصدرَته في قضية ميشال سماحة وردود الفعل عليه، فقال: «لا تعليقَ، وأنا عادةً في الشأن القضائي أقول أتركوا الموضوع للقضاء».

ومن جهتِه ردّ رئيس الحكومة تمّام سلام أمس على مبادرة عون من دون أن يسمّيه، فقال: «إنّ أزمة الشغور في موقع رئاسة الجمهورية تبدو بلا مخرج في الوقت الراهن، وإنّ مواقف القوى السياسية حيال هذا الموضوع توحي بأنّ الأمور تسير نحو مزيد من العرقلة بدلاً من الحَلحلة المطلوبة». ورفض الطروحات القائلة إنّ الأزمة الراهنة سببُها قصور في اتّفاق الطائف، معتبراً «أنّ الدستور ليس المسؤول عمّا نحن فيه، بل القوى السياسية».

وقال: «إنّ القاءَ الموضوع على بنيةِ النظام وتكوينه وعلى الدستور هو، في رأيي، هروب من المسؤولية». ورحّب «بكلّ مَن بادرَ ويبادر لمساعدتنا في هذا الاستحقاق، لكنّ الأولوية تبقى لتوافقِِ لبنانيّ يغنينا عن كلّ ذلك».

وعن التعيينات الأمنية، قال سلام «إنّ المؤسسات تتجاوز الأشخاص. وهكذا يجب أن يكون حال كلّ المؤسسات. ونحن نرى وجوبَ القيام بكلّ ما مِن شأنه تعزيزها، ونرفض أن يتحوّل استحقاق التعيينات مناسبةً لإخضاع قيادة هذه المؤسسات للتجاذبات السياسية».

وأضاف: «إنّ استقرار هذه الأجهزة أمرٌ ضروريّ وله أولوية. فإذا كان هناك عجز لدى القوى السياسية عن التوصّل إلى اختيار قادة الأجهزة، فلا بدّ من عدم تعريضِها للفراغ والشغور».

بوصعب لـ«الجمهورية»

وإلى ذلك، قال الوزير الياس بوصعب لـ«الجمهورية» إنّ عون «جدّيّ في مبادرته، وأكّد أنّ العدّ العكسي بدأ، ونبَّه إلى أين يمكن أن نصل، وعرضَ حلولاً وأعطى فرصةً لها، ولم يعطّل الحكومة، لكنّه أكّد أنّنا لن نقبلَ هذه المرّة أن تستمرّ في عملها وكأنّ شيئاً لم يكن، أي أن نكسر كلّ القوانين والدساتير ونمدّد بلا منطق وقانون.

فالتمديد الأخير لقائد الجيش حصل تحت تبرير أنّ حكومة الرئيس نجيب ميقاتي تصرّف الأعمال ولا تجتمع، لكنّ الحكومة اليوم قائمة، وأجرَت تعييناتٍ أثبتَت أنّها قادرة على ذلك. لذلك هناك اليوم معطيات، وبالتالي ما الذي يمنع تعيينَ رؤساء الأجهزة العسكرية والأمنية؟

يقولون: ربّما لم نتّفق، لكنّ جميع الأفرقاء السياسيين أبلغوا إلينا أنّهم متّفقون على التعيينات الأمنية من تيّار «المستقبل» إلى حزب الكتائب إلى الحزب التقدّمي الاشتراكي، وحزب «القوات اللبنانية» ليس ضدّ التعيين، ورئيس مجلس النواب أعلنَ صراحةً أنّه يؤيّد التعيين أوّلاً وثانياً وثالثاً، لكنّه ضدّ الفراغ في النهاية.

فإذا كان الجميع يؤيّدون التعيين ويعلنون أن لا مشكلة في الأسماء، ورئيس الحكومة سيسير بسرعة في أيّ ملف يتمّ التوافق حوله وسيعارض أيّ ملف خلافيّ، والحكومة أثبتَت أنّها قادرة على التعيين، فلماذا لا تَحصل التعيينات إذاً؟».

وعن سبب عدم إجراء التعيينات حتى الآن، قال بوصعب: «ربّما يكون هناك فريق معيّن يتريّث حتى الآن لمعرفة ما إذا كان يستطيع ربطَ الأمور بعضها ببعض وإجراء تسوية معيّنة على سائر الملفات، وهذا لن يحصل».

وإذ توقّف بوصعب عند موقف السيّد نصر الله، قال: «واضحٌ أنّ هناك أفرقاءَ يقفون الى جانب عون في أيّ خطوة يُقدِم عليها، ومعنى ذلك بالتالي أنّ الحكومة لا يمكنها الاستمرار في عملها إذا أرادوا تجاهلنا في قرارات رئيسة من هذا النوع. عندما يكون التعيين يعني السنّة او الشيعة يمرّ وعندما يَعني المسيحي يُعَرقَل، يريدون مشاركتنا في القرارات وممنوع علينا أن نأتي على ذِكر قرارات أخرى، لكنّ للصبر حدوداً».

كنعان

وكان أمين سرّ «التكتّل» النائب ابراهيم كنعان كشفَ عن جدول مواعيد وفد التكتّل مع المرجعيات والكتَل لشرحِ مبادرة عون وتقديم مذكّرة للنقاش، والتي ستبدأ اليوم من بكركي بلقاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وبعدها في معراب والصيفي، على أن يكون اللقاء مع كتلة «المستقبل» الأربعاء.

الراعي

وكرّر الراعي دعوتَه الى انتخاب رئيس جمهورية، ودعا إلى أن «لا يقول أحد إنّ القضية الرئاسيّة عند المسيحيين، وتحديداً عند الموارنة، بل هي عند الكتَل السياسية والنيابية».

وقال إنّ «الكتل وحدَها قادرة على التوافق بالطرُق التشاورية في إيجاد المخارج المشرّفة والمجدِية»، مؤكّداً أنّ «الجميع معنيّون برئيس البلاد، لا الموارنة والمسيحيّون وحدهم. فالرئيس ليس للمسيحيين، ونرفض ان يكون للمسيحيين، الرئيس هو لجميع المواطنين اللبنانيين».

وأشار الى أنّ بالمحبة تستطيع الكتَل السياسية والنيابية في لبنان أن تقوم بالمبادرات العملية والفعلية، السخيّة والمتجرّدة والشجاعة، من أجل إيجاد المخرج لأزمة رئاسة الجمهورية، ولانتخاب رئيس للبلاد، قبل أن يطويَ الفراغ في سدّة الرئاسة سنةً كاملة، في 25 أيار الجاري. لقد أظهرَت كلّ هذه السَنة فشلاً على المستوى السياسي عندنا لا نرضاه، ولا يَصون كرامتَنا الوطنية».

وأضاف: «ألا نَذكر كيف أنّ المجلس الدستوري بقراره الصادر في 28 تشرين الثاني 2014 بشأن الطعن في تمديد ولاية مجلس النواب سنةً وسبعة أشهر، قد فضّل ردّ الطعن للحيلولة دون التمادي في حدوث الفراغ في المؤسّسات الدستورية، على رغم أنّ المجلس الدستوري قد بيّن أنّ قرار المجلس النيابي بالتمديد خالفَ الدستور في مقدّمته وفي عددٍ من موادّه، وهي تحديداً 27 و32 و57، فضلاً عن عيوب أخرى، كانت تَستدعي كلُّها إبطالَ قرار التمديد».

وأوضح أنّ «النيّة كانت لدى المجلس الدستوري والمطالبين بالتمديد الشروع فوراً بانتخاب رئيس للجمهورية، وإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية، وإجراءَها قبل نهاية فترة التمديد. ولكن انقضَت ستّة أشهر من دون تحريك ساكن.

وهذا أظهرَ فشلَ الأفرقاء السياسيين في الوصول إلى مبتغاهم الأساسي. فلم يجدِ نفعاً لا حضور المثابرين إلى المجلس النيابي، ولا مقاطعةُ المقاطعين من أجل تعطيل النصاب على مدى أربعة عشر شهراً. فباتَ من واجب الضمير الوطني إيجاد مبادرات أخرى لإخراج الفراغ الرئاسي من أزمته. لكنّنا نكرّر القول أن لا مجال لهذه الخطوات الحرّة والمتجرّدة والجريئة ما لم تسكن المحبّة في القلوب».

إنجازات أمنية جديدة

وفي هذه الأجواء، يواصل الجيش تحقيقَ مزيد من الإنجازات، فقبضَ على الإرهابي عبد الرحمن البازرباشي في «عين الشعب» بين بلدتَي اللبوة وعرسال أثناء محاولته الإنتقال إلى طرابلس. كذلك دهمَ عدداً من مخيّمات النازحين في برّ الياس، وأوقفَ عدداً من المطلوبين.

وأعلنَت مديرية المخابرات أنّها أوقفت السوري يَعرُب عبد العزيز الفرج الملقّب «يعرب ابو جبل»، والمطلوب لانتمائه إلى مجموعات إرهابية، ولمشاركته بالقتال في صفوفها.

وكان الموقوف انتقلَ من عرسال الى أحد المخيّمات في البقاع مستعمِلاً هويةً مزوّرة باسم أحد السوريين الموجودين حاليّاً في عرسال. وقد اعترفَ الفرج بانتمائه إلى «كتائب الفاروق» ومجموعة الإرهابي أحمد زكريا سيف الدين، واشتراكِه مع آخرين بتأليف مجموعة مسلّحة قامت بعمليات عسكرية على الأراضي اللبنانية.

كما اعترف بتهريب كمّيات كبيرة من الأسلحة للمسلحين في جرود عرسال، وبتعاطي الحبوب المخدّرة وتجارتها، وبأنّه يَحظى بحماية أحد رجال الدين الذي أمّن له مسكناً وعملاً في إحدى الجمعيات في محلّة بر الياس وقدَّمَ له الرعاية والمساعدة اللوجستية.

مصدر عسكري رفيع

إلى ذلك، نفى مصدر عسكري رفيع لـ«الجمهورية» الأخبارَ التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام من أنّ الموقوف عبد الرحمن البازرباشي هو حفيد زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، بل إنّ لقبَه «حفيد البغدادي»، مؤكّداً أنّه «لا يمتّ بأيّ صِلة قربى إليه». وشدّد على أنّ «التحقيقات مستمرّة معه، ومع بقيّة الموقوفين لكشفِ مخططاتهم، ومدى الدعم الذي كانوا يقدّمونه للمجموعات الإرهابية».

ومن جهة ثانية، أكّد المصدر العسكري أنّ «الجيش استهدفَ تجمّعات المسلحين في جرود عرسال في منطقتَي المصيدة وضهر الجبل، موقِعاً عدداً من الجرحى والقتلى في صفوفهم»، لافتاً إلى أنّهم «حاولوا التسلّل إلى عرسال». وأكّد أنّ «هذا الاستهداف يأتي ضمن المهمّات الدائمة واليوميّة التي ينفّذها الجيش في عرسال لحمايتِها وحماية لبنان من الإرهاب، وليس له أيّ دخلٍ بأحداث معركة القلمون».

دعمٌ أميركي للجيش

وكان قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال لويد أوستن الذي وصلَ إلى بيروت، جَدّدَ بعد زيارته سلام وقائد الجيش العماد جان قهوجي التزامَ بلاده دعمَ الجيش اللبناني بأسلحة نوعيّة ومعدّاتِ تدريب، لتتمكّنَ الدولة من بسطِ سلطتها على كامل أراضيها. مبدِياً ثقة واشنطن بقدرات الجيش اللبناني في حماية سيادة لبنان وترابه، مؤكّداً دعمَها له في اعتباره «القوّة الشرعية الوحيدة» في البلاد.

زيارة استثنائية

وكانت مصادر ديبلوماسية اعتبرَت أنّ لزيارة الجنرال أوستن هذه المرّة طابعاً استثنائياً في الشكل والمضمون، وأنّ لقاءاته لم تقتصِر على نظرائه العسكريين، بل شملت القيادة السياسية حيث تناولَ بالبحث الخيارات المستقبلية التي تقود إليها العمليات العسكرية في سوريا والمنطقة على أعتاب الاجتماعات التي عُقدت على مستوى وزراء خارجية الحلف الأطلسي في أنطاليا في تركيا منتصف الأسبوع المقبل.

وأوضحَت المصادر أنّ زيارة أوستن لم تخرج عن نطاق الإصرار الأميركي على وحدة لبنان وسيادته واستقراره ودعم قدرات الجيش اللبناني الذي سيتسلّم في الفترة المقبلة مزيداً مِن الأسلحة والعتاد في إطار الهبات العسكرية الأميركية المتواصلة للبنان.