Site icon IMLebanon

قلق دولي على استقرار لبنان والزِفت كاد يفجّر جلسة الحكومة

يسود الجمود المشهد الداخلي، على أمل أن يُحرّكه قريباً إقرار تمديد ولاية مجلس النوّاب التي قد تُحفّز على انتخاب رئيس جديد للجمهورية. هذا الجمود يُقابله حراكٌ إقليمي ودولي على جبهة التحالف المُعلَن ضدّ «داعش» وأخواتها، ويُنتظر أن تتبلوَر نتائجه قريباً، وقد أعلنَت الولايات المتّحدة الأميركيّة أمس أنّها «باشرت تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية المُعتدلة وتجهيزها»، في ظلّ إقرارها بأنّ الضربات الجوّية لن تكفي لمُواجهة الإرهابيّين.

فيما تعطيل الاستحقاق الرئاسي مستمر على رغم النداءات الدولية الداعية الى انجازه، وليس آخرها تأكيد السفير الأميركي ديفيد هيل أمس أنّ المجتمع الدولي لن يقبل لبنان من دون رئيس للجمهورية، وفيما تكمل عجلة التشريع النيابية دورانها، ومحطتُها الجديدة ستكون الثلثاء المقبل في جلسة عامة لانتخاب أمينَي سر وثلاثة مفوّضين، تبقى قضية المخطوفين العسكريين لدى الإرهابيين في أوّل سُلّم الاهتمامات، في وقت علّق أهاليهم تصعيدَ تحرّكهم حتى إشعار آخر، بينما تستمر محاولات التكفيريين العبث بالأمن في البلاد، ما حدا بالمجتمع الدولي الى إبداء قلقه على الاستقرار فيها، وهو ما عبَّر عنه المبعوث الأممي الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا خلال زيارته للبنان بعد سوريا في إطار جولة اقليمية ستشمل طهران وأنقرة ونيويورك وربّما موسكو إضافة الى دول أخرى، مُشدّداً على انّ استقرار لبنان مهم للمنطقة وللمجتمع الدولي.

وكان دومسيتورا جال أمس برفقة الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في لبنان السفير ديريك بلامبلي على كلّ من رئيس الحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط ونائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم.

وقال: «نحن نعي تماماً الأعباء التي يتحمّلها لبنان واللبنانيون في هذه المرحلة، وننظر بقلق الى ما حصل أخيراً على الحدود، وفي الوقت عينه نحن واثقون، وكذلك المجتمع الدولي، من أنّ لبنان سيستطيع تجاوز هذه المرحلة».

وشدّدَ على انّ استقرار لبنان مهم جداً للمنطقة والمجتمع الدولي، «وهذا يعني أنّ المحيط السياسي في لبنان يجب ان يكون مستقرّاً في أسرع وقت ممكن من أجل لبنان قوي. والإمتحان سيكون في مواجهة مرحلة مصيرية نأمل في أن تؤدي الى حلّ سياسي في سوريا».

وأشار الى انّ وجهات النظر مع حزب الله «كانت متوافقة على أنّ الحل في سوريا يستند إلى الحلّ السياسي». وشدّد على وجوب مساعدة المجتمع الدولي لبنانَ لمواجهة أزمة النازحين السوريين فيه.

جنبلاط في معراب

وفي هذه الأجواء يستأنف جنبلاط جولته على القيادات اللبنانية، فيزور معراب اليوم للمرة الأولى للقاء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وعلمت «الجمهورية» انّ وفداً من «اللقاء» سيرافق جنبلاط، ويضمّ كلّاً من النواب غازي العريضي ونعمة طعمة والمرشّح الرئاسي هنري حلو.

ترّو

وعشيّة الزيارة، قال عضو «اللقاء» الوزير السابق علاء الدين ترّو لـ«الجمهورية» إنّ زيارة جنبلاط لجعجع «تندرج في إطار التواصل مع القيادات الوطنية، خصوصاً المسيحية منها، للتشاور في موضوع الإستحقاق الرئاسي، وسُبل إنهاء الشغور في سدّة رئاسة الجمهورية من خلال تسريع انتخاب رئيس جديد في ظلّ الظروف الصعبة التي تشهدها البلاد، إذ لا يمكن لبلد ان يعيش من دون رأس».

وإذ أكّد ترّو تمسّك «اللقاء الديموقراطي» بترشيح حلو، قال: «إنّ جنبلاط لا يحمل معه الى معراب اسماء محدّدة لأنّ همّه الاساس هو كيف نتّفق على الخروج من الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس يُجمع عليه المسيحيون ويستطيع ان يتكلم مع الجميع ويتحاور مع الجميع».

قضيّة العسكريين

وفي ملف العسكريين المخطوفين لدى الارهابيين، اكتفى مجلس الوزراء في جلسته التي استمرّت ستّ ساعات امس بموقف رئيس الحكومة الذي أكّد أنّ المساعي ستستمر للإفراج عنهم وأنّ الحكومة على تواصل مع أهاليهم لوضعهم في جوّ تلك المساعي، وهي تتفهّم معاناتهم وتؤكّد تضامنها معهم.

لا انتكاسة

وعلمت «الجمهورية» أن لا انتكاسة في ملف التفاوض لإطلاق العسكريين المخطوفين وأنّ هذا الملف يسير وفق مسارَين: الأوّل مع «داعش»، وقد توقّف هذا المسار مع مغادرة الوسيط القطري لبنان منذ اكثر من اسبوعين عندما اصطحبَ معه المعاون اوّل كمال الحجيري بعد إطلاقه، وكان يُفترض حينها ان تسلّم «داعش» مطالبَها بعدما تلقّت من المعنيين مبادرة حسن نيّة بالتجاوب مع بعض هذه المطالب، وتلقّف مبادرة حسن النية التي أبدتها بدورها بإطلاق الحجيري.

إلّا أنّه ومنذ ذلك الحين غادر الوسيط القطري بيروت ولم يعُد، في انتظار أيّ جديد يستدعي عودته. أمّا المسار الثاني، فهو مع «جبهة النصرة» التي لم يشملها التفاوض عندما كان الوسيط القطري في جرود عرسال، فهو حينها اجتمع فقط مع «ابو طلال» القائد العسكري لـ «داعش» ولم يجتمع بـ «ابو مالك» التلّة أمير «النصرة» في القلمون.

وفي معلومات لـ«الجمهورية» أنّ التفاوض مع «النصرة» استؤنِف منذ نحو عشرة ايام، وقد أحرز تقدّماً، ومن المتوقع ان يترجم خطوات عملانية مع عودة الوسيط القطري في الساعات المقبلة، وهذا ما ابلغَه الامين العام للمجلس الاعلى للدفاع اللواء محمد خير إلى وفد الاهالي الذي طلب الاجتماع به أمس على هامش جلسة مجلس الوزراء، وترجم بعودة الاهالي عن تهديدهم بتحويل اليوم الجمعة يوماً أسود.

وعلمَت «الجمهورية» أنّ الاهالي استفسروا عبر القنوات التي تؤمّن تواصلهم مع « النصرة» عن صحّة هذا الأمر، فأكّدوا لهم صحته.

وكانت روايات قد سرَت امس حول إبداء عدد من الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية استعدادهم للمشاركة في الإتصالات لمعالجة ملف المخطوفين ورغبة الموقوف من «جبهة النصرة» عماد جمعة الدخول على هذا الخط. إلّا أنّ مصادر معنية بالملفّ قلّلت من جدّية هذه الروايات.

فنَيش

وقال وزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش لـ«الجمهورية»: «لا أحد يفاوض في الاعلام، التفاصيل ومسار التفاوض في ملف المخطوفين يجب ان يبقى خارج التداول الاعلامي، فالقضية قضية وطنية، والحكومة تدير هذا الملف، وهي حريصة على ابنائها وتبذل كلّ جهدها من خلال المبعوثين، سواءٌ أكانوا من دول خارجية أو محليين، ولقد تحدّث الرئيس سلام عن اجتماعات تعقدها خلية الأزمة وأُخرى تعقدها الاجهزة الامنية، ويمكن ان تتطلب المسألة بعض الوقت، لكن الجهود حثيثة والاهتمام بالقضية قائم، وإن شاء الله نصل الى النهاية المرجوّة».

وقدّر فنيش للأهالي «صبرهم وحرصهم على الاستقرار» وقال: «مشاعرنا معهم ونتفهّم تماماً كلّ ما يصدر عنهم، وتحرّكهم مشروع ضمن إطار عدم الإضرار بمصالح البلد وعدم تمكين الإرهابيين من الاستفادة من هذا التحرّك، ومن حقهم مطالبة السلطات المعنية بعدم التقصير في قضية أبنائهم، كذلك من واجب السلطات ألّا تقصّر، وأعتقد انّ هذا ما يحصل، لكنّ المشكلة الأساسية هي مع المجموعات التكفيرية، فالتفاوض لا يحصل مع بشَر».

مجلس وزراء

وعلمَت «الجمهورية» أنّ مشاركة قائد الجيش العماد جان قهوجي في اجتماع العسكريين في دول التحالف في واشنطن لم تُطرَح في جلسة مجلس الوزراء امس لا من قريب ولا من بعيد، وذلك خلافاً للمعلومات التي أوردها بعض وسائل الاعلام.

وفيما مَرَّ ملف العسكريين عَرَضاً في الجلسة، كاد بند الاشغال أن يفجّرها نتيجة سجال عنيف دار بين وزير الاشغال العامة والنقل غازي زعيتر

ووزير الخارجية جبران باسيل لدى بند تلزيم تعبيد الطرق وصونها، حيث طالب زعيتر مجلس الوزراء بأن يجيز له هذا التلزيم منطلقاً لبدء التحضير لإجراء المناقصات، وأكّد أنّ الموازنة المخصصة لوزارة الأشغال لم تكفِ لتلبية طلبات تعبيد الطرق وتأهيلها في كل لبنان. فاعترض باسيل على هذا الموافقة وأوحى كلامه بالنسبة لزعيتر بأنه تشكيك في هذه العملية وبالأموال التي يمكن ان تخصّص لها.

وهنا انتفض زعيتر، خصوصاً بعدما تطرّق باسيل الى مبدأ الإنماء المتوازن في المناطق، وأخرجَ من ملفه جدولاً بالمبالغ التي صُرفت في كلّ محافظة على التعبيد، فتبيّنَ أنّ نصيب محافظة جبل لبنان كان 526 مليار ليرة، بينما بلغ نصيب محافظة بعلبك ـ الهرمل 139 مليار ليرة، وقال لباسيل: «إذا كانت الامور هكذا، فأنا أطالبك بكشوفات عن وزارتي الطاقة والاتصالات بكلّ ما صُرف خلال توَلّيك هاتين الوزارتين».

وإذ احتدّ السجال تدخّلَ رئيس الحكومة وطلب تأجيل البحث في هذا الموضوع، وأيّده عدد من الوزراء. لكنّ زعيتر أصرّ على بَتّه، فرفض سلام وقال: «إنّ هذا البند نقطة خلافية، وأُفضّل تأجيله مثل كلّ البنود الخلافية». ثمّ رفع الجلسة.

«قلوب مليانة»

وقالت مصادر وزارية لـ «الجمهورية» إنّ ما حصل «مِش قصة رمّانة بل قصة قلوب مليانة»، وإنّ الموضوع إندرج في إطار «الحرب الباردة» بين القوى السياسية داخل مجلس الوزراء التي تُستخدم فيها البنود كمتاريس، وهي ليست المرّة الأولى التي تردّ فيها جهة سياسية على جهة أُخرى من خلال تبادل الإعتراض على البند الذي يخصّها».

ورجّحت المصادر ان يكون سبب اعتراض باسيل اعتراض وزير المال علي حسن خليل على عقود النفط مع الشركتين الكويتية والجزائرية، وهو البند الذي استغرق ساعتين من النقاش الحاد في الجلسة السابقة، تقرّر في ختامه إعادة إعداد دفتر الشروط بتعاون مشترك بين وزارتَي المال والطاقة ورئاسة مجلس الوزراء».

تفكيك قنبلة

وليلاً، تردَّدت معلومات أنّ الجيش تصدّى لمجموعة مسلّحة حاولت الدخول الى عرسال عبر طرق ترابية بين وادي حميد والحصن، وأجبرها على التراجع. وفي طرابلس، فكّك الجيش عبوة ناسفة في ابي سمراء.

التحالف الدولي

وعلى جبهة التحالف الدولي وحربِه على «داعش» أعلنَت الولايات المتّحدة الأميركيّة أمس، أنّها «باشرت تنفيذ برنامج تدريب المعارضة السورية المُعتدلة وتجهيزها»، في ظلّ إقرارها بأنّ الضربات الجوّية لن تكفي لمُواجهة الإرهابيّين، فيما شَنّت المُقاتلات الأميركيّة، المُشاركة في التحالف الدولي، 14 غارة جوّية في اليومين الماضيين ضدّ «داعش» قرب مدينة كوباني الكرديّة شمال سوريا، ليَرتفع إلى أكثر من 100 عدد الغارات الأميركية التي استهدفت بؤراً إرهابية في تلكَ المنطقة.

وقد شهدت الساحة العراقيّة أمس، أحداثاً ومواقف متسارعة، أبرزها النفي الروسي لِما تناقله الإعلام عن تعاون استخباري بين موسكو وواشنطن تسهيلاً لِدَحر تنظيم «داعش»، في وقت أعلنت وزارة الدفاع الأميركيّة «البنتاغون» أنّ هجوم الإرهابيّين على بغداد ليسَ وشيكاً مثلما يتصوّره بعض المراقبين العسكريّين. غير أنّ سخونة المشهد الميداني العراقي دفعَت بريطانيا إلى نقل بعض مُقاتلاتها من أفغانستان إلى العراق، حيث ستؤدّي مهمّات عسكريّة في إطار عمليّات «العزم التامّ» التي يُنفّذها الائتلاف الدولي.

في غضون ذلك، دخلت المُفاوضات النووية بين القوى العظمى وإيران خلال الساعات الماضيّة مرحلة وصفَها ديبلوماسيّون غربيّون بأنّها في مُنتهى التعقيد والصعوبة، حتّى إنّ أحد المسؤولين الأميركيين المُتابعين للملفّ دقّ ناقوس الخطر، مُلمّحاً إلى أنّها قد تفشل بسبب تعقيدات تعوق مواصلة المُحادثات.

يأتي ذلك، فيما لا يزال القرار السعودي بإعدام الشيخ نمر النمر يشغل طهران، حيث حذّر قائد الأركان العامّة في القوّات المسلّحة الإيرانية الفريق حسن فيروز آبادي من مغبّة إعدامه، مُعتبراً أنّ «دماء النمر ستُشعل غضب ملايين المُسلمين». وإذ اعتبر أنّ «ثمن تنفيذ هذا الحكم سيكون غالياً»، دعا السعوديّة إلى إعادة النظر فيه «لأنّه غير عادل ويبثّ الفرقة بين المسلمين»، على حَدّ قوله.