أطلقَت الاجتماعات التي انعقدت في مجلس النواب أمس على هامش جلسة انتخاب هيئة مكتبه ولجانه النيابية التي شهدَت تعديلات طفيفة، صافرةَ تمديد الولاية النيابية في موعدٍ قد يكون مطلع الشهر المقبل. لكنّ هذه الصافرة أثارت، على ما يبدو، حفيظة بعض الكتل النيابية التي جاءت مواقفها على قاعدة «ببكي وبروح»، في وقتٍ أعلنَت بكركي أنّها لن تبارك هذا التمديد، مجدّدةً دعوتها إلى انتخاب رئيس جمهورية جديد. وفيما كانت أصداء التمديد تتردّد تحت قبّة البرلمان أفِيد أنّ أصداء مماثلة تردّدت في جدّة التي تشهد سلسلة لقاءات لبنانية ـ لبنانية ولبنانية ـ سعودية. علماً أنّ الرئيس سعد الحريري موجود فيها، كذلك يزورها رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع والنائب سامي الجميّل الذي التقى أمس وليّ العهد السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز، ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، والحريري، وتمَّ البحث في الأوضاع اللبنانية والإقليمية وسُبل عودة الاستقرار إلى ربوع لبنان.
حضرَ التمديد لمجلس النواب طبقاً دسماً في الاجتماع الذي عُقد أمس في مكتب رئيس مجلس النواب نبيه بري، وضمّه الى رئيس كتلة «المستقبل» فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير المال علي حسن خليل ونادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري.
وأعلن السنيورة بعد الاجتماع أن لا رؤية معينة لديه بالنسبة للتمديد، مبدياً اعتقاده بأنّ «موضوع جلسة التمديد أكثر استعجالاً من موضوع سلسلة الرتب والرواتب»، وقال إنّ «موضوع رئاسة الجمهورية له كلّ الأولوية، ونتمنّى أن يكون هناك تقدّم في هذا الاتّجاه، ولكن حتى الآن لا شيء محدّداً في هذا المجال».
برّي
ونقل زوّار رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس عنه قوله إنّ سلسلة الرتب والرواتب حازت على القسط الاكبر من الاجتماع الذي عقده في مكتبه مع السنيورة ومكاري وخليل ونادر الحريري. كذلك تناول المجتمعون بالبحث موضوع استحقاق الانتخابات النيابية، بما في ذلك موضوع التمديد لمجلس النواب. أمّا استحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية فلم يتمّ التطرّق إليه لأنّه تبيّن أن ليس هناك أيّ جديد في شأنه بعد.
وردّاً على سؤال، هل إنّ التمديد بات محسوماً؟ أجاب برّي: «عندما أعيّنُ موعداً لجلسة نيابية يمكنكم ان تسألوني، «أنا أريد أن أسمع شيئاً في أُذني وليس في الصحف، لأنّ ما أسمعه حتى الآن هو كلام جرائد».
وأضاف: «أنا موقفي معروف. قلت إنّني ضد التمديد «من هون لتمد رجليها من الشبّاك»، ولكن ليس نبيه برّي مَن يفرّط بالميثاقية، في ضوء الموقف الذي عبّر عنه الرئيس سعد الحريري، بمعنى أنه إذا غاب مكوّن أساسي عن الانتخابات فأنا كما قلت لست مع الانتخابات، خصوصاً في ظلّ أجواء الفتنة السنّية – الشيعية السائدة في المنطقة، وليس نبيه برّي من يفعل ذلك ويؤجّج الفتنة. وإذا تراجع الحريري عن موقفه أعود إلى معارضة التمديد».
واستبعدَت أوساط برّي انعقاد جلسة تشريعية هذا الاسبوع، أو خلال الاسبوع المقبل، فيوم الاربعاء هناك جلسة لإنتخاب رئيس الجمهورية، ورئيسُ الحكومة مسافر الى المانيا، ويوم السبت من الاسبوع نفسه يصادف عيد جميع القديسين، ما يعني أن لا جلسة نيابية متوقّعة قبل مطلع الشهر المقبل.
المر
وفي المواقف من التمديد، ذكّر نائب رئيس مجلس الوزراء السابق النائب ميشال المر بموقفه الرافض للتمديد، وقال إنّه «لو كانت للحكومة الإمكانية في إجراء الانتخابات لفَعلت، لكنّها أعلنَت أنّ الوضع الأمني في مناطق عدّة لا يسمح بإجراء الانتخابات، نحن مستعدّون للانتخابات اليوم وغداً، لأنّ قواعدنا الانتخابية جاهزة في أيّ وقت. وانطلاقاً من هذا الواقع بتنا اليوم أمام خيارَين: الفراغ أو التمديد، وطبعاً نحن بين الخيارين، مع التمديد وضدّ الفراغ».
ولفتَ المر من جهة ثانية إلى أنّه «لم نتوصّل إلى رئيس توافقي حتى هذه الساعة، وإن شاء الله بعد الأسابيع القليلة المقبلة والانتهاء من موضوع التمديد للمجلس، يصبح هناك ضوء أخضر في موضوع رئاسة الجمهورية يدفعنا إلى البحث الجدّي في الرئيس التوافقي والقادر على مكافحة الإرهاب وإدارة شؤون المؤسسات الدستورية، ونحن، بغَضّ النظر عن موضوع الرئاسة، ندعم الجيش الحامي للوطن والمواطن، وانطلاقاً من هذا المبدأ نحدّد موقفنا من الرئاسة».
وسُئل المر، هل يلمّح إلى اسم معيّن؟ أجاب: «أنا لا ألمّح، عادةً أنا أحدّد وأسمّي الأشياء مباشرةً بأسمائها، ودعمُ الجيش موقفٌ مبدئيّ علنيّ نفتخر به وسنستمر في دعمه».
«التكتّل»
وإلى ذلك، شدّد تكتّل «التغيير والإصلاح» على «أنّ الربط بين الانتحابات النيابية والرئاسية خطأ دستوري خطير ومرفوض»، وأعلن أنّ «كلّ الإجراءات القانونية متاحة لرفض التمديد»، وأنّه «مع إجراء الانتخابات الرئاسية اليوم قبل الغد، ولكن من خلال الشعب»، وسأل: «لِمَ لا تكون الانتخابات أولوية بدلاً من أن يكون التمديد أولوية»؟
الراعي
من جهته، جدّد البطريك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رفضه التمديد لمجلس النواب، وأشار الى أنّه أكّد للحريري خلال لقائهما الاسبوع الماضي في روما «أنّ النواب يخالفون الدستور من خلال التمديد»، وأنّه لن يبارك لأحد بالتمديد، ولن يبارك بمخالفة الدستور.
ودعا النواب الى انتخاب رئيس، وقال لدى عودته الى بيروت: «نحن احتراماً للنواب وللكتل السياسية ليس لدينا مرشّح ولا نفرض «فيتو» على مرشّح، ولا ندعم أيّ مرشح، ولا نقصي أيّ مرشّح، فتفضّلوا أيّها النواب وانتخبوا رئيساً، سواءٌ أكان من 8 أو من 14 آذار أو من خارجهما، ونحن سنبارك له».
عقبة ميثاقية
وقالت أوساط سياسية لـ«الجمهورية» إنّ التمديد النيابي أصبح يصطدم بـ«عقبة ميثاقية» بعد الموقف المستجدّ للبطريرك الماروني والذي أضيف إلى مواقف الأحزاب المسيحية الأساسية من «التيار الوطني الحر» إلى «القوات اللبنانية» و«الكتائب اللبنانية» ومكوّنات أخرى، الأمر الذي يعني «لا» مسيحيّة للتمديد، ما سيؤدّي إلى إحراج الفريق المسلم ووضع البلاد أمام احتمالين: الانتخابات أو الفراغ.
وتساءلت هذه الأوساط: هل الحكومة قادرة على تنظيم الانتخابات النيابية في ظلّ توتّر أمني وخطف وخطف مضاد واستهداف مبرمَج للجيش واشتباكات على الحدود وغليان في الداخل؟ وماذا عن كشف وزير الداخلية نهاد المشنوق عن تقارير الأجهزة الأمنية التي نصحَت بعدم إجراء الانتخابات؟
وأضافت: ماذا لو تعذّرَ إجراء الانتخابات النيابية لأسباب أمنية، كما تعذّر التمديد لأسباب ميثاقية، فهل تتّجه البلاد إلى الفراغ الشامل الذي يستدعي الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي؟ ومن يريد إدخال لبنان في الفوضى الدستورية؟ وهل هذه الفوضى ستجرّ إلى فوضى أمنية في سياق سيناريو يرمي إلى الانقلاب على الدستور اللبناني؟
لكنّ مصادر سياسية أخرى قلّلت من تأثير موقفي حزبي «القوات» و«الكتائب» المعارض للتمديد، وأدرجتهما في إطار «المزايدة» في مواجهة موقف تكتّل «التغيير والإصلاح» المعارض هذا التمديد، وتوقّعت أن يكون لهذين الحزبين موقف آخر من التمديد بعد عودة جعجع والجميّل من السعودية التي تؤيّد هذا الخيار، بدليل الموقف المتشدّد الذي يتّخذه الحريري وتيار «المستقبل» في هذا الاتّجاه.
مظلوم
على صعيد آخر، نفى النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم لـ«الجمهورية» علمَه بأيّ «اجتماع للأقطاب الموارنة في بكركي لطرح مسألة إنتخاب الرئيس»، لافتاً إلى أنّه «لم يطرأ أيّ حلحلة في الأفق الرئاسي والمسيحي، ولم يتبدّل شيء يمكّن الموارنة من الاتفاق على رئيس، لذلك من المستبعَد عقد لقاء كهذا».
وأشار مظلوم الى أنّ «التواصل توقّف في الوقت الحاضر بين اللجنة التي شكّلتها بكركي والمولجة الشأن الرئاسي، وبين القيادات المارونية، وهذا دليل على عدم التقدّم في الحوار بين الموارنة، وأنّ الأمور ما زالت عالقة، ما يعوق انتخابَ رئيس في الوقت الحالي».
السلاح الإيراني
وفيما لم يتضح مصير الهبة الايرانية للجيش عشيّة جلسة مجلس الوزراء، برز موقف فرنسي شدّد على «ضرورة احترام العقوبات الدولية المفروضة على إيران في أيّ اتفاق تقترحه طهران لتقديم أسلحة إلى الجيش اللبناني».
وأكّد المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال في مؤتمر صحافي «استعداد باريس لمساعدة القوات (المسلحة) اللبنانية في مهمتها للدفاع عن الأراضي اللبنانية ومكافحة الإرهاب»، لافتاً إلى أنّ «وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان أوضحَ أنّ كلّ الإجراءات المطلوبة لتوريد صفقة أسلحة إلى لبنان قد اكتملت».
«حزب الله»
وفي المواقف، أعلن «حزب الله» أنّه «لا يغطّي أو يحمي أحداً»، وقال نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم: «لا حماية لأيّ مطلوب في مناطق تأثيرنا، ومناطقُنا مفتوحة للجيش»، وشدّد على أنّ مسؤولية التوقيف تقع على عاتق الدولة. ورأى أنّه «إذا فشلت الدولة في القبض على المطلوبين فإنّ فشلها يقع عليها».
وحذّر من «الأمن الطائفي والمذهبي»، وقال: «نحن لسنا مع الأمن الذاتي، ونرفض التسويات التي يقودها بعض السياسيين داخل الحكومة وخارجها لحماية بعض المطلوبين، وندعو الى عدم تأمين الغطاء السياسي والديني للإرهاب التكفيري». وأكّد «أنّ المواجهة في العالم اليوم هي بين محورين، الأوّل محور إيران وسوريا و»حزب الله» وبعض المقاومات، والمحور الثاني هو محور اميركا وإسرائيل وبعض الدول والأنظمة في مواجهة المقاومة».
مصدر عسكري
من جهة ثانية، أكّد مصدر عسكري لـ«الجمهورية» أنّ «التحقيقات لم تثبت حتّى الآن ادّعاءات أهالي العسكريين المنشقّين بأنّهم «خطِفوا وأجبِروا على تصوير الفيديو الذي يُظهر التحاقهم بجبهة «النصرة».
مجلس وزراء
ويَعقد مجلس الوزراء جلسته العادية قبل ظهر غد في السراي الحكومي الكبير لمناقشة جدول أعمال من 38 بنداً يحوي قضايا إدارية ومالية واقتصادية متنوّعة.
وعلمَت «الجمهورية» أنّ من بين البنود المطروحة ملفّين مهمّين أُرجِئ بتّهما منذ جلسات عدّة في انتظار حضور الوزراء المعنيين بهما. والملفّان هما عرض وزارة المال للمناقصة الخاصة بقطاع البترول في المنطقة الإقتصادية الخالصة، وتجديد عقدَي الهاتف الخلوي للشركتين المشغّلتين لقطاعي الإتصالات، وذلك بعد عودة وزير الاتصالات بطرس حرب من جولة في الخارج شملت الإمارات العربية المتحدة والصين وكوريا الجنوبية.
وتوقّع أحد الوزراء أن يشهد النقاش في هذين الملفين حماوة في ظلّ مجموعة من الملاحظات حول آلية العمل المعتمدة في القطاعين.
وإلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ اللجنة الخاصة التي وضعت تقرير اللجنة الوزارية المكلّفة متابعة ملفّ النازحين السوريين أنجزَت تقريرها النهائي كما أقرّته اللجنة في اجتماعها أمس الأوّل، وطلب رئيس الحكومة تمّام سلام إدراجَه فوراً في ملحق خاص على جدول أعمال جلسة الغد لبَتّه نهائياً قبل أن يتوجّه مطلع الأسبوع المقبل الى مؤتمر برلين لعرضه على المؤتمرين.
وكما أشارت «الجمهورية» امس فقد تمّت برمجة التقرير تحت خمسة عناوين أساسية تتصل بوقف استقبال أيّ نازح جديد إلّا في حالات استثنائية محدّدة، والسعي الى تقليص عددهم عبر إعادة تقويم لوائحهم دورياً، والتثبّت من استيفاء شروط النزوح، وشطب اسم كل نازح يذهب الى سوريا من هذه اللوائح، وتعزيز أدوار البلديات عبر السماح لها بإجراءات أمنية لحفظ الامن في المناطق، في ضوء توجّه لدى وزارة الداخلية الى زيادة عديد عناصر الحرس البلدي لمساعدتهم في هذه المهمة، ودعوة المجتمع الدولي والعربي الى مشاركته في تقاسم أعباء وأعداد النازحين، وتقديم كلّ أشكال الدعم للبنان، المادي والاجتماعي والاقتصادي والمالي، وحضّ الدول على العمل لوقف الحرب في سوريا من خلال حلّ سياسي، كون هذه الحرب السبب في النزوح السوري.