IMLebanon

فشل الرهان على المربعات الطائفية… وإحباط محاولات داعشية للتفجير

إنشغلت القوى السياسية في قراءة النتائج التي أفرَزتها صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية، ولا سيّما منها في طرابلس والمفاجأة المدوّية التي سجّلها اللواء أشرف ريفي بحصدِ اللائحة المدعومة منه كلَّ المقاعد البلدية، فيما انسحبَ الرئيس المفترَض للائحة «لطرابلس» الدكتور عزام عويضة والمدعومة من الرئيسَين سعد الحريري ونجيب ميقاتي ومجموعة واسعة من الوزراء والنواب والأحزاب.

ولعلّ أولى تداعيات «تسونامي طرابلس»، استقالة النائب روبير فاضل من مجلس النواب، وسط تلويح بتحضير المرجعيات الروحية المسيحية طعناً على خلفية تهميش التمثيل المسيحي في طرابلس والميناء، وذلك عقبَ وصفِ وزير الداخلية نهاد المشنوق تغييبَ المسيحيين عن بلدية طرابلس بأنه «جريمة وطنية».

وعلمت «الجمهورية» أنّ نتائج الانتخابات شمالاً ستكون قريباً على طاولة كتلة وتيار «المستقبل» للوصول إلى قراءة مناسبة.

الجسر

وسألت «الجمهورية» عضوَ كتلة «المستقبل» النائب سمير الجسر كيف سيقابل «المستقبل» مدّ اليد؟ فأجاب: «في الأساس يدنا ممدودة دائماً للجميع، ولسنا نحن مَن سَحبنا يدنا، وفي كلّ الأحوال «كِل شي بوَقتو».

وإذ اعتبَر الجسر «أنّ ما جرى في طرابلس يتطلب مراجعة وإجراء قراءة متأنّية لأنّ العملية الانتخابية لها جوانب وعوامل عدة، أبدى اعتقاده «بأنّ الأبرز هو ما سأختصره بعبارة واحدة مفيدة جداً، وهي: قد نكون أخطأنا التقديرَ في توجّهات الناس ورغباتهم».

وأكّد الجسر التعاون مع المجلس البلدي الجديد في طرابلس، رافضاً اعتبارَ أنّ النتائج التي أفرَزتها صناديق الاقتراع ستنسحب على نتائج الانتخابات النيابية المقبلة، لكنّه جدّد التأكيد أنّ هناك حاجة للقراءة وتصحيح بعض الأوضاع.

سعَيد

وقال منسّق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب السابق الدكتور فارس سعيد لـ»الجمهورية»: إنّ إجراء الانتخابات البلدية خطوة إضافية، ولو متواضعة، لتثبيتِ شرعية الدولة اللبنانية، وأسقطَ ذريعة الأمن لمصلحة احترام أيّ استحقاق وأيّ مهلة دستورية مقبلة، وبالتالي أهنّئ الحكومة لأنّها أجرت هذه الانتخابات، والشعبَ اللبناني الذي أثبتَ عن ممارسة تراث ديموقراطي عريق في كلّ المجالات ولدى كلّ الطوائف وفي كلّ المناطق.

أضاف: لا شكّ في أنّ القوى السياسية دخلت في هذه المعركة على قاعدة ادّعاء احتكار الطوائف، فظنّ الجميع أنّهم إذا تحالفوا داخل الطائفة فهم قادرون على اختزالها. فبرَزت جرأة شيعية في جبل لبنان والبقاع والجنوب، وبرزت جرأة سنّية في طرابلس وجرأة مسيحية في جبل لبنان والشمال.

هذه الحالات الاعتراضية الثلاث، أكانت من طبيعية شيعية أم مسيحية أم سنّية، تؤكّد أنّ عودة اللبنانيين الى داخل مربّعاتهم الطائفية لا تفيد لبنان، وهي تفيد فقط «حزب الله»، إذ إنّه الحزب الأقوى بين الأحزاب، والطائفة المنظّمة بين الطوائف.

وقال سعَيد: بعد هذه الانتخابات البلدية علينا تحديد الخيارات مجدّداً، بمعنى انّ الطبقة السياسية بكلّ تلويناتها سَقطت امام الرأي العام اللبناني. ففريق 8 آذار محاصَر إسلامياً وعربياً ودولياً ومالياً، ومستهدَف أمنياً بدليل ما تتعرّض له كوادر «حزب الله» في سوريا وغيرها.

وفريق 14 آذار عليه ان يعيد النظر في تجربته السابقة، في تحالفاته وتقديره للّحظة السياسية، أكانت على المستوى الاقليمي ام الداخلي، من أجل إعادة استنهاض مشروعه السياسي، وأن يحمل هذا المشروع قواعد لبنانية وليس قواعد طائفية.

وتمنّى سعيد على اللبنانيين، وبالتحديد على المسؤولين في 14 آذار، «التخلّي عن ترشيح سليمان فرنجية وميشال عون، والذهاب الى عنوان لبناني وطني جامع، يؤكّد على شرعية ومشروعية الدولة ويحمي الدستور واتّفاق الطائف والعيش المشترك الاسلامي ـ المسيحي وتغليب حقّ المواطن على حقوق الطوائف».

إحباط عمليات إرهابية

في سياق آخر، وفيما كشفَ وزير الداخلية نهاد المشنوق عن تعطيل ثلاث محاولات لشبكات تفجير من تنظيم «داعش» الإرهابي في الاشهر الثلاثة الأخيرة، كُشف عن معطيات أساسية تُسلّط الضوء على أشرس حرب تخوضها تحديداً المؤسسات الأمنية اللبنانية، وبينها مخابرات الجيش التي كان لها الفضلُ في إحباط مجزرة كانت تعِدّ لها «داعش» في أحد شوارع العاصمة.

وتشير المعطيات الى أنّ «داعش» كانت تُخطّط لتنفيذ عملية في منطقة مقاهٍ وملاهٍ ليلية في بيروت، تشبِه بنسبة معيّنة، لجهة انتقاء مكانها وزمانها وطريقة تنفيذها، العمليةَ الأخيرة التي نفّذتها في باريس، بهدف خلقِ مسرح عنفٍ إرهابي داخل العاصمة تستمرّ وقائعُ حركة خليّة «داعش» المنفّذة فوقه لوقتٍ غير قليل، وربّما لساعات، ما يؤدّي إلى نشرِ الفوضى والخوف في العاصمة.

وتفيد المعلومات أنّ «داعش» حضّرَت أخيراً قيادتَها وجسمها التنظيمي في لبنان، وذلك على المستويَين الهيكلي واللوجستي، ليصبحا قادرَين على تلبيةِ موجبات أمر قيادتها في الرقّة البدءَ بشنّ ضربات أمنية نوعية ضد لبنان، تكون نسخة طبق الأصل عن نموذج عملياتها الإرهابية الأخيرة التي حصلت في بلجيكا وفرنسا.

وقد تبعَ التغيير تزخيم لنشاط انتشار انتحاريّي «داعش» في كلّ المناطق اللبنانية. (راجع صفحة 6)

الحوار الثنائي

في هذه الأجواء، لم تستبعد مصادر مطّلعة أن تحلّ العملية الانتخابية البلدية برُمّتها، إضافةً إلى قانون الانتخابات النيابية، في اجتماعات جلسات اللجان النيابية المشتركة والتي تستأنَف غداً، على طاولة الحوار الثنائي بين تيار «المستقبل» و«حزب الله»، والذي ينعقد مساءَ اليوم في جولة جديدة لاستئناف البحث في بندَي جدول الأعمال: تخفيف التشنّج والملف الرئاسي. كذلك لن تكون مواقف الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله الأخيرة بعيدةً عن مناقشات المتحاورين.

«الشغور» في الكويت

وعلى مسافة يومين من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية، غابت أيّ بوادر إيجابية تشي بإمكان انتخاب الرئيس العتيد في جلسة هذا الخميس. وقد دلّت كلّ المعطيات الى أنّ مصيرها سيكون التأجيل، على غرار الجلسات السابقة، لعدم اكتمال النصاب.

وقد حطّ الشغور الرئاسي في لقاء الرئيس الحريري مع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، شارحاً له بالتفصيل المبادرات القائمة في لبنان من أجل انتخاب رئيس للجمهورية. وشدّد الحريري على أهمية «أن نصل إلى نهاية هذا الفراغ القائم، لأنّ الوضع الاقتصادي والاجتماعي لم يعد مقبولاً.

وأكّد أنّه «من غير المقبول أنّنا على أبواب السَنة الثالثة من الفراغ الرئاسي» وقال: هذا المشكل خلقَه اللبنانيون، وهم قادرون على حلّه، ونحن جميعاً سنعمل إنْ شاء الله جاهدين لانتخاب رئيس للجمهورية».

كاغ تواصِل جولاتها

في سياق آخر، وفي إطار تحرّكاتها الخارجية إلى عواصم الدول المعنية بالملف اللبناني والجهات المانحة، واصَلت المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ جولاتها الدولية، فزارت أمس دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث إلتقت مساعد وزير الخارجية للشؤون الامنية والعسكرية ووزير الدولة للشؤون الخارجية ووزير الدولة للتعاون الدولي وأعضاء من السلك الديبلوماسي.

وقال بيان رسمي صدرَ عن مكتبها إنّ البحث تناول «إستقرار لبنان وأمنَه والجهود المبذولة لدعم الحاجات الإنسانية والإنمائية الأساسية». وفي إشارة إلى التحدّيات المعقّدة التي تواجه لبنان، عبَّرت كاغ عن «أملِها في استمرار الدعم الدولي».

تقرير «أوجيرو»

على صعيد آخر، واستناداً إلى ما تمّ الاتفاق عليه، إتّصل وزير الاتصالات بطرس حرب برئيس الحكومة تمام سلام طالباً إدراجَ التقرير الذي كان رفَعه إليه بتاريخ 19 شباط 2016 حول هيئة «أوجيرو»، ومناقشة ما أثاره أحد الوزراء حول عقدِ الوزارة مع هيئة «أوجيرو» على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء المقرّرة بعد غد الخميس، لمناقشة هذين الموضوعين والبتّ بهما.

إستجواب يوسف

وفي جديد الملف القضائي المتصل بالإنترنت غير الشرعي، قالت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» إنّ قاضي التحقيق في بيروت غسان عويدات حدّد الأسبوع المقبل جلسةً لاستجواب المدّعى عليهم في قضية «الغوغل كاش»، وهم، إلى المدير العام لـ«اوجيرو» عبد المنعم يوسف، المديران الدكتور توفيق شبارو وغابي سميره. بعدما حدّد جلسة هذا الأسبوع للاستماع إلى الموقوفين في هذه القضية ومتفرّعاتها ومِن بينهم مدير شركة «غلوبال فيشن» الموقوف توفيق حيسو وآخرون من مؤسسات أخرى، وموظفون.

وتواصِل المفرزة الجنائية المركزية تحقيقاتها في ملف كيفية إدخال المعدّات التي تمّ تفكيكها، للتثبت من قانونية أو عدم قانونية إدخالها إلى لبنان وتركيبها.

وعلمت «الجمهورية» أنّ هذه الإجراءات ستأخذ وقتاً طويلاً، لِما تَستلزمه من تحقيقات واستقصاءات ومراسلات مع الجهات الجمركية والأمنية اللبنانية وغيرها من الدوائر الرسمية.

حمود لـ«الجمهورية»

وردّاً على المواقف والاتّهامات عن لَفلفة التحقيقات والمماطلة في ما يجب اتّخاذه من إجراءات قضائية، رفضَ مدّعي عام التمييز القاضي سمير حمود هذه الأخبار، ودعا مطلقيها إلى مراجعة آليّة العمل القضائي والإجراءات التي تنص عليها القوانين في مِثل هذه الحالات قبل إطلاق مثل هذه المواقف وما فيها من تجَنٍّ على القضاء.

وقال حمّود لـ«الجمهورية»: «إنّ القضاء لا يتباطأ في أيّ إجراء يمكن اتّخاذه، وهو خاضع للقوانين المعتمدة في مثلِ هذه الحالات. فالقضاء ادّعى في ملفّ الإنترنت غير الشرعي ومتفرّعاته على أشخاص كثُر، منهم من هو موقوف، وآخرون ما زالوا أحرارا».

وأضاف: لقد خضَع كلّ هؤلاء للتحقيق الأولي، وجاء تقدّمهم بالدفوع الشكلية الى انتظار ما يواكب ذلك من مهل لبعض الوقت لاتّخاذ الإجراءات التي تلي قبولها أو رفضها، مع إمكان استئنافها امام قاضي التحقيق أوّلاً وتمييزها لاحقاً أمام الهيئة الاتهامية، وهو أمر يَستلزم بعض الوقت ليستنفدَ المتّهم أو الموقوف كلّ المهَل التي تصون حقوقه المنصوص عليها في القانون».

وكشف القاضي حمود «أنّ 17 دفعاً شكلياً تقدّمَ بها الموقوفون أمام قاضي التحقيق في جبل لبنان وحده، وهناك دفوع شكلية أخرى أمام قاضي تحقيق بيروت والبتُّ بها يستلزم وقتاً، لكنّه شارفَ على نهايته، وستنطلق الاستجوابات على مرحلتين هذا الأسبوع والذي يليه».