راحت السَكرة الفرنسية… وجاءت الفَكرة اللبنانية. نامَ اللبنانيون على الوعود التي قطعَها وزيرالخارجية الفرنسية جان مارك إيرولت، بتكثيف جهود بلاده على الخطّين السعودي والإيراني، لعلّها تثمر رئاسياً، وكذلك مع المملكة وحدها لعلّها تُثمر إفراجاً عن هبة السلاح للجيش اللبناني.
بمجرّد أن أقلعَت طائرة إيرولت، حطّت الخلافات الداخلية على السطح الداخلي، ودخلت العلاقة بين رئيس مجلس النواب نبيه برّي وتيار «المستقبل» في توتّر ماليّ جرى التعبير عنه في سجال بين الرئيس فؤاد السنيورة ووزير المال علي حسن خليل، إضافةً إلى الحملة السياسية التي يشنّها بعض نواب «المستقبل» على الجلسات الحوارية الثلاث المتتالية التي دعا إليها برّي في 2 و3 و4 آب المقبل، واعتبارها تجاوزاً للدستور.
وبالتزامن، لاحَظ المراقبون برودَ الهمّة الحكومية حيال مقاربة الملف النفطي، وردّ بعضُ المتابعين ذلك إلى بروز تحفّظات لدى رئيس الحكومة تمّام سلام على الاتّفاق النفطي بين برّي ووزير الخارجية جبران باسيل، وجرى التعبير عنها في تغريدة وزير البيئة محمد المشنوق المحسوب على سلام، على حسابه على موقع «تويتر» حيث قال: «مشكلة تفاهم برّي وباسيل حول بلوكات النفط، أنّه لم يتمّ إطلاع القوى السياسية على التفاصيل، كي يأخذ الموضوع طريقَه إلى اللجنة الوزارية ومجلس الوزراء».
علماً أنّ المشنوق نفسَه كان قد اعتبَر في تصريح في 4 تمّوز الجاري أنّ هذا الاتفاق «خطوة إيجابية تُمهّد لرفع الملف إلى مستوى المصلحة الوطنية والشفافية، بعيداً من المزايدات والمحاصَصة».
وثمَّة تساؤلات حول ما استجدّ على الخط الداخلي، لكي تصطدم الإيجابيات الحوارية والنفطية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنّ بري قد لفتَ الانتباه إلى أنّه لمسَ مع بدء إثارة ملف النفط أنّ رئيس الحكومة متحمّس لا بل أكثر المشجّعين له.
وأوضَح أنّ هذا الاتفاق ليس اتّفاقاً ثنائياً، بل هو قضية وطنية تهمّ كلّ اللبنانيين من دون استثناء. وأكّد أنّه ما يزال ينتظر أن يسلك الملف النفطي مسارَه الطبيعي عبر دعوة اللجنة الوزارية المعنية، ومن ثمّ يتمّ طرح الأمر على مجلس الوزراء لإصدار المراسيم التطبيقية، وتلي ذلك إحالةُ الموضوع إلى مجلس النواب لإقرار بعض البنود المرتبطة به.
جلسات… ولا نصاب
وفي السياسة، مرّت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية الـ 42 كما هو متوقّع، أطاح بها النصاب وتمّ ترحيلها إلى موعد آخر في الثامن من آب المقبل، كما أطاح النصاب أيضاً بجلسة اللجان النيابية المشتركة التي كانت مخصّصة للبحث في قانون الانتخاب، حيث اقتصَر الحضور على واحد وعشرين نائباً، وتمّ ترحيل الجلسة إلى موعد جديد في السابع والعشرين من تمّوز الجاري.
قبّاني
وفي المواقف، قال عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد قباني لـ«الجمهورية»: أوّلاً، لا يوجد حتى الآن مناخ للاتفاق على قانون انتخابي، ولا توافقَ بعد على قانون المختلط، الأمر الذي يؤثّر على النصاب.
والأمر الثاني المؤثّر هو التزامن بين جلسة اللجان المشتركة وجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، فقد كان هناك إحراج مِن أن يأتي النواب إلى جلسة اللجان فيضطرّوا إلى الانسحاب منها عندما تحين الساعة الثانية عشرة للمشاركة في جلسة انتخاب الرئيس. فالتوقيت كان خلفَ هذا الإشكال».
أبي نصر
من جهته، أوضَح عضو تكتّل «الإصلاح والتغيير» النائب نعمة الله أبي نصر لـ«الجمهورية»: «أنّ عدم اكتمال نصاب جلسة اللجان سببُه أن لا أحد مستعدّ للسير بأيّ اقتراح انتخابي، والنتيجة كانت محسومة سَلفاً، والنواب يئسوا من الاتفاق حول قانون انتخابي معيّن، والجلسة مدّتها ساعة، تَتبعها جلسة انتخاب الرئيس، والظاهر أنّ الكتل النيابية لم تصِلها كلمة السر، ورؤساءَها غير جاهزين بعد للاتفاق على مشروع معيّن، فالمختلط لم «يقلّع» حتى الآن».
الحوت
بدوره، قال نائب «الجماعة الإسلامية» النائب عماد الحوت لـ«الجمهورية»: «أعتقدُ أنّ بعض النواب شعروا بعدم جدّية جلسة اللجان المشتركة نظراً إلى أنّ توقيتها عند الساعة الحادية عشرة، فيما جلسة انتخاب الرئيس عند الساعة الثانية عشرة، وبالتالي صار هناك نوعٌ من التكاسل النيابي لحضورها.
كما أعتقد أيضاً أنّ السبب الأهم، هو الانطباع السائد بأنّ كلّ شيء رحّل إلى جلسات الحوار مطلع شهر آب، فانطباع النواب بأنّ النقاش في مجلس النواب لم يعُد له قيمة بانتظار أن يتوافق رؤساء الكتل، وبالتالي انتقلَ عبء التشريع من داخل البرلمان إلى خارجه بهذه الطريقة، الأمر الذي يجعل النواب يتردّدون بالحضور والمشاركة في اللجان المشتركة».
الأمن… مجدّداً
في هذا الوقت، دقّت مصادر أمنية ناقوس الخطر من تحضيرات تُعِدّها المجموعات الإرهابية لضرب الاستقرار الداخلي، وهو الأمر الذي دفعَ مخابرات الجيش والأجهزة الأمنية الى رفع مستوى جهوزيتها في تعقّبِ تلك المجموعات وإحباط أهدافها.
والثابت أنّ الخطر يتأتّى من الخلايا الإرهابية الكامنة في بعض المناطق اللبنانية، وكذلك بمحاذاة الحدود اللبنانية ـ السورية، وهذا يتعامل معه الجيش
بكلّ حزم، على نحو ما جرى في الساعات الماضية من مداهمات كثيفة شَملت عدداً مِن مخيّمات اللاجئين السوريين، وبالتزامن مع قصفِ مركَّز نفّذته مدفعية الجيش لمراكز تجمّع الإرهابيين بعدما رصَدت وحداته تحرّكات مشبوهة.
إلّا أنّ الأخطر في هذا السياق، هو التحضيرات الإرهابية للإطباق على بعض المناطق، وسعيُ تلك المجموعات لسيطرة كلّ مِن تنظيم «داعش»على مخيّم عين الحلوة، بأمرة المدعو عماد ياسين، وجبهة «النصرة» بأمرة المدعو هيثم الشعبي.
مصادر أمنية
وقالت مصادر أمنية لـ«الجمهورية» إنّ «الفصائل الفلسطينية وسكّان المخيّم، قد تلقّوا من الجهات اللبنانية المعنية إشارات تحذيرية، تُنبه إلى خطورة ما يجري في المخيّم، ومحاولةِ الإرهابيين تحويلَه قنبلة موقوتة، قد تنفجر في أيّ لحظة».
ونبَّهت المصادر إلى «أنّ هذا الوضع، إذا ما تفاقمَ أكثر وانفجَر، فسيرتدّ بنتائج وخيمة على سكّان المخيّم الذين سيكونون أوّلَ مَن يدفع ثمنَ ما تُبيته تلك المجموعات.
وهذا يفرض على سكّان المخيّم بالدرجة الأولى، وكذلك على الفصائل الفلسطينية، المبادرةَ إلى حماية المخيّم ولفظ الجسم الإرهابي الخبيث منه، وتجنّب تكرار تجربة «نهر البارد» التي كان لا بدّ منها لاجتثاث الإرهاب منه. وواجب الفصائل وسكّان المخيّم قبل غيرهم، منعُ تلك المجموعات من تحقيق هدفها بجعلِ المخيّم إمارةً لهم وبؤرةَ توتير تفجير ما بين المخيّم وجواره».
ولفتَت المصادر الأمنية إلى أنّ الجيش «يراقب ما يجري في مخيّم عين الحلوة عن كثب، وما زال يعوّل على العاقلين فيه، لإطفاء فتيل التفجير ونزعِ كلّ أسبابه، وفي مقدّمها عدم مجاراة الإرهابيين في ما هم يخطّطون له، ويَعملون على تحقيقه على مراحل:
الأولى: التمدّد والانتشار في المخيّم ومن ثمّ السيطرة عليه، وفرضُ أمر واقع في المخيّم ومحيطه.
الثانية: التحكّم بكلّ الطرقات المحيطة بالمخيّم، وخصوصاً الطريق إلى الجنوب والتي لها رمزيّة دولية بما خصَّ القرار 1701 وعبور قوّات «اليونيفيل». ( مع العِلم هنا أنّ هذه الطريق لها رمزيتها في ما خصَّ المقاومة).
الثالثة: جعلُ المخيّم منطلقاً لعمليات في الداخل اللبناني، وخصوصاً أنّ معلومات مؤكّدة تفيد بأنّ الإرهابيين في المخيّم يقومون بتجنيد الانتحاريين وإعدادِهم، تنفيذاً لأجندات دول خارجية لها حسابات مع قوى لبنانية».
وحيال ذلك، أكّدت المصادر الأمنية «أنّ الجيش لن يَسمح للإرهاب بأن يجد له مكاناً آمناً في المخيّم، أو في أيّ بقعة من لبنان، وليس مسموحاً على الإطلاق أن يتحوّل مخيّم عين الحلوة بؤرةً للإرهاب، فينطلقَ منها لتفجير كلّ لبنان، وسيواجه ذلك بكلّ قوّة وعزم».
وفي السياق نفسِه، وفي وقتٍ يتمّ تضييق الخناق عليه، حقّق جهاز أمن الدولة إنجازاً أمنياً جديداً، تمثّلَ بتمكّن مكتب زحلة من توقيف السوري (ن.س) في البقاع الأوسط مع إثنين من مساعديه.
وعلمت «الجمهورية» أنّ «الموقوف كان أميراً مهمّاً لجبهة «النصرة في ريف حلب الجنوبي، وكشفَت التحقيقات معه أنّه كان يملك نفوذاً كبيراً، ويَحظى بمواكبة أمنية في ريف حلب، وكان من أهمّ القياديين على الأرض، لكنْ بعد خلاف مع القيادة، تركَ الموقوف منطقة خدمته منذ سنة وانتقلَ إلى البقاع الأوسط مع مساعديه، ولم تُبيّن التحقيقات حتّى الساعة قيامَه بأيّ نشاط إرهابي في لبنان أو تخطيطَه للقيام بأيّ مشروع مشبوه».
وأشارت المعلومات لـ«الجمهورية» أنّ «الجهاز اضطرّ لتسليم الموقوفين إلى شعبة المعلومات لاستكمال التحقيقات ومتابعة حركة اتصالاتهم، لأنّ «داتا» الاتصالات ما زالت محجوبة عنه وتُمنَع عليه.
«الميكانيك»: 5 موقوفين
قضائياً، وفي جديد ملف شبكة الميكانيك الخماسية، جدّد المدّعي العام المالي القاضي الدكتور علي ابراهيم أمس استدعاءَ أربعة من أعضاء هذه الشبكة المتّهمة بتزوير إيصالات تسجيل السيارات في فرع تسجيل السيارات والآليات في الأوزاعي، ومنعِ وصول مليارين و600 مليون ليرة إلى الخزينة العامة، وأوقفَهم وجاهياً إلى جانب رفيقهم الخامس الذي أوقِف الإثنين الماضي.
وبعدما أصدرَ المذكّرات بحقّهم، ادّعى عليهم كمجموعة من خمسة أفراد بجرم إدخال أرقام إيصالات وهمية على الحاسوب من دون أن تكون قيمتها الفعلية قد استوفيَت، عن طريق التزوير واستعمال المزوّر والاحتيال وهدر المال العام. وأحالَ الملف مع الموقوف الأوّل إلى قاضي التحقيق الاوّل في جبل لبنان القاضي جان فرنيني.
وأوضَح ابراهيم لـ«الجمهورية» أنّ ما كان ينتظره من معلومات قد وصَله خلال اليومين الماضيين، ما أدّى إلى استعجال التحقيقات مع الأربعة الذين ترَكهم بسندات إقامة الإثنين الماضي رهنَ التحقيق، أمس، وادّعى عليهم كمجموعة قاموا بالتكافل والتضامن في ما بينهم بالجرم الذي تحدّث عنه في إحالتهم».
مهلة إضافية
وفي ملفّ الإنترنت غير الشرعي، أرجَأ قاضي التحقيق في بيروت فادي العنيسي إلى 29 أيلول المقبل متابعة التحقيق في قضيتَي هدر المال العام في ملف الإنترنت غير الشرعي و«الغوغل كاش» المتفرّع منه بعدما استمهلَ وكلاء الدفاع عن مديرعام «أوجيرو» عبد المنعم يوسف والمديرين في الهيئة توفيق شبارو وكابي سميره للاطّلاع على قرار الهيئة الاتهامية المصادقة على قرار القاضي العنيسي بردّ الدفوع الشكلية.
وأوضَحت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» أنّ وكلاء الدفاع يستنفدون كلّ الوسائل المتاحة أمامهم قانونياً من أجل تأخير بتّ القضية، وأنّ الإجراءات القضائية ستأخذ مجراها إلى النهاية الحتمية.