IMLebanon

عودة الإشتباك السياسي من باب التمديد والرئاسة وترَقّب نتائج النووي

بعد أسبوع على إعلان الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله أنّ مرشّحه لرئاسة الجمهورية هو الجنرال ميشال عون، غادرَ الأخير أمس، وبشكل مفاجئ، موقعَه الوسطي الذي ترشّحَ على أساسه في سياق الدور الذي حدّده لنفسِه بأن يكون الجسر بين نصرالله والرئيس سعد الحريري، وعاد إلى وظيفة رأس الحربة ضمن فريق « 8 آذار». وقد شكّلت المواقف التي أطلقها موضوعَ اهتمام الوسط السياسي لسبَبين: أوّلاً، لأنّه استعاد من خلالها مواقفَه الصدامية السابقة مع تيار «المستقبل». وثانياً، لأنّه أسقطَ أيّ احتمال لوصولِه إلى رئاسة الجمهورية في ظلّ ميزان القوى الإقليمي والمحلّي، وفي ظلّ ملاقاة نصرالله اليدَ الممدودة للحريري، حيث إنّ الحزب لن يجاريَ رئيس تكتّل «الإصلاح والتغيير» في مواقفه من رئيس «المستقبل»، فيما لو حافَظ على وسطيته كانت حظوظه الرئاسية، على رغم تبنّي نصرالله له، ما زالت مرتفعة.

أثارَت مواقف عون سجالات سياسية وردوداً قاسية من نوّاب وقيادات في «المستقبل»، خصوصاً لجهة قوله: «إزاء المخاطر نلحظ أنّ البعض يقيم خارج لبنان، أمّا نحن المتجذّرون في هذه الأرض والباقون هنا لا خيارَ لنا سوى أن ندافع عن وجودنا، وهذا ما يجمعنا مع «حزب الله»، وذلك في انتقاد واضح ولاذع للحريري.

ولا شكّ في أنّ هذا التطوّر من شأنه أن يجعل عون رسمياً مرشّح 8 آذار، ويحاول الاستمرار في حجز موقف فريقه إلى جانبه، ما يعني استمرار الفراغ إلى أمد طويل على رغم التعبئة التي يقودها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي من أجل انتخاب رئيس للجمهورية.

واللافت أنّ الهجوم المفاجئ لعون على «المستقبل» كان سبَقه هجوم على «القوات اللبنانية» على خلفية موقفِها من التمديد، علماً أنّ كلّ فريق 8 آذار مشى بالتمديد، ما يعني دخولَ عون في اشتباك مع «المستقبل» و»القوات» في آن معاً.

وفي هذا السياق وصفَ النائب أحمد فتفت كلام عون بالخطير، وقال: «مَن فوّضَه تصنيفَ الناس بين متجذّر وغير متجذّر». وأضاف: «مَن ترك البلد وزوجته وبناته هو العماد عون، فقد فاز بالماراتون بين بعبدا والسفارة الفرنسية عام 1990». وأكّد فتفت: «قد تبيّن أنّنا كنّا على حقّ في رفضنا تولّي عون الرئاسة».

وبدوره اعتبرَ منسّق تيار «المستقبل» في الشمال الدكتور مصطفى علوش أنّ «عون تخلّى عن جنوده في موقع المعركة وهرب»، ورأى أنّ «تصرّفاته لا تُفسح في المجال لاستمرار أيّ حوار لا يقوم على ثوابت وطنية».

وفي موازاة الاشتباك العوني، وعلى أثر التمديد الذي فتحَ الخطوط الحوارية والتعاون بين 14 آذار ورئيس مجلس النواب نبيه بري، تتحضّر هذه القوى لإعادة إحياء مبادرتها من باب تسليمها إلى برّي الذي يشكّل حجرَ الزاوية ضمن فريق 8 آذار وعلى مستوى دوره في رئاسة أم المؤسسات، وذلك في محاولة للدخول في حوار جدّي حول الانتخابات الرئاسية، خصوصاً بعد إعلان السيّد نصرالله استعدادَه للحوار.

كما تتحضّر أيضاً لجولة المناقشات التي تبدأ في 17 الجاري حول قانون الانتخاب، حيث انطلقَت مشاورات بين مكوّنات 14 آذار لإعادة تظهير موقفها الموحّد من هذا القانون.

محادثات عمان

وعلى رغم كلّ ذلك تبقى الأنظار مشدودةً إلى عُمان لترقّب نتائج المحادثات الثلاثية بين وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ونظيره الاميركي جون كيري ومنسّقة مجموعة 5+1 للمفاوضات النووية كاثرين آشتون.

وقبل أسبوعين من انتهاء المهلة المحدّدة للتوصّل إلى اتفاق نهائي بهذا الشأن في 24 من الشهر الحالي، بدت عمان البلد الذي يستضيف المحادثات متفائلةً، وأعلنَت أنّ الأطراف المشاركة فيها قد وصلت الی نقطة متقدّمة جداً في المفاوضات التي بدأت الأحد.

لكنّها أكّدت أنّ الطرفين لم يقدّما أيّ ضمانات، لأنّ القضايا التي تجري مناقشتها حساسة وبالغة الأهمّية، وإنّها بجموعها تشكّل رزمةً واحدةً ولا يمكن تجاهل البعض منها على حساب الأخرى. ودعت إلى عدم ربط المحادثات بالتطوّرات الجديدة، بل يجب حسم هذا الملف أوّلاً.

وقال أحد كبار المفاوضين الايرانيين إنّ المحادثات بين طهران والقوى العظمى في سلطنة عمان انتهَت مساء الاثنين من دون إحراز أيّ تقدّم، لكنّه مع ذلك أكّد تفاؤله بالتوصّل إلى اتفاق.

وبدوره، قال نائب وزير الخارجية عباس عرقجي: «ليس بالإمكان الحديث عن إحراز تقدّم في المفاوضات، لكنّنا متفائلون بالتوصّل إلى اتفاق بحلول 24 تشرين الثاني».

وفي موازاة المحادثات النووية يرتقب أن تشهد السعودية محادثات بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس العراقي فؤاد معصوم الذي يزور السعودية اليوم، في زيارة هي الأولى لرئيس عراقي منذ سنوات. وتتناول المحادثات الأوضاع السياسية وسُبلَ تجاوز أزمات المنطقة، والتعاون للتصدّي للإرهاب وتجفيف منابعه وتبادل المعلومات.

وعلى المقلب الآخر، وعشيّة اللقاء الموعود في موسكو اليوم بين وفد من المعارضة المعتدلة ووفد يمثّل النظام السوري، أبدَت دمشق استعدادها لدراسة مبادرة المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا بشأن تجميد القتال في حلب.

«8 آذار»

وقالت مصادر قيادية بارزة في فريق 8 آذار لـ»الجمهورية»: إنّه لا يزال من المبكر الحديث عن نتائج المفاوضات النووية، لكنّها أكّدت أنّ الرئيس الاميركي باراك اوباما الذي لم ينكر مراسلة المرشد الأعلى السيّد علي خامنئي هو بحاجة الى إنجاز، ويضع نصبَ عينيه استكمالَ الملف النووي، وفي رأينا هو جدّي في ذلك ولا يناور، كذلك الإيرانيون جدّيون في الوصول الى اتّفاق، لكن طبعاً كلّ طرفٍ يحاول تحسين شروطه بما يلبّي مصالحَه، إنّما في تقديرنا الطرفان يسيران في الاتجاه نفسه.

وهل الأجواء إيجابية؟ أجابت المصادر: في الشكل، اللقاءات في عمان لها دلالة، أمّا التفاصيل فتحتاج الى معلومات. فهل نحن ذاهبون الى اتّفاق في

24 الجاري؟ لا نستطيع أن نجزم في ذلك. ولم تستبعد المصادر أن يكون تشكيك اوباما بالقدرة على الوصول الى اتّفاق في سياق المناورة التي لها علاقة بالداخل الأميركي.

وقالت: في حال لم يحصل اتّفاق في 24 الجاري فهذا ليس معناه نهاية العالم، إذ قد نكون أمام تمديد جديد لأنّ الطرفين لا يريدان العودة الى الوراء، فما بنيَاه وراكماه طيلة هذه الفترة له قيمته، ولا أحدَ منهما مستعدّ للإطاحة به.

وعن انعكاس الاتفاق النووي على الوضع اللبناني وملفاته الداخلية، أجابت المصادر، حسب المعلومات، أنّ الإيرانيين رفضوا ربط المفاوضات بأيّ ملفات أخرى بعد الرغبة الاميركية لجعلِ الملفات في سلّة واحدة، ونتحدّث هنا عن الملفات الكبيرة الساخنة، وملفّ لبنان تفصيل، لكن أيّ مناخ إيجابي ينعكس علينا، لأنّ الملفات التي يمكن أن تتأثر إيجاباً هو ملف العلاقات الإيرانية ـ السعودية، وعندما تتحسّن هذه العلاقات بالطبع ستنعكس على لبنان إيجاباً. لكن حتى الآن لم ندخل بعد مرحلة التفاهمات الإيرانية ـ السعودية.

وعن المناخات الإيجابية في المنطقة قالت المصادر: في النهاية كلّ طرف يحاول حجزَ مقعد مريح له، والذي يعتبره مناسباً لمكانته وحجمه طبعاً، الأمر الذي يستدعي مزيداً من الاشتباك والسخونة في بعض الأحيان، لكنّ المشهد الأساسي اليوم هو المشهد الاميركي ـ الايراني، ومن حوله التركي السعودي الإسرائيلي.

وعن الاستحقاق الرئاسي في لبنان قالت المصادر: «كان في إمكان هذا الملف ان يكون قراره داخلياً وأن يُترَك ليكون من نتائج التقارب الخارجي. فإذا شدّينا همّتنا كلبنانيين يمكن حسمه من دون العودة الى الخارج، أمّا إذا قرّرنا عدم بذل الجهد المطلوب وتركه للخارج، فدرجة أولويته في حسابات الخارج ستأتي متأخّرة.

وإذ أكّدت المصادر أنّ التمديد صار خلفنا، ذكّرت بالدعوة التي أطلقَها الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصر الله أخيراً إلى الحوار، وتأكيده أنّ قرار فريقنا في يده وأننا جاهزون إذا كان الفريق الآخر جاهزاً.

وهل لا يزال الحزب ينتظر جواب الطرف الآخر، قالت المصادر: «لا نعرف إذا كان ينتظر إشارة سعودية أو أنّه يجهّز نفسَه، فهو دعا في الماضي الى الحوار اكثر من مرّة، لذا من المفترض ان يكون جاهزاً له، أو أنّه كان يطلق كلّ هذه الدعوات للمناورة فقط، لكنّه فوجئ عندما لمس حصول دعوة جدّية، لربّما كانوا يراهنون أنّ «حزب الله» لن يتجاوب.

مصادر «المستقبل»

في المقابل، وصفَت مصادر بارزة في تيار»المستقبل» لـ»الجمهورية» دعوة السيّد نصر الله الى الحوار بأنّها جيّدة، وهي قيد الدرس بكلّ خلفياتها لمعرفة ما إذا كانت جدّية أم مجرّد دعوة عابرة، خصوصاً أنّ «التيار» لم يلمس أيّ استجابة مع كلّ دعواته ومبادراته السابقة طيلة السنوات الماضية، ومن هذا المنطلق هناك تريّث في دراستها ربطاً بالتطورات المحلية والاقليمية الجارية، والتبصّر فعلياً ما إذا كانت الدعوة فعلاً جدّية، وفي ضوئها لكلّ حادث حديث.

وهل هناك تشكيك بعد في نيّات الحزب؟ أجابت المصادر: «لا شكّ في أنّ هناك فقداناً للثقة بالحزب، واستعادة الثقة لا تكون من خلال موقف واحد، والحزب لم يفعل شيئاً، يتحدّث في الإعلام فقط، أمّا على الارض فلم يقُم بأيّ مبادرة جدّية.

برّي

على صعيد آخر، وفيما يصبح التمديد النيابي نافذاً اليوم مع نشره في الجريدة الرسمية، ويستكمل التيار الوطني الحر طعنَه بالتمديد، أعلن رئيس المجلس النيابي نبيه بري انّ الظروف الداخلية والاقليمية المتفاعلة تنبئ بإشارة إيجابية قد تخدم التوجّه لتشجيع الأفرقاء الداخليين للاتفاق على رئيس جمهورية جديد.

ونَقل عنه زوّاره أمس أنّه إذا ما سرّع إبقاءَ المجلس في جاهزيته الحاليّة وماشى التمديد فلأنّ هذا الأمر يمهّد في النهاية الطريق امام توافق على الاستحقاق الرئاسي.

بكركي

في هذه الأثناء، واصلَ البطريرك الماروني بشاره الراعي هجومه على النواب الممدّد لهم، ورأى في افتتاح الدورة الثامنة لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أنّ «المسؤولين يفتعلون الفراغ في سدّة الرئاسة لخدمة مآرب وأهداف فئوية شخصية ومذهبية داخلية وخارجية، ويمعنون بمخالفة الدستور بعدم انتخاب رئيس للبلاد وبنشر شريعة الغاب، ويستبيحون الفلتان في المؤسسات والفساد في الإدارات العامة والمال العام والاستيلاء الفئوي والمذهبي على المرافق العامة وقدرات الدولة».

وقال الراعي: إنّ «اللبنانيين المنتشرين يندّدون بالنواب الذين يفتعلون خطر الفراغ على مستوى السلطة التشريعية، فيخالفون الدستور وإرادة الشعب ويمدّدون لأنفسم ويخالفون مجدّداً وبدَمٍ بارد دستور البلاد». ودعا الراعي المجتمع المدني إلى أن يأخذ بيدِه زمامَ أموره ويعمل بكلّ قواه ليحافظ على وحدته وتضامنه من أجل حماية العائلة».

مصدر عسكري

إلى ذلك، أكّد مصدر عسكري رفيع لـ»الجمهورية» أنّ تقاطع التحقيقات النهائية بين الموقوفَين الإرهابيَين عماد جمعة وأحمد ميقاتي مع بقيّة الموقوفين، دلَّ على أنّ المخطط كان يقضي بهجوم بَرّي من عرسال باتّجاه الهرمل نزولاً نحو الضنّية وطرابلس وعكّار والوصول الى البحر لإعلان «الدولة الإسلامية»، وذلك بعد تهجير البلدات الشيعية والمسيحية بهدف ربط البقاع بالشمال السنّي».

وأضاف: «كذلك أظهرَت التحقيقات أنّ الموقوفَين لا يرتبطان بجبهة «النصرة» بل بتنظيم «داعش»، وكانا يأتمران به مباشرة»، كاشفاً عن وجود رأسٍ مدبّر دورُه كبير في عملية التنظيم والاتصال، ويلاحقه الجيش، وهو بات على قاب قوسين من القبض عليه».

كذلك أكّد المصدر المذكور أنّ «التحقيقات مع جمعة وميقاتي والمجموعات الأخرى أظهرَت أنّهم كانوا يخططون لضرب الجيش تمهيداً لإنشاء إمارتهم، من خلال الحرب النفسية والإعلامية من جهة، واستهداف المؤسسة العسكرية من الداخل عبر الدعوة الى الانشقاقات، وإرباك الجيش بعملية عسكرية، ما يفقده توازنَه ويسرّع في انهياره، لكنّ الجيش استوعبَ المخطّط سريعاً، وفكّك الشبكة تلو الأخرى، وقد ساهمَت إفادات الموقوفين واعترافاتهم الى حدّ كبير في انهيار الشبكات وملاحقة أفرادها واعتقالهم».

وأوضح المصدر أنّ «شبكة ميقاتي في الضنّية والشبكات التي كانت في جرودها كان لها دور محوريّ في العملية، حيث كان يعوَّل عليها لربط طرابلس بالبقاع بعدما تتحرّك المجموعات في المنطقتين».

وأكّد أنّ «الجيش مستمرّ في ملاحقة حسابات الإرهابيين على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنّه يواجه صعوبة كبيرة في القضاء عليها بسبب نظام الحماية المعقّد جداً الذي يقيمه، وتحسّب الإرهابيين لأيّ هجوم إلكتروني لقرصَنة مواقعهم».

وفي سياق متّصل، اشتبه الجيش بسيارة نوع فان «سانع يونغ» بيضاء اللون متوقفة على طريق الجمال-عرسال، وعلى الأثر فرَض طوقاً أمنياً حولها وحضر الخبير العسكري الذي كشفَ عليها، فتبيّن أنّها تحوي عبوة ناسفة زنتُها 2 كلغ موصولة بفتيل صاعق وبطارية 9 فولت وجهاز تحَكّم عن بُعد، ففكّكها ونقلها الى مكان آمن، فيما توَلّت الشرطة العسكرية التحقيق. وقد لفَت المصدر العسكري الى أنّ «العبوة كانت مُعَدّة للتفجير، على أن تُنقل إلى مكان آخر».