Site icon IMLebanon

 برّي لحوار بلا شروط مُسبقة بين «المسـتقبل» و«حزب الله»

كاد ملفّ المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الخلوي أن يفجّر الحكومة لولا مسارعة رئيسها تمّام سلام إلى تأجيل البحث فيه نتيجة عراك سياسيّ بين وزير الاتصالات بطرس حرب ووزير الخارجية (وزير الاتصالات سابقاً) جبران باسيل، كاد أن يتحوّل اشتباكاً بالأيدي بين الرجلين، بسبب الخلاف على الملفّ الذي أعدّه حرب، ما دفعَ أحد الوزراء إلى القول إنّ ملف المناقصة تضمّن شروطاً عالية إلى درجة يحصر الدخول فيها بشركتين أو ثلاث شركات كحدّ أقصى فقط، ما أثار الشبهات لدى بعض الوزراء حول هذا الملف، فيما وجَد باسيل في الملف ما يطيح إنجازات يَعتبر أنّه حقّقها يومَ تولّيه الوزارة.

وقال مرجع كبير أُبلغ «بواقعة الخلوي هذه» إنه يفضّل التمديد للشركتين المشغّلتين للقطاع حاليّاً وترك هذا الملف الى حكومة مستقبلية جامعة، نظراً الى أهمية هذا القطاع على المستويين المالي والاقتصادي بالنسبة الى الدولة اللبنانية.

وقال أحد الوزراء إنّ «الخلاف الذي توسّع داخل مجلس الوزراء حول الخلوي أظهر هشاشة خطيرة في الوضع الحكومي، إلى درجة أنّ أمزجة غالبية الوزراء تبدّلت سريعاً بين نوعية هذه السندويش وأخرى من السندويشات التي تناوبوا على تناولها».

مواجهة حامية

وكان مجلس الوزراء أرجأ البحث في موضوع المناقصة العالمية لإدارة شبكتي الخلوي الى الجلسة المقبلة، وذلك في ضوء المواجهة بين حرب وباسيل، والتي توسّعت لينضمّ إليها الوزيران محمد فنيش ونبيل دوفريج، وتخللها نقاش صاخب كان أقرب الى العراك، بعدما طلب باسيل الكلام إثر ما سجّله فنيش من ملاحظات على مشروع عقدَي الخلوي ردّاً على المطالعة التي أجراها حرب مسترسلاً في شرح العقود ومضمونها بلغةٍ تقنية وفنّية لم يفهمها كثير من الوزراء.

وقال أحد الوزراء لـ«الجمهورية»: «سمعنا سيلاً من المناقشات بين الوزراء الثلاثة من دون ان نفهم مضمونها. فقد ظهر أنّهم يفهمون لغة خاصة بالخلوي وعقوده، خصوصاً باسيل وحرب اللذين استخدما مصطلحات فنّية وتقنية لم نسمع بها سابقاً نتيجة الخبرة التي يتمتعان بها في إدارة ملف الإتصالات والعقود الفنية والتقنية التي تتصل بحجم الشبكات وما يمكن ان تتعهّد الشركات التي ستدير الشبكة مسبقاً لجهة تطويرها وتوسعتها وتحسين الخدمات فيها وكلفة الصيانة والإدارة والتشغيل».

وأضاف: «وصل النقاش الى مكان ما، علا فيه صوت باسيل وحرب معاً ولم يعُد أحد يفهم ما يقولانه، الى أن وجّه باسيل كلاماً قاسياً ونابياً لحرب، ما دفعَ بالأخير الى القول لرئيس الحكومة: «دولة الرئيس لا يمكننا ان نجاريَ البعض في ملاحظاته، وهذا الكلام مرفوض ولا يمكنني ان اتحمّل مثلَ هذه الآراء». واعتذر عن إكمال الحوار «باللغة والمنطق اللذين لا أتقنهما».

وهنا تدخّل دو فريج فاعتبر أنّ النقاش «يخلو من أيّ ملاحظات تقنية أو فنّية». وقال: «لا أرى في ملاحظات باسيل إلّا خروجاً على المنطق واللياقة، وهو ما يوحي أنّه يسجّل نقاطاً في حوار سياسي ولأهداف سياسية معروفة لا تمتّ بصلة الى مضمون دفتر الشروط، وهو أمر أعرفه تماماً، فأنا ممّن رافقوا مسيرة الملف منذ بداياته وقبل تشكيل الهيئة الناظمة».

وعندما بلغَ الحوار مرحلة عاصفة تمنّى سلام تشكيل ما سمّاه «خلية أزمة» لمعالجة الملف في هدوء ومنطق ورويّة. وطلب تشكيل لجنة رباعية برئاسته وتضمّ كلّاً من حرب ودوفريج وباسيل وفنيش، لمناقشة هذا الموضوع في أجواء هادئة وعلمية، على ان يدعوَهم الى لقاءٍ الأسبوع المقبل.

سياسياً

إلى ذلك لم يطرأ أيّ جديد ملموس على صعيد الاستحقاق الرئاسي، في انتظار جلسة الانتخابات الرئاسية المقررة في 19 من الجاري. لكن ثمّة تحرّكات تجري بعيداً من الأضواء لإرساء مناخات سياسية تؤمّن الأرضية الصالحة للإتفاق على رئيس توافقي.

وفي هذا الإطار ينشط رئيس مجلس النواب نبيه بري في مشاورات واتصالات بعيداً من الاضواء من أجل تأمين انطلاق حوار بين تيار «المستقبل» وحزب الله. وعُلم في هذا المجال أنّ بري التقى نادر الحريري مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، وطلب منه ان ينقل الى الأخير رغبته في ان يستجيب رغبة الامين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله بالحوار مع «المستقبل»، على ان لا تكون لهذا الحوار أيّ شروط مسبَقة.

برّي

وأصرّ برّي أمام زوّاره أمس على تفاؤله في شأن الاستحقاق الرئاسي متكتّماً عمّا لديه من معطيات مشجّعة داخلية وخارجية في هذا المجال، وأشار الى أنّ بيان مجلس الامن الدولي أيّد تمديد ولاية مجلس النواب.

واعتبر أنّ الدعوة التي اطلقَها هذا المجلس في بيانه الى انتخاب رئيس جمهورية جديد في أقرب وقت لا تنطلق من خلفية دولية معيّنة بمقدار ما هي بمثابة حَضّ للأفرقاء على إنجاز الاستحقاق الرئاسي. وكرّر التأكيد أنّ موضوع التوافق الداخلي اللبناني مهمّ جداً في عملية اختيار الرئيس، الى جانب أهمية الإرادة الإقليمية والدولية.

«حزب الله» في الرابية

وفي الحراك السياسي، زار وفد من «حزب الله» مساء امس رئيس تكتّل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في حضور باسيل. وضمّ الوفد المعاون السياسي للامين العام للحزب الحاج حسين خليل ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا.

وجاءت هذه الزيارة بعد تبنّي السيّد نصر الله عون رسمياً مرشّحاً رئاسياً، وبعد إقرار التمديد النيابي. كذلك جاءت بعد ساعات من تقديم «التكتّل» الطعن بقانون التمديد الى المجلس الدستوري الذي التأمَ مساءً للبتّ في تعليق العمل بقانون التمديد. كذلك جاءت هذه الزيارة أيضاً قبل أيام من جلسة انتخاب رئيس جمهورية جديد، والمقرّرة ظهر الأربعاء المقبل.

وأكّد خليل أنّ عون ما زال بالنسبة الى الحزب هو «الرجل الوفاقي». وقال: «من الطبيعي ان يترشّح للرئاسة الرجل الاقوى مسيحياً والأوحد، وصاحب القرار على الساحة الداخلية وعلى مستوى المنطقة»، وأكّد أنّ «التباين مع التيار الوطني الحر في مواضيع كالتمديد هو من الصغائر التي عبرت ولم تترك أثراً». وأشار الى «أنّنا و»التيار الوطني الحر» أصبحنا كالجسد الواحد»، مشدّداً على «أننا يجب ان نتكامل بعضنا مع بعض لمواجهة الأمواج العاتية في لبنان والمنطقة».

هيل في بكركي

وفي الحراك الديبلوماسي، زار السفير الاميركي ديفيد هيل مساء امس بكركي والتقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وجدّد دعوة بلاده الى انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن وفقاً للدستور وللميثاق الوطني، مؤكّداً أنّ انتخاب الرئيس هو قرار لبناني، ويجب على اللبنانيين ان يتّخذوه. وحَضّ الزعماء اللبنانيين على «تحديد موعد لإجراء الانتخابات النيابية في أقرب وقت ممكن».

الفضيحة الغذائية

وإلى ذلك، غابت الفضيحة الغذائية عن جلسة مجلس الوزراء، إذ تُرِكت في عهدة لجنة وزارية ثلاثية ستجتمع الاربعاء المقبل، فيما بدا أنّ وزير الصحة العامة وائل ابو فاعور مصمّم على الذهاب بها إلى النهاية، يدعمه فيها مجلس الوزراء وبرّي ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط.

وتوقّف برّي أمام زوّاره أمس عند موضوع الأمن الغذائي، فشدّد على وجوب متابعة هذه القضية وتشريع الإجراءات المتخَذة في شأنها، بحيث تأخذ مسلكها القانوني بعيداً من أيّ ضجيج. وأشار إلى وجود مشكلات تتصل بالأمن الغذائي مذكّراً بحصول حالات تلوّث وتسمّم نتيجة الفساد والإهمال الحاصل في عدد من المؤسسات الفندقية.

وكان أبو فاعور قد عقد مؤتمراً صحافياً أعلن فيه لائحةً جديدة بالمؤسسات التي لديها مواد غذائية غير مطابقة للمواصفات، وأكّد الاستمرار في الحملة، وأنّ «كلّ مؤسسة مخالفة سنعلِن عن اسمها بالإعلام، وعندما تصلِح وضعَها سنقول اسمَها في الإعلام».

وأوضح أنّ الخطة ستشمل مسلخ بيروت وغيرَه من المسالخ، من بينها مسلخ صيدا. وكشفَ أنّه أرسل الى وزير الداخلية أمس لائحة بأسماء المؤسسات المخالفة لتعميمها على الأمن الداخلي للبَدء بتطبيق قرار إقفال الأقسام التي تحتوي على أطعمة فاسدة، إلى حين تصحيح وضعها.

وفيما باشرَت قوى الأمن الداخلي أمس تحرير محاضر ضبط بحق المؤسسات المخالفة لشروط السلامة الغذائية، وإقفال الأقسام في بعض المؤسسات، أكّد وزير السياحة أن لا مواجهة بينه وبين أبو فاعور، «بل ندعو للتكامل بين وزارات الزراعة والاقتصاد والسياحة والصحّة».

وقد صدرَت مواقف من هيئات اقتصادية انتقدَت الأسلوب الذي اعتمده ابو فاعور في مقاربة الملف، وتساءلت عن نِسَب الأخطاء التي قد تكون ارتكِبَت في عملية أخذ العيّنات وفحصها، وطالبَت باعتماد المعايير الدولية في رفع العينات وإرسالها الى المختبرات المختصة.

ضمانات أبو فاعور

وعلى هامش الاستراحة التي نالها الوزراء خلال جلسة مجلس الوزراء لتناول السندويشات التي تمّ توفيرها للوزراء بأنواع عدّة « جبنة، جبنة وجانبون، مارتديللا، دجاج، روستو وحبش»، طلبَ الوزير رشيد درباس من ابو فاعور ضمانات لتناول السندويش.

فكتبَ وزير الصحة على سندويش درباس عبارة «خالية من السالمونيللا». وعندما سأله درباس: «ما الذي يضمن إن تعرّضتُ لعارض صحّي وصار لي شي شو بيصير»، ردّ أبو فاعور ممازحاً: «بتموت، والدفن على حساب وزارة الصحة». وهنا علا الضحك، فيما كان وزير العمل سجعان قزي يوثّق هذه اللحظات بهاتفه الخلوي.

سلام إلى الإمارات

وعلى هامش الجلسة، تبلّغ الوزراء أسماء أعضاء الوفد الرسمي الذي سيرافق سلام الى ابو ظبي ودبي الإثنين المقبل ويضمّ وزراء الدفاع، والخارجية والعدل والتربية والشباب والرياضة.

وتوجّهت فجر اليوم الى ابو ظبي بعثة إدارية وأمنية وديبلوماسية لتحضير الترتيبات اللوجسنية والأمنية والإدارية للزيارة التي ستمتد من قبل ظهر الإثنين الى مساء الثلثاء.

التحالف الدولي

وعلى خط الإستراتيجية الأميركية لمحاربة «داعش» في العراق وسوريا، طلب الرئيس الاميركي باراك اوباما من فريقه للأمن القومي مراجعةً لسياسةِ إدارتِه في شأن سوريا بعدما توصّل إلى أنه ربّما لن يكون من الممكن هزيمة «داعش» من دون إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد. وقد عقد هذا الفريق أربعة اجتماعات على مدى الأيام الأخيرة لتقييم كيف يمكن لإستراتيجية الإدارة الأميركية أن تكون منسجمة مع حملتها ضد هذا التنظيم.

ونقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤول بارز قوله إنّ اوباما طلب درس سُبل تحقيق الانسجام بين محاولة حلّ مشكلة سوريا المستمرة منذ وقت طويل والقضاء على «داعش»، مشيراً إلى أنّ هزيمة التنظيم تحتاج ليس فقط إلى تدميره في العراق، بل أيضاً إلى القضاء عليه في سوريا.

في هذا الوقت، عقدت لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الأميركي امس جلسة لمناقشة هذه الاستراتيجية، تحدّث فيها كلّ من وزير الدفاع تشاك هاغل ورئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي. وأكّد هاغل نجاح عمليات التحالف الدولي في إضعاف قدرات «داعش» اللوجستية، إضافةً إلى ضرب عدد من قيادات التنظيم، ما أثّر على معنويات مقاتليه.

وجدّد تأكيد موقف الإدارة الأميركية بعدم مشاركة قوات أميركية في القتال ضد «داعش» على الأرض. وقال إنّ واشنطن تنظر في الخيارات المتاحة لدعم المعارضة السورية المعتدلة، مشيراً إلى أنّ هدف العملية الأميركية في سوريا في الوقت الراهن يتركّز على استهداف «داعش».

بدوره، أشار ديمبسي إلى أنّ أميركا تريد بناء معارضة سورية لمواجهة «داعش»، لافتاً إلى أنّ الحملة العراقية ضد «داعش» تواجه تحدّيات، فالقوات العراقية ستواجه مصاعب في بعض المناطق مثل الموصل.

البغدادي

وفي هذه الأجواء، ظهر زعيم «داعش» ابو بكر البغدادي بعد الحديث الاخير عن استهدافه، فاعتبر في تسجيل صوتي منسوب له أنّ التحالف الدولي سيكون مضطرّاً «للنزول إلى الأرض» لقتاله. ودعا إلى «شنّ هجمات في السعودية»، وقال إنّ خلافته «تمدّدت في أنحاء العالم»، وأعلن استمرار الزحف حتى الوصول الى روما.

فرنسا وإيران

إلى ذلك، حضرَت التطورات في الشرق الاوسط، خصوصاً في العراق وسوريا ولبنان ومكافحة الإرهاب والتطرّف في إيران خلال لقاء مساعد وزير الخارجية الايرانية في الشؤون العربية والافريقية حسين امير عبداللهيان والمدير العام لشؤون الشرق الاوسط وشمال افريقيا في الخارجية الفرنسية جان فرنسوا جيرو.

وأكّد عبد اللهيان أنّ طهران تدعم بقوّة لبنان وسوريا والعراق والدوَل التي تتعرّض للإرهاب، وانتقد التدخّلات الخارجية لتسليح المعارضة السورية. ورأى أنّه لا يمكن السعي لتغيير النظام في سوريا وعدم الأخذ في الاعتبار تداعياته السلبية في لبنان والمنطقة كلّها.

من جانبه أكّد جيرو اهتمامَ فرنسا وإيران باستقرار لبنان وأمنِه والحفاظ على سيادته، ومن الضروري السعي لدعم هذا المسار أكثر فأكثر.

وشدّد الطرفان على استكمال العملية السياسية في لبنان، خصوصاً انتخاب رئيس الجمهورية الذي يُعتبَر قراراً داخلياً، ويتعيّن علي اللبنانيين الاتفاق عليه، وفي الوقت نفسِه يتعيّن على إيران وفرنسا وبقيّة الدوَل المؤثّرة في لبنان العمل لتسهيل هذا الاتفاق.