Site icon IMLebanon

كلٌّ منشغِل بقضاياه

خلافاً لِما يتردّد في بعض الأوساط السياسيّة عن انعقاد مجلس الوزراء قريباً، فإنّ المعطيات تدلّ إلى أنّ الأزمة الحكوميّة ليست وشيكةَ المعالجة، بل هي متّجهة إلى مزيد من التعقيد، لكن من دون أن يعنيَ ذلكَ تعطيلاً للعمل الحكومي في المُطلَق.

يقول قطبٌ سياسيّ بارز إنّ كلّ الاتّصالات والمشاورات الجارية عَلناً أو بعيداً من الأضواء لإعادة تطبيع العمل الحكومي لم تُحقّق بعد أيَّ نتائج تبعَث على التفاؤل بعودة جلسات مجلس الوزراء إلى الانعقاد أسبوعيّاً، أو حتّى دوريّاً إذا اضطُرَّ الأمر، لأنّ تمسُّكَ الأفرقاء، أو بعضهم، بمواقفهم، ما زال يَعوق المعالجات المطلوبة.

ويُشير هذا القطب إلى وجود ما يُشبه «مصلحةً مشتركة»، إذا جاز التعبير، بينَ جميع الأفرقاء السياسيّين في أخذ ما يُشبه «الإجازةَ» من اجتماعات مجلس الوزراء خلالَ شهر رمضان الجاري، لكي ينصرفوا كُلٌّ إلى معالجة قضايا تشغله بشدّة في هذه المرحلة. ويُفنّد هذا القطب السياسيّ الأسبابَ التي تُملي على الأفرقاء السياسيّين أخذَ هذه «الإجازة الحكومية»، إذا جازَ التعبير، بالآتي:

أوّلاً، إنّ رئيس الحكومة تمّام سلام، المتمسّك منذ تأليف حكومته بمبدأ التوافق في اتّخاذ القرارات في جلسات مجلس الوزراء الذي يتوَلّى مجتمِعاً صلاحيّات رئاسة الجمهورية بالوكالة في ظلّ الشغور الرئاسي، لا يُريد المغامرةَ في الدعوة إلى جلساتٍ للمجلس، قد لا تنعقدُ، وإذا انعقدَت قد لا تخرج بقرارات بسبب الخلافات القائمة على ملفّ التعيينات الأمنيّة وسِواه من الملفّات.

فضلاً عن أنّه يتخوَّف من نشوء خلافات جديدة، خصوصاً في حال استنكفَ وزراء من هذا الفريق السياسيّ أو ذاك عن توقيع قرارات أو مراسيم تتعلّق بقضايا محدّدة، أو على سبيل «النكاية» المتبادلة.

ثانياً، لا يزال «التيّار الوطني الحرّ» متمسّكاً بموقفِه الذي نشأت بفِعله الأزمة الحكوميّة الحاليّة، وهو إصرارُه على أن يكون إقرارُ التعيينات الأمنيّة والعسكريّة وتعيين العميد شامل روكز قائداً للجيش، بنداً أوّلاً على جدول أعمال مجلس الوزراء تحت طائلة الانسحاب من الجلسات وعدم البحث في أيّ بنود أُخرى.

ثالثاً، إنّ «حزب الله» المتضامن في هذا الموقف مع «التيّار الوطني الحر»، منصرفٌ في هذه الأيّام إلى الانتهاء من معركته في جرود عرسال وجوارها السوري ضد مسلّحي «جبهة النصرة» و«داعش».

إذ تُشير المعلومات إلى أنّ هذه المعركة بلغَت مراحلها الأخيرة، عِلماً أنّ الحزب مستمرّ في حواره مع تيّار «المستقبل»، وهو حوار متّفق على استمراره مَحَلّياً وإقليميّاً ودوليّاً، لأنّه يتكامل في وظيفته مع القرار الكبير القاضي بالحفاظ على الاستقرار في لبنان.

رابعاً، إنّ تيّار «المستقبل» منصرف إلى معالجة بيتِه الداخلي في ضوء المضاعفات التي أحدَثَها تسريبُ شريط فيديو تعذيب بعض السُجناء الإسلاميّين في سجن رومية، فضلاً عن انشغاله بما يجري في المنطقة من سوريا إلى اليمن، إضافةً إلى استمراره في الحوار مع «حزب الله»، وهو ما يُشدّد عليه الرئيس سعد الحريري في كلّ مناسبة، على رغم السجالات السياسيّة التي تحصل بين الطرفَين على خلفيّة القضايا المطروحة داخليّاً وعلى الحدود اللبنانيّة ـ السوريّة في جرود عرسال وغيرها.

خامساً، إنّ رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط، مهتمّ بمصير الدروز من جبل السماق في إدلب إلى جبل العرب في السويداء وجبل الشيخ، في ضوء ما بدأوا يتعرَّضون له من مخاطر على يَد «جبهة النصرة» وغيرها.

وثمَّة مَن يقول إنّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي ورئيس الحكومة تمّام سلام خرجَا في ضوء سَعيهما الدؤوب إلى إنهاء التعطيل التشريعي والحكومي باستنتاجٍ مفادُه ألّا إمكانيّة لتحقيق تقدُّم ملموس في هذين الملفّين خلالَ الأسابيع المتبقّية من شهر رمضان، وإنّ عدمَ انعقاد مجلس الوزراء، وتالياً عدم توافر فرصة لفتحِ دورة استثنائية لمجلس النواب في خلال هذه الفترة، لن يزيدَ مِن سلبيّته الواقعُ السائد، عسى أن تنجحَ اتّصالاتهما الجارية بهدوء وبعيداً من الأضواء، في تحقيق التوافق المطلوب.