الوزراء والنواب والسياسيون والمدراء العامون الذين غادروا لبنان في إجازاتهم الموسمية، هل وضعوا كمَّامات أم لم يضعوها، هل نظروا من نوافذ الطائرات إلى المشهد المعيب والكارثي الذي يربط بين المدرجات وبين مكب الكوستابرافا؟
وإذا شاهدوا هذا المنظر المعيب، هل تجرَّأوا على تصويره لاستعمال الصور، بعد عودتهم، في مواقفهم السياسية وفي مطالباتهم؟
لربما لن يفعلوا لأنهم لا يبالون بسمعة البلد وسلامة الناس، في المقابل، لا بد من توجيه التحية إلى رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط، محمد الحوت، لأنه يكاد أن يكون الوحيد الذي يرفع الصوت تلو الصوت، ليس للحفاظ على طيران الشرق الأوسط فقط، بل للحفاظ على سلامة المطار ككل وعلى حركة الطيران فيه، وقد ترجم هذا الحرص في التقرير الذي رفعه إلى رئيس الحكومة، ولم يُعرَف ما إذا كان رئيس الحكومة قد اهتم للأمر وقرأ التقرير ليُبنى على الشيء مقتضاه.
لكن يبدو أنَّ الإهمال سيد الموقف لأن العطلات والإجازات أهم من الإنجازات:
الثلث الأول من شهر آب قد انتهى، لا شيء على النار قبل الأسبوع الأول من أيلول:
المناورات الرئاسية سقطت، والحوارات تعثرت، والمبادرات تفرملت، ولم يعد أمام السياسين والمسؤولين ما يقومون به.
لكن هذا لا يعني أنَّ الفراغ سيِّد الموقف، فالمشكلة الأساسية أنَّ الفراغ يجري ملؤه بالملفات وليس بالمعالجات:
الحكومة تقف عاجزة عن معالجة أزمة الكهرباء وقد تُسلِّم مشيئتها إلى شركة بواخر التوليد.
والحكومة تقف عاجزة عن معالجة أزمة النفايات، فهل تتركها لِما هو قائم من فوضى؟
أما الملف الأكبر الذي لا يزال العقدة الكأداء فهو ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، أمس كانت الجلسة الرقم 43 لكنها كما سابقاتها ال42، لا رئيس لمَن تنادي، وأياً تكن الأعذار والتبريرات فإنَّ التقصير النيابي واضح لأنه أثبت أنَّ النواب لا يتخذون قرارهم من تِلقاء أنفسهم، إنها ثقافة الوحي التي ما زالت سارية المفعول، صحيح أنَّ الأيام الفائتة حفلت بسيلٍ من الأخبار عن محاولات جديدة لكسر طوق المواقف الجامدة، لكن تبيّن أنَّ مثل هذه السيناريوهات تعوزها عمليات الدفع الدبلوماسي والسياسي الخارجي. هذا الواقع أثبت مرة جديدة أن موضوع الرئاسة لم ينضج بعد، وأنَّ كل ما يُحكى لا يتعدى الإلهاءات والمناورات وربما الأمنيات.
لقد فات الكثيرون أنَّ الرئاسة اللبنانية باتت مرتبطة بمنحى الحرب اليمنية والحرب السورية، ولأن هذا النوع من الحروب لا يُقاس بالأيام ولا بالشهور فهذا يعني أنَّ علينا أن ننتظر.