IMLebanon

الكُلْ في مأزق؟!

مَنْ ينظر إلى المشهد السياسي الداخلي بعد مرور ثلاثة أسابيع على لقاء باريس بين الرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية وبروز إسم الثاني كمرشح تسوية لرئاسة الجمهورية على أن يكون رئيس تيّار المستقبل رئيساً لأول حكومة وحدة وطنية تُشكَّل فور إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وما رافق ذلك من كلام عن تناغم دولي وإقليمي وتحديداً سعودي – إيراني ترجمته تصريحات المسؤولين في الدولتين، فضلاً عن مواقف دولية مرحّبة ومشجّعة على ضرورة إتمام هذه التسوية، مَنْ ينظر إلى هذا المشهد بعد ثلاثة أسابيع من الحراك الداخلي على جبهتي القوّتين المتخاصمتين 14 و8 آذار، أن تسمية فرنجية من قِبَل الحريري وضعت الفريقين في مأزق، من الصعوبة بمكان تجاوزه لمصلحة التسوية المقترحة من قِبَل رئيس تيّار المستقبل.

فحزب الله المُمسك بمفاتيح الانتخابات الرئاسية، كما هو ثابت للجميع، في مأزق، يجد صعوبة في الخروج منه، بلا خسائر يعتبرها مميتة، فالعماد ميشال عون حليفه الاستراتيجي مرشحه رسمياً لموقع الرئاسة الأولى، وتحمّل بسبب هذا الترشيح مسؤولية بقاء الشغور في هذا الموقع المسيحي الأول، وما استتبع ذلك من تعطيل للحكومة ولمجلس النواب، ومن أزمات إقتصادية ومالية وإجتماعية قاتلة، فكيف يمكنه التخلّي عن هذا الحليف، لمصلحة النائب فرنجية ولو كان ينتمي إلى نفس الفريق، وماذا سيكون مردود هذا التخلّي على علاقاته مع المسيحيين الذين يعترف بأنهم يشكّلون غطاءً واسعاً له ولمشروعه؟

وهذا المأزق الذي يعيشه حزب الله بعد ترشيح فرنجية ينعكس على حلفائه في الثامن من آذار بمن فيهم الرئيس نبيه برّي الذي يُقال أنه كان والنائب وليد جنبلاط أول العارفين بالتناغمات الدولية والإقليمية حول طرح إسم فرنجية لرئاسة الجمهورية كمرشح تسوية بين فريقي 14 و8 آذار وأول المباركين لهذا الطرح والعاملين على تسويقه وإنجاحه، لأن رئيس حركة «أمل» بالرغم من أنه يتمتّع بهامش واسع من الحركة على الساحة الداخلية، إلا أنه في نهاية الأمر، لا يخرج عن قرار حزب الله لا في الانتخابات الرئاسية ولا في أي من المواقف الكبرى الداخلية، ولا أعتقد بأن الرئيس برّي نفسه يقول عكس ذلك.

كما هو حال الثامن من آذار كذلك حال الرابع عشر منه، أي أن قياداته تعيش المأزق ذاته، وإن لم تُفصح عنه بعد بانتظار عودة الحريري إلى بيروت والوقوف منه على كل التفاصيل التي جعلته يتخذ هذا القرار منفرداً، وقبل الرجوع إليها.

فالقوات كما حزب الكتائب، كذلك النواب المسيحيون المستقلون مع التسوية التي تحافظ على الثوابت الوطنية التي قدّمت قوى الرابع عشر من آذار تضحيات كبيرة من أجلها، لكنها ليست مع أي تسوية تُطيح بهذه الثوابت، لكنها مع ذلك حريصة على وحدة قوى 14 آذار وضنينة بالتالي في التفريط بها، وهذا هو سبب حرجها وتريّثها حتى الآن في اتخاذ القرار.

هذا المشهد السوريالي كما يُطلق عليه البعض والعبثي في رأي البعض الآخر يُضاف إليه ملامح تغيير بدأت تظهر في المشهد الدولي والإقليمي حول مستقبل المنطقة، جعلت الإندفاعة القوية للنائب فرنجية في اتجاه بعبدا في الأسابيع الثلاثة الماضية تتراجع وعاد الكلام يكبر عن المجهول.