Site icon IMLebanon

الكل يخرق الهدنة والمشكلة أبعد وأخطر

وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو يطلب علنا من ايران، وضمنا من روسيا، الضغط على دمشق وحزب الله لالتزام وقف النار. وهو يعرف ان وقف النار الشامل الذي أعلنه الرئيس فلاديمير بوتين بالاتفاق مع الرئيس رجب طيب أردوغان بناء على ثلاث وثائق موقّعة من دمشق وفصائل معارضة مسلحة ليس شاملا في الأصل. فالقاعدة ليست وقف النار والاستثناء هو الخرق بمقدار كون اطلاق النار هو القاعدة والهدنة هي الاستثناء. والروس والأتراك الضامنون للاتفاق مشاركون مباشرة في معارك.

واذا كان القتال في وادي بردى، حيث عين الفيجة المصدر الحيوي للمياه الى دمشق، هو ما تتركّز عليه الأضواء، فان المعارك مع داعش وجبهة النصرة والتنظيمات الارهابية المرتبطة بهما مستثناة من الهدنة ومفتوحة في مواقع متعددة. فضلا عن ان الأطراف على الأرض أشكال ألوان مرتبطة بعواصم عدة وليست جميعا في موقع من تمون عليه موسكو وأنقرة. وفضلا أيضا عن ان أقل نقاط الضعف في الاتفاق، قبل الحديث عن القرارات الكبيرة في اللعبة الجيوسياسية، هي غياب آلية المراقبة والضبط لوقف النار وصعوبة معاقبة من يخرقه.

ذلك ان تركيا مستمرة في خوض عملية درع الفرات فوق مساحة واسعة من شمال سوريا، حيث يحدّد أردوغان الأهداف بالسيطرة على الباب ومنبج. وروسيا مستمرة في دعم النظام وقصف داعش والنصرة وتنظيمات أخرى. الكرد مستمرون بدعم أميركي في عملية غضب الفرات حيث الهدف المحدّد هو الرقة عاصمة الخلافة الداعشية، ثم ترتيب حكم ذاتي في نظام اتحادي. والنظام وحلفاؤه من القوات الايرانية والتنظيمات المرتبطة بطهران يتصرفون على أساس ان النصر في معركة حلب ليس نهاية الخيار العسكري. وكل ما لدى داعش والنصرة من ايديولوجيا وممارسات هو القتل والقتال الى يوم القيامة.

ومن الطبيعي أن يحذّر أركان الاتفاق من اتساع الخروق بما يهدّد وقف النار ومحادثات استانة. لكن الواقع ان الوضع السوري الذي تتداخل فيه الأوضاع الاقليمية والدولية ليس ناضجا بعد لأي اختراق جذري. لا لإنهاء الحرب التي تقترب من إكمال عامها السادس، وسط أقسى أنواع الكوارث الانسانية والعمرانية والاجتماعية والوطنية. ولا لترتيب تسوية سياسية تعالج جذور الأزمة الوطنية والسياسية التي قادت الى حرب، وتراعي حسابات القوى الاقليمية والدولية التي مارست الانخراط في الحرب بشكل أو آخر.

وحين يقول علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي ان خروج حزب الله من سوريا ليس مطروحا إلاّ من جانب الأعداء، فانه يعرف ان ساعة خروج أية قوة لم تدقّ بعد. حتى وظيفة داعش والنصرة في خدمة قوى متعددة لم تنته بعد.