Site icon IMLebanon

“كلن يعني كلن” عنوان المواجهة الجديدة قوة ثالثة مدنية للحقوق وإسقاط التعطيل؟

تود الدول المعنية التي تتابع الوضع اللبناني عن كثب ان تتولى السلطة السياسية استيعاب المطالب الشعبية التي تحركت في الشارع مع الآلاف. فالاتهامات هي اتهامات بالفساد ضد المسؤولين وان كان بعضهم حاول ان يعفي نفسه منها ملقياً التبعة على الآخرين فيما الجميع يتربعون اما على طاولة مجلس الوزراء واما على رئاسة الطوائف التي تشكو من الغبن والاهمال. غالبية هذه الدول لا تود اطاحة الوضع الراهن بل ان يشكل الشعب اللبناني قوة مدنية سلمية او قوة ثالثة تفرض على المسؤولين اخذ مصالح الناس في الاعتبار وايلائها أهمية اكثر من الأهمية التي يولونها لمصالحهم انطلاقاً من ان لدى الشعب اللبناني وشبابه خصوصاً دينامية تحتم عليهم مواجهة الطبقة السياسية لاستحصال حقوقهم بدلاً من الهجرة وترك المسؤولين لإقطاعاتهم ومصالحهم الخاصة. يستعين البعض بما ينسب الى السفير الاميركي ديفيد هيل في قوله لرئيس الحكومة تمام سلام من ان بلاده مع الحكومة وتدعمها لكنها ايضاً مع حق المتظاهرين في التعبير عن رأيهم وعدم قمعهم لعل بعض الدول يدفع في اتجاه ان تستوعب السلطة مطالب الناس لئلا يشكل اهتراء الوضع واحتمال انهياره وضع لبنان على جدول اولوياتها في الوقت الذي لا وقت لدى الدول الاقليمية من اجل ذلك، فيما يخشى بعض الأفرقاء من ان يؤدي اهتراء الوضع او انفراطه بين الافرقاء السياسيين الى فرض حلول على عجل قد تأتي على حساب البعض لمصلحة آخرين. فعلى رغم الاقرار بالمطالب الشعبية المحقة من جانب كل الأطراف السياسيين اقله علناً، فان معظمهم يتوجس اما ممن يعتبر انه يقف وراء تحرك المجتمع المدني او من ركوب خصومه هذا التحرك من أجل حشره والقفز على اللحظة المناسبة من اجل تسجيل مكسب لمصلحته. ومع ان منظمي التحرك المطلبي حاولوا ان يسيروا بين نقاط شعارات هذا الفريق او ذاك من القوى السياسية من دون الافساح لهذه القوى ان تضعهم في حسابها او ان تتهمهم بانهم في خانة الآخرين من خلال استهداف وزير البيئة في الدرجة الاولى والمطالبة بمحاسبة وزير الداخلية، فان الاصرار على مطلب انتخاب رئيس جديد للجمهورية يمكن ان يفتح الآلية للخطوات التي يطالب بها اللبنانيون من حكومة جديدة وقانون انتخابي تصار على أساسه انتخابات نيابية جديدة قد يشكل ضغطاً حقيقياً ليس على افرقاء الداخل فحسب بل على الخارج ايضاً اذا لم تستطع الحكومة استيعاب المطالب والبدء بمعالجتها.

كان رفع صور المسؤولين واتهامهم بالفساد والمطالبة برحيلهم جميعاً من دون تمييز محرجاً. الا ان ردود الفعل اختلفت. لم يود الجنرال ميشال عون ان تكون صورته من ضمن الصور التي يطالب اللبنانيون برحيلهم بعدما تم الاكتفاء من وجودهم في السلطة. يسعى الى تمييز نفسه فيما يلقي تبعة الفساد على الآخرين. فيما هو يستمر في طرح نفسه المرشح الوحيد لرئاسة الجمهورية. “كلن يعني كلن” التي رفعها المتظاهرون رداً على هذا التمييز وغيره من شأنها ان تحرمه من الوصول الى الرئاسة باعتباره انه من الرموز التي تعب اللبنانيون منها. سيكون صعباً ان يتم ترئيس شخص بات يطالب الناس برحيله عنهم شأنه شأن الجميع علما ان التناقض فاضح بين تسليم الشباب اياً يكن رئاسة التيار وعدم الافساح في المجال امام الشباب لرئاسة البلاد. فيما بعض من يحارب الجنرال وصولهم لم ترد اسماؤهم لا من قريب ولا من بعيد في الوقت الذي من شأن انزلاق الوضع الذي نشأ تبعا للتظاهرات ان يفرض واقعا قد يذهب ضد ما يشتهيه الزعيم العوني خصوصا اذا اضطر الجيش لان يردع هذا الانزلاق. يخشى الجنرال سيناريو ضمنيا قد يؤدي الى هذه النتيجة فيما يخشى خصومه من سيناريو آخر يفتعل من حلفائه من اجل محاولة ايصاله هو الى رئاسة الجمهورية بعدما اصطدمت جميع المحاولات بالفشل. يقول النائب محمد رعد ان “استهداف عون هو استهداف لـ”حزب الله” وحركة “امل””. رفع التحدي الى مستوى محاولة انتزاع الرئيس نبيه بري من تلاقيه مع رئيس الحكومة تمام سلام واعادته الى قوى 8 آذار.

ولم يود “حزب الله” ان تكون صورة أمينه العام بين صور المسؤولين السياسيين الذين يحمّلهم اللبنانيون المسؤولية عن تدهور اوضاعهم. احرج الحزب فرضي على مضض بصورة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد. لا يقبل الحزب شأنه شأن عون اي مسؤولية وحين كانت اعتراضات من الحزب على قرارات تتخذها “الاكثرية” في الحكومة فانما لأسباب سياسية معروفة وليس لقرارات تتصل بشؤون الناس فيما الجميع موجود على طاولة مجلس الوزراء.

عبّر أفرقاء آخرون عن تقديرهم للحركة الشعبية ما يفترض ان يعمدوا الى استيعاب هذا التحرك من اجل التعامل معه بناء على خريطة طريق او برنامج عمل يعيد الاعتبار لكلمة الناس ومصالحهم في ظل غياب الانتخابات النيابية التي تفرض عليهم استرضاء الناس من اجل انتخابهم. كذلك هي فرصة قد لا تتكرر بالزخم نفسه للشباب من اجل ان يثبتوا قدرتهم واراداتهم على الحصول على تغيير ما. فليطوروا بدورهم برنامج عمل سلميا ضاغطا لتحصيل ما يمكن تحصيله.