IMLebanon

كل اللاعبين هناك:  ماذا بقي من سوريا؟

حرب سوريا لا تزال عصيّة على الحلّ العسكري كما على الحلّ السياسي. وليس في وقائع المتاريس والكواليس ما يوحي ان هذه المعادلة مرشحة للتبدّل. والأخطر هو الحكم على الحرب التي صارت في منتصف عامها السادس بأنها لا تزال في نصف عمرها المفترض قياساً على أعمار الحروب التاريخية المشابهة لها، حسب الخبراء الذين استند الى دراساتهم ماكس فيشر في تحقيق نشرته النيويورك تايمس.

ذلك أن نحو عام من الدخول العسكري الروسي المباشر في الحرب لم يؤد الى حسم عسكري ولا حقق تسوية سياسية، وان أحدث تبدلاً في موازين القوى داخل سوريا وفي قواعد اللعبة على الصعيدين الاقليمي والدولي. وأعوام من انخراط ايران المباشر وعبر التنظيمات المرتبطة بها في القتال الى جانب النظام منعت المعارضة المسلحة وداعميها من اسقاط النظام، لكنها أبقت اللعبة مفتوحة وساهمت في جذب السلفية الجهادية وبقية القوى التكفيرية الى سوريا. واندفاع تركيا ودول خليجية في تمويل التنظيمات المعارضة وتسليحها فشل، لا فقط في اسقاط النظام بل أيضاً في مواجهة داعش والقاعدة. والتركيز الأميركي على داعش بقي في إطار القصف الجوي. ولولا الدعم الواضح للقوات الكردية لما جرى طرد داعش من أية مدينة أو بلدة.

ولا شيء يوحي ان هناك فرصة لانقلاب دراماتيكي في التحالفات والحسابات، بعد الدخول العسكري التركي المباشر ضد داعش في جرابلس وضد القوات الكردية في غرب الفرات. فلم يكن من السهل على أنقرة التدخل براً وجواً لولا التفاهم مع موسكو وطهران وتفهم دمشق ودعم واشنطن. ومن الصعب على أميركا أن تدير الدعم لحليفين لها على عداء لبعضهما البعض هما تركيا والكرد. والأصعب هو أن يتخلى الرئيس رجب طيب أردوغان عن أجندته ويكمل الاستدارة المطلوبة منه.

وليس الاجتماع الأخير بين وزيري الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف بعد الاجتماعات السابقة وبعضها على مستوى الرئيسين باراك أوباما وفلاديمير بوتين سوى حركة على طريق مسدود. فالراعيان الدوليان العاجزان عن تطبيق وقف الأعمال العدائية ليسا قادرين على صنع تسوية سياسية. والخطوة الأخيرة التي تحدث لافروف عن ضرورة قطعها للنجاح في ضرب داعش معاً كما في فتح الطريق الى التسوية هي الخطوة الأصعب في المسار. ومن هنا الفشل في قطعها من دون أن تقطع واشنطن وموسكو الكلام على استمرار الجهود للتوصل الى تفاهم.

والسؤال المخيف والمؤلم هو: ماذا بقي من سوريا في سوريا؟