لم يفاجئنا الكلام الذي نُقلَ بالأمس عن حسن نصرالله أمين عام حزب الله، وحجم «الحقد» الذي أبداه تجاه المملكة العربيّة السعوديّة، وهو حقدٌ متصاعد تكدّس في صدر الرّجل، من خذلته وعوده «اليمنيّة» بالانتصار، وخذلته مقولته بالعودة المستحيلة للرئيس اليمني إلى عدن، وخذله الحوثيّون عندما تحدّث عن «الصبر الاستراتيجي» الذي يمنع هؤلاء حتى الآن من جعلنا نرى الصواريخ بعيدة المدى تتساقط على السعوديّة، «هُزمت فارس» في اليمن، كأنّ إيران استعادت واقعة إرسال كسرى إلى باذان عامله على اليمن ليسوق إليه محمّد رسول الله «عبده الذي تجرّأ على وضع اسمه قبل اسم كسرى» فاستمهله رسول الله ثم أرسل في طلبه وقال له: «إنّ ربي قتل ربّك الليلة» فترقب باذان حتى أتاه خبر قتل ابن كسرى لأبيه، هذا هو الحجم الحقيقي لهزيمة إيران في اليمن، وهذا الغيظ الذي سمعنا «شنشتَهُ» في صدى كلام نصرالله ما هو إلا المرجل الذي يغلي غيظاً وحسرة في صدرِ «وليّ أمرهِ الفقيه» علي الخامنئي، المرشد الاعلى للجمهورية الإيرانيّة التي أخذت على عاتقها بثّ السموم وزعزعة أمن بلاد المنطقة!!
كلام حسن نصرالله بوصفه «الوكيل الشرعي» للخامنئي ليس أكثر من رجْعِ الصدى، هذا كلامٌ يُعيد تكراره من بعد «وليّ أمره»، ولا نستبعد أبداً تورّط إيران في حادث تدافع الحجيج في منى لتحقيق حلمها برؤية «دماء على أستار الكعبة»، فأحداث احتلال اليمن من قبل الحوثيين كان آخر خطوة في المشوار الإيراني الذي بدأه حزب الله من لبنان، كانت إيران على بعد خطوة واحدة من احتلال الحرميْن مكّة الكرّمة والمدينة، ولكن هيهات لمُلْكِ كسرى أن يلتئم بعدما دعا عليه نبيّ الإسلام والمسلمين بأن يتمزّق، مزّقه الله شرّ ممزّق.
يستطيع حسن نصرالله أمين عام حزب الله أن يتهم «آل سعود» بالعمالة في خدمة المصالح الأميركية، وهو في نفس اللحظة يتجاهل الاتفاقية النووية بين «وليّ أمره» الإيراني مع أميركا «الشيطان الأكبر» ويعتبرها أيضاً «نصر لإيران»، ويستطيع حسن نصرالله أن يتحدّث عن الفكر الوهابي «التكفيري» ولكن لا يحقّ له أن يتجاهل الفكر الشيعي الإثنيْ عشري التكفيري بما يفوق التكفير الوهابي، فهؤلاء يكفّرون مسلمين وفرقاً من الأمة، ولكنّ فكر حسن نصرالله يكفّر أصحاب رسول الله ويتّهم أمهات المؤمنين زوجات النبي ويعتبرون كلّ من ليس إثنا عشرياً «كافر»!!
بات الكلام الذي ينقل عن حسن نصرالله «لا يُطاق» لكثرة ما فيه من افتراء على لبنان واللبنانيين وعلى السعودية وعلى اليمن، وعلى سوريا التي سيقف أمام ربّ العباد حيث لا يُقال له «سيد» ودماء الآلاف من الشعب السوري تطوق عنقه، فبماذا يعتذر لربّ العالمين؟! «ابن تيمية» و»الوهابيّة» عقدة «الشيعة»، ولسنا هنا في موقف الدفاع عن «الوهابيّة» فبيني وبينها «تكفيرها للصوفيّة»، ولست في موقع الدفاع عن «ابن تيمية» فبيني وبينه مئات المواقف أكبرها تكفيره للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي وتكفيره للصوفيّة، ولكن ما بين الشيعة وابن تيميّة من مناظرات «هزمهم» فيها ما أوقد غضبهم عليه حتى نهاية الزمان، ولكن؛ هل حقّاً يريد «السيّد حسن» محاربة الفكر التكفيري بادّعائه تارة «الذبّ عن حرم رسول الله»، أو «الدفاع عن محور الممانعة» أو عن «سوريا المقاومة» أو عن بشار الأسد الذي اكتشف كثير من مشايخ الشيعة أنّه من «أهل البيت» وحاشا لآل البيت أن يكون القتلة الأنجاس منهم!!
«يا سيّد حسن»؛ هذه لن تكون المرّة الأولى ولا الأخيرة التي تتخذون فيها من التشيّع والادّعاء بأنكم تردّون الحقوق لآل البيت، وحتى أُقْصِر عليك الطريق تردّونها إلى علي الخامنئي باعتباره «نائب المهدي» و»وكيله الشرعي» وأنت وكيل الوكيل وتقاتل في طول المنطقة وعرضها لتحقيق هذا الغرض، لذا بات من الضروري التذكير بالواقع الحقيقي لكربلاء التي تدّعون أنّ حربكم في سوريا «كربلاء مستمرّة»، ولكن «يا سيّد حسن» للمفارقة لست أنت «الحسين» ولا حرمك وأولادك في أرض المعركة، في هذه المعركة عليك أن تتوقف عند «المختار الثقفي» الذي هاج وماج وجمع «آل الكوفة» الذين قتلوا الحسين ـ عليه السلام ـ لينتقموا من الذين قتلوا وخذلوا الحسين، وسبحان الله فقد فضحه رسول الله من قبل أن يظهر ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (سيكون في ثقيف ?كذاب ومبير) وكان المختار بن أبي عبيد الثقفي وكان يظهر موالاة أهل البيت ?والانتصار لهم وقتل عبيد الله بن زياد أمير العراق الذي جهز السريّة التي قتلت الحسين بن علي ـ رضي ?الله عنهما ـ ثم إنه أظهر الكذب وادعى النبوة، وأن جبريل عليه السلام ينزل عليه حتى قالوا لابن عمر ?وابن عباس. قالوا لأحدهما: إن المختار بن أبي عبيد يزعم أنه ينزل عليه فقال صدق، قال الله تعالى:?? {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين* تنزّل على كل أفاك أثيم} [الشعراء: 221 ـ 222] وقالوا للآخر: إن المختار ?يزعم أنه يوحى إليه فقال صدق: {وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم} [الأنعام 121]…
أما اقتراب محرّم وذكرى عاشوراء، فلنا فيها الكثير مما فعلته شيعة الحسين، عليه السلام، بالحسين وحرمه وأطفاله وأصحابه ومواليه في أرض «كرب وبلاء».