تعددت المواقف والتصريحات التي تتهم حزب اللّه مباشرة وصراحة، إنه تابع للخط الإيراني سياسياً ومذهبياً، فيما لم يتوقف قادة الحزب وسياسيوه عن القول إن لبنان سيبقى حراً وسيداً ولن يكون تابعاً لأحد. وهذه التعابير وردت أخيراً على لسان نائب الأمين العام لحزب اللّه الشيخ نعيم قاسم، وهو لم يجد نفسه محرجاً مع حزبه عندما وصف «قرار السعودية وقف هبة المليارات الأربعة للجيش وقوى الأمن الداخلي»، بأنه حادثة مفاجئة «وهي فرصة ارادوها من أجل أن يهجموا على لبنان»، بعدما كانوا يتغنون بأن لبنان قوي في ضعفه وهذا ما أزعج الكثير من اولئك المستبدين الساعين وراء مصالحهم.
كما زاد الشيخ قاسم «إننا كمواطنين لبنانيين نريد لبنان لكل اللبنانيين أحراراً ومرفوعي الرؤوس لا إتباعاً لدولة من الدول». وهذا الموقف نعبر عنه بحرية وكرامة، من غير أن يسأل نفسه ماذا يفعل الحزب في سوريا والعراق واليمن، كي لا يبقى الإتهام موجهاً الى من يقود الحزب باتجاه الخارج، وبالإتجاه الذي لا يرضي غيره من اللبنانيين أقله كي لا يتهم بأنه يسير بوحي من القيادة الإيرانية الغارقة في حروب العراق وسوريا واليمن لمجرد أن القيادة الإيرانية طلبت منهم ذلك (…).
وأسوأ من كل ما تقدم فان الشيخ قاسم قال ما قاله، في إحتفال تأبيني لأحد ضحايا حروب الحزب، فيما ما يتطرق الى الغاية من أقحام الحزب وشعبه في ما لا يد للبنان فيه، وزاد على ذلك أن طلب الإعتذار من السعودية «لأن الحزب لم يتصرق خلاف المنطق وخلاف حرية الرأي». مع العلم أن لا سابقة في مجال إقحام أي حزب أو طرف لبناني في حروب إقليمية دولية للقول على لسان هذا المسؤول أو ذاك، «إن تصرف الغير تجاهنا هو الخطأ وإن الحزب لم يخرج عن حرية التصرف والرأي»!
واللافت في هذا الصدد أن أي مسؤول في حزب الله لم يتطرق الى مساعدات السعودية وغيرها من الدول العربية الشقيقة الى لبنان، وما هو حجم العمالة اللبنانية في دول مجلس التعاون الخليجي، وفي مقدمها المملكة العربية السعودية، تجنباً لمحاذير الحاق الأذى بهم وبعائلاتهم، وكي لا يقال مثلاً أن الذين اعتدوا على السعودية بمطلق طريقة مرفوضة ليس بوسعهم القول أنها من بدأ بالإتهام وليس العكس (…)
أما القول الآخر «إن لبنان لن يكون تابعاً لأحد وحراً مرفوع الرأس»، فهو يحتاج الى من يؤكده، خصوصاً عندما يشارك بعض مواطنيه في حروب لا علاقة لبلدهم وشعبهم فيها، الى قول الشيخ نعيم قاسم»إننا في لبنان لم نعتد على أحد ولم نتصرف خلاف المنطق وخلاف حرية الرأي». وأي منطق هذا الذي يدفع حزب الله الى خوض حروب لا علاقة لها بوضع لبنان وشعب لبنان.
وثمة سؤال: كيف يمكن لحزب اللّه أن يتصرف في حال تدخلت أية جهة لبنانية في حروب المنطقة، وهل يعتبر ذلك تصرفاً منطقياً ومعقولاً، خصوصاً عندما يجر الويلات على لبنان وشعبه؟!
الواضح إزاء ما نحن فيه من سلبيات سياسية، إن حزب اللّه يتصرف على أساس أنه قادر على التصدي للدولة في حال رفضت تصرفه في الداخل وفي الخارج، لاسيما إن السلاح غير الشرعي الذي يتكل عليه في خروجه على الأصول القانونية والدستورية التي يتذرع بها »القول انه حر في تصرفه وليس من يملي عليه ما يفعله«، مع العلم أنه لم يتصرف يوماً بطريقة لا لبس فيها، كي لا يتهم بأنه خارج على الأصول؟!
من حيث المبدأ لا يعقل الإتكال فقط على ما قاله نائب الأمين العام لحزب اللّه، لأن من يعبر عنه هم الأمين العام السيد حسن نصراللّه ووزراء ونواب الحزب أضف اليهم قادة رأي من المتعاطفين مع الحزب، وهؤلاء في معظمهم لا يصح بأن يتهموا بأنهم عملاء للحزب، بقدر ما هم على علاقة وصلة بالجمهورية الإسلامية في إيران التي تخوض حرباً مكشوفة ضد المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي، ما يدفع هذه المنظومة السياسية وغير السياسية الى الزعم بأن مواقفهم نابعة من حرية الرأي، فيما لا تقاس الحرية بكل ما من شأنه الخروج على الأصول والأعراف والقوانين؟!