لا يمكن الحديث عن وحدة متكاملة الرأي والمنهج تشمل المكونات المسيحية كافة في لبنان حيث تبقى خارج الثنائي المسيحي القواتي – العوني قوى وازنة لا يمكن الركون الى كونها ضعيفة او ليس باستطاعتها المواجهة بل العكس يمكن ان يحصل ومن خلال الاستحقاق النيابي القادم وتداعيات نتائجه ذلك ان القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر الذي يقر الجميع بقوتهما على الصعيدين الشعبي والسياسي وامتدادهما على مساحة الوطن يعطيهما الارجحية انما ليس الفوز الكامل مقابل لا شيء للاحزاب والتيارات المتبقية وهذا امر مستبعد حسب اوساط مسيحية مطلعة ذلك ان جملة من الوقائع والمستجدات التي تسردها لا تلحظ هذا «التسونامي» الذي يشاع اقله اعلامياً انما عندما تحصل الامور التنفيذية على الارض والتحالفات من تحت يسطع مشهد آخر وهو امكانية التكافؤ من خلال النتائج او في ادنى حالات المقاربة ان هناك معركة حقيقية سوف تقوم على امتداد الاقضية المسيحية من الشمال الى الجنوب مروراً بجبل لبنان حيث التواجد المسيحي الكثيف.
وتقرأ هذه الاوساط في خريطة توزيع القوى لكلا الطرفين وفق الوقائع الآتية:
– اولاً: لا شك في ان تيار المردة الذي قرأ جيداً فحوى رسالة الوزير جبران باسيل خلال عشاء هيئة التيار الوطني في زغرتا على انه فتح لمعركة سياسية واشارة واضحة الى مفصل هام في تطور العلاقة بين الطرفين المردة والعونيين بعد ان كانوا معاً لسنوات مضت، وتضيف الاوساط خصوصاً ان ميشال رينيه معوض قطع قالب الحلوى يداً بيد مع الوزير جبران باسيل خلال الاحتفال، ولهذه الصورة دلالات على التمهيد لقيام تحالف بين حركة الاستقلال والتيار الوطني الحر يضاف اليهما نواب سابقون كجواد بولس وقيصر معوض وفعاليات زغرتاوية وقيادات قواتية وهو حدث بحد ذاته يتكون اجماع حوله من مجمل هذه القوى وفي مدينة زغرتا بالذات معقل رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية.
وبغض النظر عما يفصل بين سياسة التيار الوطني الحر وحركة الاستقلال على الصعيد التعامل مع القضايا الوطنية، الا ان الفريقين اعتمدا قاعدة حليف حليفي هو حليفي ايضاً في اشارة الى المدى القريب الذي يربط معوض مع القوات اللبنانية، وتقرأ هذه الاوساط في مفردات كلمة باسيل، الكثير من المعاني حيث تحدث عن الصراع السياسي الداخلي الذي هو ليس ضد الاقطاع لان الاقطاع ليس عائلة انما هو نهج وفكر وممارسة ونحن ضدها، واضعاً المسألة برمتها تحت اطار العمل الديموقراطي.
وتقول الاوساط ان عبارة الاقطاع التي اثارت اللغط حولها على اعتبار ان البعض يأخذ على معوض نفسه الاتجاه ذاته من حيث التوريث السياسي. وهنا يمكن قراءة تمايز بين الاقطاع والعائلات السياسية مع امكانية ازدواجية المعايير على فرضية عدم الفصل بينهما.
– ثانياً: القوات اللبنانية في زغرتا والقضاء موجودة ومسألة الخصام السياسي مع المردة قائمة دون حاجة لتوضيح منذ عشرات السنين، ومن الطبيعي ان يكون موقفها مؤيداً للتيار الوطني الحر مع العلم ان الزمان الأول قد تحول في الصراع الذي كان قائماً بين التيار والقوات ومن الطبيعي ان تترجم المصالحة السياسية التي جرت بين الطرفين وهي خطوة متوقعة او تحصيل حاصل.
ثالثا: المستقلون في معظم الدوائر المسيحية والتي يمكن ان تدور الدائرة فوق رؤوسهم ويدفعون ثمن التحالفات الكبيرة خصوصاً بين القوات والتيار من جهة وامكانية التحالف بين فرنجية وحزب الكتائب والاخير لم يعلن اي تحالف بفعل التلطي وراء كيفية صدور قانون الانتخابات وهذا امر ايجابي للحزب بفعل عدم حسم مشهدية المعركة قبل معرفة آلية الانتخاب المزمع تطبيقها.
ولكن هذه الاوساط المسيحية لا يغرب عن بالها ان فرنجية هو ركن من أركان الثامن من آذار وعملية دعمه قائمة في كل حين ان لم يكن بالاقتراع المباشر لعدم توفر الوقائع العملانية فسوف يترجم دعماً سياسياً واتصالات مع أطراف عديدة من اجل عدم الاستفراد، اما من ناحية ثانية، فان هذا التحالف الجديد بين القوات والتيار وحركة الاستقلال سوف يخلق دون ادنى شك ردة فعل زغرتاوية واضحة وشداً للعصب في المدينة والقضاء على خلفية عدم السماح بالحشر وتعاضد العائلات الزغرتاوية كافة الى جانب سليمان فرنجية، ومن هنا تقرأ هذه الاوساط في اهداف هذا الاحتفال في زغرتا انه سيف ذو حدين الاول يوحي بتكتل واسع ضدّ تيار المردة ومن جهة ثانية عدم الركون الى قوة المردة في زغرتا ايجاباً لمصلحة فرنجية.
الوزير يوسف سعاده رد سريعاً على باسيل دون ان يسميه عبر «التويتر» قائلاً: «كالطاووس يعطي دروساً للبنانيين لدرجة انه سمع أخيراً بالعنفوان».