IMLebanon

التحالف المستحيل..؟

ضج الحنين في صدور الاكثرية الساحقة من المسيحيين، الى الماضي القريب، بعد النجاح الجزئي، ولكنه المهمّ، الذي حققه التعاون بين اكبر الاحزاب ذات الغالبية الشعبية المسيحية، القوات اللبنانية والتيار الوطني الحرّ، وحزب الكتائب، في نضالها من اجل استعادة المغتربين اللبنانيين الجنسية المحرّمة عليهم منذ عقود طويلة، وتصحيح الخلل الميثاقي الدستوري في قوانين الانتخابات النيابية على مدى 23 سنة، وعادوا بالذاكرة الى الايام التي كانت كلمتهم مسموعة وحقوقهم محفوظة، وتآكلت شيئاً فشيئاً، بسبب عدم تطبيق اتفاق الطائف تطبيقاً سليماً وحقيقياً وعن سابق تصوّر وتصميم، من نظام الوصاية السوري، ومن بعض الشركاء في الوطن، وطمع العديد من هذه الاكثرية المسيحية، او ربما حلموا او راهنوا، على تحوّل التفاهم بين الاحزاب الثلاثة هذه الى تحالف اوسع وأشمل، من شأنه تحصين الحالة المسيحية، واسترداد ما خسروه، وهو حقّ لهم بموجب الطائف، والمحافظة عليه تأميناً لصمود صيغة العيش المشترك في وجه من يعمل او يفكر بافشالها كصيغة توحيدية، في اجواء انهيار الحدود في العديد من الدول العربية القريبة والبعيدة.

الفرج بعد حزن، والشعور بالقوة بعد احباط، يأخذان الناس احياناً الى احلام وردية، وحسابات غير واقعية، كحسابات الذين نسوا في غمرة الارتياح الى ما تحقق، ان الاحادية السياسية، او حتى الثنائية السياسية غير موجودة في قاموس المسيحيين ولا في تاريخهم البعيد والقريب، والتنوّع عندهم ثابتة من ثوابت حياتهم السياسية، والتاريخ يشهد بانهم خسروا عدداً من المعارك العسكرية والسياسية التي خاضوها، بسبب تفرقّهم وعدم وحدتهم، كما هو الحال في مذاهب وطوائف اخرى، ومع ذلك لم يتخلّوا يوماً عن تنوّعهم، من منطلق انهم جماعة يتمسكّون بالحرية، والديموقراطية والتنوّع.

* * *

انطلاقاً من هذا الواقع التاريخي المستمر حتى اليوم، يمكن تسجيل مراحل تم فيها التعاون والتفاهم بين الاحزاب المسيحية على مواضيع محددة، ومناسبات معينة ولا تتجاوزهما الى نوع من التحالف الكامل الشامل، كمثل تفاهم حزب الكتائب والوطنيين الاحرار والكتلة الوطنية على انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، وعودة كل حزب الى قواعده بعد الانتخاب، على الرغم من ان مبادىء الاحزاب الثلاثة هي تقريباً ذاتها، بما يعني ان تفاهم حزب القوات اللبنانية المتحالف استراتيجياً مع تيار المستقبل، لا يمكن ان يتحول الى تحالف مع حزب التيار الوطني الحر، المتحالف استراتيجياً مع حزب الله وحلفائه، وقد يقوى التفاهم ما بين الحزبين الى درجة متقدمة جداً، في حال تخلّى كل حزب عن حليفه، ولكنه لن يصل يوماً الى التحالف بمعناه الاندماجي، او حتى المتقدم، واذا كان التحالف في الحالة الاولى مستحيلاً، فهو في الحالة الثانية بالغ الصعوبة، وانا في هذا المجال اعتبر ان استبعاد النائب سليمان فرنجية قيام ثنائية حزبية بين القوات والتيار، يقع في مكانه الصحيح لألف سبب وسبب.

النظام الشمولي، هو مثال سيء عن تحالف حزبين او اكثر لالغاء الآخرين والغاء والديموقراطية وحرية التنوّع.