خرق اللقاء الذي انعقد بين الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع، الاول منذ ترشيح الحريري للنائب فرنجية وترشيح جعجع للعماد عون، جمود الحركة السياسية، مستبقا نهاية عطلة الاعياد، في توقيت لافت عشية انعقاد جلسة اللجان المشتركة لمناقشة قانون الانتخابات، وللتأكيد على التحالف البلدي، مع التمايز الرئاسي، والأهم إقرار الطرفين بضرورة استمرار الحوار بينهما حول الرئاسة وخيار كل من الطرفين فيها، سعيا إلى تفهم أو تفاهم، أو إقناع واقتناع.
مصادر مشاركة اشارت الى ان لقاء بيت الوسط رسم حدود التنسيق بين قيادتي «المستقبل» و«القوات» وكيفية اعادة تفعيل التحالف بين الطرفين، بعد سلسلة النكسات التي اصابته، سواء في البلديات، حيث تتيح الظروف والمعطيات المحلية تشكيل لوائح مشتركة، أو بالنسبة إلى مشروع الانتخاب المختلط الذي وقع عليه أيضا الحزب التقدمي الاشتراكي، حيث شكل موضوعي الانتخابات البلدية وقانون الانتخاب محور اللقاء، رغم تكتم طرفي اللقاء حول المضمون الذي امتد لخمس ساعات كاملة وتخللها عشاء.
اللقاء الذي اجمع الطرفين على وصفه بالممتاز والمريح لتنفيس الاحتقان بين الفريقين،بعد الحملات التي استعرت على محور الرابية – بيت الوسط طوال الفترة الماضية، جاء نتيجة اتصالات بين مستشار الحريري غطاس خوري ورئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» ملحم رياشي، حيث جرى خلال زيارة الاول الاخيرة الى معراب تحديد موعد اللقاء، وجدول اعماله، الذي خرج عنه المجتمعون اكثر من مرة.
مستمران على اختلافهما في شأن الاستحقاق الرئاسي ولكن على نحو أقلّ تشنجاً وحدّة، تؤكد المصادر التي اشارت الى انهما تطرقا الى الموضوع الرئاسي بشكل عام دون الغوص بالتفاصيل، حيث لفتت المصادر الى عرض «الحكيم» للأسباب التي دفعته إلى دعم ترشيح رئيس تكتل الاصلاح والتغيير العماد ميشال عون للرئاسة من معراب، فيما شرح «الحريري» أسباب تمسكه بتأييد ترشيح النائب سليمان فرنجية، مضيفة ان الحريري اعاد التأكيد امام ضيفه على ان حظوظ «الجنرال» لم تتغير، مشيرة الى ان الطرفين اكتفيا بعرض الوقائع دون ان يقنع احدهما بمرشح الآخر، تاركين الباب مفتوحا امام مزيد من المشاورات وفقا لما تمليه التطورات، نافية ان يكون المجتمعين قد تطرقوا الى خيار ولاية السنتين.
بلديا كان التركيز على ضرورة دعم لائحة «بيروت للبيارتة» لما تمثله من تكريس للمناصفة المسيحية الاسلامية، التي اعتبراها خطا احمر، وقد اثنى الحريري على موقف جعجع الداعم لهذا الخيار والذي ترجم اقناعا للتيار الوطني الحر بالمشاركة في اللائحة ودعمها، رغم كباش «التيار» على السلة الكاملة بلديا واختياريا وتهديده بتفجير التحالف في حال عدم الاخذ بمطالبه، فضلا عن وعد القوات اللبنانية بلعب دور الوسيط بين «الازرق» و«البرتقالي» حيث امكن ذلك، مؤكدين على ضرورة الاقتراع بكثافة للائحة في الثامن من ايار وبكامل اعضائها، محذرين من احتمال أن تنتج الانتخابات البلدية في بيروت، ما يشكل خرقاً لمبدأ المناصفة في أعضاء مجلس بلدية العاصمة المؤلف من 24 عضواً، نتيجة الخلل الديموغرافي الواسع لمصلحة المسلمين، ما قد يهدّد اكتمال النصف المسيحي في المجلس البلدي.
أما عن قانون الانتخابات النيابية فكان تأكيد من الطرفين على السير بالاقتراح الثلاثي المختلط الاشتراكي – القواتي – المستقبلي، والذي وعدت القوات ببذل كل الممكن لاقناع التيار الوطني الحر للسير به، حتى ولو لزم الامر ادخال بعض التعديلات عليه بموافقة كل الاطراف، علما ان تصعيداً في هذا المجال شهدته الساعات الماضية مع ربط «المستقبل» مسألة النسبية بسلاح حزب الله.
غير ان «حدث» بيت الوسط لم يقنع فريق الثامن من آذار، اذ اشارت اوساط في صفوفه الى ان ما يحكى عن صفحة جديدة بين القوات والمستقبل بعد العشاء الاخير الذي جمع رئيسيهما، لن يقدم او يؤخر في أوضاع البلد او التوازنات، اذ انه يبقى محصورا في الاطار الشكلي وهدفه الموضعي انتخابات بلدية بيروت، انطلاقا من عدم الرغبة في توسيع الشرخ المسيحي – السني القائم بعد التحاق «الحكيم» الى صف «الجنرال» وخسارة المستقبل للغطاء المسيحي الوازن.
بين الانتخابات البلدية وقانون الانتخابات النيابية، توزع الحديث، النكات والمزاح والضحك، قبل طعام العشاء بطبقه الاساس «الرز والقريدس» الذي أعجب جعجع، في حين فضل المستشارون أن يتذوقوا الـPotato Cheese والتبولة وغيرهما من المقبلات. هذا في الداخل، اما في الخارج، معارك بلدية تحتدم، واعلان لوائح يتوالى، مسقطا الكثير من التحالفات السياسية، بحيث ان الاعتبارات العائلية والمناطقية تتقدم في معظم الأحيان الاعتبارات السياسية. فهل يغير لقاء بيت الوسط في الوقائع ويفرض معادلات جديدة؟