لحظة تحقيق المصالحة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، برزت معالم التحالف السياسي بدءاً بالانتخابات البلدية ولاحقاً النيابية، في اطار الثنائية المارونية، في ظل معلومات بأن التحالف سيكون في معظم المناطق اللبنانية خصوصاً تلك التي تحتوي مناصرين للحزبين. لكن برزت منذ ايام معلومات تفيد بأن التيار الوطني الحر نصح الفريق القواتي بعدم ترشيح عناصره في المناطق الشيعية لانه سيحظى بالتشطيب، تاركاً الترشّح له وحده كتيار في تلك المناطق كي يؤكد ربحه.
هذا الموقف طرح اسئلة من قبل مصادر سياسية مطلّعة على بنود «ورقة اعلان النوايا» الموقعة بين الطرفين، وسألت كيف بإستطاعة التيار ان يكون حليفاً لحزب الله والقوات اللبنانية معاً، على الرغم من الانفتاح الحاصل بين الاخيرين منذ فترة، إلا ان هذا الانفتاح لم يصل الى أي مكان سوى انه خفّف من اللهجة السياسية الهجومية من قبل الحزبين، وبالتالي خفّف وهج التراشق الاعلامي بينهما.
الى ذلك اكدت هذه المصادر بأن «التيار» لن يستغني عن الصوت الشيعي في العديد من المناطق لانه بحاجة له، كما ان تبادل الاصوات بات حاجة للحزبين كي يسيرا على خط الانتصار النيابي في المناطق المختلطة، فضلاً عن ان العونيين يستطيعون إيصال مرشحيهم في بعض الدوائر بغياب القواتييّن، ومن ضمنها جبيل حيث الصوت الشيعي يلعب دوراً مهماً، إضافة الى بعبدا وبعض المناطق الجنوبية.
واعتبرت الاوساط انه منذ اتفاق معراب اراد الدكتور سمير جعجع الانفتاح على الخصوم الآخرين لأهداف سياسية، بحيث كثر الحديث عن تقارب بين القوات وحزب الله، إلا ان هذا التقارب لم يصل الى مبتغاه لان الطرفين يعيشان ضمن معسكرين سياسيين لا يلتقيان وبالتأكيد لن يلتقيا، بحيث لا يجمعهما اي شيء سوى هويتهما اللبنانية لان اتجاه الثوابت مغاير، فالحزبان مختلفان من حيث الرؤية للبنان والدولة ولا يمكن أن تجد أي مشترك بينهما يمكن التأسيس والبناء عليه. آملة ان تحدث المعجزات لكن كل هذا بات صعباً حين يكون الخطان متباعدين الى اقصى الحدود، في حين يمكن إحداث خرق في العلاقة وبناء نوع من الانفتاح لطمأنة الشارعين المسيحي والشيعي، بأن لا خوف بعد الان من حدوث الخروقات.
وتتابع هذه المصادر: «على الرغم من الاجواء التقاربية السائدة اليوم بين التيارات والاحزاب الاخرى التي انفتحت على بعضها، لا يمكن تجاهل الكلام الذي برز منذ فترة وجيزة حول إمكانية انفتاح هذين الحزبين بهدف خلق حوار او عقد اي لقاء، على الرغم من تباعد وجهات النظر السياسية، ما خلّف مفاجأة لم يصدقها احد بسبب التباعد في المواقف تجاه العديد من الملفات الداخلية والإقليمية، ابرزها نظرة كل طرف الى مسائل عدة ومنها حصرية سلاح الدولة اللبنانية، وان يكون قرار الحرب والسلم بيد الدولة وحدها، إضافة الى حياد لبنان والانسحاب من سوريا وعدم المشاركة في ازمتها، وبالتالي إبقاء لبنان بعيداً عن صراعات المنطقة. كلها امور تحّد من جديّة اللقاءات بين الجهتين وتبعد إمكانية حصولها ، مع التأكيد على أن احداً منهما لن يتنازل عنها لإرضاء الاخر، لانها من الثوابت والمبادئ والاهداف. وذكرّت الاوساط بما حدث خلال التشكيلة الحكومية بحيث اعترض حزب الله على إعطاء القوات أي حقيبة سيادية او امنية ، مما يعني ان كل الغزل الفجائي لن يصل الى خواتيم سعيدة، خصوصاً ان الحراك الداخلي الذي شجّع على الحوارات بين كافة الافرقاء لم ينجح في إطفاء الخلاف الموجود هنا، في ظل غياب أي وسيط او مشجّع على الحوار بينهما على عكس أي حوار بين فريقين آخرين، ومنـها حوار حزب الله وتيار المستقبل الذي كان يأتي دائماً بتشجيع من رئيس مجـلس النـواب نبيه بري، الذي عمـل كثيراً على إطـفاء السجالات المتبادلة بين الحزب والـتيار، في حين تغيب أي مبادرة مماثلـة بين حزب الله والقـوات اللبنانية بإسـتثناء ما يردّد عن تشجيع من قبل رئيس الجمهوريـة.